الجمعة، ديسمبر 24، 2010

بيان من اللجنة التحضيرية للاحتفاء بالذكرى الرابعة لاستشهاد الرفيق القائد الخالد صدام حسين رحمه الله






  سيقوم منتدى الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية على البالتوك بإقامة مهرجان خطابي ليلة الخميس الموافق 30-12-2010 ضمن فعاليات اللجنة التحضيرية للاحتفاء بالذكرى الرابعة لاستشهاد الرفيق صدام حسين رحمه الله وكما مبين أدناه :


1-              كلمة المنتدى: الرفيق صبيح حمادي – مدير المنتدى

2-             كلمة اللجنة التحضيرية: الرفيق الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس- رئيس اللجنة التحضيرية.

3-             كلمة الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق: الرفيق الدكتور خضير ألمرشدي.

            
4- كلمة الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية : الرفيق الأستاذ نزار السامرائي – أمين عام الجبهة.
5-             الدكتور سمير صباغ: رئيس الهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومة والشعب العراقي.
6-             الرفيق غزوان الكبيسي . 
7-             الرفيق الدكتور عزيز القزاز.
8-              الأخت الماجدة إيمان السعدون.
9-             المحامي الأستاذ حسن بيان.القطر اللبناني الشقيق
10-       الرفيق الدكتور سعد قرياقوس.
11-        الأستاذ عمر أبو زيد: القطر الأردني الشقيق.
12-       الدكتور بشير مواس: القطر اللبناني الشقيق. 
13-       الرفيق الدكتور خليفة العيثاوي. 
14-       الرفيق الدكتور عبد الجبار الكبيسي.
15-       المحامي الأستاذ زياد الخصاونة.
16-       الرفيق صلاح المختار : محاضرا ومحاورا لمضامين الاحتفالية. 
يرجى الإعلان عن هذه الفعالية وبشكل متواصل من ألان وحتى يوم إقامتها بإذن الله. 
  عاش العراق. عاشت فلسطين . عاش البعث . عاشت ألامه . المجد المؤثل لشهيد الحج الأكبر صدام حسين رحمه الله . النصر لمقاومتنا البطلة بقيادة الرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم الدوري حماه الله .


الرفيق الأستاذ الدكتور
كاظم عبد الحسين عباس
رئيس اللجنة التحضيرية.


قوة الحق في مواجهة حق القوة

قصه معركة الوزير ناجي صبري ضد الجبروت الأمريكي


شبكة البصرة

بقلم: السفير سعيد الموسوي

أكتب الوقائع أدناه ليس ردا على إدعاء متهافت لعميل يحاول أن ينال من قامة عراقية شامخة هي وزير خارجية حكومة جمهورية العراق الشرعية الدكتور ناجي صبري، بل من أجل الحقيقة والتاريخ ولتوثيق جهاد أبناء العراق الأصلاء. أكتبها من واقع معاش فقد تشرفت بصفتي رئيسا لدائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية في وزارة الخارجية بالعمل تحت قيادة الوزير ناجي صبري في جهاده من أجل وطنه وأمته والإنسانية منذ إستلامه وزارة الخارجية في أواسط عام 2001 وحتى نجاحه في تجريد الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق من الشرعية الأممية.



عيّن الدكتور ناجي صبري وزيرا للدولة للشؤون الخارجية في نيسان 2001 ثم تولى حقيبة الخارجية في آب 2001. في تلك الفترة كان العراق يواجه تحديا حاسما بعد وصول بوش الابن الى السلطة وقيام اليمين الأمريكي المتحالف مع الصهيونية العالمية بإعداد الخطط لغزو العراق بهدف إسقاط حكومته الوطنية وإقامة حكومة عميله لها فيه. وكانت الولايات المتحدة تراهن لتحقيق هذا الهدف على ثلاثة أمور اساسية : الأمر الأول هو الحصارالشامل المفروض على العراق منذ السادس من آب 1990 والذي كان من بين آثاره إضعاف القدرات العسكرية العراقية ونضوب القدرات المالية واللوجستية التي تعطي القدرة على المطاولة في القتال، والثاني هو إستغلال أكبر عملية تزوير في التاريخ المعاصر قبل ان تتكشف الحقائق، ونقصد بذلك تمرير الغزو وسط حملة شيطنة العراق وقائده، والثالث، وهو الأهم، إستثمار رفض العراق عودة مفتشي الأسلحة الذين غادروه منذ 15/12/1998 والحصول من مجلس الأمن على قرار يدين إنتهاك العراق لإلتزاماته ويعيد إحياء التخويل الوارد في قرار مجلس الأمن 678 (1990) بإستخدام القوة ضد العراق.

وحال إستلامه لمهماته، وضع الوزير ناجي صبري خطة متعددة المسارات تقوم خلالها الدبلوماسية العراقية بالتصدي لهذا المخطط العدواني الأمريكي. وكانت أهم حلقة في تلك الخطة هي منع الولايات المتحدة من إستخدام الأمم المتحدة غطاء لعدوانها على العراق وذلك من خلال تنشيط التعاون مع الأمم المتحده عبرإستئناف أعمال التفتيش في العراق كخطوة أولى لتنفيذ التزامات الأمم المتحدة تجاه العراق بدءا برفع الحصار وإنهاء جميع الإجراءات القسرية الأخرى. وكانت تلك مهمة عسيرة تقف أمامها صعوبات جمّة داخلية وخارجية. الصعوبات الداخلية يقف على رأسها المزاج الرسمي والشعبي العراقي الذي يحمل مرارة تجربة التعامل مع فرق التفتيش التي كانت تستخدمها أمريكا لإنتهاك سيادة العراق وأمنه وكرامة شعبه وإدامة الحصار عليه. أما الصعوبات الخارجية فتتمثل بإنفراد الولايات المتحدة بزعامة النظام الدولي وإنكماش دور دول عدم الإنحياز والدول المتحررة بشكل عام لدرجة أن كثيرا منها أصبح يسبّح بحمد أمريكا ويشتم العراق وقيادته لإعتقاده أن ذلك خير جواز مرور الى قلب أمريكا!


وإعتمد الوزير ناجي صبري في إنجاز مهمته على دعم الرئيس صدام حسين له، وإستند إلى إيمانه الراسخ بأن الوقت قد حان لإن تأخذ الدبلوماسية العراقية زمام المبادرة في تصدّ إقتحامي لا يعتمد على ردود الأفعال، كما إستند الوزير على صفاته الشخصية من دبلوماسية هادئه وخبرة واسعة وصبر ومطاولة، وعلى فريق عمل مثابر في وزارة الخارجية وفي دائرة الرقابة الوطنية المعنية بالتعامل مع فرق التفتيش.
ووضع الوزير ناجي صبري خطة للتعامل المبدئي المرن مع ممثلي الأمم المتحدة في الملفات كافة : التعويضات، الحدود، حقوق الإنسان، المفقودين والممتلكات الكويتية، برنامج النفط مقابل الغذاء، والملف الأهم والأخطر هو ملف أسلحة الدمار الشامل المزعومة. وقد إقترنت تلك الخطة ببرنامج سياسي للإنفتاح على دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية، كفعل اساسي مطلوب لإحباط محاولات أمريكا فرض العزلة على العراق.

وبينما كانت الخطوات الأولى لهذه السياسة تعلن عن نفسها في الساحة الدولية حصل حدث خطير جعل مهمة الوزير ناجي صبري أكثر صعوبة، ونقصد بذلك هجمات الحادي عشر من ايلول 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك. هذه الهجمات جعلت امريكا تشعر، للمرة الثانية في تاريخها بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر، أنها ضحية عدوان خارجي غير مبرر وأن عليها الرد بقوة. وإذا كان من نتائج الهجوم على بيرل هاربر دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية وإستخدامها الأسلحة النووية لأول مرة في التاريخ، فإن أحداث الحادي عشر من أيلول أطلقت الهياج الجنوني لليمين الأمريكي بكل طاقته التدميرية. وبدأت أمريكا تضع الخطط للإنتقام ممن إعتبرته العقبة الكأداء الوحيدة أمام هيمنتها على العالم وهو نظام الحكم الوطني في العراق بقيادة الرئيس صدام حسين. وكان أول ما تحدث به بوش في إجتماع خلية الأزمة الذي عقد في البيت الأبيض يوم 12 ايلول 2001 هو كيف تعدّ أمريكا الخطط العملية لغزو العراق.

ومع أن أحداث الحادي عشر من أيلول جعلت مهمة الوزير ناجي صبري أكثر صعوبة وتعقيدا، لكنها، بالمقابل، زادت من عزيمته لمواجهة هذا التحدي. أتذكر إجتماعنا صبيحة يوم 12 أيلول 2001، وحديثه عن ضرورة إستباق النوايا العدوانية الأمريكية من خلال إرسال برقية تعزية الى الشعب الأمريكي بهذه الخسارة الفادحة وتذكير الإدارة الأمريكية بإن معركة الإنسانية ضد الإرهاب والتطرف واحدة وعليهم أن يستوعبوا هذا الدرس ويسعون للسلام مع الشعوب بدلا من العدوان عليها. وللأسف لم ينل هذا المقترح موافقة الأغلبية في القيادة، وكان للرافضين أسبابهم المنطقية في عدم الموافقة على توجيه هذه البرقية.


ورغم الأجواء المتوترة ونذر الحرب إستطاع الوزير ناجي صبري إقناع القيادة بضرورة تحريك ملفات علاقة العراق بالأمم المتحدة من أجل نزع غطاء الشرعية الزائف عن سياسات أمريكا العدوانية ضد العراق، وإستند في ذلك الى حقيقة أن الولايات المتحدة إستخدمت الأمم المتحدة غطاء لإرتكاب ابشع جرائم الحرب وجريمة العدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة ضد شعب العراق منذ عام 1990، وأنها إستطاعت الإفلات من المساءلة الدولية عن هذه الجرائم بالإدعاء أنها كانت تنفذ قرارات مجلس الأمن، والأنكى من ذلك أنها أجبرت كثيرا من دول العالم على دعمها عسكريا وماديا بإدعائها الدفاع عن (الشرعية الدولية) وعن (قيم العالم الحر).

وأعطى الوزير ناجي صبري الأولوية لملف نزع السلاح الذي كان مجمدا منذ عدوان (ثعلب الصحراء) في كانون الأول 1998. وكانت سياسة العراق في هذا الملف منذ ذلك التاريخ تقوم على مبدأ : (نقبل التفتيش إذا رفع الحصار ولكن لا نقبل التفتيش والحصار معا). وحاول الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في مطلع عام 2001 تحريك هذا الملف من خلال إجراء حوار مع العراق من أجل عودة المفتشين، ووافق العراق على الحوار وقدم الوزيرالأستاذ محمد سعيد الصحاف في جلسة الحوار مع الأمين العام يوم 26/2/2001 عرضا تفصيليا لجوانب تنفيذ العراق لإلتزاماته بموجب قرارات مجلس الأمن وعرضا لوقائع إيغال المجلس وبعض أعضائه الدائمين في ممارسة كل أنواع الظلم والعدوان ضد العراق، وطالب الأمم المتحدة بتنفيذ التزاماتها المقابلة من خلال رفع الحصار وإحترام سيادة العراق ووقف جميع أشكال التدخل في شؤونه الداخلية وكذلك تعويض العراق عمّا لحق به من أضرار.

وسعى ناجي صبري بعد إستيزاره لإستئناف الحوار بين العراق والأمانة العامة للأمم المتحدةمعتمدا مقاربة أكثر مرونة وواقعية يصعب على الامانة العامة رفضها، وعقد ثلاث جولات بعدة جلسات لكل منها : في نيويورك في 7/3/2002 وفي 1-3/5/2002 ثم في فيينا في 4/7/2002. تقول المقاربة الجديدة : العراق لا يعترض على تنفيذ إلتزاماته المتبقية في قرارات مجلس الأمن وذلك ضمن أطار الإتفاق على أرضية مشتركة تجمع العراق والامم المتحدة لتنفيذ جميع متطلبات هذه القرارات فيقوم العراق بتنفيذ ماعليه ويقوم مجلس الأمن بتنفيذ ما عليه من التزامات في مقدمتها البدء بتخفيف الحصار باتجاه رفعه كليا واحترام سيادة العراق واستقلاله ووحدة وحرمة اراضيه. وقد شجّع هذا الموقف المرن الامين العام على مواصلة الحوار مما وفر وقتا كافيا للفريق الدبلوماسي والفني العراقي لسبر اغوار موقف لجنة التفتيش (انموفيك) والوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد إنقطاع دام حوالي أربع سنوات وللتعرف عن كثب على ادق تفاصيل ما تسجلانه على العراق من نقاط معلقة وما يقف وراءها وما تطلباه من العراق وسبل معالجته. وأعطى ذلك للفريق الدبلوماسي والفني العراقي ميزة وفائدة كبيرة ساعدته على اسقاط الذرائع وغلق الثغرات وسرعة التعامل الحاسم مع فريق التفتيش عندما بدأ مهمته في العراق من جديد يوم 27/11/2002.

وكان الوزير ناجي صبري في هذه الأثناء يواصل خطوات تنشيط التعاون مع الأمم المتحدة في بقية الملفات وبالذات في ملف إعادة الإرشيف الكويتي والبحث عن المفقودين وتجاوز الصعوبات في تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء.


لكن الحوار مع الأمين العام وصل الى نقطة إنعدام المردودات في نهاية جولة فيينا في 4/7/2002 بعد أن أعلن الأمين العام عن فشله في الحصول على أجوبة من مجلس الأمن على أغلب أسئلة الوزير ناجي صبري التسعة عشر التي قدمها في جولة الحوار الأولى المعقودة في 7/3/2002 والتي طلب فيها ضمانات بشأن حيادية ومهنية المفتشين وبشأن التزام مجلس الأمن بتعهداته المقابلة برفع الحصار واحترام أعضاء المجلس، وخصوصا العضوين الدائمين الولايات المتحدة وبريطانيا، لسيادة العراق ووحدة أراضيه وانهاء منطقتي حظر الطيران غير الشرعيتين. ومن بين الأسئلة التسعة عشر كان السؤال     الأكثر إستقراء لما سيحصل في الأشهر التالية ولم يجب عليه الأمين العام ولا مجلس الأمن هو : (كيف يمكن تطبيع العلاقة بين العراق ومجلس الامن فى ظل السياسة الامريكية المعلنة الحالية التى تسعى الى غزو العراق وتغيير نظامه السياسى الوطنى بالقوة، وهل تضمن الامم المتحدة ان لا تقوم الولايات المتحدة بالعدوان على العراق فى اثناء استمرار عمليات التفتيش). ولقد كان عرض هذه الأسئلة المشروعة والمخاوف التي ثبت صحتها أمام الأمين العام أحد الأسباب التي دعته لإعلان موقفه الصريح بأن الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.

وبالمقابل، كان الامين العام يريد وعدا من العراق بالنظر في عودة المفتشين الى العراق لكي يقف بوجه الضغوط الاميركية ويواصل المفاوضات مع العراق، لكن القيادة العراقية لم تكن قد وصلت الى القناعة بعودة المفتشين، لذلك لم يعلن الامين العام عن انتهاء المفاوضات لكنه لم يتفق مع الوزير على موعد جديد مما يعني انه لن تكون هناك جولة رابعة.
وجاءت سفرة الوزير ناجي صبري الى موسكو ثم الى الأمم المتحدة في ايلول 2002 لتضع النقاط على الحروف. وخلال محادثاته مع الوزير إيفانوف في موسكو أخذ تعهدا من القيادة الروسية بعدم السماح بتمرير أي قرار من مجلس الأمن يخول الولايات المتحدة إستخدام القوة ضد العراق إذا تعاون العراق مع فرق التفتيش. ومن موسكو إنطلق الى نيويورك. وحال وصوله إليها بدأ إجتماعات مكثفة مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وحركة عدم الإنحياز والمجموعة العربية والدول المعنية الأخرى، وكان يعرض عليهم الحقائق فيما يتعلق بتنفيذ العراق لإلتزاماته بموجب قرارات مجلس الأمن ويطلب منهم ممارسة نفوذهم لحمل مجلس الأمن على التعامل مع العراق بعدل وإنصاف وعلى أساس تنفيذ الإلتزامات المتقابلة للطرفين.


وفي نيويورك وصلته معلومات مؤكدة بأن وزير الخارجية الاميركي كولن باول ومجموعة من المستشارين الاميركيين والبريطانيين قد بدأوا العمل في صياغة مشروع قرار جديد تنوي الولايات المتحدة وبريطانيا تقديمه الى مجلس الأمن حول موضوع التفتيش يقدم للعراق إنذارا شديدا ومهينا ويفرض عليه مهلا زمنية قصيرة وشروطا يصعب قبولها وذلك لإجازة الحرب على العراق بدون الرجوع ثانية لمجلس الامن مما يضفي الشرعية الدولية تلقائيا على مخطط الغزو الاميركي البريطاني، فأبرق من نيويورك الى الرئيس صدام حسين طالبا موافقته على اعادة المفتشين بدون ابطاء لقطع الطريق على المسعى الاميركي البريطاني. وقد إقتنع الرئيس صدام حسين برأي الوزير ناجي صبري ووافق على طلبه السريع، فباشر الوزير بلقاءات مكثفة مع الأمين العام للأمم المتحدة بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية للإتفاق على صيغة لعودة المفتشين في اطار السعي لضمان الاستجابة لمطالب العراق المشروعة، وأعد رسالة بهذا المعنى وجهها الى الأمين العام مساء يوم 16/9/2002 تعلن سماح العراق بعودة المفتشين كخطوة اولى نحو حل شامل يتضمن رفع الحصار الشامل عن العراق وإحترام أمنه الوطني وتنفيذ بقية متطلبات قرارات مجلس الأمن. وقام الأمين العام بإبلاغ الإعلام بهذه الرسالة ونقل نصها الى مجلس الأمن. وكانت تلك الرسالة نقطة تحول كبرى لإجهاض مخطط أمريكا لغزو العراق تحت غطاء (الشرعية الدولية)، خاصة وأنها أتت بعد أربعة أيام من كلمة بوش في الأمم المتحدة التي أعلن فيها تفاصيل المشروع الأمريكي لتغيير النظام السياسي في العراق.

وقد شرحت صحيفة غرين ليفت (اليسار الأخضر) الاسترالية في مقال تحليلي مفصل يوم 25/9/2002 ابعاد قرار العراق عودة المفتشين وتأثيره البالغ في احباط الاستعدادت الامريكية البريطانية لاصدار قرار يجيز الحرب على العراق باسم الامم المتحدة قائلة : (ان قرار العراق المفاجأة بقبول عودة مفتشي الامم المتحدة كان آخر ما يريده الرئيس الاميركي جورج بوش. فقد جرد القرار ادارته من ذريعة اساسية للمشروع الاميركي لغزو العراق، و شتت التحرك العراقي جهد واشنطن لإلباس الهجوم الذي تهدد بشنه على العراق بلبوس تحرك متعدد الاطراف (اي حرب باسم الامم المتحدة). وقالت الصحيفة إن مشروع القرار الامريكي البريطاني قد صيغ على نحو مقصود لاستفزاز العراق ودفعه لرفض مطالب المجلس مما يتيح المجال للولايات المتحدة وبريطانيا شن الحرب باسم الامم المتحدة على العراق، حيث كان يتضمن شروطا شديدة الاذلال للعراق والانتهاك لسيادته الوطنية وعلى نحو يستحيل قبوله من جانب الحكومة العراقية.
وقد زلزل التحرك الدبلوماسي العراقي السريع والفعال أركان الإدارة الأمريكية، فرفض البيت الابيض قرار العراق بالسماح بعودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة وشنّ هجوما على الوزير ناجي صبري واتهمه بالكذب والخداع والتزوير. واعلن جورج بوش نفسه رفضه للقرار. واصدر السكرتير الصحفي للبيت الأبيض بيانا قال فيه ان إعلان الوزير ناجي صبري عن قبول عودة مفتشي الامم المتحدة بدون شروط هو خدعة، وإنه يعني في الحقيقة أن العراق سيضع عراقيل في وجه المفتشين ويفرض عليهم شروطه، وانه محاولة للالتفاف على قرارت مجلس الامن. 


وفي يوم 19/9/2002 ألقى الوزير ناجي صبري كلمة العراق امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وتحدث فيها عن اتفاقه مع الامين العام على اعادة المفتشين في اطار السعي لتنفيذ العراق والامم المتحدة التزاماتهما التي تضمن للعراق احترام سيادته وامنه الوطني واستقلاله وحرمة اراضيه وترفع عن شعبه الحصار الظالم. ونقل في كلمته رسالة من الرئيس صدام حسين تضمنت عرضا لجوانب الازمة في علاقة الامم المتحدة بالعراق نتيجة هيمنة الولايات المتحدة على مجلس الامن، وأوضح اسباب إستهداف أمريكا للعراق قائلا (تريد الولايات المتحدة أن تدمر العراق من أجل أن تسيطر على نفط الشرق الأوسط وبالتالي تسيطر على سياسة العالم كله) وأعلن الرئيس صدام حسين عدم إمتلاك العراق أسلحة محظورة بقوله (ها أنا ذا أعلن أمامكم أن العراق خال تماما من جميع الأسلحة النووية والكيمياوية والبايولوجية، وإذا كان أحد بينكم لا يزال يشعر بالقلق من إحتمال أن تكون الإختلاقات التي يعلنها المسؤولون الأمريكيون عن العراق صحيحة، فبلدنا على إستعداد لإستقبال من تختارونهم لتمثيل أي من بلدانكم من الخبراء العلميين ومن يصحبهم من السياسيين ليخبرونا بالأماكن والمنشآت العلمية والصناعية التي يرغبون في رؤيتها، ولاسيما تلك التي إختلق المسؤولون الأمريكيون القصص الكاذبة عنها).

وبعد الخطاب رد الناطق باسم البيت الابيض اري فلايشر بتصريح غاضب قال فيه: (إن قول العراق انه لايملك اسلحة نووية او كيمياوية او جرثومية هو كلام كاذب برمته). وظهرت في اليوم التالي صحيفة (نيويورك بوست) مخصصة صحفتها الأولى لصورة كبيرة للوزير ناجي صبري وقد إمتدّ أنفه تشبيها له بالطفل الكذاب بينوكيو في قصة الروائي الإيطالي كونومري، وتحت الصورة كتبت ثلاث كلمات بالخط العريض هي (كذاب.. كذّاب.. كذاب). وتوالت الحملات، ولا زالت، على الوزير ناجي صبري لإنه بزيارته هذه الى نيويورك أصاب من الأدارة الأمريكية مقتلا.

والجدير بالذكر أن الأمريكان حاولوا إجهاض مهمة الوزير ناجي صبري في نيويورك بوسائل عديدة منها إستفزازه في مطار موسكو من قبل رجال الأمن الأمريكان الذين يفتشون الركاب والحقائب المتجهة الى أمريكا ومنها إحاطة الوفد العراقي في نيويورك بعدد هائل من رجال المخابرات الأمريكية يتربصون بهم ويستفزوهم ويغرونهم بالعمالة، ومنها إرسالهم وزير خارجية إحدى الدول ليسدي النصيحة للوزير ناجي صبري بقوله (لا توافقوا على عودة المفتشين بدون ثمن، والأفضل أن تصعدوا الأزمة حتى تحصلوا على ثمن مقابل عودة المفتشين)، وكان الوزير ناجي صبري يستمع اليه ويضحك في سرّه فقد كانت اللعبة الأمريكية مكشوفة أمامه : إنهم يدفعون العراق للتزمّت ليسهل لهم تنفيذ مآربهم العدوانية.

وخلال سفرة نيويورك، ومن أجل إلقاء الحجة على الجميع، وجه الدكتور ناجي صبري أن نلتقي أنا واللواء المهندس حسام محمد أمين مع مندوب بريطانيا الدائم في الأمم المتحدة السير جيريمي غرينستوك. وعقد اللقاء في مقر البعثة البريطانية في الأمم المتحدة يوم 20/9/2002 وفيه نقل لنا السفير غرينستوك تعليمات بلير وجوهرها إن بريطانيا ترحب بقرار العراق عودة المفتشين وتريد منه تعاونا كاملا معهم وأنها لا تريد غير نزع أسلحة العراق المحظورة وتعارض سياسة (تغيير النظام) الأمريكية وتسعى لإقناع أمريكا بالتخلي عن هذه السياسة. (إتضح فيما بعد أن بلير كان يكذب حتى على سفرائه فلقد كان قد إتفق مع بوش قبل هذا التاريخ على سياسة تغيير النظام في العراق كما كشفت ذلك شهادات لجنة تشيلكوت).

وبعد عودته من نيويورك عمل الوزير ناجي صبري على تهيئة مستلزمات عودة المفتشين وإتفق يوم 1/10/2002 مع لجنة (الأنموفيك) والوكالة الدولية للطاقة الذرية على ترتيبات عودة المفتشين، وكان في هذه الأثناء يواصل خطوات نشيط التعاون مع الأمم المتحدة في بقية الملفات وبالذات في ملف إعادة الإرشيف الكويتي والبحث عن المفقودين وتجاوز الصعوبات في تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء.

وما أن شعر الأمريكان أن مخططهم لغزو العراق تحت غطاء الأمم المتحدة أصبح مهددا، حتى أعلنوا أن عودة المفتشين يجب أن يسبقها قرار من مجلس الأمن يضع شروطا إضافية على العراق، وقدموا مشروع قرار الى مجلس الأمن تضمن صلاحيات تدخّلية هائلة للمفتشين ومطالب تعجيزية من العراق كما تضمن فقرة تقول إن عدم تعاون من العراق مع المفتشين أو إغفاله تقديم بيانات كاملة وشاملة ودقيقة ووافيه أو إمتناعه عن الإمتثال لمطالب المفتشين سوف يؤدي الى الإطلاق الآلي للتخويل الوارد في القرار 678 (1990) بإستخدام القوة ضد العراق. وهنا بدات معركة دبلوماسية كبرى قادها الوزير ناجي صبري بإقتدار، فقد كثف اتصالاته بنظرائه الروسي والفرنسي والصيني وببقية أعضاء مجلس الأمن من خلال سفرائهم في بغداد لتنبيههم الى أن مشروع القرار هذا هدفه إعطاء أمريكا صكا دوليا على بياض لغزو العراق تحت أية ذريعة مهما كانت متهافتة، مثل إهمال تقديم معلومة أو إدعاء مفتش أن الجانب العراقي منعه من أداء مهماته. وإستمرت هذه الإتصالات والمشاورات لإسابيع نجح العراق في نهايتها في أن يصدر القرار 1441 في 8/11/2002 بدون (الآلية التلقائية لإستخدام القوة) وبتخفيف بعض الإجراءات والشروط التعسفية المطلوبة من العراق رغم أن الكثير منها بقي في نص القرار مثل الإدعاء بعدم تعاون العراق في السابق ومنح المفتشين صلاحيات تدخليه واسعة وإجراءات تعجيزية على العراق تنفيذها من بينها ما يسمى بإثبات النفي، اي إثبات عدم حيازته على أسلحة وبرامج محظورة.

وبعد صدور القرار بدأت أمريكا تخطط لخلق مشاكل في التنفيذ تقود إلى إقرار مجلس الأمن بعدم تعاون العراق وبما يقود الى إصدار قرار جديد باستخدام القوة. وهنا بدات معركة جديدة، وعمل الوزير ناجي صبري بالتعاون مع الفريق عامر السعدي واللواء حسام محمد أمين على الإستجابة السريعة لمتطلبات القرار 1441 وفي مقدمتها تقديم التقرير الشامل والنهائي عن برامج العراق السابقة خلال أقل من شهر، وإستقبل الوزير ناجي صبري رئيسا لجنة التفتيش (أنموفيك) والوكالة الدولية للطاقة الذرية (بليكس والبرادعي) في بغداد يوم 18/11/2002 وكان جوهر حديثه معهما أن يعملا بمهنية وإستقلالية بعيدا عن الأجندة الأمريكية وأن لا يتعسفا في تفسير صلاحيتهما بموجب القرار 1441 ووعدهما بإن يقدم الجانب العراقي كل التعاون الممكن لإنجاز مهمتهما. وبدأ المفتشون أعمالهم في العراق يوم 27/11/2002، وفي يوم 7/12/2002 قدّم العراق التقرير الشامل والنهائي المتضمن جميع ما يتعلق ببرامجه السابقه وبأكثر من عشرين الف صفحة. وواصل الوزير ناجي صبري الإشراف اليومي على العلاقة مع الأنمونيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية وإستقبل البرادعي وبليكس في زيارتين تاليتين في 19-20 كانون الثاني 2003 وفي 8 - 9 شباط 2003. وقد أثمرت هذه الجهود المترافقة مع جهود الفنيين العراقيين بإشراف الفريق عامر السعدي واللواء حسام محمد أمين عن تجاوز عقبات ومشاكل كثيرة. ورغم خضوع بليكس والبرادعي لإملاءات أمريكا وسعيهما للتقليل من قيمة إعلانات العراق ومن تعاون الجانب العراقي معهما ورفضهما إقرار حقيقة خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل ومعداتها، إلاّ أنهما لم يستطيعا في النهاية إخفاء حقيقة أن مسحهم الميداني للعراق من شماله الى جنوبه وبأحدث أجهزة الكشف لم يستطع أن يقدم دليلا واحدا على وجود أسلحة أو برامج محظورة وأن الجانب العراقي لم يضع عراقيل أمام مفتشيهم.

وقد تزامن التعاون الكامل مع فرق التفتيش مع تعاون كامل مع جميع أجهزة الأمم المتحدة الأخرى. ففي مجال حقوق الإنسان وجهت الخارجية العراقية الدعوة الى مقرر حقوق الإنسان الخاص بالعراق السيد مافروماتيس لزيارة بغداد وأجرت معه حوارا معمقا وأطلعته على وضع حقوق الإنسان في العراق وكيف أن الحصار هو الإنتهاك الحقيقي لحقوق الإنسان في العراق، وقدم مافروماتيس تقريرا الى الأمم المتحدة طالب فيه أن تكون إنتهاكات الحصار لحقوق الإنسان ضمن ولايته، وكان ذلك إنتصارا كبيرا للعراق. كما جرى تنشيط التعاون مع رئيس لجنة المفقودين والممتلكات الكويتية السيد فورنتسوف وجرى الإتفاق معه على مجموعة إجراءات لإحراز التقدم في هذا الملف وإنعكس هذا التعاون في تقاريره الى مجلس الأمن. وكثفت الخارجية من تعاونها مع الصليب الأحمر حول موضوع المفقودين العراقيين والكويتيين، كذلك جرى تعزيز التعاون مع فريق مراقبي الأمم المتحدة بين العراق والكويت (اليونيكوم) وأشاد الفريق بتعاون العراق وأكّد في تقاريره أن الخرق الوحيد للمنطقة منزوعة السلاح يأتي من جهة الكويت من خلال طائرات مجهولة الهوية تخرق أجواء العراق يوميا (المقصود طلعات الطائرات الأمريكية والبريطانية ضمن منطقة حظر الطيران غير الشرعية)، ونفس التعاون أبداه العراق مع ممثلي برنامج النفط والغذاء ومع لجنة التعويضات، وهذا جعل من الصعب على الولايات المتحدة إدعاء نقيض هذا التعاون الجلي.

وترافق هذا التعاون مع الأمم المتحدة مع سياسة الإنفتاح التي عمل عليها الوزير ناجي صبري مع الدول العربية ودول المنطقة وبقية دول العالم لوضع زمام المبادرة بيد الدبلوماسية العراقية. وأعطى لتطوير العلاقة مع الدول العربية إهتماما كبيرا، وسعى للتواصل مع الأشقاء العرب وتقديم المعلومات والوقائع لهم لمواجهة الحملة السياسية والدبلوماسية الأمريكية الظالمة، وزار العديد من البلدان العربية واستطاع تحقيق خرق دبلوماسي تمثل بزيارة نائب رئيس الجمهورية السيد عزت الدوري لعدد من دول الخليج، وهي أول زيارة على هذا المستوى لدول الخليج منذ عام 1990، كما ساهم في تضمين البيانات الوزارية والرئاسية العربية مواقف تدعم العراق في معركته العادلة، ومن بين ذلك إعلان قمة بيروت (2002)الذي حسم موقف القمة العربية الى جانب العراق في مواجهة التهديدات الاميركية، وكانت آخر إنجازاته المشاركة في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ بعد أربعة ايام من الغزو الأمريكي للعراق ونجاحه في أن يصدر المؤتمر أقوى إدانه لهذا الغزو واعتبره عدوانا وانتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ولمباديء القانون الدولي وخروجا على الشرعية الدولية وتهديدا للسلم والأمن الدوليين وتحديا للمجتمع الدولي وللرأي العام العالمي. لقد حرم هذا التحرك الولايات المتحدة من التأييد العربي الرسمي الذي كانت تعول عليه، وفشلت امريكا في تحقيق ولو عشر معشار ما استطاعت تحقيقه عام 1990.

أما على المستوى الإقليمي والدولي، فكانت الدبلوماسية العراقية في قمة نشاطها وتواصلت زيارات الوزير ناجي صبري الى عواصم عديدة : من طهران الى بكين الى مقر الإتحاد الأوربي في بروكسل، وأثمرت عن تحقيق إنفراج في علاقات العراق الخارجية وكسر العزلة الدولية التي كانت الولايات المتحدة تسعى لتشديدها على العراق.

وإزاء هذه الإنتصارات التي حققتها الدبلوماسية العراقية إضطرت امريكا إلى التخلي عن البحث عن غطاء أممي لغزوها، وكشفت عن اهدافها العدوانية وطلبت من جميع موظفي الأمم المتحدة في العراق، بضمنهم فرق التفتيش وفريق مراقبة المنطقة منزوعة السلاح بين العراق والكويت، مغادرة العراق وغادروه يوم 18/3/2003 وبدات غزوها للعراق بعد ذلك بيومين في عدوان صريح وإنتهاك فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

لقد نجحت الخارجية العراقية بقيادة الوزير ناجي صبري في منع الولايات المتحدة من إستخدام مجلس الأمن غطاء يعطي الشرعية لغزوها وإحتلالها للعراق، وكانت تلك الخطوة الأولى الأساسية والقاعدة التي إستندت عليها المقاومة العراقية في جهادها لهزيمة المحتل الأمريكي في العراق وهزيمة مشروعه في المنطقة وهزيمة نظام القطب الواحد برمّته.

لقد حلّ الوزير ناجي صبري عقدة مستعصية كانت تعاني منها الدبلوماسية العراقية. عقدة سببها مزيج من مبدأية مثالية وإيمان بالحق المطلق وخشية من ثلم العزة والكرامة وشجاعة تقترب أحيانا من التهور ونزعة مفرطة في قبول التحديات ايا كان مصدرها ومكانها وشكلها وزمانها.
لقد إستخدم الأمريكان وغيرهم هذه العقدة أو الثغرة في عمل العراق السياسي والدبلوماسي سنين طويلة للإيقاع بالعراق، لذا لا نستغرب أن يبلغ حقد الأمريكان على الوزير ناجي صبري مداه لإنه تجاوز العقدة وفهم اللعبة وإنتصر بدبلوماسيته المبنية على الحق والصراحة والإقتحام المدروس على الدبلوماسية الأمريكية العدوانية الغاشمة.
للوزير ناجي صبري كل الحق أن يفخر بحصته الكبيرة في هزيمة أمريكا ونظامها الدولي وإنهيار إمبراطوريتها وغروب قرنها الحادي العشرين قبل بزوغه، وعليه أن يتوقع من أمريكا وعملاء أمريكا المزيد من إستهدافه والسعي لتشويه صورته.
والله المستعان على الظالمين.




الاثنين، ديسمبر 20، 2010

يوم احتلال عاصمة الرشيد




Friday, 24 April 2009 21:42
  هديل الحليسي

   حظر التجوال، اشتباكات في شوارع المدينة، اطلاق نيران متقطع كلمات لم يعهدها العراقيون قبل خمس سنوات من اليوم...حين كانت بغداد عاصمة واحدة لوطن واحد وشعب واحد لم تنهشه الطائفية المزعومة والاحتلال المتزايد منذ خمس سنوات.
     يشهد العالم اليوم تظاهرات واعتصامات خفية ربما وصريحة ايضا...كل العالم يسمح له بالاحتجاج ضد احتلال واستغلال وقتل يومي الا العاصمة العراقية وذلك بعد ان فرضت (الحكومة الموقرة) قرار حظر التجول بالتزامن مع الذكرى الخامسة لدخول الدبابات الامريكية، وسقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين 0(او سقوط بغداد) ان صح التعبير.
         لا استطيع انا من ولدت وعشت دهرا هناك، كما لا يتصور اي عربي قومي بغداد من دون قائدها وموحدها،،، فلم نشهد يوما تلك الفرقة، لا اصدق فعلا ان من يعاني الجوع الان بعد (التحرير الامريكي-العراقي) هو الطفل العراقي،،والشعب باكمله لا يجد دواء او حياة او امانا،،وهو من كان ينعم يوما بالامن والغذاء والكهرباء و الماء والخدمات الطبية المجانية حتى بعد الحرب الاولى على العراق في التسعينيات من القرن الماضي مباشرة، فقد تم توصيل الخدمات الرئيسية للسكان في فترة قياسية ولكل انحاء العراق. لا اصدق ان من يذل بشكل يومي هو الشعب العراقي الذي طالما رفع راسه شامخا حين كان بقيادة قائده الذي (ما وطى الهامة) حتى لحبل الاعدام.
       لن انس ما حييت ذلك اليوم وصورة (العراقي البطل) الذي خرج بمعوله يحاول تحطيم النصب الماثل في ساحة الفردوس بمساعدة امريكية....يومها بكيت وبكيت كما كل العيون العربية الشريفة.....تمنيت لو كان هذا كابوسا اصحو منه لاعود الى الواقع..ولكنني وجدت انه الواقع وانني ان اردت رؤية الصورة الحالمة التي كانت يوما،،،،لا بد ان الجا الى السبات.....
       اليوم اسألك يا فيروز يا من تغنيت بمسقط رأسي،،،، بغداد...والشعراء والصور،،،ذهب الزمان وضوعه العطر،،يا الف ليلة..عسا ليلة من لياليك تعود،،،اين هي بغداد....
         يا بغداد ....يا ايتها الباكية الجريحة...من لكِ وبعض اهلك قد هجروا حتى رموزك التاريخية؟ ابو جعفر المنصور ما عاد له نصب يذكر به،،،شهرزاد التي كانت تصب الزيت على اللصوص نفذ زيتها واغتصب اللصوص كل ما لديها حتى الجرار الفارغة....البيت والارض والمسكَوف...ابو نؤاس وليالي بغداد الدافئة العذبة...يا لدجلة الغالي....تلون بالحبر من قرون خلت واليوم صار محمرا....بغداد قسمت الى الف بغداد....والرصافة والكرخ لم تعد التقسيم الاداري الوحيد. عمر وعلي ما عادا يلتقيان...وجرجس هاجر الى غير رجعة...
            ساحة الفردوس اضحت قطعة من جهنم كما هي معظم ارجاء العراق وبغداد تحديدا...لم اعد اعرف تلك المدينة التي ولدت وكبرت فيها...فلم يكن هذا الزي العسكري الغربي مزروعا في شوارع بغداد...وما ادراك ما بغداد،،، كانت بوابة عنيدة لم يجرؤ احد على اقتحامها...وباتت مشروعا مشاعا يتقاسمه ويتطاول عليه كل من اشتهاه يوما،،،فتركيا وايران وامريكا وبريطانيا تعيث فسادا في دار السلام ليسجل العراق رقما قياسيا في نسب الفساد المستشري. علماء واطباء ومخلصين لكِ رحلوا اما الى سكن آمن تحت ترابك الذهبي او خارج اسوار السجن الكبير فيكِ....
       الاعظمية التي اضحت ابرز مواطن السنة ما تزال تذكر آخر كلمات قالها الرئيس الراحل لها " أعد شعب الاعظمية باقامة نصب ذهبية بعد هزيمة الامريكيين"...ومناطق اخرى صارت حكرا على الشيعة...
       لا اصدق ما جرى ويرفض عقلي ان يصدق....واميل الى قول انك ستصدق يا صدام باذن الله،،، فبلد كالعراق ومدينة عريقة كبغداد لن تستكين بالمقاومة التي لن تموت مهما بذل المحتل ونائبه من الحكومة العراقية من محاولات....اطمئني يا بغداد وعدي العدة لهم....فما الليل الا مرحلة يطلع الفجر بعدها،،،وان طال الزمان.. احبك يا بغداد واعلن عشقي واكباري بمدادي لتاريخك العريق وقائدك الشهيد...احبك يا بغداد.
هديل الحليسي



الأحد، ديسمبر 19، 2010

مرة أخرى الاجحاف في فرض التعويضات على العراق



بتارخ 27 تموز| يوليو 2003 نشرنا في هذا الموقع مقالا بعنوان ( الاجحاف في فرض التعويضات على العراق) ( نشر المقال في جريدة القدس العربي بتاريخ 30\7\2003) .بينا فيه الحقائق الكاملة عن الاجحاف الذي لحق بالعراق جراء فرض القرارات الظالمة وغير المنصفة عليه.كما بينا الاسس التي اعتمدها مجلس الامن التي عالجت مسألة التعويضات في القرارات 674 (1991) و 686 (1991) و 687 (1991). ان القاسم المشترك بين هذه القرارات الثلاثة هو أن مبدأ التعويض يجب ان ينفذ بموجب القانون الدولي. وقد قبل العراق ( في  حينه ) مبدأ التعويض بتلك الصيغة للظروف الدولية المعروفة ومحاولة منه لتخفيف آثار الحصار الجائر الذي كان مفروضا عليه. وبما أن قواعد القانون الدولي كان مقرراً أن تكون هي الأساس للتعويض، فأن العراق كان يأمل في أن تصبح آلية تنفيذ هذا المبدأ مستندة الى نفس القواعد.

أوصى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 30/مايس/1991، بمذكرة رفعها لمجلس الامن،( بأستقطاع النسبة الاعلى) ومقدارها 30% من صادرات النفط والغاز والمنتجات النفطية العراقية وصادق مجلس الامن على تلك التوصية بالقرار 705 (1991).
ان الطريقة التي تبناها مجلس الامن لا سابق لها في القانون الدولي، وهي تخالف ممارسات التسوية الطبيعية المتبعة عادة بعد وقف الحرب وأساليب حسم المطالبات المتبعة من قبل الدول ذات السيادة. والتي ينبغي ان تستند الى المبدأ الأساسي للمساواة بين سيادة الدول.
وهناك اعتراضات جوهرية على طريقة تأسيس لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، وخصائص إجراءاتها والقواعد والمبادئ الأساسية التي كانت تطبقها. ان المشكلة الرئيسية
كانت تكمن في حقيقة أن مجلس الأمن كهيئة سياسية،  قد تولى، ولو بدعم من عدد كبير من الدول ذات المصلحة بالتعويض، الوظيفة القضائية باستبدال الصيغ الطبيعية لتسوية النزاعات الدولية بعملية إدارية وسياسية (يسيطر عليها هو) إضافة الى الوظيفة التشريعية باستبدال المعايير التقليدية لمسؤولية الدولة في القانون الدولي ببعض القواعد المختلفة التي تطبقها لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة. ان مجلس الأمن ليس لديه أي سلطة بموجب الفصل السابع من الميثاق لأن يفعل ذلك. ومع ذلك مارس المجلس صلاحيات من غير اختصاصها.
ان نظام التعويضات كان يستند الى اسس سياسية بشكل واضح، وليس الى اعتبارات قانونية ومعالجة واجبة للقانون الذي تتطلبه العدالة الطبيعية.
لقد كانت الولايات المتحدة القوة الدافعة الرئيسية وراء إنشاء النظام موضوع البحث بكامله.
وفي الحقيقة ان العراق لم يفوت أي فرصة لأعلان اعتراضه على نظام التعويضات المفروض عليه سواء أمام لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
أن ما أشرنا اليه في أعلاه لا يمثل معايير القانون الدولي لمعالجة مسؤولية الدولة وانما نابع من حقد سياسي دفين ضد العراق وشعبه. فان نظام لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة كان برمته نظام سياسي مجحف فرض على العراق، لقد أريد لهذا النظام أن يكون عقوبة انتقامية فرضها على العراق الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا همها، بقصد تكبيليه وتدمير أقتصاده الوطني. والان بعد ان أحتلتا العراق بحججهم الواهية وأباطيلهم الخادعة وتكرارهم معزوفة أعادة أعمار العراق. فهل تعملان الان جديا على ألغاء هذا القرار الجائر لأستثمار عوائد نفط العراق في أعماره ما دمره الامريكان والبريطانيين خلال الحصار الجائر وغزوهم الغاشم عام 2003.
في خريف عام 2000 ، طرحت ثلاث مسائل على بساط البحث في مداولات المجلس، أي تخفيض نسبة الاقتطاع البالغة (30%) من قيمة مبيعات النفط بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء، والطيران المدني من والى العراق، ومراجعة سياقات عمل لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة. أجرى الأعضاء الخمسة الدائميون في مجلس الأمن مشاورات حول هــذه المسائل ، وفـــي 26/ ايلول/ 2000 توصلوا الى صفقة شاملة تتضمن اتفاقاً على قرار باتفاق الاراء. وقد تمت المصادقة على هذه الصفقة الشاملة من قبل المجلس في 27 /ايلول /2000،.وقد تم خفض النسبة الى 25% بموجب قرار مجلس الامن 1330 في 5\12\2000 وبعد الاحتلال الامريكي للعراق خفضت النسبة الى 5% بموجب قرار مجلس الامن 1483 (2003).
اعتمد مجلس الامن بتاريخ 15\12\2010  ثلاثة قرارات هي 1956 و1957 و1958 , والتي أعتمدت ايضا بموجب الفصل السابع من الميثاق. وما يهمنا في هذا المقال هو القرار 1956 لعلاقته بموضوع التعويضات.
 يقرر القرار في فقرته العاملة (3) على ان يتوقف بعد تاريخ 20 حزيران\ يونية 2011 تطبيق مقتضيات الفقرة 20 من قرار مجلس الامن 1483 (2003) التي تنص على أن تودع جميع العائدات الاتية من صادرات العراق من النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق تنمية العراق، يعني تسلم المبالغ المتاتية مت تلك الصادرات الى الحكومة العملية  في بغداد، ويؤكد القرار استمرار تطبيق الفقرة 21 من القرار المذكور التي تنص على أن تودع نسبة 5 بالمائة من العائدات الاتية من مبيعات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق التعويضات المنشأ وفقا للقرار 687 (1991) والقرارات اللاحقة ذات الصلة ويقرر كذلك أن تودع في صندوق التعويضات نسبة 5 بالمائة من قيمة جميع المدفوعات غير النقدية للنفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسددة الى مقدمي الخدمات وأن تكون المتطلبات المذكورة اعلاه ملزمة لحكومة العراق مالم تقرر حكومة العراق ومجلس ادارة صندوق الامم المتحدة للتعويضات خلاف ذلك في اطار ممارستها لسلطتهما على طريق كفالة تسديد المدفوعات في صندوق التعويضات.
وفي الفقرة العاملة السادسة يطلب القرار الى الامين العام أن يقدم الى المجلس تقارير خطية على أساس متواصل كل ستة أشهر عن صندوق الامم المتحدة للتعويضات يتضمن تقييما لمدى تواصل الامتثال لأحكام الفقرة (21) من القرار 1483 (2003) على أن يقدم التقرير الاول في موعد لايتجاوز 1 كانون الثاني\ يناير 2012.
قبل أن نناقش النتائج المترتبة على هذا القرار ونفضح من يدعون الحرص على مصالح العراق وشعبه.
نود أن نبين ان صندوق التعويضات قد أقرت، ظلما وعدوانا مبلغ بحدود (56) مليار دولار مستحقة الدفع. دفع العراق من هذا المبلغ منذ عام 1996 ( تاريخ دخول مذكرة التفاهم، برنامج النفط مقلبل الغذاء مرحلة التنفيذ) ولغاية منتصف العام 2009 مبلغا قدره 30.7 ( ثلاثون مليارا وسبعمائة مليون دولار) منها 27.62 ( سبعة وعشرون مليار وستمائة وعشرون مليون دولار للكويت وحدها) وذلك حسب تصريح حسين الشهرستاني، وزير النفط في حكومة العملاء الذي ادلى به لراديو سوا الامريكية بتاريخ 6\5\2009.
وفي التصريح اعلاه قال الشهرستاني بان بغداد ستطالب بتخفيض نسبة الاستقطاعات لاغراض التعويضات الى 2.5 بالمئة.
السؤال هنا لماذا لم تطالب حكومة العملاء مجلس الامن بتخفيض النسبة الى 2.5%؟ حسبما صرح وزير نفطهم قبل أشهر؟؟، بل لماذا لم تطالب بالغاء هذا الاجحاف بحق العراق  لاسيما انهم يعلمون بانها فرضت عليه  لاغراض وأهداف سياسية؟؟ وبعد ألاحتلال يفترض أن هذه الاهداف السياسية قد تحققت بعد اسقاط الحكم الوطني في العراق. فالذي يدعي بانه جاء لتعمير العراق واعادة بنائه الا يجدر به من باب اولى ان يدافع عن مصالحه ويوفر المبالغ التي تساعدهم في هذا البناء كما يدعون؟؟!! أم أن أمريكا قد قررت وما عليهم الا التنفيذ صاغرين. أن اليات اعتماد مطالبات التعويضات هي أكبر فضيحة لسرقة الاموال في التاريخ! ولمن يريد الاطلاع على التفاصيل ليراجع مقالنا الموسوم ( الاجحاف في فرض
  التعويضات على العراق. الرابط في نهاية المقال).
ويقرر المجلس في قراره 1956 كذلك أن تودع في صندوق التعويضات نسبة 5 بالمائة من قيمة جميع المدفوعات غير النقدية للنفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسددة الى مقدمي الخدمات وأن تكون المتطلبات المذكورة اعلاه ملزمة لحكومة العراق. وهذا يعني أن العراق ملزم بدفع 5% من مبالغ عقود الخدمات النفطية التي وقعها مع الشركات الامريكية وغير الامريكية والتي بلغت الى الان بحدود 50 مليار دولار. لانه حسب الاتفاق مع الشركات يدفع العراق مقابل خدماتهم نفطا وليس نقدا. اي انه يدفع لتلك الشركات نفطا و5% من مجموع أقيام تلك النفوط نقدا لصندوق التعويضات. فلماذا لم يناقش الامعات الذين مثلوا العراق واضعي مشروع القرار بان العراق بحاجة ماسة الى تأهيل منشآته النفطية بعد الدمار الذي لحق به جراء الحصار والعدوان العسكري الامريكي عام 1991 و2003؟؟؟ لماذا لم يطالبوا باستثناء هذه العقود من الدفع؟؟؟ هل هؤلاء الامعات حريصون على مصالح العراق؟؟!!
كان ينبغي بل يجب عليهم أن يصروا على تقويم الظلم الذي الحقه نظام التعويضات بالعراق ويطالبوا مجلس الامن والمجتمع الدولي برفع الاجحاف الذي لحق به من جراء فرض هذا النظام الجائر عليه وذلك من خلال اصدار قرار جديد من مجلس الامن يلغي بموجبه جميع القرارات ذات الصلة لأن أستمرار العراق في دفع هذه المبالغ الضخمة التي تقدر بحدود 200-240 مليار دولار، لايصب في اتجاه الحرص على مصلحة العراق وشعبه وأعادة أعماره.
أللهم أحفظ العراق وأهل العراق.
وجدي أنور مردان
بغداد المحتلة
أواخر كانون أول 2010
رابط المقال المذكور:


آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار