- اطلع على خفايا ما ارتكبه جرائم جيش المهدي وقوى الأمن الطائفية بحق الجالية الفلسطينية في بغداد
2008-09-07 :: بقلم: أيمن الشعبان ::
أحد الضحايا الفلسطينيين بحي البلديات
إبراهيم زكي إبراهيم
يعتبر عام 2006 من أصعب الأعوام على الفلسطينيين في العراق لاسيما بعد أحداث المساجد في شهر شباط من نفس العام ، إلا أن هنالك أحداث في الذاكرة عصيبة مرت عليها في مجمع البلديات تكاد تكون الأعنف بمجرياتها وخطورتها وبفقد الأحبة والأعزاء فيها .استيقظنا صباح يوم الأثنين الموافق 26/6/2006 كالمعتاد ونحن في مجمع البلديات ولا ندري ما هو مخبأ لنا من محن ومفاجآت في هذا اليوم بعد أربعة أشهر عصيبة مرت علينا بشق الأنفس ، وما هي إلا لحظات حتى تناقل خبر اقتحام المجمع من الجهة الغربية له ( من جهة الجمعية ومقابلها قيادة قوات الحدود ) من قبل خمسة بلباس مدني وبعضهم يرتدي الزي الأسود !!! وعدد آخر كإسناد لهم بالزي المبرقع الخاكي الشبيه بلباس الحرس الوطني وتبين لاحقا بأنهم من منتسبي قيادة قوات الحدود المقابلة للمجمع ، ودخلوا للسوق وسط المجمع في تمام الساعة العاشرة صباحا في ظل زحمة كبيرة وحاولوا اختطاف أحد الشباب من الفلسطينيين وامتنع من الانصياع لهم وحصلت مشادة كلامية بينهم وتدافع معهم ما أدى لإطلاق رصاصة قرب الشاب الفلسطيني المراد خطفه فأصيب على أثرها .فما كان من أشقى المعتدين إلا أن يدخل وسط السوق وهروب البقية إلى خارج المجمع بعد تدخل عدد من أبطال المجمع المدافعين عنه ، فما كان من هذا المعتدي إلا أن يطلق النار بشكل عشوائي في السوق ليواجه هذا الشقي أحد الشباب الأبطال الذي سرعان ما سمع بهجوم ميليشياوي على المجمع فبادر بسرعة عجيبة وذهب إلى منزله قرب السوق وأخذ سلاحه ليدافع عن أهله وأبناء منطقته .وكلنا يعرف هذا الشاب بشجاعته واندفاعه وجرأته في تلك المواقف العصيبة ، وهذا يذكرنا بموقف عجيب شجاع له عندما هاجم الغربان السود جامع القدس ظهيرة يوم 22/2/2006 فخرج لهم هذا الشاب العجيب بقوته وشجاعته وتصدى لهم برمانة يدوية واحد ووقف مقابل أكثر من عشرين منهم مدججين بالسلاح ( قاذفات مع بي كي سي مع رشاشات وغيرها من الأسلحة ) فقال لهم في حينها رافعا الرمانة التي بيده ارجعوا وإلا فجرتكم بها ! الله أكبر على هذه الجرأة والشجاعة .إبراهيم زكي إبراهيم ( تولد 1970 ) هو ذاك الشاب الذي كنا نتكلم عليه ، حيث خرج في وسط السوق ليصاب بإطلاقة الغدر من هذا الشقي فما كان منه إلا أن أطلق النار على هذا المعتدي ليرديه قتيلا ، وفي نفس الوقت ليلقى ربه شهيدا بإذن الله تعالى ، والجدير بالذكر أن هذا المقتول المعتدي تبين بعد فترة من الزمن بأنه أحد مساعدي السفاح أبو درع الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء من العراقيين والفلسطينيين ، حتى ثبت بالخبر بأن هذا المقتول كان يرسله أبو درع إلى المناطق المستعصية على جيش المهدي .الفقيد إبراهيم زكي إبراهيم رحمه الله رحمة واسعة وتقبله في عداد الشهداء أّذكره في بعض المواقف حيث كان يسارع في عمل الخير ويعين الجميع ويقوم بخدمتهم من ذلك مسارعته بالتبرع بدمه الغالي في حملة التبرع التي حصلت في جامع القدس في شهر تموز من عام 2005 ، وكذلك مساعدته الكثير من الأهالي والناس في المجمع والقيام بخدمتهم من غير كلل أو ملل ، بل كان يسارع لأي عمل فيه خير وخدمة للناس من غير أن ينظر للذين يخدمهم ، لتواضعه رحمه الله ومسارعته في ذلك ، وكان كثيرا ما يسارع في حراسة المسجد والمجمع ، حقيقة فإن المجمع خسر هذا الشاب البطل الجرئ لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا .ومن باب الشيء بالشيء يذكر فقد كان أحد العراقيين الذين يعملون في معمل الحلويات في المنطقة واسمه رضا أيضا لقي مصرعه في السوق بإطلاقات ذلك الآثم . بعد ذلك حصلت اشتباكات عنيفة بين شباب المجمع المدافعين عن أنفسهم وأعراضهم من تلك العناصر المعتدية من جهة الجمعية التعاونية غربا ، وتبين بأن عناصر من قيادة قوات الحدود كانت تساند تلك العناصر المعتدية ، إلا أن أبطال المجمع والشباب المدافعين عن الأهالي في تلك اللحظات أبلوا بلاء حسنا في رد تلك العناصر ومن كان يساندهم ، فما كان من أولئك المعتدين كالمعتاد إلا أن يستدعوا قوات أمريكية كي تعينهم وتخلصهم من المأزق الذي هم فيه بحجة أن في المجمع إرهابيون !!! مع أنهم هم المعتدون ؟!.وفعلا جاءت قوات الاحتلال الأمريكي وقصفت واجهة العمارة رقم 10 قرب الجمعية من الأعلى وآثار القصف العنيف ظاهرة والعجيب بأن تلك القوات دوما كانت تتجول بداخل المجمع وقربه وتقول للناس نحن هنا لحمايتكم وخدمتكم ؟!! ليظهر كذب تلك الدعوة بهذا الموقف ، ليتم تسهيل دخول قوات المغاوير من لواء الذيب من جهة الشارع الرئيسي للمجمع مع العلم بأنهم لديهم نقاط تفتيش قرب المجمع على أنهم من يقوم بحماية الفلسطينيين هناك !!! ويتم بذلك اقتحام المجمع والعمارات السكنية وإطلاق النار بشكل عشوائي واقتحام الشقق وتخويف النساء والأطفال ليتم بذلك إصابة أكثر من سبعة فلسطينيين وحصل اعتداء على امرأة وجرح ابنها بعد إطلاق النار على شقتهم ، وانهالوا بالضرب على بعض الأهالي والشباب وسحلوا آخرين وتوعدوا أهالي المنطقة مع شتائم بذيئة جدا كما ذكر ذلك من شاهد هذه المناظر المروعة ومع ذلك كله اعتقلوا سبعة من شباب المنطقة من غير ذنب أو تهمة !!!.بعض هؤلاء الجرحى بقي ينزف لأكثر من ساعتين ولم يتمكن أي ممرض أو مضمد أو طبيب من الوصول إليه وبالتالي تم قطع يده ، وبعض المصابين لازال لحد الآن يتلقى العلاج من أثر تلك الإصابات . شاب فلسطيني من الشباب الغيورين لم يمنعه أنه مقبل على الزواج أن يقوم بموقف شهم منقطع النظير ، ألا وهو الشاب وائل وليد إبراهيم عندما ذهب للبحث عن طفل أو طفلة ضائعة كانت تبحث عنها أمها في وسط هذا التلاطم والموقف الحرج ، وكان في وسط السوق قرب أحد المحال الصغيرة فخرج ليبحث عن هذه الطفلة من باب النخوة التي يحملها وكانت الأمور قد هدأت نسبيا لكن رصاصة الغدر والجبن جاءته من قناص تلك المغاوير ليلقى ربه وفي نيته عمل الخير ، فرحمه الله رحمة واسعة وتقبله في عداد الشهداء .ولو انتقلنا إلى أقصى الشرق في مشهد آخر قرب جامع القدس وتحديدا على سطح العمارة رقم 1 لوجدنا بأن الفلسطيني إسماعيل فريد إبراهيم قد أراد أن يكون له دور في كل ما يجري كما هو معروف عنه من حرصه وحبه للخير وخدمة الناس واستشعاره بالمسؤولية حيث كان سباقا للخير مسارعا لخدمة الناس محبا لتقديم كل ما فيه أجر وصالح لاسيما مواقفه في المسجد من ترميم وبناء وحراسة للمسجد والمنطقة حتى أنه كان يرافقني كثيرا ويحرص على البقاء معي قرب المسجد ويبقى قلقا لحين دخولي في وسط المجمع أو دخول البيت ، كان شجاعا كثير النصح والتوجيه لما فيه خير للمنطقة ، لكن أمر الله إذا وقع فلا راد له ، فعندما خرج ليراقب من جهة الشرق فوق السطح جاءته رصاصة الغدر من خلف المسجد ويرجح بأنها من جهة الحسينية ليلقى ربه وهو مرابط ثابت فرحمه الله رحمة واسعة وتقبله في عداد الشهداء وأدخله فسيح جناته .يوم في الحقيقة كان عصيبا جدا على عموم أهالي المجمع لما فيه من هجمة شرسة ودموية وخسارة لعدد من خيرة الشباب ، حيث بعد اقتحام المجمع من قبل لواء الذيب وإطلاق النار بشكل عشوائي أصيب الشاب الطالب عمار خالد النبهاني بطلق ناري في ساقه فأصبح في حيرة من أمره ماذا يعمل فما كان من رفاقه ( الشيعة ) إلا أن أشاروا عليه بنقله إلى مستشفى الصدرين ( القادسية سابقا ) في مدينة الصدر ( الثورة سابقا ) ونقلوه بسيارتهم إلى المستشفى على أمل الشفاعة له هناك ، سرعان ما حضرت والدته إلى المستشفى خائفة عليه وأرادت إخراجه بسرعة ، وعند خروجهم اعترضتهم قوة من جيش المهدي خارج المستشفى وأخذوا عمار من المقعد الذي كان يجلس عليه وانتزعوه بالقوة من والدته وأصعدوه في سيارة خاصة بهم وضربوا والدته على رأسها بكعب أخمص المسدس وكانت معها إحدى جاراتها .مما اضطرهما للرجوع إلى المجمع من دون ابنها بعد أن فشلت الأم بالاستحواذ على فلذة كبدها بعد عناء ومشقة وشجار معهم ، وبعدها أخذوا عمار وأصدقائه وأطلقوا عليه إطلاقة بظهره أمام رفاقه بقي ينزف حتى وافاه الأجل ، وأما أصدقاءه العراقيين الشيعة قاموا بضربهم بعيارات نارية على أرجلهم أدت لإصابتهم بكسور وطردهم في الحال وإهانتهم .الفقيد الشاب الطالب عمار خالد النبهاني ( تولد 1982 ) قتل ظلما وغدرا فرحمه الله برحمته الواسعة وتقبله في عداد الشهداء ، كان يدرس في الجامعة المستنصرية انتقل من المرحلة الثالثة إلى الرابعة في كلية العلوم قسم ( نفس تربوية ) .يوم عصيب وموقف صعب مر على المجمع في تلك اللحظات ، ليضاف إلى تلك الحقبة من الزمن التي تعرضنا فيها للظلم الذي لم يشهد له مثيل ، والتي نحاول إظهار وتسطير جزء منها حتى لا تهمل أو تغفل لأن التاريخ لابد من توثيقه والأحداث عبر ، فعلينا الاستفادة منها .علما أن جميع الجثث لم يتم استلامها من قبل ذويها لأن المستشفيات مسيطر عليها من قبل الميليشيات وأرادوا اصطياد عدد إضافي من الفلسطينيين من أقارب الضحايا ، ولم يعلم مكان دفنهم ، حتى الجثث لم تسلم من أولئك المجرمين السفاحين !6/9/2008أيمن الشعبانباحث مختص بشأن الفلسطينيين في العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق