الأحد، أكتوبر 05، 2008

حركات مسلحة من الصحوة وغيرها تتجه لطلب العون من موسكو بعد تخلي واشنطن عنها



الكاتب الامريكي روبرت دريفوس
في لقاء خاص مع مجلة «ذا نيشن»، يقول قائد «حركة الصحوة» السنية في بغداد ان من المرجح جدا ان تؤدي الهجمات التي تشنها قوات الحكومة العراقية والميليشيات المتحالفة معها ضد زعماء وعناصر الصحوة الى بروز حركة مقاومة سنية جديدة تستهدف بدورها الجنود الامريكيين والعراقيين وقوات الشرطة. وعرض هذا القائد الذي يُدعى أبو عزام سيناريو لانفجار جديد في العراق ينسف الاعتقاد الامريكي السائد بأن زيادة عدد القوات الامريكية في العراق بين عامي 2007 و2008 هو الذي حقق الاستقرار في هذا البلد الذي مزقته الحرب. فقد اكد أبو عزام ان ظهور حركة الصحوة عام 2006 هو الذي ادى لسحق القاعدة في العراق ونشر الامن والنظام في محافظة الانبار وبغداد على الرغم من نجاح عملية زيادة عدد القوات الامريكية في اخماد بعض اعنف الاشتباكات الطائفية. غير ان حكومة نوري المالكي، التي يسيطر عليها الشيعة، تنظر الى حركة الصحوة التي تتألف من 100 الف مقاتل من السُنة في محافظات الانبار،و صلاح الدين وديالي وفي الضوايح الغربية لبغداد نظرة يشوبها شك عميق لأن هذه الحركة التي تتولى الحكومة العراقية المسؤولية عنها الآن بدءا من اكتوبر تتألف من الكثيرين من البعثيين وضباط الجيش السابقين من عهد نظام صدام حسين ومن تشكيلة من القوميين العلمانيين.
كما تتضمن هذه الحركة، التي يشير الامريكيون اليها باسم «ابناء العراق»، آلاف عدة من رجال المقاومة العراقية التي نشطت بين عامي 2003 و2007.
لذا، ثمة احتمال خطير لأن يتبدد الهدوء النسبي القائم في العراق منذ سنة اذا ما دخلت حكومة المالكي وميليشيا لواء بدر التابع للمجلس الاسلامي الاعلى في العراق والمؤيد لإيران في صراع مسلح مع قوات الصحوة للسيطرة على بغداد.
لذا، تحاول الولايات المتحدة دفع المالكي الآن لمساندة حركة الصحوة من خلال تقديم راتب شهري لكل فرد منها يتراوح بين 300 و500 دولار. كما تعهد الضباط الامريكيون في نفس الوقت بضمان استمرار تمويل هذه القوات السنية، ومنع النظام من شن هجمات عليها أو القيام بأعمال انتقامية ضدها.
لكن على الرغم من هذا، ثمة شعور بالقلق واسع الانتشار لدى السكان السنة بأنهم سيجدون انفسهم وحيدين بالنهاية لأن واشنطن لن تتخلى عن حكومة بغداد الطائفية والموالية لإيران.
وفي هذه الحالة ربما يتحول الكثيرون من السنة للبحث عن مصدر آخر غير متوقع كي يقف بجانبهم. هذا المصدر كما يقول مسؤول عراقي سابق رفيع المستوى هو روسيا، فالروس نشطون جدا الآن اذ هم يتحدثون اليوم مع عراقيين كثيرين منهم زعماء من المقاومة واعضاء من حركة الصحوة في دمشق. وما يشجع روسيا على هذا النشاط هو تطلع الكثيرين من البعثيين وضباط الجيش العراقي السابقين في دمشق وعمان وداخل العراق نحو روسيا للحصول على المساندة لا سيما ان موسكو تبدو عازمة على اعادة تأكيد نفسها في الشرق الاوسط.
وفي هذا السياق يقول هذا المسؤول: يعتزم الروس القيام بدور قوي مع السُنة، ولقد سمعت هذا من اعضاء الصحوة في دمشق وعمان ذكروا انهم سوف يتجهون للروس اذا ما تخلى الامريكيون عنهم.
يقول أبو عزام، الذي ساعد في تشكيل حركة الصحوة في منطقة بغداد، ان المئات من مقاتليه تعرضوا للاغتيال على ايدي لواء بدر خلال الاشهر الماضية. وتلاحظ صحيفة «نيويورك تايمز» ان حكومة المالكي امرت بإعتقال 650 قياديا من الصحوة في منطقة بغداد اضافة لمئات آخرين في محافظة ديالي. ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع عن لواء بدر يُدعى جلال الدين الصغير قوله: لا تستطيع الدولة قبول الصحوة، لقد باتت ايامها معدودة.
ويُذكر ان حكومة المالكي كانت قد تعهدت بدمج ما نسبته %20 من قوات الصحوة في الجيش والشرطة، لكن معظم السنة يرون في هذا التعهد شيئا لا معنى له يستهدف ارضاء الامريكيين فقط.
حول هذا، يقول احد قادة الصحوة: يقول المالكي للامريكيين ما يحبون سماعه، وانا اقول لهم دوما ان ما يقوله المالكي لهم ليس سوى خدعة لكنهم لا يدركون هذا على ما يبدو، انهم ساذجون وهم يعرفون في نفس الوقت ان المالكي يعمل على نحو وثيق مع الايرانيين، لذا اتساءل دائما: لماذا يصدقونه ويستمعون له؟
من ناحية اخرى، يقول أبو عزام ان ابقاء ما نسبته 80 بالمائة من قوات الصحوة خارج قوات الجيش والشرطة يعني انهم سوف يفقدون عملهم وسوف يشعرون بالتالي بالغضب. كما ان خطة الحكومة لاستخدام %20 من عناصر قوات الصحوة في مناطق غير مناطقهم هي خطة فاشلة لأن هؤلاء يعرفون طبيعة احياءهم ويعرفون الكثير حول الموالين للقاعدة وللمتطرفين السنة. كما ان استبدالهم بوحدات من الجيش العراقي مؤلفة في معظمها من قوات شيعية هو امر اشبه بالكارثة وربما يؤدي لحرب اهلية جديدة.
لكن مهما يكن الامر، يُعرب خبراء الشؤون العراقية في وشنطن عن اعتقادهم بأن الروس لن يؤيدوا على الارجح قيام قوة مقاومة جديدة في العراق على الرغم من انهم لا يستبعدون مثل هذا الاحتمال بالكامل. فقد اعلن صلاح مختار، الذي كان مساعدا لطارق عزيز وزير خارجية العراق سابقا، ان خطوة روسيا الوقائية في جورجيا تنطوي على مغزى كبير من الناحية الاستراتيجية من حيث توقيتها واهدافها وتكتيكها، ودعا روسيا للاهتمام بشكل مباشر بالعراق، وقال: يمثل العراق نقطة ضعف للولايات المتحدة، لذا يمكن دفن المشروع الاستعماري الامريكي الذي يسيطر على كوكبنا في العراق. ومضى مختار قائلا: فقط من خلال مساندة المقاومة العراقية الوطنية وتعزيز قدراتنا العسكرية نستطيع تسريع نهاية الاستعمار الامريكي في العالم. والامر الاساسي لهزيمة الولايات المتحدة وعزلها هو قيام روسيا بدعم المقاومة العراقية بشكل مباشر أو غير مباشر، ان العنصر الاساسي لتحرير العالم من السيطرة الامريكية يكمن في دخول روسيا معركة العراق.
لكن على الرغم من هذا التحجج الذي ينطوي على الكثير من المبالغة، من غير المستبعد فعلا ان تفكر روسيا في مواجهة الولايات المتحدة بالشرق الاوسط بشكل مباشر اكثر، غير ان مثل هذا الاحتمال يعتمد على حدوث تدهور كبير في العلاقات الروسية - الامريكية حول جورجيا، ايران وغيرهما من مسائل الخلاف الاخرى.
وثمة احتمال آخر ايضا لأن يكون عملاء الاستخبارات الروسية يعملون بهدوء مع العراقيين.
لذا، على الرغم من الهدوء الخادع السائد الآن في العراق ما يزال هذا البلد معرضا لانفجار كبير، ليس فقط لأن الحرب بين السُنة والشيعة يمكن ان تشتعل من جديد بل لأن هناك مشكلات اخرى خطيرة يمكن ان تتطور في الشمال وتتعلق بتطلعات الاكراد لتوسيع سيطرتهم على الارض ورغبتهم في السيطرة ايضا على محافظتي ديالى والتأميم الغنيتين بالنفط وهو امر يرفضه سُنة وشيعة العراق على حد سواء.
وثمة احتمال ايضا لأن تعود قوات رجل الدين مقتدى الصدر لتأكيد نفسها من جديد وبدعم ايراني اذا ما استسلم المالكي للمطالب الامريكية بشأن اتفاقية بقاء القوات الامريكية في العراق وتخلى هذا البلد عن الكثير من سيادته لقوات الاحتلال.
تعريب: نبيل زلف

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار