الجمعة، ديسمبر 26، 2008

من هو صــــــــدّام حسيـــــــــن؟(3)


د. أمير البياتي

" مثلما لايمل المعسكر المعادي – معسكر المحتل وأعوانه وعملائه والمنتفعين منه وبه- من تشويه مسيرة البعث العظيم زوراً وبهتاناً متناسين الانجازات العظيمة التي حققها الحزب وهو ينتقل من تحدٍ الى تحدٍ أكبر، ومثلما يُصر الآخرون على النيل من صورة سيد شهداء العصر في كافة مراحل نضاله ويحاولون شيطنته، وينسبون إليه ماليس فيه،،، فإن واجبنا أن لانمل من نشر الحقائق وتوضيح الصور خصوصاً أن هناك دائماً دماً جديداً يدخل الى الشبكة كل يوم وهو يبحث عن الحقيقة حول كل مايسمع ويشاهد، وحرام أن نخسر مثل هذه العناصر بسبب خوفنا من التكرار."

عندما تيقنت الدوائر المعادية لمشروع النهضة العربية وبما لايقبل الشك أن "حفنة الشباب" الذين يقودون المسيرة في بغداد ليسوا مغامرين عسكريين ولا هم بشباب نزقين، وإنما مجموعة آمنت بربها وبقدرها، ونذرت نفسها لمبادئها، فإنها أصدرت وكما أسلفنا أحكامها بالإعدام على رأس المجموعة الشاب المناضل صدام حسين، وأنتظرت أربعاً وثلاثين سنة لتنفيذ الحكم بالشهيد الخالد... لكن إنتظارها هذا لم يكن إنتظاراً ستاتيكياً جامداً بل كان إنتظاراً داينميكياً متحركاً ومتفاعلاً مع كل فرصة تسنح لتنفيذ الحكم، وكان يتعامل مع أنصاف الفرص ليخلق منها مناسبة يحاول من خلالها تنفيذ حكم الإغتيال أو الإعدام- لا فرق مستعينة بشتى أصناف الطيف من العملاء والمتعاونين والطامعين. غير أن إرادة الله فوق كل إرادة، وكان الحس الأمني العالي الذي تمتع به الشهيد هو الخط الفاصل بين الحياة والموت في كثير من المناسبات.

وكان تسلم النظام الجديد للسلطة في إيران وعلى رأسه الخميني المشحون بالضغينة على العراق وقيادة العراق فرصة ذهبية لواشنطن وحلفائها لدفع الإيرانيين لمحاولة زعزعة الأمن والإستقرار في العراق، ومحاولة جديدة وجادة للتخلص من النظام العراقي المزعج، ومن رأس القيادة العراقية صدّام حسين.

وبدأت التحرشات الإيرانية بالعراق في وقت مبكر من إستلام خميني وأعوانه مسؤولية الحكم، وكانت تلك التحرشات أكثر من جدية ومؤذية وصلت لحد محاولة إغتيال بعض القيادات العراقية- ومنها محاولة إغتيال الرفيق طارق عزيز"فك الله أسره" في الجامعة المستنصرية- ثم تعدتها للبدء الفعلي بالأعمال العسكرية في 4/9/1980 بقصف متقطع ومتواصل للقرى الحدودية في قاطع ديالى- أخبرني أحد من التقيتهم من أهالي مندلي أنهم كانوا يؤدون الدور الثاني من الإمتحانات الوزارية تحت قصف المدفعية الإيرانية،،، وبلغ السيل الزبى وكان على القيادة أن تفهم الإيرانيين أن للعراق رجالاً يحرسونه وإن للصبرالعراقي حدود وإن الحُلم لا يعني الضعف، وبعد أن فشلت كل الجهود الدبلوماسية لوقف الأعمال الخرقاء هذه تصدى العراق للعدوان بتعرض واسع في 22/9/1980، تم فيه تطهير مناطق واسعة من الجبهة الحدودية من التواجد العسكري الإيراني...

وكانت الحرب العراقية-الإيرانية التي أستمرت ثماني سنوات ولم تتوقف إلا بعد أن أيقنت القيادة الإيرانية وبما لايقبل الشك أن إيران قد هزمت في الحرب وهزمت معها كل النوايا الخبيثة في العراق والى زمن غير منظور!

وبرزت الموهبة العسكرية لصدّام حسين الذي بلغ الآن الثالثة والأربعين من العمر بشكل لايمكن تجاهله، وبدأ عصر القيادة من الصف الأمامي بالعودة الى الذاكرة العربية بعد غياب طويل طويل... فقد كان يرحمه الله يتجول بين جنوده في كل قواطع المنازلة تحت القصف المعادي ويشارك في الفعاليات العسكرية ويبهر العسكريين ضباطاً ومراتب بقراراته الشجاعة والحكيمة في أصعب وأعقد الظروف، وكان لكثير من قراراته العسكرية تأثير حاسم في كسب العراق للحرب الأطول في التاريخ المعاصر.

غير أن الأكثر أهمية في قيادة صدّام حسين للحرب هو وعيها الكامل بأن هدف العدوان لم يكن عسكرياً حسب، وإنما كان يستهدف النموذج العراقي كنموذج للإستقلالية ، والتنمية التي كانت تسير بشكل إنفجاري في العراق، كما كانت تستهدف إرباك علاقات العراق الخارجية مع مختلف دول العالم، ومحاولة إلهاء العراق عن القيام بدوره القومي والإنساني، إضافة الى أهداف أخرى تتعلق بضرب الوحدة الوطنية العراقية في أهم نقاط قوتها معتمدين فيها- خسئوا-على اختلاف المذهب بين العراق وإيران،،، كما كان للحرب بعدها العربي أيضاً متمثلاً بمتاجرة القيادة الإيرانية بشعار تحرير القدس عبر تحرير بغداد!!! وكانت خطط القيادة العراقية تصب في الضد من مخطط الأعداء، فهي تسعى الى كسب الحرب عسكرياً، وكسبها تنموياً من خلال إستمرار عملية التنمية خلال مدة الحرب، وأن تكسب الحرب من خلال تعزيز الجبهة الداخلية وتقوية روابط الأخوة الوطنية العراقية دون أن تنسى دورها القومي الفاعل. وفوق كل هذا وذاك، كان على القيادة البعثية أن تضع جهداً لا بأس به لتعزيز الأمن الداخلي وتوفير مستلزمات العيش الطبيعي للشعب العراقي ورعاية أسر العسكريين والشهداء والتأقلم مع مستجدات فرضتها حرب طالت ثماني سنوات وحملت معها تداعيات إقتصادية وإجتماعية وبيئية بل وسلوكية خطيرة. كما كان على هذه القيادة أن يكون لها التأثير السحري في تفجير طاقات العراقيين في البناء والأبداع، وفي تفجير بطولاتهم على كل الجبهات العسكرية والمدنية فكانوا أبطال الميدان وفرسانه، وكان لتضحياتهم الأثر الفاعل في تجرع "خميني" لكأس السم وقبوله بوقف الحرب.

ولكن تداعيات الحرب كان لها التأثير الأعظم في تشكيل تحديات المرحلة التي تلت الحرب، وكانت تتطلب قرارات شجاعة وحكيمة، وكان على صدّام حسين أن يتخذ تلك القرارات...
وللحديث بقية.
يرجى الاشارة الى ابطة عراق الاحرار عند اعادة النشر او الاقتباس

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار