الجمعة، نوفمبر 14، 2008

السفير مختار لماني : المالكي طائفي حتى النخاع


شبكة البصرة
تعيد شبكة البصرة نشر المقابلة مع السفير مختار لماني الممثل المستقيل للجامعة العربية في العراق، والتي نشرتها عدة صحف عربية يوم 14/11/2008 . وتكتسب خلاصات السفير لماني أهميتها من أنها خلاصة تجربة سنة كاملة عاشها في بغداد مع ممثلي الأحزاب الطائفية في الحكومة المنشأة في ظل الإحتلال، وصل في نهايتها الى قناعة بأن هؤلاء لا يفكرون بشيء إسمه العراق ولا مستقبل لهم فيه، وأن الجامعة العربية ليس لديها رؤية عربية جادة ومتماسكة لمساعدة الشعب العراقى . ونهدي هذه المقابلة لممثل الجامعة العربية الجديد المصري هاني خلاف الذي (أبهره) علم السيستاني!!!.

وادناه بعض خلاصات وآراء السفير لماني الواردة في المقابلة :
- المالكى رجل طائفى حتى النخاع، فهوينتمى لحزب طائفى، وهو حزب الدعوة الشيعى الذى انقسم إلى ثلاثة أحزاب، وسيزدادالانقسام أكثر، لأن الصراع على السلطة رهيب فى العراق.

- الذين استلموا الحكم في العراق لم يكونوا قادرين على الحكم حتى فى المنطقة الخضراء، وقال لى عدد كبير من المسؤولين العراقيين إن الإنتخابات العراقية كانت مزورة، وإن قرار إجراء الانتخابات اتخذ فى واشنطن.

- الحرب ضد العراق غير شرعية، فأكبر دولة فى العالم رئيسها -طلع فى دماغه- لأسباب تبين أن كلها كاذبة- أن يشن هذه الحرب.

- المقاومة العراقية لها مشروع وطنى واضح لإنهاء الاحتلال،

- الدين ذو البعد الطائفى، يلعب دوراً أساسياً فى العملية السياسية. فمثلاً تعين فلاناً لأنه ولد شيعياً.. فالحزب الشيوعى يسأل هل هو شيعى أم سنى؟ وهذا أمرمضحك..ولكن هذا جزء من الواقع المؤلم الذى عانى ولايزال يعانى منه العراق .

- طرحت على المسؤولين الأميركيين هذا السؤال : كيف يعقل أن الدستور الأميركى مبنى على المواطنة، وتساعدون فى وضع دستور طائفى (في العراق) .

- ما أريد من الفدرالية فى العراق أشياء أخرى لاعلاقة لها بالنظام السياسى، فالمجلس الأعلى يقول إنه مع فدرالية الوسط والجنوب، أى إذا انشق العراق فإنه سيحصل على دولة فيها البترول والأماكن الدينية فى كربلاء والنجف.

- بنى الأميركيون جدراناً حول حى الشعلة أو حى العدل وكل الأحياء ..وأصبحت الجدران جزءاً من الحياة اليومية العراقية .. العراق يحتاج إلى الأمن وهذا بدوره يحتاج إلى مشروع سياسى ناجح يضم كل العراقيين وهذا غير موجود.

- حاولت إيران أن تربط جميع الفرقاء العراقيين بها بمن فيهم السنة كما لعبت سوريةالدور فى لبنان فى الثمانينات...أعتقد أن كل الأجهزة الإيرانية الكثيرة والمتواجدة فى العراق كل واحد فيها عنده مهمة مع طرف معين .. وللأسف عندما طلبت كونداليزا رايس من العرب إرسال سفراء للعراق فلتكرس وضع العراق كميدان لحروب لاعلاقة للشعب العراقى بها، حروب بين إيران وأميركا، وتريد من العرب أن يلعبوا دوراً فيها بالشكل الذى تريده واشنطن ...وأنا مقتنع أن الوزراء المالكى إذا أجبر على الخيار ما بين أميركا وإيران فإنه سيختار إيران،ولاحظنا ذلك فى الموقفف الإيرانى تجاه اتفاقية وجود القوات الأمريكية، - صوفا - فإذا ضربت إيران على الطاولة فلن تعقد إتفاقية الصوفا…. لا أتوقع أن يوقع المالكى على اتفاقية وضع القوات، لأن إيران قالت لا .

- قال لى العراقيون إن أولادهم كانوا يخرجون للجامعات بأمان، والآن يخافون من اختطاف أولادهم من داخل البيوت. لايوجد مقارنة بالأمن السائد فى عهد صدام وبعد 2003، وماقامت به أميركا فى العراق لم يكن ديمقراطية بل كان تدميراً وهدماً للعراق بالكامل.

- يجب وضع مشروع سياسى يضم كل العراقيين وهذا شرط، بدونه لن يتم أى شىء.

- يسألني الأميركيون دائماً سؤالاً يضحكنى وهو: ماذا سيحصل إذا انسحبنا؟ وأجيب : الفوضى حلت فى العراق منذ أن دخلتم فماذا سيكون أكثر من ذلك!

- سمعت كلاماً طائفياً كثيراً من القيادة الموجودة فى العراق وحتى أنهم كانوا يسألون مساعدي العراقى، من أى طائفة هو قبل أن يتكلموا.. هم كلهم سجناء ردود فعل عمياء وتطرف.

- أميركا شنت الحرب ضد العراق، ومن انتصر هى إيران.. ولكن لن تدوم الأمور بهذا الشكل.

- الحل الحقيقى للعراق يكون من خلال إنجاح مشروع سياسى يضمن لكل العراقيين حقهم فى بلدهم، وهذا غير موجود ولايوجد استعداد عند الجهات المسؤولة .... لانعدام الثقة بين كل الأطراف العراقية.

وأدناه نص المقابلة :

مختار لمانى: المالكي طائفي حتى النخاع
واشنطن 14/11/2008
اتهم (مختار لمانى) مبعوث جامعة الدول العربية لدى العراق الذي ترك منصبه بإرادته رئيس الوزراء العراقي (نوري المالكي) بالطائفية المفرطة، وأعرب في مقابلة مع مجلة (الوطن العربي) عن قناعته بأنه لو خُيّر المالكي بين أميركا وإيران، فسيختار إيران، وقال:
إن الأميركيين لن ينسحبوا من العراق إلا بعد أن يتعب العراقيون من قتل بعضهم، وأشار إلى أنه يخشى من تقسيم العراق، وأوضح بأن ما قامت به الولايات المتحدة في العراق لم يكن ديمقراطية بل كان تدميرا وهدما بالكامل، وأكد أن الحل هو فى وجود مشروع سياسي يجتمع عليه العراقيون..
وفيما يلي نص الحديث من مجلة (الوطن العربي)
لماذا استقلت من مهمتك كمبعوث للجامعة العربية فى العراق؟
- لم تكن استقالة بل كانت أقوى من الاستقالة فقد وجهت رسالة من 8 صفحات تشخص الوضع الحقيقى فى العراق ولن تجد كلمة استقالة فيها، بل رويت حقيقة الوضع فى العراق، وعدم تحقيق ماكان متفقاً عليه، وأننى توصلت إلى قناعة وأبلغت الأمين العام للجامعة العربية أنه بالنظر إلى انعدام رؤية عربية جادة ومتماسكة لمساعدة الشعب العراقى، فأجد نفسى متألماً أن أبلغكم أننى قررت الانسحاب من هذه المهمة. الاستقالة إما أن تقبل أم ترفض، ولكن هذا كان قرارى لا رجعة فيه، لأنه بالرجوع إلى قرار القمة العربية الذى بعثنى إلى بغداد لفتح بعثة نراه يقول:
إنها أول خطوة فى عمل كبير لمساعدة العراقيين، لكن من خلال عملى لمدة سنة، وجدت أن هدفهم فقط كان إرسالى للعراق ليقولوا عندنا سفير ويظهر على -الجزيرة- و-العربية-..بينما قررت أنا أن أقيم فى المنطقة الحمراء مع الشعب العراقى وليس الخضراء.. كم شخصاً كان يحرسك؟
- هذه مشكلة كبيرة، ففى البداية قيل لى:
إن الحراسة ستكون عربية، ثم عشية سفرى بلغت أنه لن تكون حراسة عربية، والتقيت مع وزير خارجية العراق هوشيار زيبارى، فقال بما انه لاتوجد حراسة عربية، فأهلاً وسهلاً، فسنوفر لك حراسة عراقية..وكانت هناك اختراقات رهيبة للجيش العراقى الجديد فإذا كان الجندى عربياً من السنة، فقد يكون من القاعدة، وإذا كان شيعياً فربما يكون من جيش المهدى، واقترحت عليه أن يكونوا من الأكراد ومن البشمركة، وكانوا حوالى 12 فرداً من البشمركة معهم 6 أسلحة، منها أربعة أسلحة لاتعمل، و2 من الأسلحة بدون ذخيرة . يقول الأميركيون إنهم نجحوا فى القضاء على المقاومة، ولكن فى الواقع تم منح السُنة المقاومين رواتب تبلغ 600 دولار ليحتفظوا بسلاحهم حتى ينسحب الأميركيون؟
- تحرك الصحوات كان عاملاً أساسياً فيما يخص القاعدة وسيطرة القاعدة على بعض المناطق، بدءاً بالأنبار ومناطق عديدة أخرى مثل نينوى وديالى.
لكن الأمور كلها تعمل بشكل ترقيعى. الحل الحقيقى للعراق يكون من خلال إنجاح مشروع سياسى يضمن لكل العراقيين حقهم فى بلدهم، وهذا غير موجود ولايوجد استعداد عند الجهات المسؤولة. لماذا غير موجود؟
- أولاً: لانعدام الثقة بين كل الأطراف العراقية، فمن وقف مثلاً ضد الصحوات فهو نورى المالكى رئيس الوزراء والأحزاب الشيعية المتطرفة، لأنهم بالنسبة إليهم سنة مسلحون، بالرغم من أنهم يستخدمون للقضاء على -القاعدة-، ورفضوا إدخالهم فى الجيش، ومازالت هناك مفاوضات حول هذا الموضوع ..المشروع السياسى الذى يضم كل العراقيين غير موجود.
ولايمكن التكلم عن إعادة البناء بدون أمن، ولايمكن أن يتحقق أمن بدون نجاح المشروع السياسى، ويبدو أن بعض الأطراف العراقية لم تفهم بعد هذا، وتعتقد أن الحسم سيكون لها، ويجب أن يعترف الجميع بهذا الحسم .
المالكى متطرف مذهبياً
تتهم المالكى رئيس الوزراء العراقى بأنه متطرف شيعى وطائفى مع أنك اجتمعت معه أكثر من مرة؟ - أنا أكثر واحد لم أكن مرتاحاً له، لأن المالكى رجل طائفى حتى النخاع. كيف؟
- ينتمى لحزب طائفى، وهو حزب الدعوة الشيعى الذى انقسم إلى ثلاثة أحزاب، وسيزداد الانقسام أكثر، لأن الصراع على السلطة رهيب فى العراق.لقد رفض إدخال أفراد الصحوات فى الجيش، فقط لأنهم سنة.
قلت إن الأميركيين حولوا العراق إلى قضية داخلية أميركية واتهمتهم بتدمير العراق..اشرح لنا ذلك؟
- فى واشنطن تسيطر الانتخابات الرئاسية على الوضع،بالتالى فالحزبان برامجهما وطرحهما بالنسبة للعراق، أنهما يعتبران العراق وكأنه مشكلة داخلية أميركية،أما مسؤوليتهما التاريخية الناجمة عن أن الأميركيين دمروا بلداً فى منطقة هشة وتعانى من مشاكل متعددة، فلا أحد ينظر للعراق من هذا المنطلق ..العراق ليس مشكلة داخلية أميركية بل كيف دمر العراق وكيف يعاد بناؤه وكيف يتم إنجاح المشروع السياسى وتحقيق استقرار المنطقة ككل. تحدثت عن اجتماعك مع السيستانى فعن ماذا حدثك؟
- التقيت مع السيستانى فى إطار محاولاتى لعقد مؤتمر وفاق عراقى يجمع كل العراقيين. هل تكلمت معه بالعربية؟ - بالطبع يفهم العربية واستمر الاجتماع ساعة ونصفاً.
هل لديك محضر الاجتماع؟
- فى الأمانة العامة للجامعة..ولقد قابلت كل المراجع الدينية فى النجف.
وكانوا كلهم متجاوبين واجتمعت مع آية الله محمد سعيد الحكيم وآية الله بشير النجفى وآية الله فياض وكل المراجع الأربعة الكبار.. ماذا كانت مطالب السيستانى؟
خاصة أنه لم يصدر فتوى بمقاومة الغزو الأميركى للعراق، بل وافق على الانتخابات فى ظل الاحتلال؟
- الذين استلموا الحكم لم يكونوا قادرين على الحكم حتى فى المنطقة الخضراء والانتخابات العراقية، قال لى عدد كبير من المسؤولين العراقيين إنها مزورة، لأن قرار إجراء الانتخابات اتخذ فى واشنطن، وبالتالى كانت مناسبة تاريخية ليحصل على مكان فيها الآن، الخلافات فى داخل الائتلاف الحاكم ليست جديدة وانسحب منها الصدريون وحزب الفضيلة ..وهناك مشاكل بين حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامى، لأن المالكى لايعرف قوته، فحزب الدعوة انقسم إلى ثلاثة، ولهذا يستخدم مجالس الإسناد من العشائر ويعطيهم فلوساً حتى يضمن من يسنده فى الانتخابات، ومن يحتج على مجالس الإسناد؟ كل الأحزاب الشيعية الأخرى بما فيها المجلس الأعلى.
وهذا فى نظرى كله خطأ. ولو بنيت التركيبات الحزبية على مشروع وطنى ويضم كل العراقيين لكان الوضع أفضل .
مقاومة الاحتلال ألم تسأل السيستانى كيف يدنس الاحتلال بلده ولايصدر فتوى بمقاومته؟
- أنا لم أسأله ولا أرد أنا على هذا السؤال..التعقيدات كبيرة فى العراق.
وقطعاً الحرب ضد العراق غير شرعية، فأكبر دولة فى العالم رئيسها -طلع فى دماغه- لأسباب- تبين أن كلها كاذبة- أن يشن هذه الحرب.. لكن التعقيدات والأدوارالإقليمية، ومن استلم الحكم ومن أين جاءوا، هذا ساهم فى التعقيدات.
و-القاعدة- موجودة ولها مشروع، كما أن المقاومة العراقية لها مشروع وطنى واضح لإنهاء الاحتلال، بينما مشروع -القاعدة- يتجاوز العراق، وهو إقليمى.. و-القاعدة- تحب أن تصطاد فى المياه العكرة، فكلما تعكرت المياه تجد القاعدة.. فى أفغانستان والصومال.
لماذا تقف هيئة العلماء ضد الاحتلال، بينما آيات الله الأربعة لم يقفوا ضد الاحتلال ألم تسألهم؟ أرجوك دعنى أكمل.. المراجع كثيرة ومتعددة، والمدارس متعددة، ولايجوز الحكم بدون معرفة الواقع، أعطيك مثلاً فى المدرسة الشيعية الخالصية ووقفوا موقفاً رهيباً ضد الاحتلال، أى المدرسة الخالصية التابعة لجواد الخالصى. لكنها صغيرة جداً بالمقارنة للسيستانى؟
- الذى يؤسف له أن الدين ذا البعد الطائفى، يلعب دوراً أساسياً فى العملية السياسية. فمثلاً تعين فلاناً لأنه ولد شيعياً.. فالحزب الشيوعى يسأل هل هو شيعى أم سنى؟
وهذا أمر مضحك..ولكن هذا جزء من الواقع المؤلم الذى عانى منه العراق ولايزال يعانى منه.
قلت إن الدستور العراقى طائفى مع أن بوش مدحه مدحاً كثيراً؟
- لقد طرحت هذا السؤال على المسؤولين الأميركيين.. وكيف يعقل أن الدستور الأميركى مبنى على المواطنة، وتساعدون فى وضع دستور طائفى. ماذا أجابك الأميركيون؟
- أن الباب مفتوح لتغيير الدستور ولتشارك الأطراف الأخرى..ولكن أخطر شىء فى العراق هو التمترس فكل واحد يتمترس وراء موقف لغرض فى نفس يعقوب بعيدا عما يقال .أعطيك مثلاً موضوع الفدرالية.
ما أريد من الفدرالية فى العراق أشياء أخرى لاعلاقة لها بالنظام السياسى. فالمجلس الأعلى يقول إنه مع فدرالية الوسط والجنوب، أى إذا انشق العراق فإنه سيحصل على دولة فيها البترول والأماكن الدينية فى كربلاء والنجف.. مع أن الصدريين والفضيلة ليسوا مع طرح الفدرالية.. وكنت أقول لهم إنه من المبكر طرح مثل هذه الأمور وليس وقتها، فيقولون إننا لم نحكم منذ 12 قرناً، والآن جاء دورنا فى الحكم. ولكن العراق لا يمكن أن يحكمه طرف من الأطراف، فالمشكلة هى فى مدى إشراك الآخر، هل هو شكلى أم حقيقى.
خطر التقسيم
لكن الأكراد يتمسكون بالفدرالية ويعتبرون أنفسهم مستقلين منذ 1992؟
- صحيح وعندهم تاريخ مرير منذ اتفاقية -سيفر- فى 1920 لكن لماذا ..لماذا؟ لأن كل واحد يعتقد عندما تسأله بالتفصيل، تستشف من كلامه أن هذه فرصة تاريخية سأرهن بها مستقبل أجيالى أو طائفتى.
كل المسؤولين العراقيين داخلين فى عملية هروب رهيب إلى الأمام.. طبعاً عندما لا يؤخذ فى عين الاعتبار هذا التخوف لن يكون الوضع مريحاً، فقد اقتنع عدد كبير منهم أن العراق لن يبقى عراقاً.
وكل ما أخشاه أن تصبح كلمة العراق مثل كلمة مابين النهرين، أى تجدها فى كتب التاريخ. انظر لبعض الأفكار التى تقول نقيم إقليم -سهل نينوى- ونجمع به المسيحيين، وفى الشمال كردستان، ومشكلة الأمم المتحدة بأنها تتحدث عن أراض متنازع عليها، وكيف ذلك وأنت فى نفس البلد..!!لقد استخدمها -دى مستورا- ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.. فالخرائط عند كل جانب تختلف كلياً عن الأخرى، بالإضافة إلى أنه لايوجد موقف موحد داخل كل طرف.
والأكراد أنفسهم فيهم المتطرف والأقل تطرفاً .. والكل فى سياسة رد فعل عاطفى. كيف رؤيتك لحل قضية كركوك؟ - تشخيصى أنه يجب تقسيم قضايا العراق وفق نوعين من التقسيمات.
الأول هناك مشاكل تهم كل العراقيين مثل الدستور، وهناك مشاكل تهم طرفين أو ثلاثة أطراف مثل موضوع كركوك بين العرب والأكراد والتركمان والآشوريين.. وهناك مشاكل يبدو من المستحيل حلها بالنظر لتشدد المواقف..وهناك مشاكل أقل صعوبة من القسم الأول. كان يجب الاهتمام بالمشاكل الأقل صعوبة، لأن ذلك يعيد الثقة بين الأطراف العراقية.. ماهى المشاكل الأقل صعوبة فى العراق؟
- مثلاً عقد لقاءات للتوافق العراقى مثلاً، ولكن يجب عدم طرح قضايا صعبة مثل كركوك.. بل طرح قضية التهجير القسرى وضرورة رجوع الناس لبيوتهم التى طردوا منها، وكانت الجهات الحكومية مخطئة بإعطاء تعويضات لهم. تقول إن الأميركيين قسموا بغداد إلى 42 كانتوناً، لم نسمع ذلك فى الصحافة!!
- بل أكثر من ذلك،لقد بنى الأميركيون جدراناً حول حى الشعلة أو حى العدل وكل الأحياء .. وأصبحت الجدران جزءاً من الحياة اليومية العراقية ..والعراق يحتاج إلى الأمن وهذا بدوره يحتاج إلى مشروع سياسى ناجح يضم كل العراقيين وهذا غير موجود.
لقد كنت تعمل على هذا المشروع السياسى فلماذا فشلت؟
- دعنى أكون معك واضحاً، كان فهمى للمهمة التى كنت أقوم بها فى العراق أن هناك مرحلتين أساسيتين. المرحلة الأولى تتطلب جهوداً جبارة منى، وهى مرحلة الحوار، أى أحاور كل الأطراف العراقية، وأفهم المشكل وأسمع كل العراقيين.
ونجحت فى ذلك، والعراقيون يشهدون بذلك، وليس لدى أجندة سوى مساعدتهم، والمرحلة الثانية تتطلب جهوداً جبارة من غيرى، وهذا يحتاج عقد قمة استثنائية خاصة بالعراق، والخروج بلجنة من ثلاثة ملوك ورؤساء عرب، وتفوض للحديث مع العراقيين أو الجيران أو الأميركيين. ولم يتم ذلك. ما الذى حال دون ذلك؟
ـ حسابات عربية عربية حالت دون ذلك، فالديون المتراكمة على العراق والتى تقدر بـ150 مليار دولار يجب أن تستخدم للتفاوض مع العراقيين.
جيش المهدى ومنظمة بدر
اجتمعت مع الصدر وقلت :إن الإيرانيين يصدرون أوامرهم له؟
- أول شىء أن جيش المهدى عكس منظمة بدر التى عندما تتفق مع رئيسها فهذا أمر نهائى، لأنها منظمة عمودية فجيش المهدى منظمة أفقية، فكان القادة المحليون يتخذون القرارات بدون الرجوع إلى مقتدى الصدر.. وإيران قامت بالربط مع بعض هؤلاء مباشرة..فكيف تقول إنك ستضرب الاحتلال الأميركى، ثم بين عشية وضحاها تقول أنا سأعلن هدنة لـ 6 شهور ..لقد سمعت من يقول إنه على أميركا أن تعترف بدور إقليمى لإيران، مقابل أن تساعد أميركا على تحقيق انسحاب مشرف، ومحاربة -القاعدة-، ولقد حاولت إيران أن تربط جميع الفرقاء العراقيين بها بمن فيهم السنة كما لعبت سورية الدور فى لبنان فى الثمانينات..وأعتقد أن كل الأجهزة الإيرانية الكثيرة والمتواجدة فى العراق كل واحد فيها عنده مهمة مع طرف معين .. وللأسف عندما طلبت كونداليزا رايس من العرب إرسال سفراء للعراق فلتكرس وضع العراق كميدان لحروب لاعلاقة للشعب العراقى بها، حروب بين إيران وأميركا، وتريد من العرب أن يلعبوا دوراً فيها بالشكل الذى تريده واشنطن، وطريقة التعامل الإيرانى فى العراق حركية.. وأنا مقتنع أن رئيس الوزراء المالكى إذا أجبر على الخيار ما بين أميركا وإيران فإنه سيختار إيران، ولاحظنا ذلك فى الموقف الإيرانى تجاه اتفاقية وجود القوات الأمريكية، -سوفا- فإذا إيران ضربت على الطاولة فلن تعقد -السوفا-.. ومنذ أسبوعين قال لى مسؤول عراقى فى الأمم المتحدة أننا سنعود فى ديسمبر -كانون الأول- إلى مجلس الأمن لتجديد اتفاقية الأمم المتحدة التى تغطى وجود القوات الأميركية فى العراق
إذن تعترف أن إيران هى الحاكمة الآن فى العراق؟
- ليست إيران هى الحاكمة بل العنصر القوى فى العراق وهناك أعداد كثيرة تعانى من التواجد الإيرانى بما فيها الجنوب، وهناك خلافات عند الشيعة، لأن مرجعيتهم عربية، وإيران تشيعت من 500 سنة فى ظل الدولة الصفوية والأئمة الـ،11 عشرة دفنوا بأراض عربية أى 6 فى العراق و4 فى الجزيرة وواحد فقط دفن فى إيران بطريق الصدفة، وإيران لاتريد عودة المرجعية للعراق، وهناك خلاف حول ولاية الفقيه.
لكن السيستانى يدلى بدلوه بكل قضية سياسية ماعدا الاحتلال أليست هذه ولاية فقيه؟
- يستشار السيستانى، لأن الناس تتبعه كمرجع دينى وهذه ليست ولاية الفقيه.. وفى خلافات رهيبة ويجب عدم تبسيط الأمور.

هل شعرت أن العراقيين بدأوا يترحمون على زمن صدام حسين؟
- هناك حالات ..قال لى العراقيون إن أولادهم كانوا يخرجون للجامعات بأمان، والآن يخافون من اختطاف أولادهم من داخل البيوت. ولايوجد مقارنة بالأمن السائد فى عهد صدام وبعد 2003 وماقامت به أميركا فى العراق لم يكن ديمقراطية بل كان تدميراً وهدماً للعراق بالكامل.
الحل فى العراق
كيف ترى الحل فى العراق..هل بالانسحاب الأميركى أولاً؟
- أميركا لن تنسحب من العراق .
وأولاً يجب على العراقيين أن يتعبوا من قتل بعضهم البعض، وحتى الآن لم يتعبوا،ثانياً يجب إقناع العراقيين بأن كلهم مشتركون فى غلطة كبيرة ..وعوضاً عن تحصين بلدهم من الداخل بتوافقهم، سعى كل طرف إلى تحسين وتحصين نفسه بتحالف خارجى ضد أخيه العراقى الآخر، وتجميع العراقيين ليس عملية سهلة، وهل ستجمعهم كأطراف أم كحكومة ومعارضة، الأمور غير واضحة .
الجميع يتحدث عن انسحاب أميركى فى 2012 هل تعتقد أن أميركا ستنسحب بكل بساطة أم تترك قواعد عسكرية أبدية فى البلد الذى يعتبر عائماً فوق بحيرة نفط؟
- يبدو لى أن الأحداث تتسارع بسرعة رهيبة فى العراق، والأميركيون غير قادرين عن إدراكها، ولايفهمون شيئاً، ولهذا يتجهون إلى الحلول الترقيعية مادامت إدارة بوش لا تعترف أن ماقامت به خطأ، ومابنى على خطأ فهو خطأ، وأتمنى أن يقوم أوباما بتصحيح ذلك الوضع.
ماهى توصياتك للرئيس الأميركى الجديد حول العراق؟
- الأمر ليس بهذه البساطة، ولكن يجب وضع مشروع سياسى يضم كل العراقيين وهذا شرط، وبدونه لن يتم أى شىء.
إذا تحسن الأمن حالياً فإنه سيتدهور بعد فترة.
ويجب التحاور مع الجميع من الذين آمنوا بالعمل السياسى أو من وقف ضد العمل السياسى تحت الاحتلال، وأن يقتنعوا أن العراق يجب أن يكون المنتصر الوحيد.
الشرط الثانى، هل يمكن تصور انسحاب أميركا؟
- الأميركيون مصالحهم النفطية أولى أولوياتهم، ولكن من كثرة الصفعات التى تلقوها فى المنطقة، داخوا ولا يعرفون ماذا سيفعلون، فمثلاً تقرير بيكر كان خطوة الى الأمام، ولم تنفذ الإدارة الأميركية، ماجاء فيه إلا بعد 8 شهور، أى فتح حوار مع إيران وسورية، ولما قررت ذلك كان قد فات الأوان، وتغيرت الرؤية، والآن يريد الأميركيون خروجاً مشرفاً.
كيف يكون اندحارهم مشرفاً؟
- ألا يخرجوا كما خرجوا من فيتنام وآخر جندى متعلق بالهيلوكوبتر.
وعندما أجتمع مع الأميركيين يسألوننى دائماً سؤالاً يضحكنى وهو: ماذا سيحصل إذا انسحبنا؟
الفوضى حلت فى العراق منذ أن دخلتم فماذا سيكون أكثر من ذلك.. والأمور لن تحل بالتقادم فى العراق. وهناك مشاكل داخل التحالف الشيعى والتحالف الكردى، لكل طرف منهما وزارة داخلية وكل القوى العراقية متشرذمة.
هل تعتقد أن أميركا يمكن أن تنسحب فى 2012؟
- ممكن، لأن الانسحاب سيكون أقل تكلفة من البقاء فى العراق. والرئيس الجديد سيكون من الأسهل لديه اتخاذ هذا القرار..والنفط سيحصلون عليه من الجميع بما فيه إيران. ولا أتوقع أن يوقع المالكى على اتفاقية القوات، لأن إيران قالت لا.
كيف يمكن قبول العراق فى الجامعة العربية، وهى تحت الاحتلال وهذا مايناقض ميثاق الجامعة العربية؟
- أنا متألم من ذلك ومن ينفذ الميثاق، ومن يحترم الميثاق لنكن واقعيين، وأنا استخدم كلمة احتلال وأفراد الأمم المتحدة كانوا فى المنطقة الخضراء ويلبسون الدروع، مع أننا فى المنطقة الحمراء بدون دروع .
وأميركا تتصرف بالأمم المتحدة كما تشاء والقرار الأخير المضحك للأمم المتحدة هو أن تلعب دوراً قوياً، وطلع لا شىء.. وحتى حول المصالحة الوطنية، تقرر وصاية الحكومة العراقية عليها، وهذا لا تقبله الأطراف المعارضة. هذا مضحك.
هل تعتقد أن القيادة العراقية الحالية يمكن أن توحده أم تقسمه؟
- سمعت كلاماً طائفياً كثيراً من القيادة العراقية الموجودة فى العراق وحتى أنهم كانوا يسألون مساعدى العراقى، من أى طائفة هو قبل أن يتكلموا.. هم كلهم سجناء ردود فعل عمياء وتطرف.
هل يمكن القول إن سنة العراق ضد تقسيم العراق؟
- السنة بالإجماع ضد الفدرالية ومع دستور جديد بعد زوال الاحتلال.
وعلى رأسهم هيئة علماء المسلمين والمقاومة العراقية وحزب البعث.
ألم تفاجأ بقضية الشيعة وتعصبهم وأنت من المغرب؟
- ياريت أنتم أهل المشرق لو اتبعتمونا فى علمانيتنا فى المغرب لتفاديتم الكثير من المشاكل، ودهشت من أنكم تسجلون المذهب على الهوية الشخصية، مع أننا فى المغرب كان بيننا يهود ولا نسجل ديانتهم على البطاقات، ويحملون أسماءً مثل مسعود وسمير وسامى.
تقول بعض التقارير الأميركية إنه بعد انسحاب القوات الأميركية ستبدأ الحرب الأهلية العراقية الحقيقية؟
- أثناء حرب فيتنام كل رئيس أميركى مرشح كان يعد بسحب القوات الأميركية، وبعد أن ينجح يجد الأمور معقدة ويتورط أكثر من سابقه، ولايمكن الأخذ بمحمل الجد ما يقال فى الحملة الانتخابية..ولا أريد أن أقول إن الجيش الأميركى هو الضامن لاستقرار العراق.. هذا خطأ وظلم بحق الشعب العراقى بمختلف طوائفه، ولايمكن إلا أن نكون ضد الاحتلال..
هل ترى الهلال الشيعى حقيقة فى الشرق.. من إيران إلى العراق وسورية ولبنان؟
- أنا لا أرتاح لهذه التسميات، وأميركا شنت الحرب ضد العراق ولكن من انتصر فى العراق هى إيران.. ولكن لن تدوم الأمور بهذا الشكل.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار