د فيصل الفهد
استوقفتني عبارة أطلقها شاب يافع في مقتبل العمر...... قليلة في كلماتها بليغة في معانيها ، حيث أشار هذا الشاب في حوار مع أبيه وعدد من الضيوف إلى حقيقة رغبته في الانضمام في تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي، وعندما سأله أبوه عن سر هذه الرغبة الآن وهو الذي كان يرفض الانتماء للحزب قبل الاحتلال، فأجاب الشاب بكل ثقة بأنه كان يعتقد في السابق أن من ينتمي للحزب إنما بدافع المصلحة (حينها) أما الآن فنحن ننتمي للحزب لأننا نؤمن بالبعث المجاهد فكراً ومقاومة للاحتلال جنبا إلى جنب مع كل التشكيلات الوطنية الشريفة من أبناء شعبنا العراقي البطل التي رفعت شعار المقاومة ضد الاحتلال وأعوانه في العراق.
إن هذا الرأي وغيره أصبح ظاهرة طبيعية في كل بيت وأسرة عراقية شريفة، فلا يوجد إنسان عراقي لديه قدر من الإحساس والشرف يمكن أن يقبل أو يتقبل احتلال بلده من أية جهة أو طرف مهما كان ،ولذلك فأن الموقف الطبيعي لن يكون أقل من مقاومة هذا الاحتلال كل حسب إمكانياته وقدراته العقلية والجسدية، والمهم في كل الأحوال أن جهد كل العراقيين الشرفاء يصب في عملية تحرير بلدهم واستعادة عافيته وسيادته الكاملة على كامل ترابه الوطني من شمال زاخو حتى جنوب ألبصرة... أن هذه المداخلة جزء من بديهيات الموقف اليومي للعراقيين النجباء من الاحتلال وإفرازاته إلا أن الأمر الذي وددت أن أسلط الضوء عليه يتعلق بمسألة في غاية الأهمية ولربما يدركها بشكل عميق كل من عرف ووعى تاريخ العراق الجهادي..... وتتلخص هذه المسألة بسر كينونة حزب البعث العربي الاشتراكي وقدرته الفائقة على تجاوز الصعاب والمحن وتحطيم القيود التي تحيل دون دوره وفعله النضالي في مسيرة الأمة العربية المجيدة وبعدها الإنساني، ويدخل في هذا كل المحاولات التي استهدفته من القوى الإمبريالية والصهيونية ومن سار في فلكها منذ تأسيسه1947 وحتى هذه اللحظة ،وآخرها وليس أخيرها ما قامت به شرذمة الاحتلال وأذنابهم من محاولات لاجتثاث البعث والقضاء عليه لا سامح الله ألا أن الحقيقة الناصعة التي يفاجأ بها المحتلين وعملائهم أنهم كلما زادوا من الطرق على جدار البعثيين كلما زادهم ذلك قوة وإيماناً وتصميماً وعزيمة على إزالة كل العوائق التي تريد أن تحول بين البعث وأهدافه القومية الإنسانية ومن ضمن ذلك الاحتلال البغيض في العراق وما أفرزه من وضع شاذ.
وتميزت المرحلة التي أعقبت الاحتلال بقيام المحتلين وإذنابهم بسلسلة من محاولات الانقضاض على البعثيين والإجهاز عليهم بشتى الوسائل أخذت أشكال شتى منها :
- اغتيال أعداد كبيره من رموز البعث وقياداته.
- إغواء قسم منهم عن طريق الانضمام إلى جماعة إياد علاوي المجرمة المسماة بحركة الوفاق ( النفاق) .
- اعتقال أعداد كبيرة منهم.
- ممارسة عمليات الترهيب والتهديد لإخراج قسم منهم خارج الساحة العراقية والهجرة إلى دول أخرى.
- إغراء قسم من ضعاف النفوس وعرض عليهم بعض المناصب في حكومة الاحتلال الرابعة.
إلا أن هذه العمليات ضاعفت قوة الحزب ولم تضعفه لأنها منحت الحزب فرصة للتخلص من كل العناصر الضعيفة والمصلحية وأبقت على العناصر المبدئية الحقيقية ،عدا أنها منحت الحزب فرصة كبيرة للتغلغل في صفوف كل الأجهزة والمؤسسات المرتبطة بالاحتلال الأمر الذي يوفر قدر مهم من المعلومات التي تعين الحزب على أدارته بشكل ناجح لعملية الصراع ضد المحتلين وأعوانهم .
أن تداعيات فعل الاحتلال وعملاؤه أفرز حقيقة مهمة جداً ، وهي أن أية مؤسسة لا يمكن أن يكتب لها النجاح في تأدية مهامها بدون أن تعتمد على البعثيين الذين يشكلون أفضل الكفاءات ليس على مستوى تجربة العراق حسب بل في الوطن العربي ،إضافة إلى أن البعثيين يشكلون الرقم الأكبر والمهم من خارطة العمل السياسي في العراق ،وهؤلاء البعثيين المخلصين الكفوءين تتجسد فيهم روح الوحدة الوطنية للعراق بعربه وأكراده وتركمانه ، مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة وصابئة وكل ألوان الطيف العراقي الجميل ،ولذلك فإن كل محاولات الاحتلال وعملائه لبث الفرقة الطائفية والعنصرية بين أبناء شعبنا قبرت في مهدها لأن قيادة البعث لدولة العراق العصرية المؤمنة وانعكاس ذلك كله على وعي أبناء الشعب العراقي جعل طريق كل الأمراض ألاجتماعية إلى مزبلة تاريخهم ...هذا التاريخ الذي صنعوه بإرادتهم الحرة وإبداعاتهم طيلة 35 عاماً من البناء والحضارة ،ولا يعقل لأي كائن يمتلك ولو ذرة صغيرة من العقل والإدراك والإحساس أن يتصور أن دولة مثل دولة العراق وبعد كل ما خططت له وهيأته وأنجزته وبنته قرابة أربعة عقود من الزمن يمكن أن يزاح بهذا الشكل ( وان بدا للبعض أن ذلك ممكنا)، فالشعب العراقي انتفض من جديد ليعيد الأمور إلى نصابها وليحطم أكبر مخطط إمبريالي صهيوني للشر في تاريخ البشرية لا يستهدف العراق فحسب ، بل والعالم الخير أجمع ،ولذلك فإن نجاح المقاومة في العراق في مشروعها التحرري هو ضمان لكل شعوب الأرض في عالم مستقر مزدهر يسوده السلام والمودة..... وإن كل من يدعي حرصه ورغبته في تحقيق هذه الشعارات عليه أن يقف إلى جانب المقاومة العراقية باعتبارها الممثل الوحيد للشعب العراقي البطل . أما من اختار الطريق الثاني أي الوقوف مع المحتل الأمريكي الصهيوني فعليه أن يتحمل تبعات هذا الموقف وحينها لن ينفعه الندم .
فالعراقيين يسخرون من خونة العراق وعملاء أمريكا وإسرائيل عندما يدعون كذباً أن هناك فئة استأثرت بالسلطة على حساب أخرى بسبب طائفي أو عرقي ،ونحن نتحداهم أن يأتوا بدليل واحد يدعم مزاعمهم وأكاذيبهم......... وإذا كانت ذاكرتهم ممسوحة أو ضعيفة بسبب حشوها بكل ثقافات الهوس والخيانة للوطن ،نقول لهؤلاء وغيرهم من فاقدي الغيرة والشرف ،أنكم أذا أجريتم إحصائيات بالأسماء لمن كانوا يشغلون أعلى المناصب ابتداءاً من قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي ثم وزراء الحكومة العراقية ووكلائهم وقيادات القوات المسلحة بكل صنوفها وأجهزة الأمن الداخلي والأمن العام والمخابرات.....الخ.......فأن أكاذيبهم ستتهاوى شأنها شأن كل ما سوقه أسيادهم لتبرير عدوانهم واحتلالهم !!
نعم هم سيفجعون بالنتيجة فدولة العراق وحزبها القائد كانا وسيبقيان يزهوان بتشكيلاتهما الجميلة من كل ألوان الطيف العراقي الذي يجسد الوحدة الوطنية العراقية ،ونحن نعلم أن ذلك ما كان ينقصه سوى مد الجسور المتينة مع كل العناصر الوطنية والقومية العراقية من الذين تواجدوا خارج العراق لأسباب وظروف فرضتها بعض التحولات إضافة إلى أوضاع معينة بحينها ...........وكاد العراق أن يشهد إقامة جبهة وطنية واسعة تضم كل القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية والقومية العراقية ،ولم تشأ قوى العدوان انطلاق هذا المشروع الوطني القومي العراقي ،فكان العدوان الإمبريالي الصهيوني على العراق واحتلاله في 9/4/2003.
إلا أن هذه الجبهة وكل ما زرعه الحزب ودولته في أرض العراق وشعبه البار من بذور الخير قد أثمر عن قيام أشرف وأنبل مقاومة وطنية عرفها التاريخ الإنساني بوقت ونتائج فاقت كل التصورات وفاجأت الصديق والحليف قبل العدو، وأجمل ما في لوحة العراق المقاوم اليوم هو تراص كل جهود القوى والأحزاب والتيارات الوطنية الشريفة خلف مقاومتهم المسلحة التي استطاعت أن تنجز أهم حلقات التحرير ولم يبقى إلا تتويجها بالنصر المؤزر قريباً إنشاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق