21 حلقة مستلة من الموسوعة الإسلامية الكبرى : ( التحصيل في أوقات التعطيل )
وسوف تقرأ عما قريب ــ إنشاء الله تعالى ــ هذه الدورة الكاملة
الحـلقة الثامنة
-53-
الاول المحارب لنا، والمهاجم علينا، والمستولي علينا لاسقاط استقلالنا، واستعمار بلادنا ، وهذا هو الذي أوجب علينا قتالهم اهتماماً لبلادنا واستقلالنا .
الثاني : من لم يكن كذلك لوجود المعاهدة معه القاضية عليه موافقتنا ومساعدتنا ، وهذا لا يجوز قتاله .
وبهذا تعرف الفرق بينهما ، فلا وجه لقياس أحدهما بالاخر فافهم وتبصر .
-54-
يحرم تقوية الكافر على المسلمين بضرورة الدين، كما ورد من حرمة بيع السلاح منهم، وما ورد من منع خروج الكافر بسلاحه الى دار الحرب، بل بكل ما يقوى به الكفار، وما ورد من وجوب حرق الغنائم اذا امتنع نقلها، وما ورد من حرمة بيع الطعام عليهم مع قيام الحرب معهم، هذا مضافاً الى عموم حرمة الاعانة على الاثم، فظهر فساد ما تعاطاه بعضهم على خلافه .
-55-
لقد ثبت وتحقق ان الكفار لا زالوا مستخفين ومستهزئين بالدين، والانبياء، وكتبهم ، بل بكل أمر ديني، وهذا منهم كان بدواع مختلفة مرة توهيناً وتحقيراً ، وآخرى مكيدة وخديعة ، وثالثة قلعاً للدين وتضييعاً ، ورابعة ترويجاً لباطلهم وتقويماً .
وبالجملة هذا الامر منهم ثابت مسلم وان اختلفت دواعيهم وأغراضهم ، كما ان مراتبه وان اختلفت شدةً وضعفاً وظهرواُ وخفاءً، لكنها تدخل تحت القدر الجامع وهو الاستخفاف ، ولا فرق فيه مطلقاً قام به نوعهم أو أفرادهم .. وكيف كان؟.. كل ذلك لا يكون مانعاً للدين من التمسك بدينه، ولا دافعاً له عن متابعته الا ترى إبتلاء الانبياء وأتباعهم باستخفاف أعدائهم لم يزدهم الا صلابة في دينهم ، وزيادة اهتمامهم لاجله ، فمن أعجب العجائب ما نراه في زماننا من بعض بسطائنا.. كيف أعرضوا عن دينهم باستخفاف اعدائنا بهم؟!.. وكيف جاز لهم جعل الاستخفاف من الاعذار؟!.. هذا ولا يخفى ان الاستخفاف انما يكون اذا بان الضعف في المسلمين، كما في صدر الاسلام وأوائل الدعوة ، وكما في أيامنا الحاضرة ، وأما في الايام التي ظهرت فيها شوكة المسلمين، فلا نرى له أهمية اصلاً، وبهذا يظهر لك وجه اضرارهم في الدين ، ولزوم الاهتمام في طردهم وتحيل الاستقلال، اذا عرفت هذا فلا خصوصية للاستخفاف ، بل هو من باب المثال لكل تعرض ديني فتبصر.
-56-
الضرر الديني يكون بالتمويه والمخادعة كما هي سيرة الانكليز ، وأخرى بالضغط والاكراه كما هي سيرة المسقوف(أي الاتحاد السوفيتي السابق).
فان قلت: أي الضررين أعظم؟..
قلت: المدار هو ما يترتب على المخادعة والاكراه ، فمرة يتفاوت الحال وتختلف ، ومرة يتساوى الحال، ولكل حكمه كما هو واضح .
-57-
كان رسول الله (ص) يهتم للقتال اهتماما عظيماً بجمع السلاح والعساكر، بل بكل ما يحتاج اليه مع ذلك كله كان لا يعتمد على ذلك، بل يسأل الله تعالى النصر والظفر، فراجع التاريخ والحديث، فظهر لزوم الاهتمام بها معا، كما ظهر فساد الاغترار بأحدهما، كما صدر في زماننا وهو خلاف الواجب من الاقتداء به (ص) على كل حال، كما هي عادة السلف .
- 58-
لما كان البشرمختلفين في أديانهم وعقائدهم بسبب شدة جهالتهم واتساع أهوائهم ، فمنهم من اتخذ الاصنام على اختلافها واختلافهم في اتخاذها ، ومنهم من اتخذ بيوت النيران ، ومنهم من اتخذ له الولد والصاحبة ، ومنهم من أشرك معه ، ومنهم من نعاه والحد، وهكذا بعث الله تعالى نبينا(ص) داعياً الى توحيده كي يزول اختلافهم من أصله، بل لما رآى (ص) اختلالهم واضطرابهم في شرايعهم وطرايقهم ، بل مطلق أطوارهم وعاداتهم دعا الى شريعته ، وما هي الا عبارة عن قوانين نظامية تحفظهم من كافة شرورهم كزاعمهم وبغيهم وجهلهم وكلبهم وأختلافهم وهكذا فالواجب مراجعة الكتب الاسلامية المتضمنة لبيان فوائدها على أقسامها ، ولا سيما التوحيد ، وهذه الكتب لا تحصى كثرةً ، فلا بد من الاشارة اليها ، هذا هو معتقد المسلمين كافة في أعتقادهم وشريعتهم ، فمن الواضح بعد هذا كله انهم يرون الكفار مباينين لجميع أنحاء المباينة متحذرين من كافة شرورهم اذ هم العقية العظمى في اختلال البشر قديماً وحديثاً، فمن عجيب زماننا اغترار بعض بسطائنا بهم حتى أصبحوا طامعين في هدم التوحيد والشريعة بطرق لا يمكن استقصاؤها ، وقد اشرنا الى جملة منها في سائر كتبنا ، ومن هذا يتضح لك وجه اهتمامنا في طردهم، والتحذير منهم، وايجاب الاستقلال .
-59-
لا ريب في أن المسلم هو القائم بالشهادتين الحامل، سواء كان ذلك اعتقاداً وتصديقاً، واظهاراً واعلاناً.. نعم كلما ازداد الامر اثراً وظهوراً، تضاعف اهتماماً وتأكيداً بلا فرق في ذلك بين طائفة وأخرى بعد اطرادها في أفراد المسلمين ، اذا تمهد هذا، فلا ريب في وجوب المحافظة عليهم والمدافعة عنهم، بداهة رجوع ذلك الىحفظ الشهادتين والذب عنهما ، وهذا أول أمر اسلامي ضروري أريقت في سبيله الدماء المعصومة ، وهذا مسلم مطلقاً ، سواء كان لنشرهما ، أم لحفظهما .
فان قلت : ماذكرته انما يدل على تحريم قتل المسلمين ومقاتلتهم ، اذ هو تفويت للشهادتين واماتة لهما ، فلا يدل على لزوم نصرتهم والدفاع عن سلطانهم .
قلت : المناط الموجب لحرمة قتلهم ومقاتلتهم هو انهم كانوا قائمين بالشهادتين حاملين لهما هو بعينه يوجب نصرتهم والدفاع عن سلطانهم ، وكيف لا يكون الامر كذلك ؟ وما نصرتهم الا محافظة عليها وما الدفاع عن سلطانهم الا تقويماً لهما ، ومقاومة لمن يتعرض بمن يحملها ، وبهذا ظهر وجه الاخبار المعللة للدفاع عنهم بأن درس الاسلام درس ذكر اسم محمد (ص) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق