الإجرام عقيدة سياسية !! كاظم عبد الحسين عباس أكاديمي عراقي تتعامل البشرية مع الإجرام كحالات فردية تظهر هنا أو هناك. والإجرام في خطه العام سلوك غير سوي يتأتى عن انحرافات سلوكية وأخلاقية تخرج بصاحبها عن خط السير المعتاد للناس وأعرافهم وقواعد سلوكهم وأخلاقياتهم العامة والخاصة وتتقاطع مع أعراف السماء وشرائعها قبل أن تتقاطع مع شرائع وقوانين البشر الوضعية. ومع إن القرآن المجيد قد أكد على وجود أقوام مجرمين غير إن وجودهم قد مرت عليه أزمنة طويلة جدا لا صلة لها بحديث ومعاصر السفر الإنساني، حيث إن نموذجها الجمعي قد صار خارج الزمن اللاحق للإسلام الحنيف وما ذكرهم في كتاب الله العزيز إلا ليكونوا عبرة. وظلّ الإطار الإنساني عموما يتعامل مع الإجرام على انه حالات فردية بعد أن اهلك الله جلّ في علاه تلك الأقوام بكوارث طبيعية وأمراض مختلفة, حتى أطل على العالم، العراق الجديد الذي وُلد من مؤخرة المارينز وحلفاءهم الصهاينة والفرس. العراق الجديد جاء بجديد على العالم كله ألا وهو تمكين أحزاب وقوى سياسية وميليشيات تعتنق القتل والإجرام كعقيدة سياسية، وبواسطة تشكيلاتها الجمعية وليس مجرد سلوك فردي شاذ ومنحرف لبعض من أفرادها. فالإجرام بمختلف أنواعه ومنها القتل وتعريض الناس إلى الإذلال بالتهجير والإقصاء والاعتقال العشوائي ومداهمات الليل القذرة والاغتصاب الجنسي للذكور وللإناث ومصادرة الممتلكات والتعذيب الوحشي الذي قلّ نظيره من حيث الكم ومن حيث الأنواع هو ما خبرناه وتعرفنا عليه على انه عقائد سياسية للأحزاب الطائفية والعرقية التي تعاقد معها الاحتلال المرّكب لبلدنا. بهذا المعنى فان الإجرام يخرج من إطاره الفردي إلى إطار جمعي منظّم من جهة، ويتحول من جهة أخرى إلى مفاهيم وأسس إيديولوجية تؤمن بتوطين الرعب والخوف عند الناس لتثبيت البقاء السياسي لهذه الإطراف. كما أن اعتماد الإجرام كعقيدة سياسية يدخل الحزبية عموما والقوى السياسية المختلفة التي تتبناه ضمن مدارات أهداف وغايات أبعد ما تكون حتى عن أبشع وأقذر ما عرفه العالم سابقا من شوفينية وشعوبية وعرقية مجرمة، ويتعداه ليشكل إطارا وجوديا وهوية مستديمة تبنتها حكومات الاحتلال المختلفة. إن فكرة إنتاج عراق جديد بالغزو والاحتلال لم يقصد بها تغيير النظام السياسي والحكومة الممثلة له، إنما تضمن توجهات ترمي إلى إعادة تشكيل المجتمع برمته وبشكل متزامن مع إعادة تشكيل الهيئات الحكومية الممثلة له. هكذا هدف معلن لأمريكا وشركاءها الصهاينة والفرس وأدواتهم يتضمن توطين الطائفية والعرقية على أنقاض المجتمع الذي أسسته الدولة الوطنية العراقية، وخاصة مجتمع ثورة حزب البعث العربي الاشتراكي الوطني القومي التحرري. إن تغيير البنية الاجتماعية من وطنية قومية تحررية اشتراكية مؤمنة إلى نقائضها بعملية غزو، وإنتاج عملية سياسية طائفية، عرقية هو عملية إجرامية بحد ذاته قبل أن يعتمد على قوى مجرمة بطبيعتها وتركيبها وغاياتها وأهدافها. ولكي تحقق قوات الغزو والاحتلال وأذنابها غاياتها الاجتماعية والسياسية والعسكرية فان عليها أن تقتل وتهجّر وتقصي وتعتقل وتعذّب وتقطع أرزاق كل مَن: 1- يؤمن بوحدة العراق الوطنية التي تتعارض مع مضامين الدستور الفيدرالي التفتيتي الاحتلالي. 2- يرفض الطائفية والعرقية ويعارضها بكل الوسائل. 3- يرفض ويقاوم تسييس الدين كوسيلة تمزيق للمجتمع وللوطن. 4- يرفض الاحتلال كفعل باطل ويرى في كل ما ينتج عنه على انه باطل. 5- يرفض الاجتثاث الجسدي والفكري كممارسة غير أخلاقية وغير شرعية بكل المعايير والمقاييس والأعراف. 6- يقاوم الفساد المالي والإداري المرافق لعملية إنتاج العراق الجديد. 7- المؤمن بحق العراق، بوحدة أرضه وسيادته وعروبته وبحق العراق بثرواته المختلفة وبحقه الطبيعي بانتهاج السياسة الوطنية والقومية التي تجعل منه بلدا قويا مزدهرا منيع الجانب وقادر على حماية نفسه. إن تحقيق هكذا أهداف يضع الأطراف المنفذة في تقاطع تام مع الشعب ويفرض عليها نمطا تنفيذيا محدَدا ألا وهو ممارسة الإجرام. ولا يمكن أبدا تغيير البنى الارتكازية الاجتماعية بالطريقة التي أريد بها إنتاج العراق الجديد، إلا باستخدام الإجرام والقوى السياسية التي تنتهجه كعقيدة سياسية وكإطار إيديولوجي لفلسفة بقاءها وانتشارها. هنا تكون جريمة أميركا وإيران والصهيونية مرّكبة ليس بحق العراق فقط، بل بحق الإنسانية كلها وهي جريمة لا تنحصر باستخدام الغزو والاحتلال كوسائل تغيير، بل أيضا باستخدام قوى سياسية وميليشيات تنتهج الإجرام كأيديولوجية تستطيع بواسطتها إرغام الناس على الخضوع للوضع الناتج عن الاحتلال، ليس بسطوة الاحتلال العسكرية، بل بسطوة سياستها الإجرامية بوصفها واجهات للاحتلال تمكنت به من الوصول إلى مواقع السلطة واحتمت به، وبالتفويض الإجرامي الممنوح لها توافقا وانسجاما مع ذاتها وهويتها الإجرامية السياسية العقائدية. إن الإفلاس العقائدي والفقر الفكري هو الذي يقود إلى تبني العنف والرعب لإعادة تشكيل المجتمع على أسس غير مقبولة، إلا من قبل معتنقي إيديولوجيتها بعد أن انحسر عنها المد والمدد الشعبي وانكفأت على نفسها فتفاعلت مع الإحباط والفشل لتعيد تكوين وجودها بالقتل والترهيب. إن فشل القدرات التقنية والتكنولوجية العسكرية والمخابراتية في قتل إرادة الرفض والمقاومة عند شعب العراق العظيم فضلا عن الطبيعة الإجرامية لدول الغزو والاحتلال وفي مقدمتها أميركا والكيان الصهيوني وبريطانيا وإيران، كان من بين العوامل التي جعلت الأمريكان يلجأون إلى الاعتماد كليا على أساليبهم البطشية الوحشية والاعتماد على قوى سياسية لا تمتلك أي مصدر قوة شعبي لأنها منبوذة, وإن تواصل معها نفر من الناس فهم يتواصلون لمنافع شخصية, فاعتمدت العنف منهجا لحياة بعيده عن روح الإنسانية وسماتها المتمدنة المتحضرة وبعيدة عن روح الله سبحانه وتعالى. لقد توافق الإجرام وعقلية الكاوبوي للغزاة المحتلين مع عقلية البقاء بالقوة الإجرامية الغاشمة لقردة الاحتلال فصار الدم العراقي الطهور ثمنا لتغيير إجرامي ومجرم بحق العراق والعراقيين. غير إن قانون الحق يخبرنا إن البطش والإجرام ستزلزل به الأرض كما زلزل الله الأرض تحت أقدام طغاة وقتلة في الأزمنة السالفة فالله موجود وقانونه لم ولن يتغير والخاسر الأكبر ليس الشعب، بل القتلة المجرمون الذين لن يجدوا موطئ قدم في سفينة النجاة ساعة يأتي الطوفان. وسلاما على أشلاء شهداءنا في كنيسة النجاة وجامع أم القرى وشارع الرسول في النجف وباب طويريج في كربلاء الذين قتلتهم عقائد الإجرام لسياسيي زمن الاحتلال. aarabnation@yahoo.com
الجمعة، نوفمبر 12، 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
آخر الأخبار
حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة
إقرأ في رابطة عراق الأحرار
-
▼
2010
(105)
-
▼
7 نوفمبر
(14)
- لقاء مع جورج غالوي أبكى مترجم الجزيرة
- الإجرام عقيدة سياسية !!
- فخ.. اسمه مجلس الأمن!!
- العراق وموقفنا
- الإعلام الفرنسي ووثائق ويكيليكس ومسيحي العراق اثر ...
- عراق المطيري // لماذا لا نحب إيران ؟
- رفاق البعث... بعض من الحقيقة والرؤية
- نزار السامرائي / للدم العراقي لون احمر أيضا
- تحذير لسكان منطقة الدوره وشبابها
- وثائق وكيليكس تكشف جرائم المالكي وحزب الدعوة بعد ا...
- جرائم إرهابية جديـــــــــــــــــدة
- رسالة إلى فرسان مائدة البارزاني المستديرة
- أوبريت سيعود السندباد تأليف عادل الشرقي يؤرخ للاحت...
- عندما تُمَزق الديمقراطية المزيفة طبولها
-
▼
7 نوفمبر
(14)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق