السبت، أكتوبر 11، 2008

هل يصلح الوزير البعثي عبد التواب الملا حويش لرئاسة العراق؟

هارون محمد
10/10/2008
يبدو ان ادارة الرئيس بوش اكتشفت مؤخرا أنها أخطأت عندما اعتقدت ان تحالفها مع القيادات الشيعية والكردية واستبعاد السنة العرب عن المشهد السياسي العراقي سيؤمن لها مصالحها في العراق والمنطقة العربية، دون ان تدرك لقلة خبرتها ان السنة العرب هم الرقم الصعب في أي معادلة او عملية سياسية عراقية، وان تهميشهم أو شطبهم عن الخارطة السياسية لن ينتج الا مزيدا من الازمات، واكتشفت ايضا ان قيادات جبهتي التوافق والحوار الوطني وجماعات الصحوات تفتقر الى الغطاء الشعبي في المناطق والمحافظات التي تتواجد فيها، الامر الذي دعا مندوبي وممثلي الاجهزة والمؤسسات الامريكية العاملة في العراق، القيام بحملة واسعة في الاسابيع الماضية تضمنت اجراء اتصالات وعقد لقاءات وارسال وسطاء ومبعوثين الى قادة عسكريين سابقين وشخصيات أكاديمية واخرى اجتماعية وعشائرية خارج العملية السياسية القائمة حاليا، استهدفت استطلاع آرائهم ووجهات نظرهم في موضوع واحد فقط هو: من يصلح لتولي منصب رئيس الجمهورية.. كيف ولماذا؟وواضح من الصيغة المحــددة للاستطلاع ان الجهات الامريكية في عجلة من أمرها لاختيـــار شخصية سنية عربية مناسبة لهذا المنصب وسط أنباء تكاد تكون مؤكدة مفادها ان جلال طالباني في وضع صحي قلق وليست له فرصة للاستمرار في وظيفته ونتائج الفحوصات الطبية في مستشفى مايو كلينك الامريكي الذي أمضى فيه جلال أكثر من شهرين لتلقي العلاج جاءت مخيبة، في الوقت الذي كشفت أوساط كردية في السليمانية التي يتخذ منــها حــزب طــالباني مقرا ومنطلقا له،عن وصية شخصية وسياسية أودعها المذكور لدى المكتب السياسي للحزب قــبل مغــادرته الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية للعلاج وفيهــا حــدد خليفــته في رئاسة حزب الاتحاد الوطني الكردي وحصرها في كوسرت رســـول، واقترح اسم برهم صالح ليكون مرشحا لرئاسة الجمهورية.ولوحظ ان أكثر الاجهزة الامريكية نشاطا وتحمسا لانهاء ملف المنصب الرئاسي في العراق هي: وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) التي جندت خبراء وضباطا متخصصين في قضايا المنطقة العربية وعهدت اليهم مهمات الاتصال واللقاء مع مجموعة كبيرة من الشخصيات السنية العربية تقيم في داخل العراق وبلدان الجوار العربي والامارات وبعض الدول الاوروبية، ولوحظ ايضا ان رجال الوكالة استخدموا خلال لقاءاتهم عبارات قاسية في لوم ادارتهم الامريكية وأداء ممثليها في العراق خلال السنوات الخمس الماضية، وأشاروا الى العديد من الاخطاء التي حدثت وأكدوا صراحة ان أشدها تخبطا هي تأسيس العملية السياسية وفق المحاصصات الطائفية والعرقية والفئوية والمناطقية واعلان دستور دائم يفتقر الى الرصانة الديمقراطية والعصرنة وتشجيع الاحزاب الاسلامية بشقيها الشيعي والسني لتبوؤ الصدارة في المسرح السياسي واجتثاث حزب البعث وحل الجيش العراقي وعدم الاهتمام بالاحزاب والمنظمات اللبرالية والعلمانية واختيار جلال طالباني رئيسا للجمهورية، وعدوا الاجراء الاخير من أكثر الاخطاء السياسية فداحة وضررا بالجانبين العراقي والامريكي، وحسب قول مدير مركز دراسات وابحاث معروف بقربه من أصحاب القرار في واشنطن كان ضمن الطاقم الامريكي في اطار المهمة الجديدة لاختيار رئيس للعراق، في لقاء له مع قائد عسكري عراقي سابق يقيم في دولة عربية، ان الرئيس بوش هو الذي اختار طالباني للرئاسة العراقية لاسباب شخصية وعاطفية وسط معارضة جميع مساعديه ومستشاريه ووزرائه، ومما قاله الخبير الامريكي ان بوش لم يستمع لاراء وتحذيرات مساعديه بان تعيين طالباني في هذا المنصب رغم رمزيته وقلة صلاحياته سيزيد من الشرخ في الكيان العراقي لان جلال حزبي كردي وليس مستقلا في توجهاته وطموحاته، اضافة الى ان هذه الخطوة غير مسبوقة في بلد يشكل العرب فيه أغلبية ساحقة، ولكن الرئيس بوش أصرعلى رأيه بطريقة غريبة وساد اعتقاد لدى المحيطين به انه ربما وعد طالباني بالمنصب في وقت سابق ويخجل من التراجع عن وعده.وعموما .. فان ثمة تحركات جرت خلال الاسابيع القليلة الماضية أخذت اشكالا مختلفة في اوساط التجمعات العراقية ذات التوجهات المعارضة في عدد من الدول العربية، اتصالات مكثفة، مؤتمرات مصغرة، زيارات متبادلة، الموضوع الاساسي فيها هو: ما العمل والاحتلال بات حالة واقعة يجب التعامل معها بطريقة تختلف عن السابق، وساد رأي جامع يقول: يجب الجمع بين المقاومة المسلحة والمفاوضة السياسية، بمعنى ان تستمر المقاومة في منهجها وفعالياتها ضد الاحتلال مع الطلب منها تعيين ممثلين سياسيين لها تثق بهم وتعترف بتوصياتهم وقراراتهم مسبقا، يشتركون مباشرة او نيابة في الاجتماعات واللقاءات السياسية مع المسؤولين الامريكيين وتحديد عام واحد كفترة مفاوضات من الممكن ان يكون نصفه الاول هدنة يتفق عليها بين المقاومة والجانب الامريكي وبعدها تكون الامور واضحة بالنسبة الى العديد من القضايا مثل طبيعة العملية السياسية والانسحاب والانتخابات النيابية واختيار الحكومات وغيرها.وقد برز مؤخرا السيد عبد التواب الملا حويش وهو وزير بعثي سابق يحسب على طبقة التكنوقراط ، طارحا نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية منطلقا من دعم اوروبي واضح من خلال زياراته لعدد من عواصم الدول الاوروبية ومشاركته في اجتماعات ومؤتمرات عقدت فيها اتخذت طابعا اقتصاديا وصناعيا، وثمة معلومات يروجها انصاره في دول عربية تشير الى ان الجهات الامريكية وسطت دولة اوروبية يعتقد انها ألمانيا التي يقيم فيها منذ قرابة عام الى جانب زوجته الالمانية الاصل، للحديث معه وتبادل الرأي واياه في قضايا سياسية في مقدمتها تمهيد الاجواء والارضية المناسبتين لاختياره رئيسا للجمهورية بدلا او خلفا لجلال طالباني، ويقال ايضا ان الامريكيين اوصلوا اليه كلاما مفاده انهم لا يعترضون على شخصه او بعثيته او ممارساته الوظيفية السابقة كوزير للصناعة والتصنيع في حكومات النظام السابق، ومما يردده أنصاره ان المحققين الامريكيين أمضوا عدة شهور وهم يحققون معه عند اعتقاله عقب الاحتلال، وطلعوا بنتائج عنه منها أنه صغير في مرتبته الحزبية، كبير في كفاءته العلمية، نزيه في وظائفه السابقة ومعتدل في توجهاته السياسية ولم يسجل عليه طيلة الفترة الطويلة التي شغل فيها ادارة الكثير من المؤسسات والوزارات أية تجاوزات او اختلالات او فساد واختلاسات، ولم يثبت عليه انه قام بانتهاكات شخصية او سياسية اوحقوقية، اضافة الى انه من اسرة عراقية وعربية مرموقة في محافظة الانبار، مسالمة ولها صلات وعلاقات تاريخية واجتماعية مع بيوتات وعشائر ونخب عراقية في بغداد والمحافظات. ولكن هذه المزايا والمواصفات التي تصب في صالحه لم تمنع ظهور ملاحظات وآراء نقدية ضد نشاطه وتطلعاته، بعضها جارح وشديد وخصوصا من الاوساط البعثية التي ترفض أي شكل من أشكال التعاون او المهادنة مع الامريكيين، وهذه الملاحظات والانتقادات كانت حادة جدا من البعثيين المرتبطين بجناح عزة الدوري الذين وصموه بشتى التهم منها انه تصرف بأمانة مالية أودعها لديه الرئيس الراحل صدام حسين قبل الاحتلال بفترة وجيزة ولم يعدها الى الحزب، علما بانه من الجناح الاخر بقيادة محمد يونس الاحمد وهو الجناح الذي يعتبر نفسه حزب البعث الشرعي.ويبدو ان السيد عبد التواب لم يكترث لما تلقاه من انتقادات وهجمات، وانما صّعد من تحركاته واتصالاته ونجح في جمع عدد من المؤيدين لطروحاته وتطلعاته، من الاكاديميين والاقتصاديين والخبراء والاساتذة الجامعيين اضافة الى جنرالات سابقين ورؤساء عشائر وعمداء بيوتات، بدأوا حملة دعائية ناشطة لصالحه تشيد بشخصيته وتمتدح علميته وتثمن انجازاته في وزارتي الصناعة والتصنيع العسكري، وأحدهم وهو جنرال عسكري سابق ذهب الى القاهرة في الاسبوع الماضي لمفاتحة الجهات المصرية بموضوع دعمه، في حين أجرى اصدقاؤه وزملاؤه سلسلة اتصالات مع مسؤولين عرب هدفت الى التعريف به وبمكانته وأهليته لتولي رئاسة الجمهورية العراقية، في وقت لم تصدر أية ردود فعل ايجابية أو سلبية من قيادة حزب البعث / جناح الاحمد، الذي يرتبط به الملا حويش، ويسود اعتقاد لدى أوساط سياسية وصحفية عراقية في عواصم خليجية يشير الى ان ثمة مساندة عربية خفية عبر وعود وتعهدات التزمت بتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي الى عبد التواب الملا حويش ليكون رئيس العراق المقبل، والايام المقبلة ستكشف المزيد من المعطيات والتداعيات السياسية حول هذه القضية سنلاحقها ونتابعها ونعرض ابرز أبعادها وجوانبها تباعا.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار