الاثنين، نوفمبر 19، 2012

العرب في أنابيب الأواني المستطرقة (غزة هاشم ضحية أخرى لإيران)


الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي مقاوم


العدوان على غزة من قبل الكيان الصهيوني يتكرر بين آونة وأخرى منذ أن أخذت غزة طابعها المتشرذم عن الضفة الغربية وصارت لها حكومة لحركة المقاومة الإسلامية حماس. والمدقق في لغة الإعلام والمتابع بعناية وموضوعية لها يخلص إلى إن الاعتداءات المتكررة على غزة تأخذ منحى واضح هو الاعتداء على حماس واستهدافها في محاولة لصهر غزة كلها بحماس رغم أن غزة هي جزء من فلسطين وتضم كل الفلسطينيين بغض النظر عن ولاءهم السياسي تماما كما الضفة . ونحن لا نقف قط بوجه توحيد معنوي لغزة وصهرها بحركة مقاومة إسلامية نحترمها حتى لو اختلفنا معها لكننا مجبرين على الوقوف إزاء حقيقيتين لا يمكن إلا أن نضعهما في نسق ومسار واحد هما:
الأول: إننا نواجه نفس حالة الصهر (سواءا كانت حقيقية أو مفتعلة) بين ما يسمى بالمقاومة الإسلامية متمثلة بحزب الله وبين جنوب لبنان وهو حزب يتبع علنا ولاية الفقيه الإيراني ويتعايش مع روح طائفية نبغضها، ويساند احتلال العراق والقوى الشيعية الصفوية التي سلطها الاحتلال كواجهة له في العراق.ونحن نعرف إن المقاومة الوطنية اللبنانية كانت وستبقى هي الأصل في جنوب لبنان .
الثاني: هو إن حركة حماس قد أعلنت عن تحالف مع النظام الإيراني هي الأخرى على ذات الطريقة, تقريبا, التي سلكها حزب الله اللبناني وقدمت ولا تزال تقدم إيران على إنها الدولة الراعية والممونة والمساندة للمقاومة الإسلامية في غزة. وان النظام العربي الرسمي كله قط ظل قاصرا بحكم ارتماءه في حضن اتفاقية الاستسلام عن مجارات الدعم الإسلامي الإيراني حيث إن إيران الفارسية لا ترتبط بمعاهدات سلام ولا استسلام مع الكيان الصهيوني.
نظرية الأواني المستطرقة نظرية علمية مثبتة إثباتا قطعيا تنص على توحد مستوى السائل الموضوع في أوعية مختلفة الأشكال والأحجام ولكنها متصلة من الأسفل.
وتأسيسا على نظرية الأواني المستطرقة العلمية المثبتة فان إيران ترتبط بصلات حميمة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع خطط غزو العراق واحتلاله لأن مَن مسكوا العملية السياسية بعد احتلال العراق تحت إمرة الأمريكي بول بريمر وبموافقة الإدارات الأمريكية المتعاقبة وحمايتها هم إيرانيون وموالون لإيران مثل احمد الجلبي وحزبه وحزب الدعوة (الإسلامية) والمجلس الإسلامي الطبطبائي الحكيمي ومقتدى الصدر وفيلق بدر وحزب الله العراق ومنظمة العمل (الإسلامي). وكانت إيران أول دولة في العالم تعترف بمجلس الحكم الذي شكله بريمر بعد الغزو بأسابيع وكان احمدي نجاد أول رئيس زار بغداد بعد الغزو بحماية الطائرات الأمريكية وفي وقت كان العراق فيه لا يمتلك لا جيشا ولا شرطة ولا قوة برية ولا جوية.
الأنظمة العربية التي شاركت في خطط الغزو والاحتلال معروفة وكانت ترتبط بإيران انتهازيا ضمن أفق ومعالم ومفهوم الأواني المستطرقة غير إن فرقها عن إيران أنها لم تدخل كطرف محتل للعراق ويا ليتها فعلت. لقد انسحب مَن دخل من العرب إلى العراق مع الأمريكان بطريقة الهروب المخزي وجلس فوق عرشه الخاوي يرقب عملاء له ومأجورين ظن مخدوعا وواهما أنهم قادرين على موازنة الدخول الفارسي وما عليه غير تجهيز الأموال المطلوبة ولكن سنوات ما بعد الغزو برهنت لهؤلاء العرب ان المقاومة المسلحة العراقية هي المكون العراقي الوحيد القادر على إخراج إيران من العراق.
ورغم الارتباط القاعدي بين حماس وحزب الله عبر الولاء لإيران كل بطريقته الخاصة إلا إننا لم نر كعرب مراقبين ومعنيين هذا التواصل المستطرق بصيغة فتح جبهة من جنوب لبنان تنهال منها الصواريخ على الكيان الصهيوني سواءا كانت هذه الصواريخ سورية أو إيرانية مع إقرار الجميع بأن عدم فتح جبهة تعزيز لغزة لا من الأردن ولا من الجولان ولا من جنوب لبنان مثلا هو إسهام في ذبح غزة وتركها فريسة للصهاينة المجرمين. واليقين إن حزب الله لو كان قد فتح جبهة التعزيز هذه لأجبرنا جميعا على إعادة قراءة الموقف الإيراني واعتبرناه موقف تحرير ونية تحرير مخلصة لفلسطين وليس تكتيكات تخفي وراءها خطط إيران الإستراتيجية للسيطرة على مشرق الأمة العربية برمته بما فيه الخليج العربي، وان هذه التكتيكات المشكلة بجزئياتها للإستراتيجية العدوانية الفارسية للتوسع على حساب الفضاء الجغرافي العربي تعتمد على حزب الله في جنوب لبنان من جهة والنظام السوري من جهة والعراق المحتل من جهة وتم توريط مجاهدي حماس بها تحت غطاء المساعدات التي شح بها العرب مع إن لدينا كلام آخر سنقوله ونعلنه في وقت آخر ملائم بخصوص علاقة حماس بإيران.
جاء العدوان الصهيوني الأخير على غزة وحماس في وقت تشابكت فيها الأحداث في المنطقة بطريقة يصعب على سواد الناس فهم وتحديد اتجاهاتها وغاياتها. واهم ما يمكن أن نضعه هنا في حسابات التداخل والتواصل هو:
1- زيارة أمير قطر لغزة ودلالاتها المرتبطة بصلة حماس مع إيران وفي ظل مسارات أحداث تضع قطر كقطب في أحداث جسام حصلت في الأمة بعد احتلال العراق وفي ضوء تصاعد الوعي الخليجي بنوايا إيران التوسعية في الخليج العربي. مع ملاحظة أن رئيس وزراء الصهاينة قد أعلن بعد الزيارة أو أثناءها إن الأمير القطري قد جاء بالصواريخ والأموال إلى غزة !!!
2- احتضان الدوحة لمؤتمر جمع أطراف المعارضة السورية ونتج عنه ولادة ائتلاف لهذه القوى سرعان ما اعترفت به العديد من دول العالم.
3- مؤتمر لوزراء خارجية الخليج جمعهم بنظيرهم الروسي في محاولة جديدة للتأثير على الموقف الروسي المؤيد للنظام السوري والإيراني طبعا.
4- زيارة العميل نوري المالكي إلى روسيا وما ارتبط بها من تسريبات عن صفقة أسلحة بما يربو على أربعة مليارات دولار وما رافقها من الإعلان عن فضيحة فساد أدت إلى إقالة وزير الدفاع الروسي ومن ثم إقالة اثنين من مساعديه. الزيارة والصفقة لا يمكن استبعادها عن محاولات جر روسيا من الاتجاه المعاكس المقابل للسحب الخليجي.
5- إعلان الفصيل الأكبر والأخطر من فصائل المقاومة العراقية وهو فصيل جيش رجال الطريقة النقشبندية المتحالف مع حزب البعث في العراق ضمن جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني إعلانه الوقوف إلى جانب المعارضة السورية وتصاعدت احتمالات التوسع في هذا التأييد ليشمل قيادة وتنظيمات البعث في العراق. الموقف هنا يضع الساحة السورية كجزء من ساحة التقابل والمواجهة مع إيران التي تحتل العراق.
إذن.... أكثر من طرف وأكثر من دولة وأكثر من سبب يدفع لجعل غزة وحماس منصة يرتقي من خلالها ليحقق أهداف سياسية على حساب غزة وشعب فلسطين دون أن يكون في الأفق أبدا ما يشي إن أي من الأطراف المستفيدة قد أعدت العدة لحرب تحرير فلسطين لا إيران ولا سوريا ولا حزب الله ولا غيرهم.
إن مراجعة التركيز الإعلامي والثرثرة والتهالك والتدقيق في المصداقية والأغراض الظاهرة والباطنة وتحديد الساقطين في عنق الزجاجة ويواجهون ظروفا عصيبة تستدعي المناورة المباشرة أو باستخدام الآخرين كبدائل ومسطحات ومحطات للمناورة كلها تجعل من ترجيح تورط النظام الإيراني والنظام السوري وحلفاءهم في بغداد ولبنان في دفع الكيان الصهيوني وتحريضه للعدوان المجرم على غزة وأهلها عبر وسائل مخابراتية لتحقيق الأهداف المحتملة والمرجحة الآتية:
أولا: تقليل الضغط على النظام السوري.
ثانيا: الارتفاع باللغة والوسائل الإعلامية والدعائية لصالح النظام الإيراني والسوري معا باستخدام معلومة مفتوحة على كل الاحتمالات وهي إن صواريخ حماس إيرانية وسورية وليست قطرية ولا تركية ولا سعودية. وهذا يعني للمتلقين من سواد الناس أن إيران هي الساعية لتحرير فلسطين في الوقت الذي جلست الأنظمة العربية على مساطب الاستراحة والوئام مع الكيان الصهيوني مع إن الجميع يعرف إن الهجوم على غزة سينتهي بعد أيام تحقق خلالها الدولة الصهيونية أهدافها في القتل والتدمير للفلسطينيين.
ويبقى أمر الدور القطري من جهة والحقائق المرتبطة به مؤجل إلى زمن سيأتي بعد انتهاء هذه الجولة من العدوان على غزة بسبب قصر الفترة الزمنية بين زيارة أمير قطر وبين بدء الهجوم الغادر، وقد يكون هذا التأجيل في اظهار الدور القطري هو احد أهداف إيران والنظام السوري معا في الدفع باتجاه قيام العدوان الصهيوني الغادر. كما إن الاختباء شبه التام لحسن نصر الله وحزب الله في هذه الجولة العدوانية قد يكون له مبرراته المحسوبة إيرانيا أيضا وستكون الأيام القادمة كفيلة بكشف المستور.
فوضى الإعلام وصراخ الفرس ومَن لفّ لفهم يجعلنا نرجح إن إيران هي المستفيد الأول من العدوان الإجرامي على غزة وتوظفه في تعميق منافذها وسبلها لتحقيق المزيد من المكاسب والمنجزات على طريق تنفيذ إستراتيجيتها التمددية على حساب الأمة العربية. وتبقى قاعدة الأواني المستطرقة تشي بالكثير عن حقيقة الموقف الفارسي من فلسطين وتحريرها في الوقت الذي تحتل فيه العراق بالتعاون مع أميركا فتساوي مستوى السائل في كل الأواني يفضح اختلاف هيئتها وشكلها.

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار