الأحد، أغسطس 17، 2008

عاجل ـ الى السنة والشيعة



حسان محمد السيد
Saturday 16-08 -2008
بسم الله الرحمن الرحيم.
منذ عقود خلت,دخل الغزاة بلادنا وأقاموا سدودا وحواجزا,قطعت أوصال أمتنا بما عرف وقتها باتفاقية سايكس- بيكو.سبق هذا الحدث المشؤوم كتبا وكتابا وافكارا ظاهرها مصقول وباطنها منحل خطير,روجت للفكرة بأثواب فضفاضة براقة,وأشارت للأخطاء التي ارتكبت على أنها نتيجة للترابط الحاصل بين الأمة,مما جعل ابن الجزيرة العربية على سبيل المثال,يتحمل أعباء ابن بلاد الشام والعكس, مدعية بأن حل تلك المشاكل,يقوم على تجزئتها بفرط عقد المنطقة,واتخاذ كل بقعة ما يناسبها من قرارات.
كانت الأفكار تظهر بصيغة توهم الناس أن ناشريها مهتمين وملتزمين بقضايا الساعة وعبئها على الأمة,لاقت رواجا بين المخدوعين والوصوليين والإنتهازيين وعابدي الدرهم,فاستمروا ببث السموم,حتى تهضم الناس ما ينتظرهم من جحيم ونوائب,الى أن حصل التقسيم الأثيم.تحققت لأدعياء- المبادئ والنوايا الحسنة- حينها مآربهم,واصبح العربي يشير الى أرضه بمصطلحات غريبة كأننا بتنا دولا وشعوبا,وظهرت للعلن خارطة عربية جديدة,أدت إلى ولادة مخلوق شاذ غريب عن هذه الأرض,مناف للمنطق والتاريخ والحق,سموه ب (اسرائيل).
واليوم,بعد اجتياح العراق وتفتيته من قبل إمبراطوريات الشر وجيران السوء,بدأنا نسمع بكثافة ووقاحة نشازا جديدا,بشكل يومي يفرق بين الرجل وأخيه,وأمه وأبيه,وصاحبته وبنيه,بما يؤكد لنا أننا على أبواب تقسيم قادم,ونار تلتهم كل ذي كبد رطب,عناوينها ما تقرأونه من شحن مذهبي وحقد طائفي وصراعات مزيفة مختلقة,وأكثر ما يقرفنا ويغضبنا,أن العنصريين والطائفيين يبثون دمارهم باسم الدين ومحبة الخير للأمة,فحق عليهم قول الله عز وجل بوصفهم قوم (زخرف القول غرورا).
ليس من قبيل الصدفة أن نرى من ينبشون قبور الموتى ويشتمون معتقدات الغير,وليس من قبيل المحبة والإخلاص أن نقرأ عن فاجعة هنا ومأساة مؤلمة هناك,من تاريخ يختار المجرمون أفظع وأوجع وأدق صفحاته,وليس ابتغاء مرضاة الله يكتب الماكرون عن أحداث مرت منذ اربعة عشر قرنا,لا طاقة لنا على تغيير مسارها ولا ذنب,لم نحضرها ولم نشارك بها,ما قبلناها وما راق لنا إعادة وقعها على الأسماع,فهي جرح,والجرح لا يمكنه أن يبقى مفتوحا نازفا يقضي على جسد الأمة وحياتها.
غير أن المستفيدين من تجارة الدماء ونهب الوطن الكبير,يأبوا أن يغادروا تلك الصفحات ويفارقوها,قبل أن يفرقوا ابناء الشعب الواحد,ويهدموا بيوتهم ويغمروا آبارهم,ليموتوا ظمأ تائهين في صحراء الجاهلية والعصبية.
إنهم لا يجرؤا على كتابة دسائسهم بحق الإمبراطوريات التي ينتمون إليها ويعملون لحسابها,ولا المساس بتركيبتها الإجتماعية والثقافية,ولا القوميات التي تعيش في ظلها,وهذا ليس عتبا عليهم,فما يليق العتب بالرخاص ولا اللئام,إنما العتب علينا,نحن الذين نجر كالبهائم من رقابنا لنقتتل بأمر من حاخام متستر بعباءة الإسلام,أو عندما يستفزنا وضيع مأجور,بمقالاته الطائفية والمذهبية الموجهة والمدفوع ثمنها,فنتدافع ونقذع بالسب والفجور,كأننا غرباء لا تجمعنا عقيدة ولا رابطة دم ولا لسان,لا تاريخ ولا أرض ولا مصير,والله تعالى يقول (ولقد كرمنا بني آدم),فلا تهينوا أنفسكم ولا تلقوا السمع الى ابواق الردة والعمالة.
لقد ضاعت القدس والأقصى اسير يهدم,وسلبت فلسطين وغادر طيفها مع آخر فارس عربي شد الرحيل,والعراق مسبي والصهاينة (تسللوا لفراش ليلى العامرية),فلا الشرف الرفيع سلم من الأذى,ولا معلقات النخوة والعفافة وفرها الزنى,وحتى الآن لم نستفق من سبات تحول الى موت سريري.كل قطر يتوجه الى (شرخ اوسط) جديد,ليصبح اقطارا متقاتلة ومذاهب متناحرة ان لم نتدارك الأمر ونفشله بالوعي والتماسك,والوطن الأكبر الذي حلمنا به وما زلنا وسنموت على حبه فداءا لوحدته وكرامته,يبكي غباء بعض أبنائه وبغاء المندسين.منذ سنوات,خمن الفنان دريد لحام ان وضعنا وصل الى الحضيض,فنقد وصرخ وندب في مسرحيته (كاسك يا وطن),لكنه لو قدر له أن يعيد عقارب الزمن الى الوراء,لسمى مسرحيته على ما اعتقد, ب (كاس الدويلات الطارئة). أيها الناس,ماذا دهاكم؟...... هل البيعة لهذا الصحابي او ذاك منذ اربعة عشر قرنا ستحل مشاكلنا العضال وتصل بنا الى مرتبة الأمم التي تخلفنا عن ركبها مئات السنين؟.
ثم عن اي بيعة وخلافة وولاية تتكلمون وبلادنا مهزومة متنائية وناسها مسمرة على الصلبان؟.
عن اي أمة تتكلمون وقد ضربت علينا الذلة في مشارق الأرض ومغاربها,ولا يستطيع احدنا دخول ارض بلد شقيق حتى في الحلم؟.
هل حللنا مصائبنا وصغنا مستقبلنا حتى نقفز الى الماضي البعيد لنيقظه؟.
أيرضيكم الحال,أم تقبلون بهذا الذل وسوء الصيت,وهبوطنا الى هذا الدرك المخيف؟.
هل يرضى الله سبحانه ان نقتتل ونتظالم باسمه,وهو جل في علاه يقول.... (وأطيعوا الله ورسوله,ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم,واصبروا ان الله مع الصابرين).
هل النبي عليه السلام يقبل ان نتشاتم ونتناحر ونتباغض تحت رايته وباسم آل بيته الأطهار وصحابته الكرام,وهو عليه الصلاة والسلام يقول... (إذا عظمت أمتي الدنيا,نزعت منها هيبة الإسلام,وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,حرمت بركة الوحي,وإذا تسابت أمتي,سقطت من عين الله).
الصهاينة في غرفنا,وإخوانهم الأمريكان في مساجدنا وكنائسنا يعبثون ويمرحون,يقتلون ويسلبون,واقلام الدجل والإفك,هدمة البيوت ومكارم الاخلاق ما زالوا يتكلمون عن سني وشيعي,مسيحي ومسلم,وربما غدا سيبدأون الحديث عن ألوان الناس وأفضلية هذا اللون عن ذاك,وفقا لمصادرهم (الشرعية) الصادرة عن أصنامهم وأزلامهم وأربابهم الباطلة الفسوق,وربما بعد غد سوف يحثون الناس على ان تقتتل لأن قامة هذا أطول من قامة جاره,وان الإمام فلان والشيخ علتان,لا ادام ظلهم وأراحنا من ظلامهم وظلمهم وضلالهم ومن تبعهم,قال انه منذ القرن العاشر,تأكد وفق الروايات عن فلان ابن فلان ان هذه القامة هي أقرب للتقوى ومقياس (الفرقة الناجية).
أيها الناس..... ما أطلع الله تعالى أولئك الأنذال على الغيب وما أطلعنا حتى يكفروا ويشككوا ويرموا فئة من الناس دون الأخرى,ما أوحى جل جلاله لهم ليخبرهم بمن ضل السبيل ومن استبق الصراط المستقيم,ما من مخلوق يقدر أن يحكم على من ماتوا وخاتمتهم,ولا على من سيموتوا ونهايتهم,الله وحده يعلم بمن كفر ومن أفلح ومن كان صدوقا.
أتدرون ايها الشيعة والسنة,يا غثاء السيل, ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان ربي وسلامه عليه في كتابه لقيصر الروم يوم حاول الزحف على بلاد المسلمين ابان خلافه مع معاوية؟ (...ولقد علمت أنه غرك ما بيني وبين معاوية وأنك حركت جيوشك الى ثغور المسلمين,فوالله لو ان نفسك حدثتك بالغزو,لأسيرن اليك تحت راية صاحبي هذا) اي تحت راية معاوية.فهل من متعظ وهل من رشيد؟.
أيها الناس,أتدرون من هم المفلحون؟... (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون(3) والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون(4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون(5) ) صدق الله العظيم.
أولئك هم المفلحون,لا المذهب هذا ولا أتباع ذاك,ومن القائل؟ الله رب العالمين,فاقلعوا عن الشحناء والبغضاء,انزعوا ثوب الحقد عنكم,اقتلعوا شياطين الإنس والجن من يومياتكم وما يفترون,إن كنتم بلقاء ربكم تؤمنون وحسابه وثوابه ترجون.
فيا دعاة الفتن وحمالة الحطب,هذا خطابي لكم على لسان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قائلا.. (كنتم جند المرأة وأتباع البهيمة,دعا فأجبتم,وعقر فهربتم,أخلاقكم دقاق,وعهدكم شقاق,ودينكم نفاق,وماؤكم زعاق,المقيم بين أظهركم مرهن بذنبه,والشاخص عنكم متدارك برحمة ربه).

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار