الجزء السابع
على هامش الإداء السياسي الساند لمشروعتا المقاوم..
الإشكاليات والحل الصعب!؟
شبكة البصرة
رعد الجبوري
كاتب ومحلل سياسي عراقي مستقل
ما الحل؟؟ سؤال يبدو بسيطاً، الإ أن الإجابة عليه صعبة جداً ولا يتسنى لشخص، مهما بلغت خلفيته المعرفية أو تجربته وخبرته في العمل السياسي، أن يتمكن من الإجابة عليه بسهولة وموضوعية. وحتى وإن إقترب من ايجاد الحل لمعظم إشكاليات العمل السياسي العراقي في اللحظة الراهنة، إلا أن الحراك المستمر في المشهد العام وتعدد الأطراف الفاعلة خارجياً وداخلياً، يجعل من الصعب الإحاطة بكل التفاصيل وبالنتيجة يزيد من صعوبة وصف (الترياق) المناسب لعلته.
وقبل ان نستمر في الحديث ضمن هذا السياق نرجو من القاريء الكريم أن يضع في اعتباره بوضوح بأن الخوض في هذا الموضوع لا يهدف إطلاقاً الى إيجاد الحل الناجز، بقدر ما هو محاولة (قد تخطيء أو تصيب) على طريق ايجاد الحل. وإن الهدف الرئيسي له ايضاً هو ان يكون مجرد بداية لتفعيل مؤسسي (من نوعٍ ما) لنقاش سياسي وفكري أوسع تشارك به كل المرجعيات السياسية والمجتمعية والفكرية المناهضة لمشروع الإحتلال الأمريكي للعراق، وسعياً جاداً لاستكشاف وسائل وآليات للعمل السياسي الفاعل لمشروع المقاومة على الساحة العراقية بالضد من مشروع الإحتلال. لذا نتمنى أن يتسع صدر القراء الكرام لما سنطرحه لاحقاً في هذا الجزء ولا يتعاملون معه باحكام مسبقة أو متشنجة، ولا يضيعوا وقتهم الثمين بمحاولة انتقاد هذه الفقرة أو تلك الكلمة أو تسفيه ذلك المقترح، مما يرد في هذا المقال، بل يتكرموا علينا بطرح البدائل العملية ليس لما نكتبه فقط بل لما يساعدنا جميعاً في سعينا الوطني المخلص لإخراج المحتل واعوانه وحلفاؤه والقضاء على مشاريعه الظاهرة والمستترة في العراق.
وفي الوقت الذي نحاول تلمس طريقنا وسط هذا الخضم الهائل الذي يعيشه العراق بعد الإحتلال، ربما يكون المدخل لما يمكن ان نتصوره لأيجاد (الحل) هو ما سنحاول إيجازه في الفقرات التالية :
1. تعريف الثوابت، وذلك من خلال البدء بنقاش واسع في كل ما يتاح لنا من وسائل اعلام ومواقع انترنت ولقاءات جماهيرية أو اجتماعات رسمية أو أدبيات حزبية أو فكرية أو مجتمعية، وحتى في اللقاءت غير الرسمية والجلسات الخاصة. والقصد من هذا النقاش الواسع هو الوصول الى صيغة واضحة ومحددة لما يمكن ان يعتبره الجميع (الثوابت) الوطنية الجامعة لمشروع المقاومة العراقية بشقيه العسكري والسياسي، والسعي لوضع حدود فاصلة وجلية (قدر الإمكان) لما يمكن ان يكون في صف الإحتلال أو يخدمه، وبين ما هو وطني مناهض للإحتلال.
2. وهذه (الثوابت) يفترض ان تكون عاصمة للكثير من الواجهات الحزبية والسياسية وحتى السياسيين انفسهم وسواهم من تهمة (الشطط) و شبهة وجود أثر للمصلحة الذاتية في أي (إجتهاد) لأي منهم.
3. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنه وبعد اكثر من خمسة سنوات على الإحتلال، ينبغي أن لا يكون هناك أي غموض في تصنيف أو توصيف الإجتماع بأقطاب الحكومة الإحتلالية أو عناصر العملية السياسية التي أسسها ورعاها الإحتلال. فالإجتماع مع اعوان الإحتلال ومناصريه يعني بكل بساطة الإعتراف بهم ومنحهم شرعية زائفة لا يستحقونها.
4. ونفس الشيء ينطبق ايضاً على ضرورة وضع آليات وضوابط محكمة للقاء أي طرف تابع للإحتلال الأمريكي سواءاً كان رسمي أو غير رسمي أو مموه تحت مسميات اخرى، بحيث نخلص بعدها إلى معرفة من سيسمح له القيام بذلك، وضمن اي شروط، وتحت أي ظروف. هذا الشيء إذا ما انجز بطريقة صحيحة فإنه قد يمنع أي جهة من الانفراد بقرار الاجتماع مع الإحتلال واعوانه ومناصريه من اطراف (العملية السياسية) تحت حجج وذرائع لا تتناسب مع الواقع، كما حصل بشكل واضح في ما عرف بـ (خلوة البحر الميت) والمثيرة لجدل لم تنته تداعياته المؤلمة حتى هذه اللحظة، عندما نجحت خلالها الإدارة الأمريكية بواسطة طرف غير مباشر وبواجهة مموهة (أكاديمية) هذه المرة، في استدراج البعض ممن هم في الصف الوطني (او يحسبون عليه كما يصر البعض على توصيفهم) إلى الإجتماع سراً بأعوان وشركاء الإحتلال والمساهمين بفعالية في "العملية السياسية" وتصوير ذلك الإجتماع على انه اجتماع (بريء) يهدف (لتبادل وجهات النظر). وكانت النتيجة المباشرة لهذا التصرف غير المحسوب العواقب، هو دق اسفين في عمق المشروع السياسي العراقي المناهض للإحتلال في المنفى وأسهم بشكل مؤكد في معارك جانبية ادت إلى خلخلة متانة بنيانه الهش اصلاً.
5. التأسيس لمرجعية (حكمائية) تكون بمثابة (محكمة ضمير وطني) وتتألف من شخصيات وطنية عراقية سياسية أو إقتصادية أو فكرية وسواها، تكون بمثابة (مجلس حكماء) لتقييم الإداء الميداني، ولإبداء النصح السياسي لكل طرف من اطراف المشروع السياسي المناهض للإحتلال داخل وخارج العراق، وكذلك لتكون بمثابة قاضٍ (محايد) فيما ينشب من خلاف أو إختلاف في وجهات النظر بينهم. ويفترض ان يكون (مجلس الحكماء) بمجموع افراده بمثابة مرجعية سياسية وطنية لا غبار على تاريخها الوطني وسمعتها الشخصية، وينبغي ايضاً ان تكون محايدة مع كل الاطراف السياسية وسواها التي تقف في الصف الوطني وبالضد من مشروع الإحتلال واعوانه. ولا مصلحة دنيوية مادية أو ذاتية أو معنوية لأي عضو من اعضائها يمكن أن تعود عليه من إشتراكه في (مجلس الحكماء).
6. ابتكار صيغ جديدة لمساندة وتعزيز المقاومة المسلحة العراقية في الميدان، مثل ربط تمثيل ودور العشائر العراقية في التشكيلات السياسية والجبهوية المناهضة للإحتلال الأمريكي بمقدار التزام تلك العشائر بقتل أو أسر عدد من جنود الإحتلال (واحد يومياً لكل عشيرة مثلاً) او بما يتناسب وثقلها المجتمعي وتعداد افرادها. وجعل مثل هذا الالتزام، بعد التحقق منه عملياً وفق آليات مدروسة، مقياساً موضوعياً لحساب ثقل أو وزن تمثيل العشيرة أو القبيلة في القرارالسياسي العراقي الوطني المناهض مشروع الإحتلال. أو السعي ايضاً لتأسيس مشروع وطني لرعاية أبناء وأسر شهداء المقاومة العراقية الذين يستشهدوا في ميدان المواجهة مع الإحتلال، وتوسيعه لاحقاً كي يشمل ضحايا الإحتلال. أو توفير الدعم المالي واللوجستي لفكرة تشكيل فصيل مقاوم خاص من الإستشهاديات اللائي تم سابقاً اعتقالهن و إغتصابهن في سجون الإحتلال والراغبات في منحنهن الفرصة لفعل ذلك لإسباب شخصية او مجتمعية او عقائدية. أو حشد الجهود للقيام بحملة دولية لفضح الإحتلال ولتعويض معتقلي سجونه. وسوى ذلك من صيغ مبتكرة لزيادة رقعة المواجهة مع الإحتلال في المراحل الزمنية القادمة.
7. دعم وتوجيه الباحثين والمختصين والمؤسسات البحثية العراقية في المنافي، لمناقشة وتحليل أوجه القصور في العمل السياسي العراقي المناهض لمشروع الإحتلال وابتكار الصيغ والأطر اللازمة للنهوض والإرتقاء به لمواكبة الإنجازات الميدانية للمقاومة العراقية في الداخل.
8. السعي الجاد فكرياً وعملياً لفك التشابك والتداخل بين ما فيه مصلحة وطنية عراقية خالصة، وبين ما هو مصلحة ذاتية للدول الاقليمية وأجنداتها الوطنية والمخابراتية. وإيجاد الصيغ المناسبة والآليات المحددة لكيفية التعامل للتعاون معها أو لإجهاضها، وفقاً لمقياس فائدتها قرباً أو بعداً على التوالي عن المشروع الوطني العراقي.
9. تأسيس (خلية أزمة) سياسية مؤلفة من اختصاصيين في السياسة والإقتصاد والإعلام تتمكن من التفاعل بسرعة مع المتغيرات والاحداث اليومية والمرحلية، وتتولى استقراء وتخمين الاتجاهات المستقبلية للصراع مع الاحتلال وتكون بمثابة جهاز وطني (للانذار المبكر)، يضع السياسيين والنخب الفكرية والمجتمعية في صورة المتغيرات التي تطرأ مستقبلاً في داخل الساحة العراقية وخارجها وتقييم آثارها فيهما، لغرض ضمان التفاعل الحي والمؤثر في تلك المتغيرات.
10. ايجاد آليات لعزل وتفتيت تأثير بعض التصرفات والأفكار التي تتبناها الجهات والشخصيات والاحزاب العراقية في الخارج لأسباب ذاتية وأنانية أو دعائية أو مصلحية، بما في ذلك عزل ومحاصرة ومقاطعة الشخصيات ذات الإداء السياسي المتلون والمتذبذبة الولاء وذات الأجندات الذاتية الخاصة التي تسبب الضرر للمشروع الوطني.
11. التركيز دائماً على (الكليات) أو أصل المشكلة وهي وجود الإحتلال وأعوانه في العراق، وعدم السماح بتشتيت الجهد السياسي العراقي وسواه في (الجزئيات)، أو التورط في ممحاكات مخابراتية وسياسية والخوض في معارك جانبية إقليمية أو دولية ضد هذا الطرف أو ذاك. وتسويق ذلك على أنه من صلب مصلحة العمل الوطني العراقي.
هذا بعض ما تيسر لنا طرحه في هذه العجالة، راجين ان تكون مقدمة لفتح الابواب مشرعة امام كل المخلصين للإجتهاد بأرائهم وجهودهم في تعزيز العمل العراقي الوطني في مرحلة حرجة وشديدة الحساسية كالتي يمر بها عراقنا الغالي في هذه الأيام.
وفي الختام لا يسعنا الا أن نشكر القراء الأفاضل على صبرهم بقراءة سلسلة المقالات هذه، وعلى تحملهم عناء التفاعل أو التواصل والذي لا يسعى منه جميع المخلصين للعراق وقضيته العادلة، إلا إبتغاءاً لمرضاة الله عز وجل أولاً، ومن ثم رضا الشعب العراقي وامتنا العربية والإسلامية، وصولاً الى هدفنا الأول والأسمى في هذه المرحلة الا وهو انهاء الاحتلال البغيض وتدمير مشروعه وإجهاض مخططاته الشريرة وتحطيم ادواته والقضاء على عملاءه.
انتهى.
جريدة الصوت 9/8/2008
رعد الجبوري : احاديث عراقية محظورة في السياسة والمقاومة.... واشياء اخرى (الحلقة السادسة) ما الذي يواجه العراق... قيادة أزمة أم أزمة قيادة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق