الأحد, 14 ديسمبر 2008 01:35
د. فيصل الفهد
دفعتني إلى كتابة هذا الموضوع ملاحظة طالما نسمعها من بعض الأشقاء العرب والملاحظة هي أن سياسة النظام الوطني في العراق هي التي جلبت الاحتلال على العراق؟!
ويدلل تكرار هذه الملاحظة بشكل واضح على حجم الدعاية المضللة المعادية للعراق ولقيادته الوطنية الشجاعة ومع ذلك نجد في طرحها فرصة ذهبية لكي نوضح للقاصي والداني حقيقة الزوايا التي لا يعرفها الناس ذلك لأن من يعادون العراق فكراً ومنهجاً وأهدافاً لابد وأن يحجبوا أية معلومات قد يضر طرحها الهدف أو الغايات التي ينشدونها وهي في كل الأحوال تشويه صورة العراق قيادةً وشعباً.
لقد جاءت الملاحظة هذه المرة من رجلين ظهر أنهما يحملان شهادات عليا في الهندسة المعمارية ولهم سعة إطلاع فيما يجري على الساحة العربية من أحداث وتداخلات... بادر أحد الرجلين وبمجرد أنه استنتج أنني عراقي إلى الحديث عن (( حجم الجرائم التي ارتكبها النظام العراقي في زمن الرئيس صدام حسين ضد العراقيين )) وعندها قاطعته مستفسراً عن مصدر هذه المعلومة فلم يعطني جواباً واضحاً وفهمت أن مصدر معلوماته من وسائل الدعاية المعادية ومن ما كانوا يسمون أنفسهم (معارضة) وهم الذين جاؤوا بعد الدبابات الأمريكية.
وهنا وجدت نفسي مضطراً لأن أصحح لهذا الرجل وغيره معلوماتهم البعيدة كل البعد عن الحقيقة وأبدأ كلامي بسؤال بسيط هل كان هناك فعلاً معارضة؟ وهل يعلم أن كل هؤلاء الذين كذبوا على الدنيا وادعوا أنهم معارضة كانوا.... كلهم مطلوبين للقضاء العراقي بجرائم تبدأ من القتل والزنا واغتصاب الأطفال والسرقة وسرقة الأموال العامة والهروب من الخدمة العسكرية و.. و.. و... الخ وأنه ليس من كل هؤلاء من يمكن أن نسميه معارض سياسي لأنهم لا يحملون أية مبادئ أو قيم وما شابه ذلك من مقومات المعارضة السياسية الحقة... ثم أين هي الجرائم التي ارتكبها النظام بحق أفراد من الشعب العراقي؟ وهنا أسأل ماذا تفعل أية دولة بحق من يرتكب جرائم القتل أو بحق من يثبت ارتباطه بدولة أجنبية عميلاً أو جاسوساً؟
وكنت أتمنى أن يعطيني هذا الرجل أو غيره اسماً واحداً لإنسان عراقي قتلته الدولة العراقية وهو بريء من أية تهمة قانونية ... وإذا كان المقصود بكلامهم ما روج له الأمريكان وعملائهم بعد الاحتلال من أسطوانة (معطوبة) عن المقابر الجماعية وحلبجة فهذه هي الأخرى كما أعلنت المؤسسات الأمريكية الاستخبارية فرية وكذب فقد أصبح واضحاً أن من ضرب حلبجة هم الإيرانيين بالتعاون مع عميلهم جلال طالباني لأن السلاح الكيماوي الذي استخدم لا يمتلكه الجيش العراقي وكل ما كان لدى العراق هو غاز الخردل وهذا لا يحدث تلك الأضرار التي وقعت بأهالي حلبجة لأن تأثير غاز الخردل يمكن أن يؤدي إلى شلل وقتي أما المقابر الجماعية وما يطلق عليه العملاء (الانتفاضة الشعبانية) فتوضح لمن التبس عليه الأمر ونذكر من أعماه حقده وانسياقه في دروب العمالة والخيانة نعم نذكر ونوضح أن الذين ماتوا بشكل جماعي وبشع ودفنوا جماعياً هم مجاميع من الجيش العراقي البطل الذين انسحبوا من الكويت وقد وقع قسم منهم فريسة للمجاميع الإيرانية التي تسلسلت إلى محافظات الحلة والديوانية وكربلاء والنجف والسماوة والناصرية والعمارة والبصرة والكوت وشكل هؤلاء الذين ينتمون إلى المخابرات الإيرانية فرق جمعت حولها بعض العراقيين المغرر بهم الذين يدينون بالولاء الأعمى لرجال الدين المرتبطين بإيران وقام هؤلاء ليس بقتل مجاميع من الجيش العراقي فحسب بل وقتلوا كل المسؤولين في الحزب والدولة وتم دفن أغلبهم في مقابر جماعية ولذلك فإن المقابر الجماعية التي أقاموا الدنيا وأقعدوها حولها هي في الحقيقة شاهد على جرائم هؤلاء الطغاة العملاء لإيران وليس النظام الوطني العراقي كما يدعون.. هذا عدا المقابر الجماعيه للقوات الايرانيه التي كانت تشن هجماتها بمئات الالاف من المقاتلين ويقتلوا على يد دفاعات الجيش العراقي وكان العراقيين يدفنوهم احتراما وكرامة لتعاليم الدين الاسلامي الحنيف.
وللعلم أيضاً أن ما قامت به إيران في تلك الفترة (صفحة الغدر والخيانة) كان بتنسيق مباشر مع الإدارة الأمريكية حيث كان المخطط الأمريكي يقضي إلى زحف القوات المعتدية على العراق /1991/ إلى بغداد لإسقاط النظام الوطني إلا أن تلك الإدارة سرعان ما تراجعت عن تنفيذ ذلك المخطط بعدما تم تدمير عدد من فرقها المدرعة على يد بعض الفرق المدرعة من الجيش العراقي البطل إضافة إلى أن المخابرات الأمريكية كانت قد حصلت على معلومات تفيد بأن الرئيس صدام حسين قد هيأ إمكانيات واسعة للقيام بحرب عصابات ضد القوات الغازية وستتكبد خسائر فادحة لا تقوى على تحملها (وهذا ما تواجهه القوات الأمريكية المحتلة منذ احتلالها بغداد في 9/4/2003 وسيستمر ذلك حتى اندحار هذه القوات وهروبها من أرض العراق المقدسة).
وفي حينها /1991/ استطاعت القوات العراقية الباسلة والأجهزة الأمنية البطلة إلقاء القبض على مئات من المخابرات الإيرانية التي كانت تقود الغوغاء وكان العراق يحتفظ بهم لاستخدامهم كشاهد إثبات عندما تطرح هذه المسائل على بساط البحث في المحافل الدولية مثلما كان العراق يحتفظ بأدلة مادية وبشرية تثبت لكل العالم أن إيران خميني هي التي ابتدأت العدوان على العراق في 4/9/1980 ومن تلك الأدلة الطيار الإيراني الذي أسقطت طائرته في أطراف بغداد في 4/9/1980.
إن الذي نتمناه على كل من يعيد ويكرر اسطوانة المقابر الجماعية وحلبجة ( لحد الان) أن يستحضر في ضميره ووجدانه أكثر من مليون ونصف عراقي ماتوا نتيجة الحصار الظالم على الشعب العراقي وأغلبهم من الأطفال والشيوخ والنساء لاسيما وقد ثبت لكل العالم أن ذلك الحصار كان باطلاً في دعواه وأسباب فرضه على العراق (سمفونية أسلحة الدمار الشامل) التي ظهر لكل العالم عدم وجودها في العراق...
ثم لماذا لا يتحدث هؤلاء عن جريمة احتلال العراق؟ وهو بلد كامل السيادة وعضو مؤسس في الأمم المتحدة ولماذا لا تؤثر في هؤلاء حقيقة ما قامت وتقوم به قوات الاحتلال من قتل العراقيين في كل لحظة؟ حتى بلغ من راح ضحية الاحتلال أكثر من مليونين شهيد عراقي و970 ألف عراقي من المعوقين ولماذا لا يعترض هؤلاء على اعتقال أكثر من مليون عراقي بدون سند قانوني او تهم موجهه لهم؟ من قبل الاحتلال وعملائه وفيهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب بل والاغتصاب للنساء والأطفال والاعتداء الجنسي على الرجال ناهيك عن مليوني ونصف المليون امرأه ارمله وخمسة ملايين طفل يتيم بلا مآوى ولا نصير او معيل واكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون عراقي مشردين مهجرين داخل العراق وباصعب الظروف الانسانيه البائسه عدا خمسة ملايين ونصف مليون عراقي هجروا خارج بلدهم واوضاعهم اصبحت مدار حديث دائم للمنظمات الانسانيه ولكن بدون جدوى؟!.... ثم أين هؤلاء من عمليات الاغتيال اليومية والقتل والتصفيات والاعتداءات والسرقات التي تقوم بها الزمر العميلة التي جاءت من خارج الحدود مع المحتلين بحق العلماء والأساتذة والأطباء والمثقفين العراقيين!! وفي مقدمة هذه الزمر حزب الدعوة وفيلق غدر وجماعة الجلبي وجماعة إياد علاوي وغيرهم من الخونة.
إن هؤلاء الذين لم يدركوا حقيقة ما جرى ويجري في العراق نسوا أو يجهلون جملة من الحقائق عن النظام الوطني في العراق وإنجازاته العظيمة قبل الاحتلال التي هي ليس محط فخر واعتزاز للعراقيين بل للأمة العربية وللتذكير نشير إلى أن النظام الوطني العراقي استطاع أن يبني مؤسسات للدولة يقودها أفضل الكفاءات العلمية والمهنية وجيشاً عظيماً متطوراً عدةً وعدداً وكان هو الأفضل من بين كل جيوش المنطقة وكان في العراق من المؤسسات العلمية والأكاديمية ما جعل العراق في مصاف أفضل دول العالم فمثلاً إذا ما قارنا عدد الجامعات نسبة بعدد السكان حيث بلغ عدد الجامعات والمؤسسات الجامعية العليا أكثر من /54/ جامعة انتشرت في أرجاء العراق هذا عدا مراكز البحث العلمي المتقدمة والمتخصصة في جميع المجالات كما كان العراق يمتلك أفضل نظام تعليمي تربوي والتعليم فيه مجاني من رياض الأطفال إلى الدراسات العليا.
كما استطاع العراق أن يبني أفضل قاعدة علمية متقدمة قوامها أكثر من /45/ ألف عالم وأستاذ وأصبح في العراق أكبر قاعدة صناعية متطورة حديثة وعسكرية كما شهدت الزراعة عصراً ذهبياً ازداد فيه الإنتاج كماً ونوعاً بفضل مراكز البحوث الزراعية المتطورة والاهتمام الذي أولته الدولة للزراعة الحديثة... كما كان في العراق أفضل نظام صحي مجاني في كل المنطقة وأطباء هم من خيرة ما أنجبته الأمة العربية إضافة إلى تشييد أفضل شبكة للطرق السريعة في كل المنطقة.
والنظام الوطني في العراق كان أكثر من حقق العدالة والتوازن بين أبناء الشعب العراقي فقد أعطى الحكم الذاتي للأكراد واهتم بحقوق التركمان والأقليات الأخرى في العراق ولم يعرف العراق قبل الاحتلال أية فروقات أو تمايز بين عراقي وعراقي على أساس القومية أو الدين أو الطائفة ... إن الميزة الأساس للعراقي هي الولاء للعراق والإخلاص له والكفاءة والمرتبة العلمية.
وإن قيادة العراق الوطنية لو أرادت التمسك بكرسي السلطة على حساب المبادىء لتحقق لها ذلك.... إلا أنها آثرت التضحية بالسلطة وبكل مغرياتها على أن تتنازل عن ثوابتها الوطنية والقومية وفي مقدمتها رفضها المطلق التفريط بقضيتنا القومية الأولى قضية فلسطين ولذلك فإن ما تعرض له العراق من حصار (13 سنة) ثم الاحتلال ليس بسبب ما يدعيه أعدائه من تهم باطلة وأكاذيب وافتراءات ثبت عدم صحتها (بعد الاحتلال) بل بسبب رفض النظام الوطني العراقي الاعتراف بالكيان الصهيوني وعدم خنوعه للعنجهية والغطرسة والصلف الأمريكي والبريطاني.
هكذا كان العراق ولذلك فإن كل إدعاءات أعدائه وافتراءات العملاء والخونة والجواسيس سيكون مستقرها في مزبلة الشعب العراقي ...
وكل ما بني على الأباطيل والكذب ستسحقه جموع العراقيين الشرفاء وفي مقدمتهم الرجال الأفذاذ أسود العراق وفرسانه في المقاومة العراقية الذين قطعوا العهد على أنفسهم أن يمحوا كل هذه العتمة السوداء عن العراق ويحرروا شعبه وأرضه من براثن الاحتلال ويعيدوا الحق لنصابه وليسحقوا كل من سولت له نفسه المريضة أن يرتمي في أحضان الشيطان الأمريكي أو الصهيوني أو الإيراني من العملاء والجواسيس والخونة ولينفذوا حكم الله وقصاصه بحق ملل الكفر والجهل والضلالة أعداء العراق والعروبة والإسلام.
ولن تنفعهم اتفاقياتهم مع اسيادهم المحتلين وستتكرر تلك الصوره التي شهدها العالم في سايغون عاصمة فيتنام الجنوبيه يوم هرب الامريكان وتركوا عملائهم لقمة سائغه للشعب الفيتنامي ليقتص منهم الى الابد... وهو يوم ليس ببعيد عن ارادة العراقيين النشامى!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق