2008-09-06 :: بقلم: جاسم الرصيف ::
ماصرّح به ، محمد باقر ذو القدر ، مساعد رئيس أركان العامة للقوات الأيرانية ، مؤخرا يعدّ من أفضل المداخل لفهم الرؤى الأيرانية لقدراتها العسكرية المحاطة بما لايحصى من التحديات الدولية والأقليمية ، واذا ما إستثنينا المبالغات الأيرانية المعتادة في طرح نفسها ( قوة لاتقاوم ولاتقهر) وأخذنا من رؤاها ماهو واقعي وقريب من الحقائق الموجودة على الأرض نجد ان لوحة الرؤى الأيرانية هي :
اولا : تشاؤم من وجود القوات الأميركية على حدودها الدولية ، من جهتي أفغانستان والعراق في وقت واحد ، وهذا يعني عسكريا إمكانية فتح جبهتين واسعتين جدا ضد أيران في حالة حصول حرب ، لا قدرة لأيران قط على مجابهتهما جوا وبحرا في الأقل ، وهذا يفسر النظرة المتشائمة التي وردت في قول ذو القدر أنه : ( لايرى بصيصا في الأفق لتسوية ) الحرب القائمة في البلدين ، والتي تحتم بقاء القوات الأميركية على الحدود الأيرانية مباشرة .
الحماقة الأيرانية تتمثل في أنها ساهمت وبفاعلية ، تباهت بها عدة مرات ، لتسهيل إحتلال أفغانستان والعراق ، على الظن انها ( رابحة ) من ذلك ، ولكن بمرور الزمن تبين لها ان المقاومة في البلدين غيرت موازين القوى كلها في الشرق الأوسط ، ولكن ليس لصالح أيران بكل تأكيد ، وهي ليست لصالح أميركا في المحصلة النهائية ، لأن الأخيرة لم تربح غير إزدياد الكراهية لها ولحليفها الأيراني الذي إنزلق على مبدأ عفا عنه التأريخ وولت عنه الحسابات الصحيحة في أن ( عدو عدوّك صديقك ).
ثانيا: ايران وفي معرض مقارنتها لموازين القوى العسكرية لاتجد نفسها ندّا حقيقيا لأميركا وحلفائها اذا ما نشبت حرب ضدها من جراء طموحها النووي ، ومن ثم وجدت ان الحل ّ الأسهل والأنجع هو سلاح النفط ومفتاحه : مضيق هرمز .
من هنا تمر ( 60% ) من حاجة العالم لشحنات النفط الخام .
كعب ( آخيل ) الذي نسيته الآلهة الحربية الأمريكية والعربية ، إذ لايتجاوز عرض الممر البحري الصالح لمرور سفن الشحن ( 7 ) كيلومترات ، مقتلها الأكيد في طولها ، وتكفي بضعة ألغام بحرية ، او حتى بضعة زوارق مع قاذفات صواريخ محمولة على الكتف ، ان تقلب موازين العالم الإقتصادية الى نوع من الجحيم ، حتى ولو لفترة محدودة .
خلال الأشهر القليلة الماضية إزدادت اسعار الوقود في اميركا ولأسباب ليست قتالية فساد القلق الشديد في الشارع الأميركي، وإنتقلت حيرة تلافي الحياة بلا وقود للسيارت كل مفاصل الحكومة ، وتحولت مسألة إرتفاع اسعار الوقود الى همّ يومي في كل وسائل الإعلام الأميركية ، وكذلك الحال في كل الدول التي تستورد النفط من الشرق الأوسط ، وتركت آثار هذه الزيادة إنعكاسات حادّة على ذوي الدخل المحدود ، وهم الطبقة العاملة كما هم الأكثرية المطلقة في كل الدول الغربية ، ولم يجد احد من هؤلاء انه مستعد لشراء غالون النفط ب ( 4 ) دولارات في اميركا ، فكيف اذا بلغ سعر الغالون عشرة دولارات وربما أكثر من جراء حرب جديدة قد تطول ؟! .ثالثا : أيران تقايض نفوذها في العراق ، من خلال حكومة ( عراقية ) تابعة لها ، على شقها الأيراني وشقها الكردي ، مباشرة مع أميركا ، على اكثر من دلالة معروفة لعل أهمها : المفاوضات العلنية بين الطرفين على ( أمن العراق ) ، وكأنهما وحدهمها المسؤولين المباشرين عن العراق المحتل ، بدون اي حضور للقوى الوطنية العراقية ، وبدون اي إعتبار للدول العربية المعنية بعروبة العراق ، وتسعى أيران من هذه المقايضة للحصول على ( أمن ) لأيران نووية تتحكم في نفط الخليج العربي ودول الخليج كشريك لأميركا .
اي ان ايران في هذه النقطة ايضا قد حسبت النفط سلاحا فعالا ضد من يتظاهرون بمعاداتها ، عربا وأجانب ، على حسبة بسيطة جدا ، قد لاتخطر ببال ( العباقرة ) العرب وهي : ان نفط ايران ونفط العراق قادرين على تزويد اميركا واوربا بكل حاجاتها النفطية لعقود ، تتحول أيران خلالها الى قوة فعلية مهيمنة على كل المنطقة بما فيها تركيا ، حتى بدون وجود نفط من دول الخليج، وماعلى المغفل غير ان السكوت عن خطيئة غفلته ، لأن القانون ، ومنه القانون الدولي نفسه : لايحمي المغفلين ، سواء أكانوا عربا أم غير عرب، ولاشفاعة للحمقى في كل حرب ، سواء أكانت عسكرية أم إقتصادية ، أم سياسية .
وتبدو أيران في هذا المشهد قريبة من هدفها على غفلة دول الجوار وغير الجوار العربي بشكل خاص .
لوحة مضيق هرمز ملغومة من ثلاث جهات : إما أن تبادر أميركا بضربة جوية للمنشآت النووية والعسكرية الأيرانية في حالة عدم توصلها الى صفقة تتيح لها شراكة ( الأسد ) الأميركي ( للثعلب ) الأيراني في منطقة الخليج العربي ،أو أن تيأس وتفقد أيران سيطرتها على أعصابها من جراء الضغوط الدولية وإنسداد طرق المقايضة على الخيلج فتبادر هي الى توجيه ضربة عسكرية للقوات الأمريكية مع إسرائيل ، مصحوبة بغلق مضيق هرمز ، وعندها سيتحول هذه المضيق الى ضيق نفطي شديد يشتعل في كل أنحاء العالم .
راقبوا مضيق هرمز في كل الصفقات السرية والعلنية بين ايران وأميركا تعرفون أن له أهميات أخرى غير .. النفط !!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق