الأربعاء، سبتمبر 03، 2008

خطورة الصراع الحضاري بين الإسلام والصهيونيّة


سماحة المرجع القائد احمد الحسني البغدادي
الحلقة الثانية



ومن هنا.. يهدف الطاغوت الصهيوني الى اغتصاب الأرض الإسلامية، وتأسيس دولة عنصرية مترامية الاطراف على حساب شعبنا المسلم. وما في ذلك ريب ان قسما من اليهود وقفوا ضد الصهيونية، واظهروا استياءهم لها، بيد انهم غلبوا على امرهم، وخضعوا أمام التضليل، فصورت لهم ان عداء الإنسان لليهود لن ينتهي مهما تقدم الإنسان حضاريا، ثم اغروا من اغروا بالوعود المعسولة فهاجروا إلى الاراضي المحتلة‏.. والقسم الاخر يقدسون الصهيونية من حيث المبدأ بوصفها حركة سياسية ترفع شعارا ميدانيا هو((شعب اسرائيل هوشعب الله المختار)). لذلك فغيرهم خارج عن اطار الامور الاعتبارية والحسابات الوجدانية اطلاقا، وهم في مرتبة التدني، بل هم مجرد وجود بايولوجي مثلهم كمثل بقية الحيوانات البهيمية الاخرى.. وهذا ما نلمسه بالحس الوجداني من خلال الاعمال الوحشية والمخاوف الارهابية في الأرض المحتلة حيث يعاملون عرب فلسطين وكأنهم قطيع من المواشي، لاعلى صقع من الأرض يعيش ويحيا عليها كشعب من شعوب الأرض، فتشريد وتجويع وتدمير شعبنا المسلم في فلسطين تطبيق لنظرية((بروتوكولات حكماء صهيون)) من حيث الأستغلال والتعنّت والقهر والسيطرة على الجماعات البشرية كلها يساندهم في ذلك اليهود في العالم الذين يسلبون ثروات المستضعفين بصيغ مختلفة، ثم يعطونها هدية سخية إلى الجمعيات الصهيونية الأرهابية(والتي هي بدورها) تدعم مجتمعاً من شذاذ الآفاق يعيش في إطار دولة عنصرية عدوانية أستيطانية قامت بأحتلال الثرى الفلسطيني الاسلامي... وتمارس مع شعبنا العربي المسلم الأعزل أبشع أشكال الأضطهاد العنصري مما حدا بالمنظمة الدولية لأعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية المقيتة، والتمييز العنصري شتاء العام 1975 ميلادية.
وأخيرا الصهيونية حركة عنصرية تعادي شعوب الأرض من المسلمين والمسيحيين واليهود سواء بسواء... وقد قاوم اليهود بالذات هذه العنصرية الطاغوتية... بيد أنه لاتزال تصريحات شجب وأستنكار يهودية تقدمية حضارية من هنا وهناك ضد الصهيونية العنصرية مثل البروفسور((طلمون)) والحاخام((المريرجر)) والصحافي((شتياني طيفت)) والبروفسور((ناعوم تشومسكي)) عالم اللغويات، والعسكري السابق((ناداث كارس كانس)) و((مكسيم رودبسون)) و((ناتان وينستوك))((وأفراييم سيقيلا)).
ومهما يكن من هذا كله.. لقد نجح الطاغوت الصهيوني العنصري في الهيمنة على شرائح أجتماعية لايستهان بها من الأقليات اليهودية في أبعد نقطة من الأرض، وفرض عليها آيديولوجيته العنصرية.
ولكن الجهاد الاسلامي السياسي والمسلح لهذا الطاغوت العنصري لاينتهي إلا بتحرير كل فلسطين بسواعد أبناء الإسلام المجاهدين الأبطال.
* * *
ويحاول الوجود الصهيوني في الوقت الحاضر مع أميركا زعيمة الأستكبار العالمي الهيمنة على منابع البترول ومصادر المياه((وبالتالي الأستيلاء على المناطق الستراتيجية من مضيق باب المندب، ومضيق جبل طارق، حتى يتمكن هذا الوجود من أستقبال خمسة وعشرين مليون يهودي هم حالياً موزعين في أميركا وبلدان أوروبا وفي أقطار العالم كافة))... ولهذا تصور وسائل الأعلام الصهيوني بمكر ودهاء أمام الرأي العام العالمي:
(( إن اليهود أصحاب حق مهظوم يتطلعون إلى السلام الدائم.. ويبحثون عن أرض لهم بعد أن شردهم العدوان النازي أبان الحرب العالمية الثانية)).
ومن هنا.. تمكن الطاغوت الصهيوني من خلال حرب الكلمة بوصفها حرب خطيرة تفوق حرب السلاح أحياناً، من أستقطاب الكثير الكثير من المساندين الأشداء، وبخاصة أميركا، والبلدان الأوروبية، ان حيازة السلاح المتطور الفتاك الذي يسيل في ترسانة الكيان الصهيوني كالأنهار، خير دليل على المساندة الفعلية التي يحصل عليها هذا الكيان المصطنع من العالم الذي أستطاعت عبر وسائل إعلامها السمعية والمرئية الطويلة والمنظمة اقناعه بأحقية موقفها بسباق التسلح الرهيب وهستيريا الحرب هي التبرير الوطني لشرعية وجوده، وذلك بذريعة خطر الأعتداء الذي تزعم أنه يهددها من جانب الأقطار الاسلامية المجاورة، ولذلك خدعت الرأي العام العالمي بأساليب ديماغوجية، وبأمور من قبيل:
((حق العودة إلى أرض الميعاد)) و((بناء دولة المؤسسات الديمقراطية)) و((الممثل الشرعي الوحيد للشعب اليهودي المنكوب)).
نقف هنا ونؤكد: ان أغلبية اليهود الذين نزحوا للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة لايشكلون مجتمعاً متجانساً، وليس فيهم أمة موحدة التأريخ واللغة، والناس فيهِ لايشكلون قومية كما تزعم الصهيونية.. فاليهودية ليست لها علاقة جدلية على طول أمتداد التأريخ بأرض محدودة، بل ان اليهود كانوا موزعين في البلدان الأوروبية وكان وصولهم اليها ببركات الانتصارات الاسلامية العسكرية الكبرى حيث نقلوا بأوامر القيادة إلى الأندلس بوصفهم حرفيين، فهاجروا بعد ذلك إلى أبعد نقطة من الأرض.. بدءاً من أسبانيا، ومرورا بالمانيا وأوروبا الشمالية، ووصولاً إلى روسيا، في الوقت الذي تراهم يزعمون أن وطنهم الأصلي يقع في فلسطين أرض الآباء والأجداد.
إذن.. إسرائيل لم تكن موجودة على الخريطة السياسية على طول التأريخ.
ومن هنا يحاول المخطط الصهيوني الرهيب المتناغم حالياً مع مصالح الأستكبار الأميركي.. الوصول إلى المدينة المنورة، فهم يزعمون أنها مدينتهم في الأصل!!.. يحفزهم على ذلك أن أرض الجدود التي كانت خرافة أسطورية أنقلبت إلى حقيقة كبيرة وجدانية واقعة.. بهذه الأدعاءات والممارسات جاء الأحتلال الصهيوني الأستيطاني.
إذن.. لماذا وألف لماذا؟!... لاتغدوالدولة الصهيونية ممتدة من الفرات إلى النيل.. خاصة أن المؤسسة العسكرية الصهيونية أحتلت القدس الشريف وبدأت عملية التهويد تجري سريعة، وكذلك هضبة الجولان السورية التي أعتبرتها جزءا لايتجزأ من دولة أسرائيل.
وهكذا تبرز سمات الخطر الصهيوني الذي يهدد الأمن الاسلامي الأصيل.
وهكذا... لابد أن يستجمع في ذاته كل آثام الطبيعة والتأريخ ورجعيته.
وما تآزر الاستكبار الأميركي والعدوالصهيوني في ستراتيجية موحدة الا نذير بمخاوف الأرهاب الدولي المنظم.
وأستهداف خطر هذه الممارسات الأرهابية المدروسة التي تنفذ على صعيد التكتيك تارة والستراتيجي تارة أخرى حاجة ضروريّة تأريخيّة ملحّة.
إذن.. فأمل أمة الإسلام المحمدي الأصيل يتوقف على مدى اليقظة والحذر والحيطة والتعبئة النفسية والروحية بصورة فعالة ومستمرة في حرب الطاغوت الصهيوني العالمي والأستكبار الأميركي.
ومن هنا...((تستهدف المؤسسة العسكرية الصهيونية السيطرة على نهر الليطاني في لبنان، ونهر النيل في مصر، ونهر شرق الأردن- وهاهي قد باشرت بتركيب مضخات ضخمة تضخ المياه عبر قنوات بأتجاه الأرض الأسرائيلية بعدما أعلنت عبر وسائل أعلامها أن منطقة الليطاني منطقة عسكرية- وبعد ذلك ستتوجه بنقلة أستكبارية جنوب نهري الفرات ودجلة سواء بسواء، لأن الذي يسيطر عليهما يسيطر على شريان الحياة في منطقة الشرق الأوسط... وهذا ما خططت له المؤسسة العسكرية الصهيونية منذ زمن ليس بالقصير في إطار خطة ستراتيجية متكاملة تنفذ بصورة تكتيكية)).
ان مخطط المؤسسة العسكرية الصهيونية اليقظ الذي وضع لهذا الأمر الرهيب.. يبدأ بالزحف المرتقب نحوشمال ((الحجاز)) بعدما أنكشف لديها ان.. لاشيء مستحيل(بلغة المخاوف الأرهابية والقوة القهرية) خصوصاً إذا توفرت شروط المواجهة والإرادة الفولاذية التي لاتقهر.. كما إن تنفيذ مخطط المؤسسة العسكرية الصهيونية يكون بارادة جماعية، أي أن الأفراد والجماعات يشتركون سواء بسواء في إطار رؤى سياسية واحدة ويتحركون خطوة خطوة بأتجاه تحقيق هذه الرؤى.. التي أعترف بها المسؤولون المعنييون الصهاينة رسمياً.. وعلى هذا النص المأثور الذي ردده أكثر من مرة الأرهابي(هرتزل) من نهر الفرات إلى نهر النيل.
وعلى هذا المنوال.. يقول الحاخام يهودا سيمون وزير الأديان وهويلقي كلمة الحكومة بالنيابة في الكبرين كميث:
((ما تزال أمام الكبرين كميث أعمال عظيمة ان أمامها دولة اسرائيل كلها، وإن حدود تلك الدولة من الفرات إلى النيل)).
بل ذهب الأرهابي هرتزل معلقاً إلى أبعد من ذلك في الرابع والعشرين من نيسان العام 1903 ميلادية على عرض الوزير البريطاني((تشمرين)) أرض أوغنده:
((إن قاعدتنا يجب أن تكون فلسطين، أوبالقرب منها، وبعد ذلك سيكون بأمكاننا أن نقيم جاليات في أوغنده، وذلك لأن جماهيرنا مستعدة للهجرة، ولكن يتوجب علينا أن نبحث على أسس قومية، والجانب السياسي هوالذي يشدنا إلى مشروع العريش.
وقال: سيناء والعريش أرض اليهود العائدين إلى وطنهم.
وقال: عند مقابلته لمستشار الأمبراطور الألماني هنلوهي: سألني أيضا عن الأرض التي نريد، وماذا كانت تمتد شمالا حتى بيروت، أوأبعد من ذلك وكان جوابي سنطلب مانحتاجه تزداد المساعدة المطلوبة بأزدياد عدد المهاجرين)).
كذلك ايضا قول دافيد تريتش:
((إن قبرص جزء من فلسطين الكبرى)).
وزعم ارون ماركسوس لهيرتزل انه يجد في التلمود:
((ان قبرص جزء من فلسطين))
وعلى هذا الضوء.. نلاحظ أن الصهيونية العالمية تتسم دائماً بالطابع المبدئي.. في نفس الوقت نجد الأمة المسلمة لم تجتمع بعد على رؤية موحدة، بل ان هذه الرؤية لاتتسم تماما بالطابع المبدئي، ولا حتى بالطابع المرحلي القائم على أساس خطوة خطوة.. انها لم تتبلور بعد بشكل شامل ومتكامل، مما يدعونا لكي نوضح انه يجب بالضرورة الحتمية على القادة الثوريين الرساليين المبادرين المصممين بالفعل لابالقوة(كما يقول علماء المناطقة) على خلق مجتمع إسلامي عادل قادر على تحمل المسؤوليّة التأريخيّة الملقاة على عاتقه.
إذن.. فـ((الصهيونية العالمية تريد لتحقيق مشروعها الكبير الهيمنة على مصادر المياه والطاقة)) وعلى أمة الإسلام المحمدي الأصيل المحافظة على هاتين الثروتين باعتبارهما سلاحاً ستراتيجيا فاعلاً في شل قدرة العدو والحد من اطماعه التوسعية... ولايكون تحقيق ذلك الأمل العظيم، إلا بتوحيد الأمة على أسس العقيدة الاسلامية، وتنظيم القوة والوعي والحذر والحيطة والتعبئة النفسية والروحية والعمل والتحرك في إطار رؤية مبدئية متكاملة قابلة للتحقيق خطوة خطوة، لكي يتوصلون بالفعل إلى المجتمع الذي يريدون،((مجتمع إسلامي عادل وحركي قوي ببصيرته التأريخية والحضارية، وصاحب رؤية مستقبلية يسعى الى تحقيقها بعمل دؤوب)).
* * *
لقد أحتلَّ الطاغوت الصهيوني الأماكن المقدسة، خصوصاً المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين.. أنتهكوا حرماته وسرقوا بعض معلقاته، بل بادروا إلى حرق يعض جوانبه!!.. وللمسجد الأقصى منزلة قدسية عند الأمة والطوائف المسيحية.
وهاهم قد تحركوا بسرعة أسطورية وأغتصبوا أرضاً إسلامية، وسموها بأسماء يهودية بشكل لاتبديل فيها ولاتغيير.
وهاهم في تصريحاتهم يدلون بأن ستراتيجيتهم المبدئية هي نحوشمال الحجاز، والسيطرة على مكة المكرمة، والمدينة المنورة.. انطلاقاً من آيديولوجيا صهيونية مفادها: أن ابراهيم الخليل(عليه السلام) هوالذي شيَّد مكة، وانه من أصل يهودي بلا حاجة إلى تفسير وأستدلال .
وهاهم يفكرون في يوم من الأيام أن يغتصبوا الكعبة الشريفة حيث يحج المسلمون إليها فيما بعد تحت سيطرة الأحتلال الأسرائيلي.
وهاهم قد بدأوا يصادرون المياه من أيدي العرب والمسلمين.
وهاهم يجمعون المال بلا هوادة.. وشعارهم الميداني:((أعط دولارا تقتل عربيا))!..
وهاهم يطورون أجهزة الأمن المختلفة، والقمع المتقدمة، المزودة بأحدث ما أنتجته مصانع الأستكبار العالمية.
وهاهم تمكنوا من الحصول على المزيد من الطائرات المتقدمة بعد نكسة الخامس من حزيران العام 1967 م، وعززوا سلاح المدرعات والبحرية، وزادوا من تحصين المستعمرات الحدودية، وطوروا وسائلها الدفاعية، وجهزوها بشبكات دفاعية ووقائية.

وهكذا.. تنكشف المؤامرة الكبرى ضد تحرير الأرض والإنسان من خلال أهتمام الكيان الصهيوني بالمياه والطاقة.
فالأراضي الفلسطينية الاسلامية المغتصبة التي تقوم عليها دويلة أسرائيل فقيرة بمصادر الطاقة مثل: النفط، لذلك نلاحظها بلا أنقطاع تواجه عجزا في الطاقة النفطية.
وكذلك تواجه عجزاً في تغطية مشاريعها الزراعية بمياه الري، وكذلك تواجه عجزاً في أقتصادها القائم على التضخم.. بسبب النفقات العسكرية الباهظة.
وقد تسأل:
هل سيقبل الأستكبار الاميركي لهذا المخطط الصهيوني الرهيب؟..
هل سينسحب عن مصالحه الستراتيجية وهيمنته الرأسمالية الأحتكارية في المنطقة؟..
ونجيب عن ذلك:
ليس من المستحيل بين الأستكبار الأميركي، والطاغوت الأسرائيلي، فان وجدت أميركا مصالحها تتحقق من خلال الأسرائيليين، وأهدافهم قريبة إلى أهدافها في إدارة منابع الطاقة وأستغلالها ستسمح لهم بالهيمنة على هذه الآبار وأستغلالها بـ((القهر والقوة)).
والعكس بالعكس، إذا وجد الأستكبار الأميركي أن المسلمين في الظروف الحالية أجدر بتسيير شؤون ثروات الطاقة التي تختزنها الأقطار الاسلامية، فتتصدى حينئذ للمخطط الصهيوني، الطاغوت الرهيب وتمنعه من التنفيذ.
وعلى هذا تظهر سمات طموحات الأمة المسلمة ومنجزاتها من خلال تحقيق المجتمع الاسلامي، والدولة الاسلامية، لأن النعرات المذهبية والعرقية والعنصرية، تجعل من الأفرازات في غير خط المصلحة الاسلامية العليا.
* * *
يحاول الكيان الصهيوني السيطرة على الثرى الفلسطيني والعربي والاسلامي، وتصفية الأمة جسديا، ونسف بنيتها التحتية على الصعد كافة.
فالمجازر الرهيبة التي مارسها الطاغوت الصهيوني في الأرض الفلسطينية العام 1948م، والمذابح التي أعقبتها بعد ذلك، ثم المذابح التي تعرض لها الشعب اللبناني لسنوات طوال.. كل هذه الممارسات تشير إلى أن المؤسسة العسكرية الصهيونية تنهض على ستراتيجية موحدة بلا هوادة ولا تراجع، فعلاقة الأرهاب والأستغلال والتصفية هي: العلاقة الفريدة التي مارستها المؤسسة العسكرية الصهيونية مع أمة القرآن المجيدة.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار