الأربعاء، سبتمبر 03، 2008

دعونا ننظر في المفردات والمفاهيم


شبكة البصرة
حكمت ناظم
المصطلحات والتسميات والمفردات حتى التوصيفات لا تأتي جزافاً، فهي تطبخ في سياق الأحداث وتطورها لتضفي عليها لونها وشكلها، وتبرر لها وجودها وشرعيتها وتلاقيها وتعاملها مع غيرها.. ولا أريد الإستطراد في هذا الرابط الكائن بين المصطلح والتسمية والتوصيف، وبين الأحداث، حيث الألغام تظل قائمة، وهناك من يرعاها وينتظر تفجيرها في الوقت المناسب.
المسألة الكردية و (القضية) الكردية، و(كردستان) العراق، و(كردستان الكبرى)، و(القضية القومية) الكردية، و (حركة التحرر الوطني) الكردية.. وهناك الكثير من المفردات والمفاهيم تجد طريقها للتسويق عن قصد أو عن دون قصد، لتشوه الحقيقة، وتشويه واقعها الموضوعي، والدفع بها الى صراعات شاملة وواسعة، تمثل المسألة الكردية إحدى أهم بؤر الصراع الذي أوجده الأستعمار البريطاني، وكرسه المحتل الغازي ومعه عملاء الموساد في شمال العراق.
إن ما يحصل في خارج المسألة الكردية، يحصل أيضاً في إطار التوصيفات المشبوهة، التي تمزق نسيج الشعب العراقي المتنوع الى سنة وشيعة، ومظلومية وتسلطية، والهدف من هذه التوصيفات واحد هو إطالة أمد الصراعات الداخلية وإستبعاد الصراع الرئيس مع المستعمر الأمريكي الغازي.
المسألة الكردية، هي مسألة داخلية عراقية محضة وكذا وضعها في الداخل التركي، والداخل الإيراني والسوري، تحل عن طريق التشريع الداخلي، كما وضع الحكم الوطني في العراق حجر الزاوية لحكم ذاتي إعترف للأكراد بحقوقهم الثقافية والسياسية والدستورية، فيما تغافلت دول الجوار عن هذه الحلول. ومع ذلك، فقد كان الحزبان الكرديان اللذان يتزعمهما (طلباني وبرزاني)، يتمردان على الحكم الوطني ويعبثان بأمن العراق بالتعاون مع جهات أجنبية تقع في مقدمتها (إسرائيل) وإيران وأمريكا.. وتمردهما هذا يتم بإيعاز من هذه الجهات كلما تطلبت مصالحها ذلك. ومن هنا، فأن هذه المسألة لا تعيش في مأزق حرج ومفتوح فحسب، بل تهدد أيضاً المكتسبات السياسية والثقافية والمدنية التي قدمها الى الأكراد الحكم الوطني في العراق في إطار الحكم الذاتي، الذي لم يحظ به الأكراد لا في تركيا ولا في إيران ولا في غيرها.
فما هي إشكالية القيادتين الكرديتين اللتين تتقاسمان التسلط على شعبنا في شمال العراق؟ وما هي إخفاقاتهما وعلاقاتهما المشبوهة، ثم ما هي طبيعة تركيبتهما البنيوية، وهل يمكن تسمية المسألة الكردية بالقضية الكردية أو حركة تحرر وطني؟!
ومن أجل الأجابة على هذه التساؤلات، يتوجب أن نتعرف فيما أذا كان أساس المسألة الكردية السياسي والتنظيمي موحداً.. والحقيقة تشير الى أن الواقع يعكس توحداً شكلياً بصفة عامة، حيث تعثرت الكثير من الجهود لتفعيله، وأخفق بعضها وبات مصدراً للتوجس والتوتر والتصادم حول تقاسم النفوذ بين الحزبين المذكورين في سياق الحياة اليومية، وعلى صعيد إدارة الحكم الذاتي.. فالمحاصصة قائمة في الوزارات والبرلمان والمناصب العسكرية الأساسية (للبيشمركه)، فضلاً عن المحاصصة في رئاسة المؤسسات الكبرى في الإدارة المحلية. هذا الواقع يجسد المحاصصات، ويعكس الأنقسامات على أسس بنيوية بين المكونات التنظيمية للتنظيمين الكرديين العميلين. كما أن مصدر التمويل المالي للحكم الذاتي يأتي أساساً من فرض الضرائب التي تثقل كاهل شعبنا الكردي في الشمال، ومن المكوس ورسوم (الحدود)، ومن رسوم الشاحنات والمركبات والأفراد القادمين والذاهبين عبر منطقة الحكم الذاتي، ومن المضاربات ودعم وإسناد عصابات كردية وغير كردية في
شكل تنظيمات مافيويه تتولى سرقة السيارات والآلات والأدوات وأجهزة الدولة الصناعية وتهريبها عبر منطقة الحكم الذاتي الى دول الجوار وبالأخص منها إيران.. ومن تهريب وبيع وشراء الأسلحة عبر الحدود مع تركيا وإيران والمحافظات العراقية.. ومن تهريب النفط العراقي، وهو ثروة وطنية لا يجوز الإستفراد بها على أساس المحاصصات أبداً، لأن التنمية الوطنية هي تنمية شاملة لا تقتصر على محافظة دون أخرى على أساس التصرف الكيفي أو بحجة الفيدرالية المقيتة.. فضلاً عن إقتطاع نسبة 17 % من ميزانية العراق المركزية لصالح الإنفاق على قوات الـ(بيشمركه)، التي يبلغ عددها تحت إمرة البرزاني نحو (65) الف بيشمركي، وما يقرب من هذا العدد لطلباني، ومعظم هذه الأعداد هي مجرد أسماء وهمية في قوائم تقدم الى وزارة دفاع المنطقة الخضراء، يعود مردودها المالي بالملآيين على قيادات البيشمركه وحصراً بالطلباني وبرزاني.
إذن.. الصرف على مختلف أوجه الإنفاق في الحكم الذاتي (الحكومة ـ البرلمان ـ البيشمركه) يأتي من تلك المصادر الأساسية، التي هي واردات لحالة شاذة، أي أن إيرادات التهريب هي مصدر الإنفاق على السلطات المختلفة في الحكم الذاتي تحت فلسفة المحاصصة، ليس مع الحكومة القابعة في المنطقة الخضراءفحسب، إنما المحاصصة بين الحزبين الكرديين المذكورين، الأمر الذي يجعل مؤسسات الحكم الذاتي هي مجرد ديكور ديمقراطي لواجهة بيروقراطية خاضعة لسلطة الأجهزة القمعية الحزبية المتخاصصة في سلطة الأقليم، أما الشعب الكردي فموضوعه مزري جداً، فلا حرية ولا رأي له بما يجري، ولا مساهمة له في إتخاذ أي قرارات تخص مصيره، وإذا ما طالب بتحسين أوضاعه المعيشية والصحية والخدمية والسياسية، فسيواجه القمع والسجون والتشريد. حتى بات الشعب الكردي رهينة للأجهزة الحزبية المتسلطة، وما الحديث عن برلمان كردي فهو محض ديكور، كما أن الحديث عن حالات خرق حقوق الأنسان وقمع المتظاهرين وسوء المعاملة في السجون الكردية المملوءة بالوطنيين الأكراد، وقمع المثقفين والكتاب والصحفيين من الأكراد، فهو السائد حالياً في داخل الحكم الذاتي وتحت إشراف القيادات السياسية للحزبين العميلين.
ومن التصرفات غير الوطنية التي مارستها القيادتان الكرديتان العميلتان (وعمالتهما مركبة من الموساد الإسرائيلي، والسي أي أيه الأمريكي، وإطلاعات الإيرانية)، هي إنشغالهما اليومي بتكريس الإنفصال إعتقاداً منهما بأنهما (دولة) مستقلة يمكن أن تنشأ أو تقوم على أساس (الأمر الواقع) وحده دون النظر الى الواقع الجيو_ سياسي الأقليمي الصارم، ودون النظر الى أهمية وجود إجماع وطني عراقي، ودون النظر الى ضرورة وجود إجماع وطني كردي. هاتان القيادتان اللتان تتنازعان السلطة على التهريب والموارد والعوائد والمناصب والنفوذ، وتغرقان بالعمالة المكشوفة المقرفة مع العدو الصهيوني، والمحتلين الأمريكيين والإيرانيين، وتكنان العداء العنصري حيال العرب والعروبة والقومية العربية، هما ركن أساسي وخطير في مخطط الأمريكيين المعتدين والصهاينة العنصريين والإيرانيين الطائفيين، الذي يرمي الى تدمير المنطقة العربية وتفكيكها ومحو هويتها القومية العربية.

كركوك.. لغم.. الأحتلال والحزبين الكرديين.. مسؤولون عن تفجيره
كانت القيادتان الكرديتان قد إرتبطتا منذ زمن بعيد بالموساد الأسرائيلي، وهذه مسألة معروفة للجميع إستمرت علاقاتهما حتى هذه اللحظة، تدريباً وتسليحاً وتنسيقاً إستخبارياً وحماية للقيادتين في كل مراحل الصراع.. كما أن هتين القيادتين كانتا على صلات قوية مع بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، حتى كان لهما ما ينطق بأسم المسألة الكردية وبدعم من اللوبي الصهيوني، الأمر الذي مكنها من دعم ومساندة الإحتلال في تدمير المواقع العسكرية والمدنية، وتصفية القيادات السياسية والحزبية والعناصر الوطنية في ظل الحكم الوطني ومطاردتها على نحو غير مسبوق في سلسلة أعمال الأعتقالات والتصفيات من جهة، وإنسجامها مع الطرح الطائفي بدوافع عنصرية من جهة أخرى، وهو النهج الذي طبع هتين القيادتين مع الأحزاب الإيرانية العاملة في المنطقة الخضراء.
والغريب في الأمر أن هتين القيادتين تنفردان في إجراء محادثات مع جهات أجنبية وشركات عاملة في حقل النفط والتوقيع على عقود بيع وإستثمار طويلة الأجل دون الألتفات الى أبسط التعاملات في ما يسمونها بقواعد العمل (الفيدرالية). فهما قد تجاوزا على كل محظور وتجاوزا على شعب العراق في ثروته القومية، وما إصرارهما على ضم كركوك الى ما يسمى (كردستان) إلا لمرامي الإنسلاخ عن الوطن خلافاً لمنطق الأشياء ومنطق العقل وإرادة الشعب، التي هي أكبر من إرادة الحزبين المذكورين.. فأذا ما تحدثنا بمنطق الأكثرية والأقلية، فليس لهما الحق في الحديث عن كركوك حسب إحصائيات عام 1957، والأرقام التي خرجت بها تلك الأحصائيات هي المؤشر الحقيقي لطبيعة المكونات الحقيقية لشعبنا في كركوك، وهو مكون متنوع من الأكراد (189. 593) الف، ومن العرب (109. 620) الف، ومن التركمان (83. 371) الف، ومن السريان والكلدان (1. 605) الف نسمة.. فكيف يحق للأكراد الإدعاء بضم كركوك الى ما يسمى (كردستان العراق)، فضلاً عن رفضهما للوثائق التاريخية العثمانية التي تؤكد هذه الحقيقة؟
فأذا كان الأنسان محكوم بالمنطق إفتراضاً أن (العراق الجديد) جاء بالديموقراطية والحرية، وأن الحكم الذاتي في مثل أجواء (العراق الجديد) قد حظي بما كان ينقصه من الديمقراطية وقد تحققت بمجيء الأحتلال، فلماذا الأصرار على تحديد خرائط جغرافية؟ ولماذا الأصرار والتهديد بالإنفصال عن العراق؟ ولماذا الركض وراء تقسيمات الأرض هنا وهناك، وإختلاق ما يسمى بـ(الأراضي المتنازع عليها) وكأنه نزاع بين دولتين تختلفان على الحدود. فهل أن الحزبين العميلين يلملمان حالهما قبل الأعلان عن (دولتهما) المعوقة؟

ثم، لماذا كركوك؟!
والأجابة على هذه التساؤلات يمكن إختصارها بأن هذين الحزبين العميلين يعملان على ضرب عصفورين بحجر، الأول : المشاركة الفعلية في تفكيك العراق الى كيانات ومحو هويته القومية العربية. والثاني: أن ضم كركوك، يؤسس قاعدة إقتصادية تمكٌن الكيان الكردي العميل من الإنسلاخ عن الوطن الأم، والتي من دونها لا قائمة لهذين الحزبين على أرض الواقع من الناحية الأقتصادية والمالية. إلا أن الواقع السياسي الراهن يفصح عن مأزق حقيقي له أبعاد مركبة سياسياً وإقتصادياً وستراتيجياً، كما الأحتلال بالضبط في مأزق حقيقي له أبعاده السياسية وألأستراتيجية، فيما يعاني الإيرانيون شعوراً بمأزقهم المنهجي ـ الطائفي.!!
فالمادة (140) من دستور الإحتلال، هي عبارة عن لغم أعده بريمر للتفجير ومن ثم الأنسلاخ عن العراق بنصيحة بريطانية إسرائيلية، ولكن الى أين؟! ربما كمرحلة أولى بقبول الفيدرالية على أمل الإنسلاخ في ما بعد عن الوطن، ولكن أيضاً الى أين؟!، فالواقع الإقليمي، بالرغم من كل الضغوط السياسية والخرائط المرسومة، لا يسمح بالتقسيم ولا يسمح بالإنسلاخ، لا العراق وشعبه يسمح بإنسلاخ جزء منه، ولا تركيا وشعبها يسمح بذلك، ولا سوريا وشعبها، وكذلك إيران. فالإنفصال عن جغرافية دول الجوار يخلق كياناً مغلقاً في محيط عربي، وتركي، وإيراني رافض له ولتوجهاته، هذا إذا توفرت له مقومات وجوده الأخرى.. أما المساند والداعم الأمريكي والصهيوني فهما غير مضمونين لأنهما يتبعان مصالحهما لا غير.. وهل نسي الحزبان الكرديان العميلان تاريخهما مع الأمريكيين والأسرائيليين، حينما إنهارا وتشتتا كالنعاج في الجبال؟!
إن خطر قيام كيان كردي في جغرافيا إسمها (كردستان) من أراضي العراق الوطنية، ومن أراضي سوريا الوطنية، ومن أراضي تركيا، وإيران، سيجعل هذه المنطقة بؤرة متفجرة لسلسلة من الصراعات والحروب الإقليمية، إذا ما سمحت الدول المعنية بالمسألة الكردية للأمبريالية الأمريكية بقيام هذا الكيان، كما إرتكبت من قبل جريمة قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية وفي محيط عربي، بل هو أكثر إتساعاً ليشمل دولتين عربيتين العراق وسوريا، ودولتين إقليميتين هما تركيا وإيران.. إنها لعبة جيو ـ ستراتيجية خطرة، يلعبها عملاء الموساد في شمال العراق، كما يلعبها الأمريكيون والبريطانيون والأسرائيليون في آن معاً. حيث يتوجب على كل دول الجوار إبعاد اليد الأمريكية والإسرائيلية عن تكريس هذا الكيان المسخ في شمال العراق وفي غيره، والعمل على إيجاد وسائل وطنية للتعامل مع المسألة الكردية كلُ في نطاق وضعه الدستوري الضامن لحقوق الأكراد السياسية والثقافية، وسد الثغرات في بنيتها السياسية والدستورية عن طريق الإنفتاح المدروس والتعددية ومعالجة هذه المسألة داخلياً، وعدم السماح للأجنبي أن يجعل منها ورقة سياسية ضاغطة على الحكومات والشعوب المعنية بهذه المسألة.

مغالطات "كردستان" الكبرى
روج الغرب هذه المغالطة في بداية القرن العشرين، وبالغ كثيراً في هذه المفردة التفكيكية الإنفصالية. ففي أعقاب الحرب العالمية الأولى برزت المسألة الكردية، وكانت وسيلة إستعمارية ضاغطة تستهدف إثارة النعرات العنصرية والمذهبية بين شعوب المنطقة، ودفع الأكراد بالضد من الدول التي يعيشون بين ظهرانيها. وكان البريطانيون وراء هذه المغالطة الكبرى لتمزيق الأمبراطورية العثمانية، فأطلقوا في سياستهم الأعلامية مفردة (كردستان) على مناطق شمال العراق، وجنوب شرق تركيا، وشمال غرب إيران، وشمال شرق سوريا. فصدق بعض " كوخات " برزان هذه المغالطة الخبيثة، كما إستخدم الأمريكيون المسلمين لأخراج الجيش السوفياتي من أفغانستان، ليس حباً بالمسلمين، كما ليس حباً بالأكراد.
فالمسألة هذه إستثمار ضاغط في السياسة على العراق وجواره، فتصاعدت وتحولت الى حركة مسلحة، شارك في تشكيلها الأسرائيليون والأيرانيون والبريطانيون، والأمريكيون حالياً يتقدمون الصفوف. وتصاعدها يأتي تبعاً لسياسات الجهات التي قامت بتشكيلها، فحين تحسنت علاقات العراق مع إيران إثر معاهدة عام 1975، التي ألغاها الإيرانيون من طرف واحد، إنحسر التمرد الكردي في شمال العراق وتشتت بين متاهات الجبال الوعرة، وحين تدهورت هذه العلاقة حمل الأكراد سلاحهم الإسرائيلي الى الجبال بالرغم من المكاسب التي حققتها لهم قيادة الحكم الوطني في العراق. فالمسألة الكردية ترتبط حالياً بسياسات (إسرائيل) وبريطانيا، وإيران، وأمريكا بالمنطقة، وهي في كل الأحوال ومنذ بروزها تعمل بالضد من الحكومة المركزية في العراق بغض النظر عن نظام الحكم وخاصة بعد عام 1958.
فالجانب السياسي للمسألة، هو المعني في المعادلة الخاسرة في كل ظروف الصراع، لأن المسألة الكردية تسعى الى إيجاد حلول لها في الخارج، كما تسعى الى التفتيش عن أي مخرج لمأزقها بالتعاون والتعامل مع أعداء العراق التاريخيين، الذين هم أعداء الأمة العربية، وهذا التعامل والتعاون يرسم صورة لأداة تستخدم بالضد من مشروع العراق الوطني، ومشروع الأمة وحركتها التحررية الوطنية العربية.. فهل تعتبر المسألة الكردية حركة تحرر وطني على وفق هذه المعايير، والتي تحدثنا عنها؟!
والتساؤل هنا، لماذا تتطلع قيادتا الحزبان الكرديان اللذان لا يمثلان الشعب الكردي الى الإنفصال؟ وهل أن مشروعهما وطنياً حين يرتبطان سياسياً وعسكرياً مع جهات أجنبية على حساب وحدة الشعب ووحدة الأرض والمستقبل؟ وهل يمكن في هذه الحالة تسمية حركتهما الإنفصالية بحركة تحرر وطني؟! وإذا كان ذلك ممكناً على سبيل الإفتراض، فهذا الأمر يمكن أن تتمسك به كل الأقليات في كل شعوب العالم.. وهل هناك شعوب بدون أقليات؟!
إذن.. فالمسألة القومية للأقليات تحل في إطار الفهم القومي والوطني داخل الدولة، ومن الصعب أن نسبغ عليها وعلى حركتها السياسية بـ (حركة تحرر وطني)، لأن العام الشامل هو الكفيل بتحقيق الإنفتاح المحسوب والتعددية الوطنية والديمقراطية الشعبية والعدالة وبالتنسيق والتعاون والعمل مع باقي المكونات على وفق شروط حركة الشعب من أجل التحرر من الإحتلال وليس الإنسلاخ عن الوطن الأم بحجة الفيدرالية؟!
وحين تطلق على حركة سياسية بـ (حركة تحرر وطني)، ينبغي أن تتوفر في هذه الحركة جملة من الشروط.. أن تكون الحركة وطنية لا شائبة في علاقاتها وإرتباطاتها، فلا تحالفات ولا تعاملات مشبوهة مع أعداء الشعب والأمة.. وأن تكون منسجمة ومتعاونة ومتحالفة مع حركات تحرر وطنية أخرى في العالم، ولا تتقاطع معها من حيث المبدأ، مثل حركة التحرر الوطني العربية.. وأن تكون متوافقة ومنسجمة ومتوحدة مع ذاتها حيال أهدافها.. وأن تكون وسائلها مشروعة، وأهدافها مشروعة أيضاً، وتقع في إطار الحركة الوطنية العامة للمجتمع وليس إستثناءاً لتلك الحركة... فهل تنطبق هذه الشروط والصفات على المسألة الكردية؟!
1/9/2008

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار