بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
شبكة البصرة
كاظم عبد الحسين عباس أكاديمي عراقي
ان عظمة الاعتذار تكمن في كبر الفعل الذي أوجب الاعتذار ذلك لان الاعتذار عن صغائر الأمور ليس أمرا كبيرا. من هنا أبداء برسالتي هذه إلى الأستاذ طالب الشطري الذي لا يعرفني ولا اعرفه الا من خلال قراءتي المتواصلة لما يجود به قلمه الفذ في موقع كتابات. وقد حاولت مرة ان اجعله يعرفني من خلال كتابة موضوع بسيط إلى موقع كتابات ولكن الأخوة في الموقع وجدوا موضوعي غير أهل للنشر فأهملوه وأظن ان الإهمال قد جاء لان في بعض فقرات المقال إطراء للنظام الوطني السابق وقيادته. ويبدوا ان الأخوة في موقع كتابات لا ينشرون مقالا فيه إطراء او تذكير بفضائل النظام الوطني الذي أسقطته أميركا إلا إذا جاءت من معارضين سابقين للنظام وساهموا بشكل او بأخر في احتلال البلد... لماذا؟ هم أولى وأدرى بالإجابة.
على أية حال، كوني شيعي عروبي وطني، وكوني احد أساتذة الجامعات العراقية منذ منتصف الثمانينات وحتى تاريخ اجتثثنا بواسطة قانون الاجتثاث الذي اتفقت عليه أطراف المعارضة العراقية وتولى بريمر مهمة اصداره وتنفيذه وكونى مجرم من الطراز الاول فى القتل بالسكاكين والرصاص وبأحواض التيزاب شاني شان الآلاف من أساتذة الجامعات وعلماء العراق الآخرين فاستحقوا الموت بفتاوى السيد كاظم الحائرى وبرصاص عراب التحرير السيد احمد الجلبى والإقصاء والاعتقال والتهجير بإرادة العائلة الحكيمية فقد كان لمقالاتك موضع البلسم على الجرح.
شاءت الصدف ان التقى بعد أسابيع من الاحتلال وأنا ازور قريب لى عاد توا من ايران وكنت احسب انه احد الأسرى المحتجزين قرابة ثلاث وعشرون سنة بشخص قدمه لي قريبي على انه احد نجوم المعارضة العراقية في مجال العمل الاعلامي والذي ساهم بفضح النظام السابق فى القنوات الفضائية وسواها من وسائل الأعلام. كنت فى مضيف وليس بوسعي ان اترك المكان الا وفق طقوس المضيف التى تعرفها جنابك. ويبدوا ان قريبي قد لاحظ تململى وعدم ارتياحي من اللحظة التي بدا فيها (السيد) يتحدث عن بطولاته وعن إنجازات المعارضة في أول أيام استلامها للعراق الجديد. بادر قريبي لسؤالي عن رائي في التغيير وعن قراءتي لهذا الإنجاز العملاق الذي حققته أميركا والمعارضة فى تحرير العراق. عندها طفح كيلى وقلت لهم ما يلي:
1- انا بعثى صدامى وانتم طال الزمن ام قصر ستكونون الجلادين.
2- انت يا(سيد) كذاب من بداية المشوار فالى اى صفة اخرى ستتحول ان اعييتك الايام القادمة؟
3- انكم متناقضون مختلفون وانتم فى فنادق لندن فكيف ستتفقون وانتم تلهثون وراء مكاسب الوضع الجديد؟
4- ستتناحرون وتقتتلون وستجرون البلاد الى طائفية تسبح فى نهر من الدماء والتدمير الذي سيسجله التاريخ على انه اسؤا ما حصل فى التاريخ الحديث.
5- أنكم ستجرون البلاد الى طوفان لا يعرف احد سوى الله سبحانه اين قراره.
ثم استأذنت وغادرت وانا احمل معى ارتجاف ضلوع تنوح على عراق كان ثم مضى وفق قناعاتى المتواضعة ووفق رؤية لا تسعفها قدرات تحليل فذة بل تتعكز على خوف الحبيب على عشقه الازلى!!!. ثم مرت السنوات واذا بتوقعاتي تلك تكون مجرد خط واحد فى مستطيل ضخم من الخراب والتدمير في كل مناحي الحياة.
آخى الكريم :
الاعتذار والتوبة تقتضى أول ما تقتضى ان نبحث فى حيثيات الفعل الذي غادرناه معتذرين لنكتشف بوضوح للذات النقية الجديدة سبل أخرى تخرجنا من دائرة الإحساس بالذنب المعرقل لانطلاقة يرضاها الله وتفيد الوطن الجريح والا فان الاعتذار والاعتراف بالذنب لن يكون سوى ممارسة ذاتية مجردة لا تليق بكبر المعتذر عن الكبائر. ثم ان مواهبك وعمق وطنيتك ونقاء السريرة التي نقراءها من مقالاتك الرائعة تحتم عليك وتنيط بك دورا أنت أهل له لما ظهر عنك من رجولة وشجاعة وأنت تعلن عن موقفك العراقي الشريف بجراءة نادرة ليس لأنك العراقي ا لوحيد الذي يمتلك مثل هذه الجراءة بل لأنك قد خرجت توا من شرنقة التفت حول عنقك وقادتك إلى قناعات لم تكن في موضعها الصحيح........ ولعمري لا يعيب الرجال ان تخفق فى شق من مقتطفات ومحطات جهدها وعملها انما يعيبها كما تعلم ان تكتشف عثرات خطوها وتستمر بالمكابرة. فلتنطلق اذن ايها العراقى الشهم مادمت قد عبرت حواجز من تاخذهم العزة بالاثم.
اظنك ترى وتجد أنى لا امثل الان حزبا ولا نقابة ولا شريحة بل امثل نفسي فقط. ولكنك تدرك في ذات الوقت ان الذات النقية المتنورة المجتهدة يمكن ان تمتد بشمولية رائدة لتمثل امة كاملة ولنا فى رسول الله صلى الله علية واله وسلم اسوة حسنة وفى على والحسين نماذج فى تمثيل الفعل الجمعي وتسجيل الذات على انها عشيرة وقبيلة بل بلد وأمة وتوجهات. فرغم اننى بعثي الا انى لا اجد نفسي أتعارض معك الان حتى لو شتمتني لانى أتعكز على مشترك بيننا هو حب العراق والرغبة الجادة فى البحث عن كل المخارج التي تعيده لأهله وطنا للحب والتالف والتزاوج والتطلع لدور انسانى رائد وشعب يستحق الرفاهية والأمان والخدمات والوضع على درب النهوض الحضاري الشامل من جديد. وبما انك قد لعنت علنا وصراحة كل الفعل الذى جرنا الى هذه الهاوية السحيقة فانك والله متفوق على عناصر متحزبه وحسب فى حزب البعث العربى الاشتراكى فاخذها مهب الريح الى حيث مزابل التاريخ متساوية فى نتائج فعلها مع الجلبى وعلاوى والهاشمى والحكيم والجعفرى والمالكى ومن أسميتهم بالمتكردين. وانت افضل من من يدعى الوطنية فى زوايا مظلمة من بلاد الشام ليتاجر بالجهاد والمقاومة ليغتنى فى هذه الحياة الزائفة. ويعز علي اخى الكريم طالب الشطرى ان اقارنك بعبد الجبار محسن ووفيق السامرائى ورعد الحمدانى وعناصر اخرى كانت تغرف من عطايا الشهيد المرحوم صدام حسين وها هى الان تغنى المواويل على قصص وروايات كتبتها اقلام مخابرات الدول لقاء اجر بخس ملوث بالعار والخسة حتى لوكان تعداده بالملايين.
ان فعل قلمك جبار وموضع قدمك او حضورك المادى والاعتبارى فى وسط وجنوب عراقنا المفدى وبين اهلنا الشيعة العرب الغيارى يؤهلك ان تكون مفتاحا لتاجيج روح الرفض للاحتلال وافرازاته مثلما انت مؤهل لانارة عقول وبصائر الملايين بكلامك الصادق الخير عن حقيقة الادعياء السفلة من اهل الهوى الفارسى الغادر ان لم نقل انهم فعلا ادوات بلاد فارس فى اختراق حصوننا وهتك اعراضنا والعمل الدؤوب لاحتلال بلدنا. ان ثروتك الفكرية وقدراتك فى التعبير عنها يمكن ان تشكل مع جهد الاخيار والمتنورين وهم كثر ولله الحمد انطلاقة جبهة الفعل الرافض ولكى تمتد حلقات الفعل العراقى الشريف من ام قصر البطلة حتى دهوك السليبه.
هكذا نكون، وبغض النظر عن تشكيلاتنا وتكويناتنا السياسية والاثنية والعرقية، مكاوير ثورة العشرين وهتاف امراة قد تكون امى او امك (بس لايتعذر موش انه)... وبغير ذلك ياسيد الموقف الشريف نظل نلعن بعضنا ونتثائب على اكوام الذباب عند فوهات افواهنا ونغيض بعضنا لكى يستمر الاوغاد يمعنون بتمزيق جسدنا ويعتدون ليل نهار على ذكاءنا وعقولنا وهم يعملون مع الامريكان لاكمال صفقة بيعنا للعجم وانهاء صهيل خيول عصفت يوما بامبراطورية المجوس وانهاءدين اراد له الله ان يطفئ نار المجوس ويمزق ايوان كسرى. انت وانا وكل جنوبى غيور علية ان يلتحق بركب الرفض والمقاومة العراقية وفى ذلك ارتفاع جديد بهذه المقاومة الى مصاف النصر الناجز وارتقاء بها الى مواقع الطهر التى تستحقها بانها مقاومة كل العراقيين وليست اثام القاعدة ولا ديوثية جيوش الشيعة التى ترقص فى الليل مع غانيات الاحتلال وتاكل على موائد البرلمان المزور وتغرف من فساد الوزارات وفى الصباح تضحك على اولاد الخايبه وتجندهم لتكون تيارات واحزاب تمتلك الساحة زورا وكذبا وبهتانا.
حياك الله تحية عراقية خالصة بكلمات خرجت من شغاف القلب لا مرائية ولا منافقة لانك قد لاتعرفنى حتى تقوم الساعة الا اننى ابن الجامعات التى تاسست فى بابل والكوفة وكربلاء وذى قار وواسط والمثنى وانا ابن عشرات المصانع التى غمرت العراق من فوهة المحمودية حتى مرافئ بصرتنا الفيحاء مدينة المدن وانا ابن العلم الذي نشر فى مجلات العالم المتخصصة فى شتى العلوم الطبية والهندسية والزراعية والتجارية والالكترونية والصرفة وانا ابن القادسية وام المعارك والحواسم حتى لو كنت جنابك لا ترى في ذلك ما يسرك اذ علينا ان نقبل بعضنا بعيدا عن العواطف والمشاعر قريبا من الله ودينه الحق ومذهبنا الذي فرخته بنى هاشم اليعربية وليس الخمينية ولا السيستانية مع احترامنا لمن لايريد ان يحولنا الى محض عبيد.
حياك الله وحيا فعلك العراقي الشريف ووفقك ومن هم على خطاك فى البحث عن حل ستقتنعون يوما انه موجود وسار عليه أخوة لكم من قبلكم وما عليكم الا ان تنطلقوا مع من تستطيعون تحشيده من شعبنا العظيم. وكفانا ملامة وجلد للذات فما مضى قد مضى وان غدا لناظره لقريب وما النصر الا من عند الله سبحانه.
وعذرا للإطالة سيدي الفاضل.
شبكة البصرة
الخميس 28 صفر 1429 / 6 آذار 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق