تعتب – وكالات – الإنترنت – 18 أيلول – سبتمبر 2008:
أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق رسالة مفتوحة إلى "منتسبي مشاريع الصحوة" فيما يلي نصها:
الحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه،والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن والاه وبعد:
فهذه رسالة صريحة إلى من انتسب في سالف الوقت إلى مشاريع الصحوة التي سعى المحتل في تأسيسها، وتبنى تمويلها، بعد أن ضيقت المقاومة العراقية الخناق عليه، وأنهكت قواه . نخاطب في هذه الرسالة أعدادا ليست بالقليلة من أبناء البلد، تمكن العدو من استدراجهم إلى الوقوع في شراكه، وتحقيق أهدافه، مستغلا واقعا مرا عانت منه بيئاتهم، رسم المحتل معظم معالمه،بفرق الموت الخاصة به، والتعطيل المتعمد للحياة من قبله، وتورط في بقية معالم هذا الواقع أناس فقدوا بوصلة الشرع الحنيف في تقويم مسيرتهم في دفع العدو، ومراعاة ضوابط الجهاد. وقد أعان المحتل على هذه المشاريع جمع من الطامحين للمال والسلطة والجاه، غاضهم مشروع المقاومة، ورأوا فيه حائلا بينهم وبين الوصول إلى هذه الغايات، وغايات أخرى، فقدموا للمحتل أنفسهم ،فلمع صورهم ،ورسم لهم أدوارا يلعبونها كمنقذين، وهم كذلك، لكن مهامهم في الإنقاذ كانت متوجهة في الأساس للعدو الغازي، لإنقاذه من المأزق الذي وقع فيه، وليس للعراقي الذي ظل يعاني ـ رغم هذه المشاريع ـ من الهوان، ونكد العيش، وسوء الحال. لقد أوهمكم هؤلاء أن مشاريع الصحوة ،ستدفع عنكم ظلم الظالمين، وتدخلات الطامعين في بلدكم، وأنها ستكون نافذتكم الجديدة للحضور على الساحة العراقية ، فشرعوا في تشكيل دوريات وأفواج مسلحة منكم، بحجة تأمين مناطقكم السكنية، وتحت ذريعة محاربة القاعدة والإرهاب،والميليشيات الطائفية المجرمة. دفعوا بكم إلى هذه المشاريع بهذه الذرائع، واضمروا عنكم أن الأمريكيين المحتلين، ما أرادوا من وراء ذلك دفع الظلم عنكم، ولا قصدوا توفير الأمن لكم، إنما أرادوا استعمالكم في مهمة عجزوا عنها، وهي القضاء على المقاومة العراقية التي تبذل جهدا في سبيل تحرير البلاد والعباد، فجعلوا منكم أداة لملاحقة أبناء المقاومة، وطعن عناصرها من الخلف، بالإضافة إلى رفع العبء عن كاهل جنود الاحتلال الأمريكي، الذي كان له الدور الأكبر ـ وما يزال ـ في قتل أبنائكم، وهدم بيوتكم، وتحطيم البنى التحتية لمناطقكم، وسرقة خيراتكم، واستعماركم إلى أمد غير منظور. ففي الوقت الذي كانت جموعكم تعمل على إعاقة تحرك المقاومين في هذه المناطق، وربما محاصرتهم في بعض الأجزاء، وتضييق الخناق عليهم كان أحد قادة الاحتلال الامريكي يدخن سيجارته وهو يقول لمن حوله متهكما: لقد نجحنا في خصخصة الحرب ضد الإرهابيين في العراق ،وكان آخر يقول:لقد قدمت لنا الصحوات ما لم تستطع التكنولوجيا الأمريكية الحديثة أن تقدمه لنا. وفي الوقت الذي كانت مجاميع منكم تشي بمعلومات عن المقاومة العراقية ،وتلاحق أبناء البلد البررة، وتدل المحتل على مخازن سلاحهم، كان قائد الاحتلال الأمريكي في ديالى المدعو: لوف، لا يكتم فرحته بكم، ويقول عنكم: ان هؤلاء منجم من المعلومات الاستخباراتية بالنسبة لنا، كونهم يعرفون كل شيء حول تحركات الارهابيين).وفي الوقت الذي كان الفرد منكم يتقاضى مرتبا من المحتل، قدره 300 دولار، يبتلع زعماء الصحوة المبالغ العظمى منه لم يكن يخفي قادة الاحتلال الامريكي نظرتهم في التعامل معكم على أنكم مجرد سلع وأدوات تقضى بها الغاية ثم تهمل، فالجنرال الأمريكي (فيل) المشرف على عملية تشكيل هذه المجاميع في بغداد ،كان يصرح من غير خجل: إن تأثير هذه الجماعات رائع وهائل، واذا كان الجيش الأمريكي قد منح المتطوعين في قاطعه لغاية الآن 17 مليون دولار, وهذا أقل من ثمن مروحية أباتشي ـ هكذا يقول ـ فإن ذلك قد عاد بفائدة أكبر بكثير مما يتوقع المرء, لقد أنقذت العملية أرواح الكثير من الأمريكيين) أما الخبير الأستراتيجي الأمريكي ستيفن بيدل فكان يصف التمويل الأمريكي لمجالس الصحوة بأنه :( أنجح صفقة في تأريخ الحروب). هكذا تم استغلالكم، وهكذا تم خداعكم، وتمرير الأمر عليكم ودعونا نتحدث عن بعض الخدمات الكبيرة التي قدمتها مشاريع الصحوة للاحتلال الأمريكي في العراق: أولها: انخفاض عدد العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال، فتحت ذريعة محاربة القاعدة و الإرهاب تم توجيه مجالس الصحوة للقضاء على المقاومة في المناطق المستعصية على الاحتلال أو الساخنة، وذلك من خلال تشكيل قوات شبه عسكرية تكون بمواجهة فصائل المقاومة، بغية خلق مناطق عازلة تفصل قوات الاحتلال عن ضربات المقاومة، وكذلك تقلص من مساحة انتشار قوات الاحتلال التي تحد بالنتيجة من عدد عمليات المقاومة نتيجة تقلص عدد الأهداف المتاحة. وهنا عليكم أن تعلموا حقيقة،وهي ان الأمريكيين وعملاءهم حيثما ذكروا الإرهاب والإرهابيين في العراق فإنهم يعنون جميع فصائل المقاومة ، ولا يقصدون تخصيص تنظيم بعينه بالذكر، وذلك لسبب لم يعد خافيا على احد، وهو ان هذه الذريعة تخدم أهدافهم في القضاء على مقاومة الشعب المحتل، وتدفع عنهم الإحراج أمام دول العالم ،لان الاعتراف بوجود مقاومة، يعني ضمنا الاعتراف بمشروعيتها، لان مواثيق الأمم المتحدة منحت الشعوب المحتلة حق المقاومة ضد محتليها، لكنهم حين يروجون في الإعلام أنهم يحاربون تنظيمات إرهابية لا تمت بصلة إلى الشعب المحتل ،فسيحضون بدعم الدول في حربهم الظالمة هذه، أو بتغاضيها عن جرائمهم في اقل تقدير، على اعتبار أن الإرهاب مرفوض دوليا. وقد استطاع العدو المحتل بهذه الذريعة أن يحقق نتائج ما كان يحلم بتحقيقها، وقد لاحظ المراقبون أن الصحوة حيثما وجدت، قضت على نشاطات المقاومة تقريباً من غير تمييز بين تنظيم ،وتنظيم ،أو فصيل وآخر،حتى اعترف احد قادة الصحوة في تقرير أعده لتقييم هذه الظاهرة: إن الصحوات تسببت في إيقاف كامل أو شبه كامل للمشروع الجهادي في بعض المناطق التي قامت بها وخاصة في محافظة الانبار، واذا علمتم ان قادة من قوات الاحتلال صرحوا أكثر من مرة ان 50% من العمليات التي كانت تستهدفهم من قبل، محلها في محافظة الانبار، يبدو لكم حجم الجناية التي ارتكبت في حق المقاومة العراقية، ومستقبل الشعب العراقي، ومستقبل الامة. ثانيها: استغلالكم كورقة ضغط ومناورة بيد إدارة الاحتلال، لإجبار الحكومة الحالية على تقديم المزيد من التنـازلات والتبعية الـسياسية لهذه الإدارة ، وذلك من خلال تهديدها بدمج هذه القـوى بوزارة الدفاع والداخلية، وهذا ما لا تريده هذه الحكومة الطائفية التي تحلم باستئثار السلطة وإقصاء الآخرين. واستغلالكم مرة أخرى في إجبار القوى السياسية المحسوبة على السنة على تقديم المزيد من التنازلات والتبعية السياسية وذلك من خلال التلويح لهم بأنكم البديل الجاهز لملئ الفراغ السياسي في حال رفضهم الانصياع للإدارة الأمريكية،واملاءاتها وفي الحالين كان الأمر مجرد استغلال وخديعة دونما مقابل. ثالثها: تمكن المحتلون بكم من تأمين انسحابات مهمة لقواتهم هذا العام، فقد أناطوا بعاتقكم مسؤولية حفظ الأمن لهم، واستطاعوا بهذه الطريقة تأمين هذه الانسحابات من المناطق الساخنة،وابقاءكم في موقع المواجهة مع ابناء جلدتكم. رابعها: تكريس تقسيم العراق من الناحية السياسية باعتماد قاعدة المحاصصة الطائفية والعرقية طبقا لما جاء في الدستور الذي سرق إرادة الشعب العراقي، فمع وجود قوات البيش مركة الكردية، والميليشيات الشيعية التي انتظم معظمها في قوات الشرطة والحرس الحكومي، كان لابد من ظهور قوى سنية مسلحة مقابلة، ليتم للمحتل إكمال اللعبة، وتحقيق أحلامه المريضة في التجزئة والتقسيم، فكنتم الأداة التي استعملت في سبيل تحقيق هذه الأحلام الخائبة بإذن الله. خامسها: استدراج بعض الفصائل المقاومة الى اللعبة، وتمكين المحتل من الحصول على كم هائل من المعلومات عن المقاومة بشتى فصائلها، ساعدت المحتل كثيرا في استهداف العديد منها، والنيل من أدائها. سادسها: التخفيف من المأزق الأمريكي، وكسب دعم الرأي العام الأمريكي ومن ثم دعم الكونغرس ومجلس الشيوخ لإدارة بوش، ولذا رأينا أن بوش قام بزيارة الى محافظة الأنبار قبل مناقشة وإقرار ميزانية القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، وتحقق له ما أراد. سابعها: إعطاء زخم كبير للاحتلال في فرض سياساته وتسويق نجاحاته المزعومة الى العالم هذا بعض ما قدمته تنظيمات الصحوة للمحتل من خدمات بثمن بخس قبضته ،وثمن باهظ دفعته من سمعتها وكرامتها ،ومن دمها أيضا. واليوم بعد كل ما تقدم ،تعلن قوات الاحتلال انها استنفدت من قوات الصحوة أهدافها، ولم تعد لها بهذه التنظيمات حاجة، وكأنها مناديل ورقية، تريد الآن بعد أن قضت منها حاجتها أن تودعها سلة المهملات . وقد أعلنت قوات الاحتلال قبل أيام عن قرب تسليم ملفاتها إلى حكومة طائفية تنتظر على أحر من الجمر لحظة تسلم هذه الملفات، لتصفي معها الحسابات، وتجعل منها أثرا بعد عين، فهذه الحكومة، ومكوناتها السياسية لن تسمح بأن يشاركها في السلطة الأمنية أحد،كائناً من كان. ولقد صدق من قال: ان الأداة الأمنية التي ابتدعها الأمريكيون استنفدت أغراضها وان الأمن النسبي الذي حققته سيكون على حساب الأمن الأكبر لهذا البلد وسيلقى رفات هذه المجالس قريباً في مقبرة تضم رفات كثير من قيادات وجهات سياسية راهنت على الوجهة التي رسمها لها المحتل، وضيعت بوصلة الوطن الحقيقية. أيها المنتسبون لمشاريع الصحوة: لقد حذرنا من هذه المشاريع في وقت مبكر من إنشائها، ونبهنا على مخاطرها، وانها مجرد لعبة من لعب المحتل، لن يطول بها الأمد، ولكن كثيراً منكم ضرب عن ذلك صفحاً، ولم يتقبل منا بهذا الصدد نصحاً. ويؤسفنا الآن أن نقول لكم مجددا: إن مشاريع الصحوة التي انتسبتم إليها، مهما بذلتم من جهد في تبريرها، لا تعدو أن تكون الكمين الذي وضعه المحتل بدهاء في طريقكم، والخديعة الكبرى التي انطلت عليكم، فسقطتم في أحابيلها من أول وهلة ، فكنتم كمن يذبح نفسه بسلاحه، ويقتل أولاده بيديه، ويهدم داره بمعاوله. هذا في حسابات الدنيا.. أما في حسابات الآخرة، فكنتم كمن يبيع آخرته بدنيا غيره، فلا هو حصل على الدنيا كما يحصل عليها الآخرون، من عملاء الاحتلال وأنصاره، مع انه محصول غير مشرف، ولا هو ـ إذا واصل طريق السوء هذا ـ بصدد الحصول على شيء من خير الآخرة وفضلها. لكن تبقى أمامكم فرصة، فهذا التخلي المفاجئ للمحتل عنكم، وتبرؤه منكم، في أحرج الظروف، وانقلاب الحكومة الحالية عليكم وملاحقتها لكم، لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير،لأنه ـ في كل الأحوال ـ فرصة ذهبية لكم لمراجعة الذات، واستدراك الخطأ قبل فوات الأوان، وما يدرينا عسى الله سبحانه قد علم فيكم بقية خير،أو حسن نوايا، فمنحكم هذه الفرصة، ولم يمل لكم كما أملى لآخرين سواكم، استدرجهم ليزدادوا إثما، بل لعل في ذلك شيئا من قوله الله تعالى ((ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)) يا أبناء الصحوة..هل من صحوة قبل فوات الأوان إن أمامكم ـ اليوم ـ الطريق معبدة لتكفير خطاياكم، وإصلاح ما بينكم وبين الله جل جلاله، وتعويض أهل الميدان والجهاد ما فوتموه عليهم من فرص النيل من العدو المحتل، وإعادة الثقة بأنفسكم كأبناء بررة للوطن، لا يرضون بغير التحرير مصيرا لبلدهم . ونحن على يقين أن الله سبحانه سيغفر للتائبين الصادقين منكم، وان أبناء الوطن الغيارى سيقبلون خطوتكم، وسيفرحون بأوبتكم، وسيكونون خير معين لكم يحتضنكم لتجاوز هذه المحنة. وتذكروا أن المحتلين على وشك الخروج من البلاد صاغرين، والخير قادم بإذن لله لكل الأخيار، فحذار أن تبقوا في دائرة الصغار، رهينة للذل والعار، وحذار أن تضيعوا على أنفسكم فرصة الاعتبار مماجرى، وفرصة رد الاعتبار.
الحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه،والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن والاه وبعد:
فهذه رسالة صريحة إلى من انتسب في سالف الوقت إلى مشاريع الصحوة التي سعى المحتل في تأسيسها، وتبنى تمويلها، بعد أن ضيقت المقاومة العراقية الخناق عليه، وأنهكت قواه . نخاطب في هذه الرسالة أعدادا ليست بالقليلة من أبناء البلد، تمكن العدو من استدراجهم إلى الوقوع في شراكه، وتحقيق أهدافه، مستغلا واقعا مرا عانت منه بيئاتهم، رسم المحتل معظم معالمه،بفرق الموت الخاصة به، والتعطيل المتعمد للحياة من قبله، وتورط في بقية معالم هذا الواقع أناس فقدوا بوصلة الشرع الحنيف في تقويم مسيرتهم في دفع العدو، ومراعاة ضوابط الجهاد. وقد أعان المحتل على هذه المشاريع جمع من الطامحين للمال والسلطة والجاه، غاضهم مشروع المقاومة، ورأوا فيه حائلا بينهم وبين الوصول إلى هذه الغايات، وغايات أخرى، فقدموا للمحتل أنفسهم ،فلمع صورهم ،ورسم لهم أدوارا يلعبونها كمنقذين، وهم كذلك، لكن مهامهم في الإنقاذ كانت متوجهة في الأساس للعدو الغازي، لإنقاذه من المأزق الذي وقع فيه، وليس للعراقي الذي ظل يعاني ـ رغم هذه المشاريع ـ من الهوان، ونكد العيش، وسوء الحال. لقد أوهمكم هؤلاء أن مشاريع الصحوة ،ستدفع عنكم ظلم الظالمين، وتدخلات الطامعين في بلدكم، وأنها ستكون نافذتكم الجديدة للحضور على الساحة العراقية ، فشرعوا في تشكيل دوريات وأفواج مسلحة منكم، بحجة تأمين مناطقكم السكنية، وتحت ذريعة محاربة القاعدة والإرهاب،والميليشيات الطائفية المجرمة. دفعوا بكم إلى هذه المشاريع بهذه الذرائع، واضمروا عنكم أن الأمريكيين المحتلين، ما أرادوا من وراء ذلك دفع الظلم عنكم، ولا قصدوا توفير الأمن لكم، إنما أرادوا استعمالكم في مهمة عجزوا عنها، وهي القضاء على المقاومة العراقية التي تبذل جهدا في سبيل تحرير البلاد والعباد، فجعلوا منكم أداة لملاحقة أبناء المقاومة، وطعن عناصرها من الخلف، بالإضافة إلى رفع العبء عن كاهل جنود الاحتلال الأمريكي، الذي كان له الدور الأكبر ـ وما يزال ـ في قتل أبنائكم، وهدم بيوتكم، وتحطيم البنى التحتية لمناطقكم، وسرقة خيراتكم، واستعماركم إلى أمد غير منظور. ففي الوقت الذي كانت جموعكم تعمل على إعاقة تحرك المقاومين في هذه المناطق، وربما محاصرتهم في بعض الأجزاء، وتضييق الخناق عليهم كان أحد قادة الاحتلال الامريكي يدخن سيجارته وهو يقول لمن حوله متهكما: لقد نجحنا في خصخصة الحرب ضد الإرهابيين في العراق ،وكان آخر يقول:لقد قدمت لنا الصحوات ما لم تستطع التكنولوجيا الأمريكية الحديثة أن تقدمه لنا. وفي الوقت الذي كانت مجاميع منكم تشي بمعلومات عن المقاومة العراقية ،وتلاحق أبناء البلد البررة، وتدل المحتل على مخازن سلاحهم، كان قائد الاحتلال الأمريكي في ديالى المدعو: لوف، لا يكتم فرحته بكم، ويقول عنكم: ان هؤلاء منجم من المعلومات الاستخباراتية بالنسبة لنا، كونهم يعرفون كل شيء حول تحركات الارهابيين).وفي الوقت الذي كان الفرد منكم يتقاضى مرتبا من المحتل، قدره 300 دولار، يبتلع زعماء الصحوة المبالغ العظمى منه لم يكن يخفي قادة الاحتلال الامريكي نظرتهم في التعامل معكم على أنكم مجرد سلع وأدوات تقضى بها الغاية ثم تهمل، فالجنرال الأمريكي (فيل) المشرف على عملية تشكيل هذه المجاميع في بغداد ،كان يصرح من غير خجل: إن تأثير هذه الجماعات رائع وهائل، واذا كان الجيش الأمريكي قد منح المتطوعين في قاطعه لغاية الآن 17 مليون دولار, وهذا أقل من ثمن مروحية أباتشي ـ هكذا يقول ـ فإن ذلك قد عاد بفائدة أكبر بكثير مما يتوقع المرء, لقد أنقذت العملية أرواح الكثير من الأمريكيين) أما الخبير الأستراتيجي الأمريكي ستيفن بيدل فكان يصف التمويل الأمريكي لمجالس الصحوة بأنه :( أنجح صفقة في تأريخ الحروب). هكذا تم استغلالكم، وهكذا تم خداعكم، وتمرير الأمر عليكم ودعونا نتحدث عن بعض الخدمات الكبيرة التي قدمتها مشاريع الصحوة للاحتلال الأمريكي في العراق: أولها: انخفاض عدد العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال، فتحت ذريعة محاربة القاعدة و الإرهاب تم توجيه مجالس الصحوة للقضاء على المقاومة في المناطق المستعصية على الاحتلال أو الساخنة، وذلك من خلال تشكيل قوات شبه عسكرية تكون بمواجهة فصائل المقاومة، بغية خلق مناطق عازلة تفصل قوات الاحتلال عن ضربات المقاومة، وكذلك تقلص من مساحة انتشار قوات الاحتلال التي تحد بالنتيجة من عدد عمليات المقاومة نتيجة تقلص عدد الأهداف المتاحة. وهنا عليكم أن تعلموا حقيقة،وهي ان الأمريكيين وعملاءهم حيثما ذكروا الإرهاب والإرهابيين في العراق فإنهم يعنون جميع فصائل المقاومة ، ولا يقصدون تخصيص تنظيم بعينه بالذكر، وذلك لسبب لم يعد خافيا على احد، وهو ان هذه الذريعة تخدم أهدافهم في القضاء على مقاومة الشعب المحتل، وتدفع عنهم الإحراج أمام دول العالم ،لان الاعتراف بوجود مقاومة، يعني ضمنا الاعتراف بمشروعيتها، لان مواثيق الأمم المتحدة منحت الشعوب المحتلة حق المقاومة ضد محتليها، لكنهم حين يروجون في الإعلام أنهم يحاربون تنظيمات إرهابية لا تمت بصلة إلى الشعب المحتل ،فسيحضون بدعم الدول في حربهم الظالمة هذه، أو بتغاضيها عن جرائمهم في اقل تقدير، على اعتبار أن الإرهاب مرفوض دوليا. وقد استطاع العدو المحتل بهذه الذريعة أن يحقق نتائج ما كان يحلم بتحقيقها، وقد لاحظ المراقبون أن الصحوة حيثما وجدت، قضت على نشاطات المقاومة تقريباً من غير تمييز بين تنظيم ،وتنظيم ،أو فصيل وآخر،حتى اعترف احد قادة الصحوة في تقرير أعده لتقييم هذه الظاهرة: إن الصحوات تسببت في إيقاف كامل أو شبه كامل للمشروع الجهادي في بعض المناطق التي قامت بها وخاصة في محافظة الانبار، واذا علمتم ان قادة من قوات الاحتلال صرحوا أكثر من مرة ان 50% من العمليات التي كانت تستهدفهم من قبل، محلها في محافظة الانبار، يبدو لكم حجم الجناية التي ارتكبت في حق المقاومة العراقية، ومستقبل الشعب العراقي، ومستقبل الامة. ثانيها: استغلالكم كورقة ضغط ومناورة بيد إدارة الاحتلال، لإجبار الحكومة الحالية على تقديم المزيد من التنـازلات والتبعية الـسياسية لهذه الإدارة ، وذلك من خلال تهديدها بدمج هذه القـوى بوزارة الدفاع والداخلية، وهذا ما لا تريده هذه الحكومة الطائفية التي تحلم باستئثار السلطة وإقصاء الآخرين. واستغلالكم مرة أخرى في إجبار القوى السياسية المحسوبة على السنة على تقديم المزيد من التنازلات والتبعية السياسية وذلك من خلال التلويح لهم بأنكم البديل الجاهز لملئ الفراغ السياسي في حال رفضهم الانصياع للإدارة الأمريكية،واملاءاتها وفي الحالين كان الأمر مجرد استغلال وخديعة دونما مقابل. ثالثها: تمكن المحتلون بكم من تأمين انسحابات مهمة لقواتهم هذا العام، فقد أناطوا بعاتقكم مسؤولية حفظ الأمن لهم، واستطاعوا بهذه الطريقة تأمين هذه الانسحابات من المناطق الساخنة،وابقاءكم في موقع المواجهة مع ابناء جلدتكم. رابعها: تكريس تقسيم العراق من الناحية السياسية باعتماد قاعدة المحاصصة الطائفية والعرقية طبقا لما جاء في الدستور الذي سرق إرادة الشعب العراقي، فمع وجود قوات البيش مركة الكردية، والميليشيات الشيعية التي انتظم معظمها في قوات الشرطة والحرس الحكومي، كان لابد من ظهور قوى سنية مسلحة مقابلة، ليتم للمحتل إكمال اللعبة، وتحقيق أحلامه المريضة في التجزئة والتقسيم، فكنتم الأداة التي استعملت في سبيل تحقيق هذه الأحلام الخائبة بإذن الله. خامسها: استدراج بعض الفصائل المقاومة الى اللعبة، وتمكين المحتل من الحصول على كم هائل من المعلومات عن المقاومة بشتى فصائلها، ساعدت المحتل كثيرا في استهداف العديد منها، والنيل من أدائها. سادسها: التخفيف من المأزق الأمريكي، وكسب دعم الرأي العام الأمريكي ومن ثم دعم الكونغرس ومجلس الشيوخ لإدارة بوش، ولذا رأينا أن بوش قام بزيارة الى محافظة الأنبار قبل مناقشة وإقرار ميزانية القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان، وتحقق له ما أراد. سابعها: إعطاء زخم كبير للاحتلال في فرض سياساته وتسويق نجاحاته المزعومة الى العالم هذا بعض ما قدمته تنظيمات الصحوة للمحتل من خدمات بثمن بخس قبضته ،وثمن باهظ دفعته من سمعتها وكرامتها ،ومن دمها أيضا. واليوم بعد كل ما تقدم ،تعلن قوات الاحتلال انها استنفدت من قوات الصحوة أهدافها، ولم تعد لها بهذه التنظيمات حاجة، وكأنها مناديل ورقية، تريد الآن بعد أن قضت منها حاجتها أن تودعها سلة المهملات . وقد أعلنت قوات الاحتلال قبل أيام عن قرب تسليم ملفاتها إلى حكومة طائفية تنتظر على أحر من الجمر لحظة تسلم هذه الملفات، لتصفي معها الحسابات، وتجعل منها أثرا بعد عين، فهذه الحكومة، ومكوناتها السياسية لن تسمح بأن يشاركها في السلطة الأمنية أحد،كائناً من كان. ولقد صدق من قال: ان الأداة الأمنية التي ابتدعها الأمريكيون استنفدت أغراضها وان الأمن النسبي الذي حققته سيكون على حساب الأمن الأكبر لهذا البلد وسيلقى رفات هذه المجالس قريباً في مقبرة تضم رفات كثير من قيادات وجهات سياسية راهنت على الوجهة التي رسمها لها المحتل، وضيعت بوصلة الوطن الحقيقية. أيها المنتسبون لمشاريع الصحوة: لقد حذرنا من هذه المشاريع في وقت مبكر من إنشائها، ونبهنا على مخاطرها، وانها مجرد لعبة من لعب المحتل، لن يطول بها الأمد، ولكن كثيراً منكم ضرب عن ذلك صفحاً، ولم يتقبل منا بهذا الصدد نصحاً. ويؤسفنا الآن أن نقول لكم مجددا: إن مشاريع الصحوة التي انتسبتم إليها، مهما بذلتم من جهد في تبريرها، لا تعدو أن تكون الكمين الذي وضعه المحتل بدهاء في طريقكم، والخديعة الكبرى التي انطلت عليكم، فسقطتم في أحابيلها من أول وهلة ، فكنتم كمن يذبح نفسه بسلاحه، ويقتل أولاده بيديه، ويهدم داره بمعاوله. هذا في حسابات الدنيا.. أما في حسابات الآخرة، فكنتم كمن يبيع آخرته بدنيا غيره، فلا هو حصل على الدنيا كما يحصل عليها الآخرون، من عملاء الاحتلال وأنصاره، مع انه محصول غير مشرف، ولا هو ـ إذا واصل طريق السوء هذا ـ بصدد الحصول على شيء من خير الآخرة وفضلها. لكن تبقى أمامكم فرصة، فهذا التخلي المفاجئ للمحتل عنكم، وتبرؤه منكم، في أحرج الظروف، وانقلاب الحكومة الحالية عليكم وملاحقتها لكم، لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير،لأنه ـ في كل الأحوال ـ فرصة ذهبية لكم لمراجعة الذات، واستدراك الخطأ قبل فوات الأوان، وما يدرينا عسى الله سبحانه قد علم فيكم بقية خير،أو حسن نوايا، فمنحكم هذه الفرصة، ولم يمل لكم كما أملى لآخرين سواكم، استدرجهم ليزدادوا إثما، بل لعل في ذلك شيئا من قوله الله تعالى ((ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)) يا أبناء الصحوة..هل من صحوة قبل فوات الأوان إن أمامكم ـ اليوم ـ الطريق معبدة لتكفير خطاياكم، وإصلاح ما بينكم وبين الله جل جلاله، وتعويض أهل الميدان والجهاد ما فوتموه عليهم من فرص النيل من العدو المحتل، وإعادة الثقة بأنفسكم كأبناء بررة للوطن، لا يرضون بغير التحرير مصيرا لبلدهم . ونحن على يقين أن الله سبحانه سيغفر للتائبين الصادقين منكم، وان أبناء الوطن الغيارى سيقبلون خطوتكم، وسيفرحون بأوبتكم، وسيكونون خير معين لكم يحتضنكم لتجاوز هذه المحنة. وتذكروا أن المحتلين على وشك الخروج من البلاد صاغرين، والخير قادم بإذن لله لكل الأخيار، فحذار أن تبقوا في دائرة الصغار، رهينة للذل والعار، وحذار أن تضيعوا على أنفسكم فرصة الاعتبار مماجرى، وفرصة رد الاعتبار.
ألا هل بلغنا ..اللهم فاشهد
الامانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق
17/ رمضان المبارك/1429هـ الموافق 17/أيلول/2008م
الخميس 18 رمضان المبارك 1429 هـ
18 أيلول 2008 م
الخميس 18 رمضان المبارك 1429 هـ
18 أيلول 2008 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق