الأحد، أغسطس 17، 2008

تسارع المشروع الانفصالي في العراق



شبكة البصرة
محسن خليل
شهد الاسبوع الماضي تصاعد حدة التوتر بين حكومة الاحتلال الرابعة وقوات (البيشمركة) التابعة لجلال الطالباني ومسعود البرازاني،بعد رفض الأخيرة السماح لجيش الحكومة بنشر قواته في قضائيْ خانقين وجلولاء شرق بعقوبة في محافظة ديالى. وكان المالكي قد أصدر أمره باخلاء منطقة قره تبه من قبل اللواء 34 التابع لمسعود وجلال ليحل محله جيش حكومة الاحتلال.. رفض آمر اللواء المذكورأخلاء المنطقة وتنفيذ أمر رئيس الحكومة. وفي الوقت نفسه غادرمسعود البرزاني العراق بطريقة سرية ودون أستئذان من حكومة المالكي، لكي يحول دون تنفيذ أمر المالكي ولكي يعطي لآمر اللواء والقيادات الاخرى في الاقليم ذريعة بعدم الانسحاب أنتظارا لعودة مسعود من زيارته السرية،ولكسب الوقت أرسل مسعود وفدا برئاسة كوسرت رسول الى العاصمة بغداد بهدف ايقاف محاولة جيش حكومة المالكي فرض سيطرته على المناطق المحتلة من قبل ميليشيات البيشمركة منذ خمسة اعوام.
آمر الفوج الثاني التابع للواء 34 قال في تصريح له: (لم نتسلم حتى الآن أي أمر من القيادة الكردية العليا سوى برقية تطلب بقاء قواتنا في المنطقة، لذلك ستبقى قواتنا في تلك المناطق ولن نخلي مواقعنا). وما تزال قوات (البيشمركة) والجيش العراقي، في قضاء خانقين حتى الآن، والمتوقع أن تنسحب قوات الجيش وليس البيشمركة من المنطقة.
والقصة أن ضعف قوات حكومة الاحتلال وتركيبتها الطائفية والارتزاقية وعدم كفاءتها سمح للبيشمركة وجيش الاقليم وحرس الاقليم بالأنتشار في مناطق عديدة تتوزع على محافظات كركوك وديالى والموصل، وأستثمار هذا الانتشار في تغيير البنية السكانية لمناطق معينة من تلك المحافظات. بعض هذه المناطق زحفت عليها بيشمركة جلال ومسعود منذ أول يوم للأحتلال، ونشرت فيها قوات مسلحة تسليحا متطورا،بهدف الاستيلاء على أكبر قدر من أرض العراق وأستيطانها على الطريقة الصهيونية،وأستقدام سكان لها من مناطق أخرى ودول أخرى، وتأمين التمويل اللازم الذي تحتاجه أعداد المستوطنين لها، وتشغيل أعداد منهم في تشكيلات البيشمركة (في جيش الاقليم،أو في حرس الاقليم، أو في الاجهزة الامنية للأقليم، أو في شرطة الاقليم الخ).طبعا حكومة المركز لا تعرف على وجه الدقة العدد الحقيقي لقوات الأقليم من الجيش والشرطة والاجهزة الامنية وميليشيات البيشمركة، وبعض التقديرات تضعها بما يزيد على الاربعمئة الف مسلح، والرقم لا يشمل الشرطة والاجهزة الامنية.
عندما ارادت حكومة المالكي أستعادة سيطرتها على المناطق المشار اليها من الوحدات العسكرية التابعة لجلال ومسعود، أصطدمت برفض هذه الوحدات الانصياع لاوامرها بناء على تعليمات من جلال ومسعود، وفي تفسيرجلال ومسعود أن هذه (مناطق متنازع عليها)، وهو التبرير الذي تبناه ديمستورا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في وصفه لهذه المناطق.
ليس في العراق (مناطق متنازع عليها) فهذه المفردة دخلت القاموس السياسي مع الاحتلال ومع قانون ادارة الدولة المؤقت ومع دستور التقسيم ومع قوانين تفتيت العراق الى أقاليم وفدراليات.وأذا كان رئيس جمهورية العراق المزعوم جلال الطالباني هو من يتمرد على أوامر المركز، ويقدم نفسه ممثلا لحزب وتنظيم وليس للعراق، فكيف سيكون مآل العراق أذا كان هو وأمثاله من يحكم العراق؟؟
ثمة بدعا في (العراق الجديد) كما يسميه عمرو موسى، لم يسمع بها من قبل، وتشريعات لم تعرفها حتى جمهوريات الموز، بل ثمة مقترحات وأفكار يمكن عدَّها من غرائب الدنيا السبع لكنها ليست غريبة على العصابة التي سلطها المحتل على مقدرات العراق. أحد أعضاء لجنة صياغة الدستور أقترح أن يتضمن الدستور موادا تجيز تشكيل اتحاد بين الفدراليات العراقية، وأتحاد بين الاتحادات، وأن يكون للمحافظة الواحدة فدراليتها، ولمحافظات مثل بغداد نظاما خاصا بها.هل هناك عبث وسَفَه أكثر من هذا؟؟ يفتت العراق الى فدراليات واقاليم ومحافظات ثم تشكل أتحادات من هذه وتلك، وتشتبك الاتحادات في صراعات على الحدود وعلى مناطق متنازع عليها؟؟
تتركز سياسة جلال ومسعود على الحيلولة دون نمو سلطة المركز وقوته مثلما يفعل الاحتلال الامريكي،فهذه الحالة تعد مثالية لكي يتابعان مشروعهما الموسادي الامريكي بتقسيم العراق والاستيلاء على أكبر ما يمكن من أرضه وثرواته في ظل غياب حكومة وطنية قوية وقادرة على ردع مخططاتهما الانفصالية.
وكل المؤشرات في سياسة جلال ومسعود تؤكد أن هذين الموساديَّيَّن يستعدان لفصل الشمال العراقي عن الوطن مستفيدين من وجود الاحتلال الامريكي وحكومة العملاء في بغداد التي تفكر في كل شيء عدا العراق ووحدته وأمنه. فما الفارق بين جلال ومسعود وبين عبدالعزيز الحكيم وعادل عبدالمهدي المتحمسَّيْن لفدرالية الجنوب والمؤيدَّين لضم كركوك الى جلال ومسعود؟؟ ومالفارق بين كل هؤلاء وبين الحزب الاسلامي الذي يرأسه الهاشمي والذي أيد دستور التقسيم والفدراليات.. جميع هؤلاء هم أدوات المحتل في تدمير العراق وتقسيمه..
والعصيان الذي يقوم به جلال ومسعود وأعطاء الاوامر لقواتهما بعدم الانسحاب ومنع الجيش من دخول المناطق التي تحتلها قوات البشمركة مؤشر خطير على مشروعهما الانفصالي وهو ما أكده فؤاد حسين، مدير ديوان رئاسة إقليم كردستان، لـ صحيفة الحياة بقوله أن هناك (اتفاقاً مسبقاً بين البيشمركة والقوات العراقية والأميركية وليس هناك أي توتر بين الطرفين).
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد خمس سنوات من الاحتلال، مالذي يجعل الجامعة العربية تقرر يوم 31/7/2008 تعيين هانى خلاف مندوب مصر لدى الجامعة العربية في منصب رئيس مكتب الجامعة العربية بالعراق مبعوثا لها في بغداد؟؟ ومالذي يجعل دول عربية عديدة تعين سفراء لها في بغداد وترسل وفودا بعضها على مستوى رئيس الدولة الى بغداد؟؟ الم يروا ان سنوات الاحتلال الخمس أغرقت شعب العراق في بحر من دماء اكثر من مليون ونصف من أبنائه قتلوا على أيدي جيش الاحتلال وميليشيات الاحزاب الحاكمة وفرق الموت؟ ألم يروا ان سنوات الاحتلال هجرت ستة ملايين عراقي الى شتات المنافي يعانون الويلات والمرارات؟الم يسمعوا بالمليون ارملة وبالخمسة ملايين يتيم، وبمئآت آلآلآف من المعتقلين الذين يتعرضون الى أبشع أساليب التعذيب وفنونه؟؟ الم يروا ان النظام السياسي الذي يتعاملون معه هو نظام يريد فرض الطائفية والمحاصصات على العراق ليكون نموذجا قابل للتصدير الى دول المنطقة العربية حصرا؟؟ الم يروا أن الاحتلال الصهيو أمريكي أطلق يد أيران في العراق من دون قيد او شرط لتكون شريكا في تدميره وأحتلاله وتصدير ثورتها اليه واليهم حصراً؟؟
أليس عمرو موسى هو القائل في كلمة ألقاها أمام برلمان الاقليم في مدينة أربيل ان (عراقاً جديداً سوف نصل إليه في نهاية المطاف)، وأن (عهداً انتهى وراح وهناك عصر جديد يتهيأ له العراق) فهل هذا هو العراق الذي وعدنا به؟؟. فهنيئاً له بالعراق الجديد ولسوف يسأل أمام الله عن هذا الجديد؟؟
الم يقل مختار لماني اول رئيس لمكتب الجامعة العربية في بغداد في رسالة أستقالته من منصبه (إجتماعات الجامعة العربية بشأن العراق.. لم تكن أكثر من مسرحية إعلامية موجّهه لجمهور لم تعد تنطلي عليه مثل هذه المسرحيات)..وحول العملية السياسية قال لماني (أمّا النخبة السياسية العراقية..... الغالبية العظمى من هذه النخبة لا تؤمن بشيء إسمه العراق).
فلمن أذن تفتح السفارات؟ ولأي هدف يسافر المسؤولون العرب الى بغداد؟ أمن اجل مكاسب رخيصة من عقود ومقاولات أو منح وهبات يدفعها لهم المحتل عربون تآمر على العراق؟ أم أمتثالا لأوامر تخرج من واشنطن لاقبل لهم برفضها؟
بئس السلطة الذليلة، وبئس للمتآمرين على العراق تحت مظلة الجامعة العربية أو الامم المتحدة أو بأسم دعم المصالحة والحرب على الارهاب..!!
وللذين يتوهمون ان الامر قد دان للمحتل وعملاءه الموساديين في العراق، نقول لهم أن المقاومة العراقية الباسلة تقف في الميدان شامخة صلبة تذيق العدو كل يوم عذابات الموت البطيء والرعب والانهيار النفسي لجنوده ومرتزقته. ومن المستحيل ان تصمد حرب عدوانية قوامها الخصخصة وجنودها من المرتزقة أمام شعب مصمم على تحرير نفسه وأرضه، وامام مجاهدين نذروا أنفسهم لفريضة الجهاد وأرضاء الله وأقسموا على تحرير الوطن او الشهادة؟؟ هؤلاء العملاء أركان العملية السياسية قلوبهم خاوية من القيم مليئة بالدولارات الملوثة، لا يقدرون على البقاء يوم واحد بدون قوات الاحتلال.. والمحتل لن يستطيع المطاولة أمام مقاومة وبدأت ولن تتوقف الا بالتحرير الناجز أنشاء الله.
صحيفة الموقف العربي
القاهرة
19/8/2008
شبكة البصرة
السبت 15 شعبان 1429 / 16 آب 2008

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار