الاثنين، ديسمبر 01، 2008

بالإتفاقية الأمنية أو بدونها سيولّون الدبر


شبكة البصرة
بقلم بدر الدين كاشف الغطاء
1 - أقر البرلمان العراقي المنشأ في ظل الإحتلال (الإتفاقية الأمنية) يوم 27/11/2008. والمتابع لمراحل التفاوض منذ عشرة أشهر وإلى يوم التصديق على الإتفاقية يخرج بإستنتاج واحد هو إن أمريكا وإيران هما الطرفان اللذان تفاوضا وإتفقا، وإن المشاركين في العملية السياسية المنشأة في ظل الإحتلال، حكومة وبرلمانا، لم يكونوا سوى (كومبارس) يتحركون في كل إتجاه، يتعهدون وينقضون، ويزبدون ويرعدون وفق أدوار مرسومة لهم سلفا من سادتهم.

2 - وكان كومبارس إيران أكثر حرفيّة في تنفيذ تعليمات سادتهم، فمنذ البداية وزعت إيران الأدوار بينهم بإن قسمتهم الى مجموعتين واحدة مؤيدة للإتفاقية والأخرى معارضة لها من أجل أن تضمن التحكم بخيوط اللعبة ولتنقل لإمريكا رسالة مفادها أنها الوحيدة القادرة على المنح والمنع في العراق، وأن لا سبيل لأمريكا غير الجلوس معها لتقاسم النفوذ في العراق والمنطقة. ونفّذ كومبارس إيران المؤيدون للإتفاقية دورهم، ووقعت الإتفاقية ثم أقرت وفق إملاءات إيران وتوقيتاتها. كما نفّذ كومبارس إيران المعارضون للإتفاقية دورهم بدقة، وحتى شعارهم الذي رفعوه في جلسة مجلس النواب (كلا.. كلا.. إتفاقية) هو أعجمي بإمتياز، وبيان سيدهم جاءهم من مدينة قم الإيرانية حيث يقيم.

3 - أما في جبهة كومبارس أمريكا، فقد أدّت مجموعة الأحزاب الكردية دورها كما يجب، لإنها مهتمة ببقاء الإحتلال أكثر من المحتل نفسه، في حين كان بقية الكومبارس الأمريكي كالغنم الشاردة، فلا تعليمات (كروكر) تصلهم بإنتظام، ولا هم بقادرين على إتخاذ موقف. فتارة تراهم يرفضون الإتفاقية جملة وتفصيلا ويصفونها بصك الإذعان، وتارة يقولون إن الإتفاقية هي أهون الشرور.

وبعد تخبط طال، هداهم كروكر الى موقف إعتقده ذكيا، وهو أن يبلغوا كومبارس إيران أنهم لن يصوتوا لصالح الإتفاقية من غير ثمن، والثمن هو زيادة حصتهم في نظام المحاصصة وزيادة إمتيازاتهم الشخصية، وإلاّ فإنهم سيرفعون شعار الحرص على العراق ويظهرون كومبارس إيران بمظهر المفرط بحقوق العراق. ووجدت إيران أن تصويت هؤلاء لصالح الإتفاقية ضروري ليس من أجل إمرارها، لإن إمرارها مضمون، ولكن من أجل أن لا يزايدوا على كومبارسها بالوطنية وهم غارقون معهم في العمالة، ولذا دخلوا معهم بمفاوضات إنتهت بإقرار البرلمان ما سميت بورقة (الإصلاح الوطني).

4 - ورقة (الإصلاح الوطني) هي أتفه ما عرفه برلمان في العالم، حرا كان أم مستعبدا. الورقة وضعت فيها رغبات ايران وأمريكا سوية في خلطة عجيبة وبتعابير هلامية لا معنى لها، وتضمنت أمرين لا يقلان خطورة عن الإتفاقية نفسها. الأول هو التأكيد على الإلتزام بالدستور المقرّ تحت الإحتلال. ودستور نوح فيلدمان هذا، كما يعرف العالم أجمع، هو أسوأ تشريع فرضه محتل على أراض محتلة، وهو أكثر خطورة على العراق من جيوش الإحتلال نفسها، لإنه يعطي الطابع المؤسساتي الزائف لتفتيت العراق وزرع الفرقة بين أبنائه، ولا أقول يشرعن الإحتلال لإنه أصلا ولد سفاحا من رحم إحتلال غير مشروع. والأمر الخطير الثاني هو دعوة الورقة لإن تستوعب العملية السياسية من سمتهم (المجاميع التي ألقت السلاح أو المستعدة لإلقائه). أي أن هؤلاء الخاسئين يريدون إغراء المقاومة العراقية بإلقاء السلاح والتحول الى العمالة مثلهم.

5 – نجح المحتلان الأمريكي والإيراني في تمرير الإتفاقية الأمنية، لكن هذه الخطوة لن تخرجهما من مأزقهما. لقد فرزت هذه الإتفاقية الخنادق بصورة حاسمة. وحتى بسطاء الناس تيقنوا أن الحكومة المنشأة في ظل الإحتلال، بكل مكوناتها، عميلة وفاقدة للإرادة ومدانة بإرتكاب جريمة الخيانة العظمى. وإذا كان بعض المشاركين في العملية السياسية قد حاولوا دغدغة مشاعر هؤلاء البسطاء بترديد شعارات وطنية في السابق، فلم يعد في وسعهم فعل ذلك بعد الآن. إن من كان يدعي أنه غير مسؤول عن وجود الإحتلال وأن الإحتلال مفروض بقرار من مجلس الأمن، لا يستطيع الإستمرار بهذا الإدعاء بعد أن إعترف بالإحتلال ووقع معه إتفاقية تتضمن بقاء قوات الإحتلال في العراق وقيامها بحمايته. إن من وافق على الإتفاقية ومن عارضها مشتركان في جريمة الخيانة العظمى، لإن من عارض الإتفاقية وقبل بسريانها هو في النهاية موافق عليها.

6 - لقد وقع الإحتلال في شر أعماله عندما إستبدل الإنتداب بموجب قرار مجلس الأمن 1546(2004) بإتفاقية مع حكومة محلية عميلة لا شرعية لها.وإذا كان البعض يحاجج بإن (القوات متعددة الجنسيات) تتمتع بغطاء من مجلس الأمن، رغم لا شرعية هذا الغطاء، فإنها اليوم لا غطاء لها مطلقا. الحكومة المحلية فاقدة السيادة مسلوبة الإرادة خاضعة لقوة الإحتلال وهي تحت حماية قوة الإحتلال، لذا فإن توقيعها غير قانوني وباطل وعديم الأثر.

7 - يعتقد القادة الأمريكان، واهمين، أن الإتفاقية الأمنية ستجعلهم يلتقطون أنفاسهم وستقلل من خسائرهم في العراق، خاصة عندما ينسحبون من المدن والقرى العراقية الى قواعدهم في منتصف العام القادم. هؤلاء القادة يتجاهلون الحقائق، فالعراقي لن يقبل أن تدنس ذرة من تراب أرضه، فكيف بأكثر من 400 قاعدة ومقر ومكتب منتشرة في أنحاء العراق. وليت القادة الأمريكان قرأوا مذكرات جنودهم الهاربين من جحيم العراق. يقول أحد هؤلاء الجنود في مواقعه على الإنترنت : (قبل أن نخرج من القواعد، لإداء مهمة ما، كان يجري تأهيلنا نفسيا وجسديا لمواجهة هجمات المقاومة العراقية، ولكن كارثتنا تبدأ بعد عودتنا الى قواعدنا. فعندما نخلد للراحة والنوم تبدأ القنابل والصواريخ بالتساقط علينا، وهي، حتى وإن لم تتسبب في سقوط ضحايا بيننا، فإنها تهبط بمعنوياتنا الى الحضيض. فالجندي الذي يشعر أنه مهدد في قاعدته وفي مهجعه لا يثق بقيادته ويريد أن يخرج من هذا الجحيم فورا).

8 - أهدي لإخوتي في المقاومة نصيحة مسؤول روسي رفيع المستوى للقيادة الوطنية العراقية قبل الإحتلال، حيث قال : (الأمريكان سيحتلون بلدكم لإنهم يمتلكون أقوى وأحدث جيش في العالم وأنتم بلد أنهكته العقوبات، لكن معركتكم الحقيقية تبدأ بعد الإحتلال. ومن تجربتنا المريرة في أفغانستان أيام إحتلالنا لها، فإن خير ما يسرّع في إنهيار معنويات جنود الإحتلال هو سقوط قذيفة أو عدة قذائف في معسكرهم ليلا. صحيح إنكم لن تعرفوا خسائر العدو نتيجة هذا القصف، أو قد تعتقدون أن هذا القصف غير فعّال، لكن ثقوا أن قذيفتكم، حتى لو سقطت في أرض فضاء، فإنها ستقضّ مضاجع لواء كامل مقيم في القاعدة، كما أن قصف القواعد لا يكلف المقاومة خسائر تذكر. فالجيش السوفيتي لم يستطع مطلقا منع الهجمات الليلية على قواعده، لإن المجاهدين الأفغان يأتون ليلا في عجلة صغيرة (بيكاب) ويطلقوا عدة صواريخ كاتيوشا وينسحبوا بسرعة فلا نعثر لهم على أثر)

9 – وكلمة أخيرة لشعب العراق، ها قد تكشّفت الحقائق وفضح الله العملاء جميعا وأعزّكم بحمل لواء الحق والدفاع عن أرض الأنبياء، فرصّوا صفوفكم والجولة هذه هي الحاسمة وسيولّي أعداؤكم الدبر بعون الله
بغداد 27/11/2008

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار