نرحب بداية برفيقنا المناضل الدكتور كاظم عبد الحسين عباس في باكورة لقاءاتنا ضمن صفحة "حقيقة المقابر الجماعية" لتسليط الضوء على مرحلة مهمة في تأريخ العراق بالاعتماد على شهادات عينية لمرحلة صفحة الغدر والخيانة وما أثير حولها من أكاذيب وشائعات ساهمت فيها الدوائر الإعلامية المدفوعة الأجر والتي أراد منها مثيريها ومطلقيها شيطنة النظام الوطني بكل مسمياته السياسية والحزبية والعسكرية من أجل تقديم الذرائع لتبرير احتلال العراق فيما بعد..
فأهلا وسهلا برفيقنا الدكتور كاظم في منبر حقيقة المقابر الجماعية...
الجواب
أهلا وسهلا بك رفيقي وأخي العزيز الوليد، واسمح لي أن احييك اولا واحيي كل اعضاء وقراء صفحة حقيقة المقابر الجماعية وان اشيد بفكرة المجموعة كمنبر لإبلاغ الحقائق كما عايشناها لتكون اشراقات الحقيقة تغشي ابصار رواد زمن الزيف والكذب والتزوير والتلفيق.
1- كتبت الكثير دكتور عن هذه المرحلة بالذات، برأيك ، هل مثلت هذه المرحلة انعطافة مهمة أو خطيرة في احداثيات ما تلاها من مخططات صهيوأمريكية إيرانية لاحتلال العراق؟
الجواب:
كانت احداث صفحة الغدر والخيانة في جوهرها وحقيقتها هي تنفيذ ميداني للواجب الذي كلفت فيه ايران وأدواتها المجرمه من قبل اميركا قائدة تحالف الحرب المجرمة التي سميت بحرب الخليج الثانية. ايران وعملاءها كلفوا باحتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني والقومي باستغلال الظروف العصيبة التي واجهها العراق وهو يرد عدوان اميركا ومعها 33 دولة وظروف انسحاب قطعات جيشنا الباسل من الكويت وما رافقها من عملية غدر جبانة تمثلت بضرب القطعات المنسحبة من قبل طيران التحالف رغم سريان اتفاق وقف العمليات العسكرية. لذلك دخلت قوات نظامية ايرانية وتشكيلات من مخابراتها وحرسها الثوري تسند فيلق الغدر الايراني المسمى بدر ويقوده الاخوين محمد باقر وعبد العزيز الطبطبائي المقبورين وهما يرتديان البزاة والرتب العسكرية الايرانية. وطبعا كان يتحشد مع بدر الغدر ميليشيات طائفية صفوية من حزب الدعوة الايراني وحزب الله العراق ومنظمة العمل الاسلامي لصاحبيها الاخوين المجرمين تقي وهادي مدرسي.
ان فشل وقبر مؤامرة وخطة احتلال العراق وتمكن قطعة من ابطال الحرس الجمهوري من طرد الغزاة من كل المحافظات التي احتلتها في ظرف ايام معدودات قد فتح الابواب لخطط عدوان جديدة هدفها اكمال المهمة التي فشلت ايران وأدواتها الخائنة العميلة من تنفيذها . وبدأت اميركا والصهيونية مرحلة جديدة من استهداف العراق وشعبه تمثلت بتطبيق الحصار الشامل لخنق شعب العراق ونظامه القومي وانهاك اقتصاده وتمزيق قوته العسكرية. وقد امتدت هذه الحقبة الجائرة الظالمة السوداء قرابة 14 عام تعرض خلالها العراق وشعبه الى ما هو اسوء بكثير في خسائره وتداعياته من حرب كونية عليه سواء في الخسائر البشرية التي زادات عن مليوني انسان قتلهم الحصار او في تدمير قوته العسكرية او في النفوذ الى النسيج الاجتماعي ومحاولة تفكيك روابط الصلة التاريخية بين قيادة الدولة والحزب وبين شعبنا العظيم عبر التجويع وإغلاق كل منافذ الحياة. ومن بين اخطر تداعيات الحصار هو هجرة ملايين العراقيين الى خارج الوطن للبحث عن لقمة العيش او للبحث عن خدمات وفرص عيش افضل وقد استغلت اميركا وعملاءها الكثير من العراقيين المهاجرين بإجبارهم او اغواءهم على التعاطي والتعاون مع الاحزاب المسماة بالمعارضة العراقية في الخارج.
اذن هي كانت فعلا محطة لمرحلة مختلفة من الاستهداف العسكري والاقتصادي متوجه ببث اعلامي خرافي معادي للعراق ونظامه القومي ولشعبه وللثبات الاسطوري للشعب بوجه كل حلقات الاستهداف التي بدأت مع وضوح ملامح الثورة البعثية عام 1968 ولم تتوقف الى اللحظة من خلال ادامة زخم الاستهداف للمقاومة العراقية الباسلة .
2- قرانا بعض مشاهداتك المباشرة عن مرحلة الغوغاء وما رافقها من أحداث دامية، ونحتاج اليوم لإعادتها للذاكرة بعد الهجمة الاعلامية التي روج لها عملاء المنطقة الخضراء في المحافل الدولية حديثا؟
الجواب:
اشتملت مرحلة الغوغاء كما اسميتها رفيقي العزيز على ملامح تمثلها وتمثل منهجها ومنهج ايران المكلفة بتنفيذها . ومن بين ملامحها الاساسية التي بدأت تعلن عن نفسها مع دخول الغزاة الى البصرة وتتكرر في كل محافظة يتم احتلالها:
أ- تدمير البنى التحتية والفوقية التي انتجها انسان الثورة العراقي البطل اذ لم ينجو مستشفى ولا جامعة ولا مدرسة ولا مصنع من الحرق والنهب وقتل من تواجد فيها من الموظفين والطلاب والاساتذه والإداريين والحراس.
ب- اقامة مقابر جماعية في كل مكان يقتل فيه عدد من العراقيين ضمن ما ورد اعلاه ومقابر جماعية لمئات الالاف من الضباط والجنود العزل العائدين من الكويت سيرا على الاقدام لإنهاك مضاعف لذاك الذي سببته الغارات الامريكية الغادرة وللثأر لهزيمة ايران في قادسية صدام المجيدة.
ج- حرق مقرات الحزب وقتل من فيها من مواطنين ومناضلين قاتلوا بإمكانات بسيطة بسبب انشغال الكم الاكبر من البعثيين في احداث الحرب الدفاعية ضد اميركا وحلفها المجرم. وكان واضحا ان استهداف مقرات الحزب هو هدف اساسي من اهداف الغزو الفارسي الذي سماه عملاء ايران بالانتفاضة الشعبانية وقتل اعضاء الحزب بالخناجر والسيوف والتمثيل بجثثهم ومنع اهاليهم من دفنهم واللجؤ الى حفر مقابر جماعية من قبل الغزاة بعد ان تمر ايام على الجثث في العراء في فعل مصمم نفسيا ضد البعث.
د- حرق دوائر بعينها مثل دوائر السجل العقاري والمرور والأحوال المدنية ودوائر التجنيد وبنايات المحافظات ومراكز ومديريات الشرطة ومراكز الاقضية والنواحي بهدف توطين الفرس والاستيلاء على املاك العراقيين من بيوت وسيارات ومزارع وعقارات ومتاجر وغيرها . وفي كل مكان يقتل فيه مجاميع من العراقيين كانت تقام مقابر جماعية.
هذا هو المشهد العام لفعل الغوغاء او صفحة الغدر والخيانة...تدمير وحرق وقتل ومقابر جماعية قامت بها المليشيات التي قاتلتنا مع ايران وتسمي نفسها عراقية زورا وبهتانا فهي ايرانية وتنفذ منهج خميني في ولاية الفقيه الصفوية التي هدفها الاساس اعادة بناء الامبراطورية الفارسية التي هدمتها سيوف العرب المسلمين.
3- يعلم شعبنا العراقي بأن إيران كانت لها اليد الطولى في تلك المرحلة، في رأيك، هل كان هناك تعاون أمريكي إيراني استخباري او عسكري او لوجستي في هذه المسألة؟
الجواب:
كما اسلفت ...ان الاتفاق بين اميركا وإيران قائم من لحظة استلام خميني للسلطة لان خميني لم يأت الى ايران قادما من باريس إلا بموافقة المخابرات الغربية والصهيونية لتبدأ به وتدشن حقبة اللعب على الغام الطائفية السياسية في اعادة تمزيق الممزق في امتنا العربية وبتناغم مدروس بين الاطماع الايرانية المغطاة بغطاء تمثيل الشيعة ومنهج التشييع والأطماع التركية المقابلة في الضفة الاخرى للمشروع الطائفي الاممي الممزق للإسلام اصلا قبل ان يمزق الاوطان.
ما كان لفيالق الغدر ان تعبر الحدود من ايران باتجاه العراق الخاضع لخطوط المنع العرضية والطولية وفي ظروف قتال شرس بين امريكا وحلفاءها من جهة والعراق من جهة اخرى الاب ايعاز وموافقة تامة من التحالف المجرم بقيادة امريكا.
4- كل من عاصر تلك الفترة يعلم بأن هناك عناصر من حزب الدعوة العميل دخلوا العراق وقاموا بتحشيد البعض الحاقد على قيادة العراق الوطنية وبث الشائعات عن سقوط النظام الوطني، فما هي مشاهداتك حول هذا الموضوع بالتحديد؟
الجواب:
كل من قام بأعمال صفحة الخيانة والغدر هم قد دخلوا من ايران ولم ينضم معهم إلا بعض من عتاة المجرمين والقتلة المحترفين الذين قامت عصابات الغوغاء بإطلاق سراحهم من السجون في كل المحافظات التي تم احتلالها وكان بعض هؤلاء مدربين على قيادة الدبابات فقاموا بمهاجمة بعض مقرات الجيش التي كانت قد اتخذت من مدارس ودوائر كأوكار لها بانتظار قوات الغزو. واستخدموها الى جانب الغزاة في العدوان على دوائر الدولة والمصانع والمعامل والجامعات ومقرات الحزب. وإذا كان هناك نفر من الداخل قد شارك فهم من بعض الخلايا النائمة للطابور الخامس وبعض المتضررين نتيجة وقوعهم تحت طائلة العقاب القانوني عبر سنوات حكم الحزب.
نعم كانت هناك ابواق اشاعات تسبق مجاميع الغزاة قبل دخولهم المدن تعلن عن سقوط الدولة ونهاية النظام وبمساعدة ابواق ايران الاعلامية والإعلام الامريكي والبريطاني وغيره لبث روح اليأس والإحباط بين ابناء شعبنا العظيم.
5- لقد صاحبت تلك الفترة فوضى عارمة بسبب ما خلفه الهجوم الامريكي على الجيش العراقي وانفلات أمني في المحافظات ادى إلى أختراقات أمنية من قبل العناصر الدخيلة، فهل لنا أن نسمع منك المشهد العام لما قام به العملاء ؟
الجواب:
شرحت المشهد الاجمالي في سؤال سابق غير ان الاضافة الواجبه هنا هي ان العار سيلحق بأمريكا وحلفاءها وأولهم ايران لان الظروف التي كان يواجهها العراق لا يمكن ان يستغلها انسان سوي يخاف الله ويمتلك ذرة ضمير . ومن اسوء ما حصل من قتل جماعي هدفه انتاج مقابر جماعية هو عمليات الاغتصاب القذرة لنساء وبنات وأخوات بعض البعثيين وضباط الجيش والقوى الامنية وبعض البيوتات الوطنيه . كما تم لأول مرة في تاريخ العراق استخدام الروضه الحيدرية الشريفه في النجف والروضتين الحسينية والعباسية في كربلاء كمجازر لإعدام البعثيين والمواطنين الابرياء ومن وقع اسيرا من ضباط القوات المسلحه وكذلك استخدام الجوامع والحسينيات للمحاكم العجيبة وذبح العراقيين بحيث غرقت المراقد والجوامع بدماء العراقيين في النجف وكربلاء وبابل والقادسية والبصرة وواسط والمثنى وذي قار وميسان ووصولا الى بعض احياء بغداد.
6- الحكومة الصفوية تحاول اليوم أن تعيد للذاكرة تلك الاكاذيب وتقوم بحملات رشى للدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية لتزوير الحقائق، فما هي رسالتك لهم؟
الجواب :
ان صوت الحق والحقيقة خالد ويعلو ولا يهزم حتى لو خيل للبعض. ان حق العراق وشعبه وثاراته محفوظة بإرادة الله وعونه وان العراقيين لقادرون على استعادة اشراق النور ليغشي ابصار الطواغيت بعون الله وعما قريب.
7- اذا كان هنالك من كلمة أخيرة فلمن توجهها؟
الجواب :
اتوجه بالدعاء والانتخاء بالإرادة الربانية القاهرة لإعانة احرار العراق وعشائره ومقاومته المسلحة البطلة وشعبه الثائر في كل مكان وفي محافظات الانبار والموصل وبغداد وصلاح الدين وديالى وكركوك بشكل خاص وان يأخذ بأيديهم ويحقق حق شعبنا في التحرير وطرد العجم المحتلين كما طردت اميركا وبريطانيا وحلفاءهما المجرمين. واذكر ابناء الفرات الاوسط والجنوب بمئات الالاف من ابناءهم الذين ذبحتهم ميليشيات محمد باقر الملعون وعبد العزيز الطبطبائي المحترق بنار جهنم والدعوة ومنظمة العمل اللااسلامي وحزب اللات العراق والقوات المسلحة الايرانية ..اذكر عشائر بني حسن وزبيد والجبور والفتلة وال ياسر والسادة الموسويين وألغزي – طي وبني حجيم وال زريج وبني مالك وخفاجة وكل عشائر الجنوب بتلك الايام السوداء التي ذاقوها على ايدي هؤلاء القتله خلال تلك الحقبة التي اذلتهم ولطخت تاريخهم لولا موقف قادة العراق الخالدين وعلى رأسهم الشهيد الخالد صدام حسين الذين عملوا المستحيل لإنهاء تلك الحقبة السوداء من ذاكرة من وقعوا تحت نيرها وظلمها وتأثيراتها الاجرامية البشعة ..وأقول لهم : ان من ينسى الدم ويخضع للطاغوت والاحتلال الفارسي سيخسر الدنيا والآخرة دفعة واحدة.
في نهاية اللقاء نوجه شكرنا للدكتور كاظم على اتاحة الفرصة لنا لتسليط الضوء على مرحلة مهمة في التأريخ المعاصر والتي اتخذت من ذرائع فيما بعد لاحتلال العراق.
وإنطلاقا من مبدأ احقاق الحق لبيان حقائق ما جرى فعليا في مرحلة صفحة الغدر والخيانة فإننا نوجه دعوتنا من منبرنا هذا لجميع الاقلام الشريفة التي عاصرت تلك الفترة المظلمة من تأريخ أحزاب العمالة للدلو بدلوهم من أجل تنظيف صفحات تأريخ العراق من كذب وتدليس القادمين من خلف الحدود الشرقية.