شبكة المنصور
كلمة الممثل الرسمي للبعث في العراق الدكتور خضير ألمرشدي في مؤتمر التضامن بين الشعوب العربية والأفريقية، والذي عقد في السودان للفترة من ٢٧-٢٨ تشرين الثاني ٢٠١٠ وبمشاركة ممثلين من أكثر من خمسين دولة عربية وافريقية
أوضح الممثل الرسمي لحزب البعث في العراق الدكتور خضير المرشدي في كلمته امام الوفود المشاركة في مؤتمر التضامن بين الشعوب العربية والافريقية بأن هدف الولايات المتحدة من غزو العراق واحتلاله إنما هو إقامة سلطة احتلال عسكري مباشر تنتج منه منظومة إدارة سياسية واقتصادية واجتماعية وزرع منظومة قيمية جديدة وإقامة قواعد عسكرية دائمة كمنطلق للهيمنة والتسلط والابتزاز والاستغلال والعدوان.
وأكّد الدكتور المرشدي على أن انطلاق المقاومة الوطنية العراقية منذ بداية الاحتلال والتصدي لمشروعه وعدوانه العسكري وتكبده خسائر بشرية ومادية كبيرة شكلت مؤشرا حقيقيا لدى صناع القرار في دول الاحتلال بأن ذلك سيكون واقعا بانت ملامحه في ثورة شعبية عارمة سوف تكون ساحتها ليس ارض العراق فقط وإنما ارض العرب والمسلمين يساندهم أحرار العالم من اجل إسقاط الاحتلال ومشروعه وحلفاءه أنظمة ومؤسسات، مما اجبرها لاتخاذ قرار الانسحاب الجزئي حاليا، والنهائي في نهاية عام 2011 كما هو مقرر، بهدف تجنب الخسائر والاستنزاف والهزيمة النهائية من جهة، ولإجهاض فعل المقاومة العراقية ومصادرة مشروعها وتضحياتها من جهة ثانية واتجهوا في التركيز على
محاولة إنجاح مشروع العملية السياسية الجارية في العراق الآن وبمختلف الوسائل منها بالترغيب والأخرى بالترهيب، ولكن ذلك لن يثني شعب العراق الأبي ومقاومته الوطنية الباسلة من إدراك الأعيب هذا الاحتلال الإجرامي بمصادرة فعلها وانجازاتها الأسطورية في هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني وحماية دول المنطقة من شروره وتجنيب العالم بأسره مخاطر تلك السطوة الامبريالية في الهيمنة والتسلط والاستغلال، وتصدت لمشروعه البغيض والذي يتمثل بالعملية السياسية الجارية في العراق المرتبكة والمتعثرة والفاشلة بل والمنهارة والتي يسودها الفساد وتتهاوى بفعل المقاومة وروح الثورة لدى شعب العراق.
وشدد الممثل الرسمي للبعث في العراق على أن المشروع الأمريكي – الصهيوني الذي نتحدث عنه جميعا هو يتلخص بإقامة نظم سياسية واقتصادية واجتماعية ومنظومات أخلاقية وأمنية تخدم مصالح الولايات المتحدة والغرب و(إسرائيل) في هذه الدولة أو تلك، وفي هذه المنطقة أو غيرها، لذلك فإن مايجري في العراق من عملية سياسية إنما هي المشروع الأمريكي – الصهيوني بعينه، تساعد في إنجاحه أحزاب وكتل عراقية مرتبطة بالاحتلال من جهة وبدول إقليمية من جهة أخرى وتعاونها في إنجاح هذا المشروع ألاستخباري والاستغلالي البغيض بعض الدول التابعة والسائرة في فلك دول الاحتلال .
كما أوضح الدكتور خضير المرشدي بأن من يعترف أو يتعامل أو حتى يتعاطف مع تلك العملية السياسية الجارية في العراق سواءا على مستوى الأفراد أو الأحزاب أو الدول أو المنظمات، فانه بالنتيجة يعترف بالمشروع الأمريكي الصهيوني في العراق والمنطقة ويعمل على إنجاحه، ولا عذر أو تبرير للبعض ممن يقولون بالتعامل مع الأمر الواقع.
وفيما يلي نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والأخوة الحضور الكرام
أيها الأشقاء ... أيها الأصدقاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احيي دولة السودان الشقيق رئيسا وقيادة وشعبا على إتاحة هذه الفرصة الهامة للحوار بين الشعبين العربي والإفريقي، ونشكر الأخوة رئيس وأعضاء المركز العربي الدولي للتضامن والتواصل وكذلك الأخوة رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية وخاصة الأخ قطبي المهدي على الجهود المبذولة لإنجاح هذا المؤتمرعندما قامت ثورات التحرير الشعبية في بعض الدول العربية ودول أفريقيا ضد الاستعمار والاحتلال المباشر بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأت تلك الثورات تقترب من تحقيق أهدافها في التحرير والوحدة، بالرغم من استخدام أقسى أنواع القهر والقسوة والقوة المفرطة بحق الثوار، والذي لم يثني عزيمتهم في التصميم على طرد الاستعمار وإنهاء مشروعه الاستيطاني، عند ذاك هذا الاستعمار الغربي
أن الوقوف بوجه الحركات الاستقلالية سيخلق حالة من النهوض واليقظة الوجدانية تتوسع لتشمل كافة أبناء تلك الدول المستعمرة في الوطن العربي وأفريقيا ، ومن خلال ذلك النهوض ستضعف الفوارق وتقوى العوامل المشتركة، وتتغلب عوامل التوحيد على عوامل التجزئة، وبذلك تنشأ عوامل حركة الوحدة الأفريقية والوحدة العربية .
إن قيام حالة الصراع المسلح من شأنه أن يهز المجتمع العربي والأفريقي من الأعماق فتتهاوى المؤسسات القديمة وتضمر القبيلة لتتكون في مكانها الأمة، وتجد الشعوب الأفريقية والعربية نفسها في حالة دفاع عن النفس، تدفعها بالتدريج وتحت ضغط ضرورة البقاء في اتجاه التضامن أولاً والوحدة بعد ذلك.
إن للمعركة ظروفاً خاصة ووضعاً مادياً ونفسياً خاصاً يدفع الإنسان لتجاوز ظروف الحياة الدارجة إلى ظروف حياة جديدة تتناسب مع ظروف المعركة، وفي غمرة الكفاح المسلح والمقاومة الوطنية لانتزاع الحقوق تتغلب فيها المبادئ على المصالح، وتصفو النفوس، وتذوب الفوارق، وتضعف الأنانية، ويضمر الشعور بالذات، وتتغلب روح الجد والتضحية والأخوّة والنقاء الأخلاقي ، وبذلك يتاح للإنسان أن يرى الأشياء على حقيقتها، خالية من الشوائب وبعيدة عن عوامل التشويش . في مثل هذه الحالة الجديدة يستطيع الإنسان أن يرى عظمة الوحدة وأهميتها أو الاتحاد أو التلاقي وفق أي صيغة للعمل الجمعي .
إن بدايات بسيطة من هذا الوضع الفكري والنفسي شعرنا بها نحن العرب في بداية حرب تشرين ضد العدو الصهيوني، ومنها يمكننا أن نتصور كيف كان يمكن أن تتطور لو أن حالة الكفاح المسلح ضد العدو استمرت لسنوات . تلك هي بالضبط الحالة التي تكوّن بظلها الإنسان المسلم عند ظهور الإسلام عندما استطاع مجتمع الأقلية أن يقوّض العالم القديم ويبني عالماً جديداً بدلا عنه ويوحّد العرب وينشر الإسلام في بقاع العالم وينشئ الحضارة التي نعرفها، وتلك هي الصورة التي ترسمها اليوم المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان وأينما وجدت في ارض العرب أو ارض أفريقيا أو غيرها .
ومن النتائج الطبيعية للوضع الجديد الذي يخلقه النضال حدوث تغيير نوعي في الوضع السياسي، والاستعمار كان يدرك عن بعد نظر أن المجتمع الأفريقي أو العربي إذا ما طال الصراع المسلح معه سيتحول بالتدريج إلى حالة جديدة لا يكون المرفوض فيها الوجود الاستعماري فقط، بل يقود ذلك إلى رفض أفكاره ومؤسساته ومبادئه.
لذلك فقد فضّل الاستعمار أن ينسحب من المواجهة العسكرية والمعركة بفعل ماحققته حركات التحرر الأفريقية والعربية في عدد من الدول، والبعض الآخر انسحب بفعل تخطيط وقرار استعماري لإجهاض روح الثورة المتصاعدة والممتدة في النفوس حدث ذلك والنضال الاستقلالي في بداياته والأفكار الجديدة لم تنضج بعد، وقد قام بذلك بشكل منسق، وعن تفكير سابق، واستطاع بهذه العملية أن يحقق أمرين أساسيين ليسا لصالح الشعوب الأفريقية أو العربية .
1- تجنب الخسائر المادية والبشرية والسياسية والنفوذ والهيمنة .
2- إجهاض روح الثورة والمقاومة والرفض المفضي للوحدة والتحرر والبناء
3- إقامة نظم سياسية وحكومات مرتبطة بالدول الاستعمارية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا وعلى مستوى المؤسسات أيضا، أي خلق دول تابعة وخانعة ومستسلمة، عدا بعض الاستثناءات في عدد من الأقطار العربية والدول الأفريقية، حيث إن احد هذه الدول التي أزاحت الاستعمار وتمتعت باستقلالية القرار السياسي والاقتصادي قد تم استهدافها بالعدوان والحصار والاحتلال والقضاء على مؤسساتها وتدمير شعبها وقتل قياداتها الوطنية، ذلك هو العراق، وما يجري في السودان الآن من استهداف لقيادتها الوطنية وشعبها وتهديد لوحدتها إنما يتم لذات الأسباب المتعلقة بالاستقلالية وكذا هو الحال لمصر عبد الناصر وسوريا وبعض الاستثناءات في أفريقيا .
وفي وقتنا الحالي أيها الأخوة، وللمرة الثانية يحاول الاستعمار أن يعالج الموقف بالنظرية نفسها عندما تحاول الدول الغربية الاستعمارية أن تجد بأسرع ما يمكن، حلاً يُنهي الكفاح المسلح والمقاومة ويقطع تياره ويجفف منابعه وهو لما يزل في البداية، ليمنع أفكار الثورة والوحدة من أن تنبت من جديد، ومن هنا كان اهتمام الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة
الأمريكية بإيجاد حل سلمي للوضع الحالي إزاء الاستعمار أو الاحتلال الاستيطاني كما هو حاصل في فلسطين المحتلة حيث تعمل الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة لإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية الهدف منه إجهاض روح الثورة والمقاومة لدى الشعب الفلسطيني والتي إذا ما استمرت فستكون فرصة مهيأة على طريق وحدة الأمة العربية أو اتحادها ونهضتها وتقدمها، وهذا ما حصل في العراق أيضا حيث إن هدف الولايات المتحدة من غزو العراق واحتلاله إنما هو إقامة سلطة احتلال عسكري مباشر تنتج منه منظومة إدارة سياسية واقتصادية واجتماعية وزرع منظومة قيمية جديدة وإقامة قواعد عسكرية دائمة كمنطلق للهيمنة والتسلط والابتزاز والاستغلال والعدوان، ولكن انطلاق المقاومة الوطنية العراقية منذ بداية الاحتلال والتصدي لمشروعه وعدوانه العسكري وتكبده خسائر بشرية ومادية كبيرة شكلت مؤشرا حقيقيا لدى صناع القرار في دول الاحتلال بان ذلك سيكون واقعا بانت ملامحه في ثورة شعبية عارمة سوف تكون ساحتها ليس ارض العراق فقط وإنما ارض العرب والمسلمين يساندهم أحرار العالم من اجل إسقاط الاحتلال ومشروعه وحلفاءه أنظمة ومؤسسات، مما اجبرها لاتخاذ قرار الانسحاب الجزئي حاليا، والنهائي في نهاية عام 2011 كما هو مقرر، بهدف تجنب الخسائر والاستنزاف والهزيمة النهائية من جهة، ولإجهاض فعل المقاومة العراقية ومصادرة مشروعها وتضحياتها من جهة ثانية واتجهوا في التركيز على محاولة إنجاح مشروع العملية السياسية الجارية في العراق الآن وبمختلف الوسائل منها بالترغيب والأخرى بالترهيب، ولكن ذلك لن يثني شعب العراق الأبي ومقاومته الوطنية الباسلة من إدراك الأعيب هذا الاحتلال الإجرامي بمصادرة فعلها وانجازاتها الأسطورية في هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني وحماية دول المنطقة من شروره وتجنيب العالم بأسره مخاطر تلك السطوة الامبريالية في الهيمنة والتسلط والاستغلال ، وتصدت لمشروعه البغيض والذي يتمثل بالعملية السياسية الجارية في العراق المرتبكة والمتعثرة والفاشلة بل والمنهارة والتي يسودها الفساد وتتهاوى بفعل المقاومة وروح الثورة لدى شعب العراق .
أليس المشروع الأمريكي – الصهيوني الذي نتحدث عنه جميعا هو يتلخص بإقامة نظم سياسية واقتصادية واجتماعية ومنظومات أخلاقية وأمنية تخدم مصالح الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل في هذه الدولة أو تلك، وفي هذه المنطقة أو غيرها، أليس كذلك ؟؟؟ إذن إن مايجري في العراق من عملية سياسية إنما هي المشروع الأمريكي – الصهيوني بعينه، تساعد في إنجاحه أحزاب وكتل عراقية مرتبطة بالاحتلال من جهة وبدول إقليمية من جهة أخرى وتعاونها في إنجاح هذا المشروع ألاستخباري والاستغلالي البغيض بعض الدول التابعة والسائرة في فلك دول الاحتلال .
وعليه فان من يعترف أو يتعامل أو حتى يتعاطف مع تلك العملية السياسية الجارية في العراق سواءا على مستوى الأفراد أو الأحزاب أو الدول أو المنظمات، فانه بالنتيجة يعترف بالمشروع الأمريكي الصهيوني في العراق والمنطقة ويعمل على إنجاحه، ولا عذر أو تبرير للبعض ممن يقولون بالتعامل مع الأمر الواقع !!!!
إن السياسة الأمريكية تجاه القارة الأفريقية والمنطقة العربية، منذ نهاية الحرب الباردة وانكفاء الاتحاد السوفياتي وتفككه، ظلت أهدافها الاستراتيجية ثابتة ولم تجر عليها سوى بعض التغيرات التي لا تؤثر في تنفيذ السياسات التي تتخذها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض، بغض النظر عن كون تلك الإدارة من الجمهوريين أو الديمقراطيين..
فالسياسة الأمريكية ظلت وحتى الوقت الحاضر تعلن أنها معنية (بحماية) إمدادات النفط والتجارة الدولية، كما أنها ما تزال تؤسس لقاعدة السيطرة على منابع النفط العربي والإفريقي عن طريق قوات التدخل السريع ( R.D.F )، والوصول إلى مخزونات المواد الخام من المعادن وخاصة المعادن النادرة ذات الطابع الاستراتيجي، وفتح أسواق جديدة للمنتجات والاستثمارات الأمريكية.. فيما تباشر أمريكا نشر قيم (الليبرالية) عن طريق العولمة، التي تنتزع فيها السيادة والاستقلال الوطني وتذوب فيها الحدود الوطنية والقومية
للشعوب والدول تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الإنسان كأداة من أدوات هيمنتها وبسط نفوذها والتدخل في شؤون القارة الأفريقية والمنطقة العربية على حدِ سواء.
ولا يفوتنا هنا التذكير بإحدى الوسائل الخبيثة التي تمارسها الإمبريالية الأمريكية، وهي دعم بعض النظم السياسية من أجل خلق تكتلات سياسية متصارعة في أفريقيا وفي المنطقة العربية، من شأن هذه التكتلات أو التكتلات الإقليمية أن تخدم مصالحها تحت مسميات خبيثة تسمى (الشراكة الأمريكية الأفريقية)، ومحاولة (دمج الاقتصاد الأفريقي والعربي بالاقتصاد العالمي) لأغراض خدمة سياساتها في القارة الأفريقية والمنطقة العربية.
فقد جاء الاهتمام الأمريكي بالقارة الأفريقية والبلاد العربية معاً، لعاملين:
الأول- النهب والهيمنة الاستعمارية التي استولدت ردود فعل أسمتها أمريكا إرهاباً إنما هي مشاعر وطنية أنتجت بالضد من أساليب القتل والنهب والاغتصاب والتشريد والهيمنة على مقدرات الشعوب الأفريقية والعربية على السواء.. فمشاكل الصومال خلقتها أمريكا، ومشاكل السودان خلقتها أمريكا، ومشاكل عمق القارة الأمريكية من شمالها حتى جنوبها خلقتها أمريكا، ومشاكل العراق واحتلاله وتدميره وتمزيق شعبه بالتوافق الاستراتيجي مع إيران، خلقتها أمريكا بالتعاون مع الكيان الصهيوني حيث كان احتلال العراق يعب عن رغبة وإرادة صهيونية ومصالح أمريكية، ومشاكل فلسطين واحتلال منذ أكثر من نصف قرن وتشريد شعبه، ولبنان وإثارة الفتنة فيه واليمن وتحريك وتحرض شعبه والبحرين والكويت والمغرب والجزائر خلقتها أمريكا ودول إقليمية معروفة.. إذن أمريكا تفتح نار (الإرهاب ) على الشعوب المحبة للأمن والاستقرار في المنطقة.
الثاني- النفوذ وتكريس الوجود العسكري والعمل على تنفيذ مشروعات ذات طابع استراتيجي بعيد المدى، سواء تعلق الأمر بالقارة الأفريقية أم في البلدان العربية.
وعلى هذا الأساس فقد عملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهي تدرك مدى عمق العلاقة الموضوعية بين دول القارة الإفريقية والدول العربية على وضع عراقيل أمام تطوير العلاقات العربية – الإفريقية .. والأمثلة كثيرة ليس بالوسع تناولها جميعاً إنما الإشارة إلى مسعى إمبريالي من شأنه أن:
1- يخلق مناطق نفوذ في منطقة القرن الإفريقي مما يعرض المصالح العربية إلى الخطر.
2- خلق مشكلة مياه النيل من أجل تقسيم السودان وتقسيم مصر، باعتبارهما كتلتين إقليميتين كبيرتين، استناداً إلى استراتيجية تفتيت الكتل الكبيرة، التي تتبعها الإمبريالية الأمريكية وكيانها الإسرائيلي.
3- العمل الأمريكي- الإسرائيلي في استراتيجية مشتركة نحو البحيرات العظمى ومنابع النيل، وهو العمل الأكثر خطورة على الأمن القومي العربي، حيث الغرض الإمبريالي الصهيوني واضح يتمثل بإثارة النزاعات بين الدول الإفريقية والدول العربية، وما ( مشروع القرن الإفريقي الكبير ) إلا مثالاً صارخاً على النيات الأمريكية والإسرائيلية المبيتة لتمزيق الخارطة السياسية للقارة الإفريقية وخاصة في ركنها الحيوي (مصر والسودان) على وجه التحديد، وهو الأسلوب نفسه الذي تتبعه إزاء المنطقة العربية في محاولة إنشاء ( الشرق الأوسط الجديد )، حيث بدأته باحتلال العراق وإثارة النعرات الطائفية والعرقية فيه وفي باقي الدول العربية.
فالمخاطر التي تحيط بالقارة الإفريقية وخاصة ذات الطابع الاستراتيجي تتجانس من حيث الأهداف والوسائل مع المخاطر التي تحيق بالوطن العربي، وهي مخاطر ناجمة عن عمل (أمريكي- إسرائيلي) مشترك ولم يقتصر التهديد الأمريكي للقارة الإفريقية وللبلدان العربية بفرض المشاريع التي خططت لها أمريكا وكيانها الصهيوني، فحسب إنما بات التهديد العسكري الأمريكي يأخذ شكل القواعد العسكرية الأمريكية والتسهيلات الإقليمية التي تقدمها بعض الأنظمة، حيث اتجهت السياسة الأمريكية، خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول2001 إلى تجديد أنماط وسائلها الاستراتيجية في القارة الإفريقية والمنطقة العربية على وجه التحديد من العالم من خلال قواعد عسكرية عملاقة .
فعلى مستوى مايسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد وهو المشروع الذي تستهدف منه أمريكا إعادة تقسيم الدول العربية والإقليمية وتفتيتها طائفياً وعرقياً والعمل على إدخال الكيان الصهيوني إلى هياكلها السياسية والاقتصادية وبنية مجتمعها المدني ومنظماته العاملة.
فقد تصدت المقاومة الوطنية العراقية لهذا المشروع على أرض العراق وعرقلت تنفيذه ودفعت به إلى حافة الانهيار والهزيمة السياسية وجنبت دول المنطقة مخاطر التمدد الأمريكي تحت غطاء هذا المشروع الخبيث.. فالمقاومة باعتبارها الممثل الوحيد لكل العراقيين المناهضين للاحتلال، وهي تتطلع إلى الحرية والاستقلال الكامل والشامل والعميق، ترى أن لا سبيل أمام الاحتلال سوى القبول بحقيقة المقاومة ومشروعها والرحيل العاجل عن أرض العراق، لأن المقاومة ستستمر في منهجها التحرري، طالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من أرض العراق، وبغض النظر عن القرارات الدولية اللاحقة للاحتلال وسيستمر فعلها لسنين وعقود من الزمن إذا ما أصر الاحتلال على البقاء، حيث أعدت المقاومة نفسها كما أعدت الشعب لهذا الأمر بما يمكنها من الوصول إلى الأهداف التحررية، حيث ستؤسس للعراق المحرر علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف مبنية على أسس التعامل السليم والعادل، على المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة واحترام خيارات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم، بغض النظر عن طبيعة أنظمتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة والعالم، بما يحقق الأمن للعراق وللعراقيين في وحدتهم ووحدة أرضهم وللمنطقة العربية والعالم الأمن والاستقرار والرخاء.
وانطلاقاً من وحدة النضال الإنساني، ووحدة المجابهة مع العدو المشترك، ووحدة الأهداف والمصير، فإن انعقاد هذا المؤتمر هو ليس لمناقشة احد أهم المحاور التي يحدد بشأنها مستقبل حركتنا النضالية فحسب، إنما لنحول قرارات المؤتمر إلى واقع عملي ملموس في شكل ورش عمل تتصدى لهذه المشاريع الاستعمارية، لتؤسس (استراتيجية واضحة المعالم) ترتكز على تنسيق المواقف وتشكيل لجان مشتركة في الساحات المعنية وفي غيرها لتضع تصوراتها موضع التنفيذ سياسياً وإعلامياً وتعبوياً بما يحقق لقوى التحرر العربية - الإفريقية أهدافها الوطنية.
وعليه فأن حزب البعث العربي الاشتراكي وهو يقاوم الاحتلال الغاشم الذي تعرض له العراق، مع كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية والشخصيات الوطنية المناهضة للاحتلال، يضع أمام المؤتمر الموقر حالة الإفتراقات التي وصل إليها الشعب العراقي الصابر المقاوم، بين احتلال مثخن بالجراح وحكومة احتلال فاشلة وعاجزة ودموية بلغت حداً في جريمتها فاقت كل التصورات وخرقت كل القوانين الوضعية والسماوية، وهدمت كل القيم الاجتماعية بطريقة التكفير والاجتثاث والإقصاء والتمييز في المعتقد، الأمر الذي وضع البلاد والعباد في عنق زجاجة منذ أكثر من سبعة أشهر في سابقة فريدة من نوعها، إن دلت على شيء إنما تدل على حجم التورط الأمريكي والإيراني في العراق، وحجم الكارثة التي حلت بشعب العراق جراء القتل والتهجير ألقسري والإبادة الجماعية والجريمة ضد الإنسانية، وآخرها ما كشفت عنه وثائق (ويكيليكس) السرية التي بلغت أكثر من (000/400) ألف وثيقة سرية جرميه تثبت تورط الاحتلال الأمريكي وحكومته العميلة والنظام الإيراني في تلك الجرائم.
كما يهدف هذا المشروع الى اعادة ترتيب اوضاع المنطقة بما يخدم الشركات الرأسمالية الامريكية والحركة الصهيونية وكيانها الغاصب في صفقة مشبوهة واضحة المعالم تتمثل في مقايضة التوسع واحتلال الأرض وإقامة مشروع السيطرة والهيمنة على المنطقة ومقدراتها لإقامة ((إسرائيل العظمى )) في منطقة أوسع واشمل جغرافيا من المنطقة الواقعة ما بين النيل والفرات.
هذا اضافة الى اهداف اخرى تسعى الادارة الامريكية والحركة الصهيونية لتحقيقها عبر هذا المشروع على حساب العرب والمسلمين ومصالحهم الوطنية والقومية .
ومن المعروف على نطاق واسع أن (إسرائيل) تستخدم علاقاتها مع الدول والحركات السياسية المعادية للدول العربية لحصار الأمن القومي العربي وتحويل الدول العربية عن أهدافها الرئيسية عن طريق إثارة قضايا ثانوية، فقد ذكر مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق شامير أن إسرائيل قد هيأت منذ الخمسينيات لتعزيز العلاقات مع الاكراد في شمال العراق دعما لأجندتهم الانفصالية لتقويض الدولة الوطنية العراقية وتعطيل دورها الوطني والقومي في مواجهة الكيان الصهيوني . هذا علما إن بعض أشقاءنا العرب يتبرعون ويتطوعون لتطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني حيث انه يعمل جاهدا لتطبيق المرحلة الثالثة من مراحل تثبيت الوجود وبناء الدولة، والتي بدأت بتحقيق امن هذا الكيان في ستينيات القرن الماضي، وتحقيق الشرعية والاعتراف في سبعينيات القرن الماضي وألان بدأت مرحلة تحقيق التغلغل والنفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية والأمنية إضافة إلى التفوق العسكري، كما تقربت إسرائيل إلى شاه إيران فضلا عن القيادة العسكرية وبعض الأوساط في تركيا بسبب العداء تجاه العالم العربي، إسرائيل أيضا قامت
ببناء تحالف مع بعض الأطراف في لبنان لاستهداف المقاومة الفلسطينية والحركات القومية اللبنانية .
أما على مستوى التغلغل والدور الإسرائيلي في أفريقيا فيمكن الاشاره إلى أن هذا التعامل "الإسرائيلي" مع القارة الإفريقية ينفرد بدرجة عالية من الخصوصية يتَّضح ذلك في جانبين :
أولهما : يتمثَّل في عملية الربط الأيديولوجي والحركي بين الصهيونية وحركة الجامعة الإفريقية .
وثانيهما : يتمثّل في التعمد "الإسرائيلي" التعامل مع جماعات إفريقية بعينها تدعيمًا لاستمرارها في السلطة إن كانت حاكمة، أو توسيعًا لدورها في نشر حالة عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول الإفريقية كما في بعض المحطات أدناه :
أولاً: عملية الربط الأيديولوجي والحركي بين الصهيونية وحركة المجتمع الإفريقي عبر بعض القنوات حققت بعض النفوذ من خلال :
1- الزعم بخضوع كل من اليهود والأفارقة لاضطهاد مشترك، فكلاهما ضحايا للاضطهاد وللاثنين ماضٍ مؤلم، وأنهما من ضحايا التمييز العنصري، وبينهما بالتالي تفاهم متبادل، ويزيد من تلاقي تطلعاتهما أن لهم جذورًا ممتدة في ماضيين متشابهين جوهرًا، وبالتالي فإن سياسة "إسرائيل" في إفريقيا تعدّ تطلعًا أصبح لا يتمثل في الرغبة "الإسرائيلية" في مساعدة الذين عانوا المآسي كالشعب اليهودي. ويؤكد موسى ليشم -والذي كان رئيسًا للإدارة الإفريقية في الخارجية "الإسرائيلية"- على أن العلاقات القوية التي تطوَّرت بين "إسرائيل" وإفريقيا إنما تتصل بالروابط التي قامت بين اليهود والإفريقيين .
2- إضفاء المسحة الصهيونية على حركة الجامعة الإفريقية، فمنذ أواخر القرن الماضي وبداية القرن الحالي ومع أخذ الحركة الصهيونية، وحركة الجامعة الإفريقية إطارهما التنظيمي فقد أطلق على حركة الجامعة الإفريقية اسم "الصهيونية السوداء"، وأطلق على أحد زعمائها المتصدرين لفكرة "عودة الزنوج الأمريكيين إلى وطنهم الأصلي إفريقيا" -وهو ماركوس جارفياسم- "النبي موسى الأسود"، بل إن تشبه الزنوج بين "إسرائيل" وإضفاء طابع ديني على حركتهم للعودة إلى إفريقيا يوضِّح هذا التأثير بالفكر الصهيوني إلى حد بعيد.
3- أن عملية الربط بين الصهيونية وحركة الجامعة الإفريقية قد استهدفت من بين ما استهدفت مواجهة الإسلام في إفريقيا من جهة، وضرب العلاقة بين حركة التحرر العربية والإفريقية من جهة أخرى؛ إذ صرح عديد من القيادات الدينية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية مبكرًا أن الهدف من تهجير الزنوج الأمريكيين إلى إفريقيا إنما يستهدف نشر المسيحية فيها من خلالهم، والوقوف أمام انتشار الإسلام في القارة. وبعد الحرب العالمية الثانية فقط، أدركت "إسرائيل" والقوى الاستعمارية أهمية "القيادات الوطنية" والمثقفة في إفريقيا مع المد التحرري الذي بدت عليه الحياة السياسية الإفريقية؛ فكان اقترابها البارز في البداية من نكروما ونيريري وسنغور أكثر من غيرهم.
وقد كان وزن هؤلاء في حركة التحرر الإفريقية ضروريًا لإسرائيل والغرب عامة لتحجيم صلة هذه الحركة بحركة التحرر العربية، وبالطبع فقد أفاد في هذا الأمر ميراث الصهيونية والزنوجية المبكر من جهة بل وطبيعة ميراثهم من الفكر الليبرالي وحتى اليساري الأوروبي في توجهه نحو "إسرائيل" من جهة أخرى.
4- وكان من نتائج ما تقدم أن ظهرت "إسرائيل" إلى الوجود متمتعة برصيد من التعاطف المنبثق عن العوامل الدينية والثقافية، دون أن يثقل كاهلها شيء من سلبيات الصدام أو التعامل العدائي بينها وبين القارة الإفريقية وأهلها، على عكس العرب الذي اتُّهموا في هذا السياق بممارسة تجارة الرقيق في إفريقيا. وقد كانت استجابة الزعماء الإفريقيين للتعامل مع "إسرائيل" في كافة المجالات سريعة وودية. فمن المعروف أن ليبريا كانت أول دولة إفريقية تعترف بإسرائيل وثالث دولة اعترفت بها في العالم (بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) عام 1948.
وقد ابتعث نكروما - بعد استقلال بلاده مباشرة- عددًا من وزرائه لإسرائيل، وعلى النمط نفسه قال الرئيس نيريري: ""إسرائيل" بلد صغير.. ولكنه يستطيع أن يقدم الكثير لبلد مثل بلدي. إننا نستطيع أن نتعلم دروسًا نافعة من "إسرائيل" نظرًا لتشابه المشاكل التي نواجهها.
ورغم مضي الأعوام وتوطد أواصر العلاقات العربية - الإفريقية أثناء وعقب حرب أكتوبر 1973 فإن هذا الموقف الإفريقي المتعاطف مع "إسرائيل" استمر قائمًا، ففي مذكرة قدّمها مائة وستة نواب بالبرلمان الفيدرالي النيجيري في مايو 1982 يطالبون فيها الدول الإفريقية ومعها نيجيريا بإعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع "إسرائيل" نجد فيها نفس النغمة، "فالعرب يريدون حل المشكلة "الإسرائيلية" بالتصفية الكاملة لإسرائيل
كدولة، إنهم يرونها فرضًا إمبرياليًا"، وإن مصالح إفريقيا السوداء ليست هي نفس مصالح الدول العربية.
ثانيًا: التركيز على دعم العلاقات مع جماعات إفريقية بعينها:
وتتضح هذه الخصوصية في التعامل "الإسرائيلي" مع القارة الإفريقية، والتي تعدّ من ثوابت السياسة الخارجية "الإسرائيلية" في إفريقيا، والتي تتجاوز التعامل المؤقت مع أنظمة الحكم الإفريقية -بافتراض عدم استقرارها- إلى التعامل المستقر وشبه الدائم مع جماعات بعينها تتَّسم بثقل عددي وسياسي، فتقوم بمساندتها إذا كانت تشكِّل قاعدة للسلطة القائمة دعمًا للاستقرار السياسي وتوطيد الأواصر والعلاقات مع "إسرائيل"، أو تقوم بمساندتها إذا كانت خارج السلطة السياسية لإشاعة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي في دولة تعدّ معادية لإسرائيل. ولم تغفل "إسرائيل" في هذا المقام أهمية الربط الأيديولوجي بين التقاليد الصهيونية وتقاليد هذه الجماعات، والأمثلة على ذلك عديدة: استمرار مساعدة "إسرائيل" لجماعة الدنكا في جنوب السودان -والتي يقدِّر البعض عددها بنحو خمسة ملايين نسمة- لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في السودان لإجهاضه اقتصاديًا وسياسيًا، وخلق عقد للكراهية بين العرب والأفارقة، بصورة تُعيق السودان عن أداء دوره العربي والإسلامي والإفريقي، باعتباره يشكل أنموذجًا للتعايش العربي الإفريقي المنشود.
وفي الوقت نفسه فقد ظلت "إسرائيل" على تعاملها الوثيق مع جماعة الأمهرا الحاكمة في إثيوبيا؛ سواء في ظل هيلاسيلاسي أو منجستو دعمًا لسيطرة هذه الجماعة على غيرها من الجماعات -ومعظمها إسلامية-، وتعزيزًا لتواجد "إسرائيل" في منطقة حوض النيل، وفي مدخل البحر الأحمر، وقد استغلَّت "إسرائيل" في ذلك البعد الأيديولوجي لتقوية صلاتها بجماعة الأمهرا، ذلك أن هذه الجماعة لديها مزاعم بالانتماء إلى "الأسرة السليمانية"، وقياداتها يسمون أنفسهم "زعماء "إسرائيل .
وفي نيجيريا فقد قامت "إسرائيل" بمساعدة جماعة الايبو التي تقطن في الإقليم الشرقي لنيجيريا (سابقًا) لمواجهة الإقليم الشمالي (سابقًا) المسيطر على السلطة المركزية -ويضمّ أغلبية مسلمة- حتى وصل الأمر إلى حد إعلان استقلال الإقليم الشرقي تحت اسم جمهورية بيافرا عام 1967 والتي اعترفت بها "إسرائيل" تحت دعوى أن الايبو يشكلون قومية متميزة، وزادت على ذلك بأن أعلنت أجهزة دعايتها أن الايبو هم "يهود إفريقيا".
وفي جنوب إفريقيا فإن عملية الربط الأيديولوجي بين الصهيونية والقومية الأفريكانية البيضاء قد آتت أكلها في تعزيز الروابط بين "إسرائيل" وجنوب إفريقيا، ذلك أن البيض (البوير - الإفريكارز حاليًا) الذين اعتبروا أنفسهم أبناء الله، بعد أن تمكَّنوا من الهجرة من مستعمرة الرأس في عام 1936 هربًا من الحكم البريطاني قد عقدوا مقارنة بين خروجهم هذا وخروج بني "إسرائيل" من مصر، ومثلما أن اليهود خرجوا بقيادة موسى -عليه السلام- هربًا من فرعون، فإنهم خرجوا من مستعمرة الرأس بقيادة بيتر ريتيف إلى ناتال والترنسغال هربًا من بريطانيا، وهكذا صارت بريطانيا في نظرهم فرعون، وصارت بلاد المهجر "أرض الميعاد"، وصاروا هم أنفسهم "شعبا مختارًا"
هذه مجرد نماذج "إسرائيل" مع بعض الجماعات الإفريقية تفتح المجال أمام دراسات أكثر عمقًا، لتتبع المخطط "الإسرائيلي" في إفريقيا، أبعاده، وأهدافه، والذي ينصرف بالدرجة الأولى إلى تعزيز المصالح "الإسرائيلية" في إفريقيا، حتى ولو كان ذلك على حساب تهديد السلامة الإقليمية لبعض الدول الإفريقية (السودان/ نيجيريا) من جهة، أو تكريس التفرقة العنصرية ضد بعض الشعوب الإفريقية (جنوب إفريقيا) من جهة أخرى.
نخلص مما تقدَّم وبصرف النظر عن قضية الصراع العربي- "الإسرائيلي" إلى أن القارة الإفريقية بذاتها مستهدفة بالدرجة الأولى داخل المخطَّط الصهيوني الذي يضع بعض مناطقها كمواقع "تبادلية" أو "احتياطية" في حالة تهديد المركز الأصلي (فلسطين)، أو حتى في حالة تعرُّض بعض الجماعات اليهودية في مناطق أخرى من العالم للخطر، وإن كنا قد أشرنا إلى أن منطقة شرق إفريقيا (إثيوبيا - جنوب السودان- شمال أوغندا) تشكِّل أحد هذه المواقع، فليس هناك ما يمنع من أن تشكِّل جنوب نيجيريا موقعًا ثانيًا (حيث مناطق الايبو)، وأن تشكِّل جنوب إفريقيا موقعًا ثالثًا في شكل يشبه المثلَّث لاحتواء وتشنيج العلاقة العربية الأفريقية، وليس من شك في أن عملية الربط الإيديولوجي بين الصهيونية وفكرة وحركة الجامعة الإفريقية ثم الربط الأيديولوجي بين الفكر الصهيوني، وتقاليد وتراث بعض الجماعات الإفريقية من شأنه أن يخدم فكرة "المواقع التبادلية" تلك، ويضمن لها إمكانية التحقيق.
ما هو المطلوب الآن عربياً وأفريقياً:
أولاً- الدعوة إلى قيام جبهة وطنية عريضة تجمع كافة القوى المناهضة للاستعمار والإمبريالية والصهيونية من أجل اعتماد إستراتيجية موحدة للعمل السياسي والإعلامي والشعبي تغطي الدول الأفريقية ومساحة الأمة العربية من أقصى المغرب العربي إلى مشرقه ووضع إستراتيجية العمل المشترك والحوار بين الشعوب العربية والإفريقية واليات تنفيذ واضحة المعالم والأهداف .
ثانيا- تشكيل لجان مشتركة للتنسيق بين قوى التحرر العربية والإفريقية.
ثالثا- العمل على تمتين علاقات التنسيق مع كافة حركات التحرر العالمية من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات وشخصيات وطنية وإنسانية مناهضة للهيمنة الاستعمارية والصهيونية ومحبة للسلام والحرية والعدالة في العالم.
رابعا- الخروج بميثاق " شرف " بين كل الفرقاء المشاركين من أجل العمل التضامني والكفاحي على وفق، ما هو كائن وواضح من حقائق موضوعية نناضل جميعاً من أجل نصرتها بعيداً عن التخندق والتحيز والمناصرة الضيقة التي تغمط الحقوق وتهمش الآخر وتقصيه لدوافع لا صلة لها بمنهج النضال والجهاد على أرض الواقع.
أشكركم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور خضير المرشدي
الممثل الرسمي للبعث في العراق