الجمعة، مايو 30، 2008

ثورة 17- 30 تموز.. ثورة التحديات والانجازات الوطنية الكبرى (الجزء الثاني)
سعد داود قرياقوس
تحرير القطاع النفطي وتطويره
اتسم الاقتصاد العراقي عشية ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز كما أسلفنا، بكل سمات الاقتصاديات المتخلفة، ومن أهمها، كونه اقتصاد أحادي الجانب تشكل العوائد النفطية المصدر الأساس للدخل القومي، وللنقد الأجنبي المطلوب لتمويل الاستيرادات، وتمويل المشاريع التنموية. ولعبت الإيرادات النفطية دورا حاسما في ترتيب العلاقات الاقتصادية، وتأطير هيكل الاقتصاد، وتحديد معدلات نموه. ولم تقتصر أهمية النفط وتأثيراته على الجوانب الاقتصادية، بل لعب دورا مؤثرا في تحديد المسار السياسي للعراق خلال العقود التي سبقت الثورة.
هذه الأهمية الاستثنائية للنفط، والتعقيدات الفنية والإنتاجية والتسويقية المتعلقة بهذه المادة الحيوية، استثمرتها شركات النفط الأجنبية لبسط سيطرتها على المفاصل الأساسية للاقتصاد العراقي، وتحديد اتجاهاته، واستخدمتها للتأثير على الأجندة السياسية للعراق، والتآمر ضد قواه الوطنية، وعرقلة عمليات البناء والتمنية، والحيلولة دون تحقيق الطموحات الوطنية والقومية لشعب العراق. وازداد استثمار الشركات الأجنبية للنفط كآلية لعرقلة عميلة البناء والتطور بعد قيام ثورتي 14،و 17- 30 تموز، حيث صعدت من عدائها لشعب العراق، وحاولت استخدام ثروة العراق النفطية لترويض الحكومة العراقية، وقيادة الحزب وإجهاض الثورة.
ومنذ هيمنتها على صناعة العراق النفطية في بدايات القرن المنصرم ألحقت الشركات النفطية الأجنبية أضرارا جسيمة في الاقتصاد العراقي، وتجاهلت جميع المطالب المشروعة التي قدمتها الحكومات العراقية المتعاقبة، واتبعت نهجا انتقائيا تعسفيا تمثل في الخفض المتعمد للإنتاج، بشكل لا ينسجم مع متطلبات العراق الاقتصادية والاجتماعية. حيث قننت الشركات الإنتاجية بمعدل سنوي لا يتجاوز 4.7 %، وحددت سعرا للنفط العراقي يقل وبشكل مجحف عن أسعار نفط الدول المجاورة، وعن معدل الأسعار العالمية للنفط، وخفضت حجم استثمارها في القطاع النفطي العراقي إلى مستويات تقل بشكل كبير عن معدلات الاستثمار في الدول الأخرى، لكنها في المقابل، حافظت على هامش ربحية عالي. هذا النهج التعسفي الحق في العراق أضرارا مالية كبيرة قدرت بـ 550 مليون دينار خلال الفترة من 1962- 1970، وتراكمت في ذمة الشركات خلال الفترة المذكورة مستحقات زادت عن 100 مليون دينار. ولا حاجة لان نفصل بان الأرقام المذكورة تشكل خسارة كبيرة جدا لاقتصاد صغير الحجم ومتخلف كالاقتصاد العراقي.
لقد طالبت الحكومات العراقية المتعاقبة من الشركات النفطية الأجنبية الاستجابة لمطالبها المشروعة، وخاصة الالتزام في سياسة إنتاجية وسعريه عادلة وموازية لسياساتها في الدول المجاورة، وطالبتها أيضا في دفع المستحقات المترتبة عليها دون جدوى، فاستمرت الشركات على نهجها السلبي، وأصرت على إلحاق الأذى بشعب العراق، وازدادت التصرفات التعسفية حدة بعد صدور القانون رقم 80 لسنة 1961، وبعد انبثاق ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز وطرحها برامج وطنية وقومية تتضمن قدرا كبيرا من التحدي للأطماع الاستعمارية.
إن هدف تحرير الثروة القومية من سيطرة الاحتكارات الأجنبية ثبت كأحد الأهداف المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، فالقيادة القومية للحزب سبق وان رفعت شعار " نفط العرب للعرب" في المؤتمر القومي الثامن للحزب، وطرحت قيادة قطر العراق بأن الصراع ضد الامبريالية مرادف للصراع من اجل حسم هيمنة الاحتكارات النفطية. وانطلاقا من ذلك شخصت قيادة الحزب والثورة تحرير ثروات العراق و تأميم النفط بشكل خاص، هدفا مبدئيا لابد من تحقيقه بصرف النظر عما تنجم عنه المفاوضات التي كانت تجريها مع الشركات الأجنبية، وخططت لتحويل الثروة النفطية من أداة أجنبية للتآمر على استقلال العراق وتطوره، إلى أداة وطنية فعالة لتعزيز الاستقلال الوطني ولتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية للعراق والأمة العربية، وتحويل الثروة النفطية إلى المحرك الأساس للاقتصاد الوطني ونموه.
لقد قدرت قيادة الحزب والثورة شراسة وصعوبة معركة تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي، وقدرت بدقة وموضوعية إمكانيات الشركات وتأثيراتها وارتباطاتها الداخلية والإقليمية والدولية، وقدراتها على إلحاق الأذى في شعب العراق ما لم يتم تهيئة المستلزمات السياسية والاقتصادية الصحيحة للمعركة.
إن التجربة التاريخية للشعوب النامية المالكة للثروة النفطية أفرزت جملة من المعوقات السياسية والاقتصادية التي حالت دون سيطرتها على ثرواتها الوطنية، فالتأميم عملية صعبة ومعقدة ذو تبعات خطرة وأبعاد متشعبة. من تلك العوائق، عوائق سيكولوجية يمكن وصفها بـ"عقدة هلع وطنية من التأميم"، تعود جذورها إلى الحواجز السيكولوجية الناجمة عن ما آلت إليه تجربة الدكتور مصدق بعد إقدامه على تأميم النفط في إيران.
لقد باشرت قيادة الحزب والثورة في وضع خطط تأميم النفط منذ عام 1970، وسعت إلى توفير مستلزمات تحقيقه، واستفادت من إقدام حكومتي الجزائر وليبيا على تأميم نفوطها، ومن الزيادة الكبيرة في الطلب على النفط. فشرعت أولا في طرح مطالب العراق المشروعة على الشركات بشكل مباشر، والتوصل إلى اتفاق عبر منظمة الأوبك، وفعلا وافقت الشركات على جانبا من مطالب العراق، وتحديدا وافقت على رفع الإنتاج إلى 28 مليون طن عام 1970، وعلى رفع الإنتاج بنسبة 2.5 % للسنوات اللاحقة حتى عام 1975، كما وافقت على رفع سعر البرميل بمقدار 7 سنتات، وإلغاء الخصم الذي تمنحه الشركات لنفسها إلا إنها أهملت العديد من المطالب الأخرى.
في منتصف عام 1971 وافقت الشركات على طلب الحكومة العراقية لإجراء جولة جديدة من المفاوضات المباشرة لبحث المطالب التي تجاهلتها الشركات في جولات المفاوضات السابقة، إلا إنها في الوقت نفسه أقدمت على خفض الإنتاج قبل بدء المفاوضات لغرض إضعاف موقف الجانب العراقي، فرفضت الحكومة العراقية الدخول في المفاوضات، وأصرت على رفع الشركات الإنتاج للمعدل المتفق عليه سابقا كشرط ملزم لبدء التفاوض.
لقد كان من الواضح إن الشركات لم تكن راغبة في الاستجابة إلى مطالب العراق بشكل صادق، فوضعت القيادة إستراتيجية عملية قابلة للتحقيق استندت على مسارين، الأول وتطلب العمل بجد وسرعة على توفير مستلزمات النصر السياسية والاقتصادية، والثاني، تمثل في وجوب مواصلة الضغط على الشركات لانتزاع حقوق العراق، سواء عن طريق المفاوضات المباشرة، أو عن طريق منظمة أوبك، بالإضافة إلى إصدار التشريعات القانونية الممهدة لعملية التأميم.
وبقدر تعلق الأمر في توفير المستلزمات اللازمة لتأميم النفط، فان القيادة أدركت بان توسيع وتطوير إنتاج شركة النفط الوطنية وتسويقه يمثل عاملا مهما مساعدا لاتخاذ قرار التأميم، والحقيقة تشير إلى إنها قد بدأت قبل عام 1970 في تهيئة تلك المستلزمات واتخذت عدة خطوات في هذا الاتجاه أهمها:
* توقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني في مجال الصناعات النفطية مع الاتحاد السوفيتي في عام 1969. وبموجب الاتفاقية أبرمت شركة النفط الوطنية اتفاقا مع مؤسسة (مشينو اكسبورت) السوفيتية تضمن قيام الطرف السوفيتي في تزويد العراق بمعدات البحث والتنقيب والخبرات الفنية، مع منح العراق قرضا لتمويل أقيام المعدات المستوردة.
* التعاقد مع مؤسسة (كيمو كومبلكس) الهنغارية لحفر أربع آبار في حقل الرميلة الشمالي مع قرض بمبلغ 15 مليون دولار لشراء معدات وتغطية كوادر فنية.
* في 15 تموز 1970 بدأت الشركة النفط الوطنية عمليات الحفر في حقل الرميلة الشمالي وفعلا تم تسويق الشحنة الأولى من إنتاجها من الحقل المذكور في 7 نيسان 1972.
* وفرت الخطوات المطلوبة لتقوية الجبهة الداخلية، وحل الإشكالات السياسية وأهمها المشكلة الكردية، وقيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية.
في مطلع عام 1972 وجهت الحكومة العراقية مجددا دعوة إلى الشركات النفطية الأجنبية للتفاوض في موعد أقصاه 15 شباط 1972، إلا إن الشركات رفضت التفاوض وقدمت عرضا متناقضا يتضمن من جهة موافقتها على زيادة الإنتاج الحالي والمستقبلي إلى المستوى الذي يطالب به العراق، وموافقتها على دفع 10 ملايين باون إسترليني حسما للمطالب المالية للعراق البالغة 30 مليون باون، ومن جهة أخرى قدمت مطالب تعجيزية مجحفة وغير مشروعة لإعاقة الوصول إلى حلول عادلة، فطالبت في أن تقدم الحكومة العراقية تعهدا لبيع 100 مليون طن من النفط المنتج من قبل شركة نفط الوطنية ولمدة عشرين عاما وبسعر ثابت وقدره 162 سنتا للبرميل الواحد، وعلى منحها 12.5% من كميات النفط المنتج من قبل شركة النفط الوطنية كتعويض عن الأرباح التي خسرتها الشركات جراء عدم استثمارها الأراضي التي حرمها منها القانون رقم 80. ورفضها تعويض العراق عن الخسائر التي لحقت به جراء خفضها الإنتاج بدون أي مبررات اقتصادية أو فنية، كما وإنها رفضت رفضا قاطعا دفع فوائد تأخيرية، والالتزام في خطة الإنتاج المتفق عليها.
إزاء هذا الموقف المتعجرف، تمسك الطرف العراقي في طلبه برفع معدل الإنتاج في المناطق المستثمرة من قبل الشركات الأجنبية بشكل متصاعد وليصل إلى 160 مليون طن عام 1975.
ورفض مبدأ التعويض عن أضرار القانون رقم 80 لتعارضه مع مبادىء السيادة الوطنية.
لقد استنتجت الشركات من صلابة مواقف قيادة الحزب والثورة، عزمها على تأميم النفط جزئيا بشكل مرحلي، وكليا لاحقا، فقررت تصعيد الموقف والدفع باتجاه حافة الهاوية، وخلق مناخ سياسي واقتصادي صعب يضعف موقف القيادة العراقية، فأقدمت على تخفيض الإنتاج بشكل كبير من أجل تقليل إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، وعرقلة الأداء الاقتصادي للدولة، وبشكل يساعد على خلق فجوة بين القيادة وشعبها، وبالتالي محاصرة القيادة والإجهاز على الثورة. فخفضت كمية الإنتاج بنسبة 50% خلال فترة ثلاثة أشهر، فتم تخفيض كمية الإنتاج من 4.75 مليون طن شهريا في شهري كانون الثاني وشباط، إلى 3.39 مليون طن في شهر آذار، ثم خفضته مجددا إلى 2.5 مليون طن في شهر نيسان. هذا التخفيض التعسفي الحق بالعراق خسائر اقتصادية ومالية كبيرة، أهمها خفض إيرادات النقد الأجنبي بـ 30%، وزيادة حجم العجز في ميزان المدفوعات، وخفض الإنفاق الحكومي. هذه الخسائر تجاوزت 110 مليون باون إسترليني.
قرار التأميم الخالد
في منتصف أيار 1972 وجهت القيادة العراقية إنذارا نهائيا للشركات النفطية الأجنبية وطالبتها في كل وضوح الاستجابة للمطالب المشروعة للحكومة العراقية، وتحديدا، رفع معدلات الإنتاج إلى الطاقة القصوى، والالتزام ببرنامج إنتاجي طويل الأمد يتفق عليه مع الحكومة العراقية، و تقديم عرضا ايجابيا شاملا خلال مدة 15 عشر يوما، ووجهت القيادة في الوقت نفسه خطابا سياسيا شاملا لأبناء الشعب، وضحت فيه مطالب العراق المشروعة وموقف القيادة الصلب وإصرارها على استحصال حقوق العراق الكاملة.
في الأول من حزيران 1972، ونتيجة لعدم استجابة الشركات النفطية الاحتكارية لمطالب العراق، أصدرت حكومة الثورة القانون رقم 69، الذي أممت بموجبه عمليات شركة نفط العراق البريطانية، وامتلاك الدولة العراقية جميع الحقوق والممتلكات الخاصة بالشركة المذكورة، كخطوة متقدمة لتعزيز السيطرة الوطنية على ثروة شعب العراق، وإنهاء مرحلة التبعية الاقتصادية للشركات الأجنبية، وعلى الاستفادة من الثروة النفطية في تنمية وتمويل القطاعات الاقتصادية الأخرى، وبناء مجتمع متطور ومزدهر اقتصاديا.
هذه الخطوة الجريئة لم تحسم المعركة مع الاحتكارات الأجنبية، لكنها فتحت معارك اقتصادية وسياسية أكثر شراسة من المعارك السابقة، فتصدت القيادة لتلك للتحديات الجديدة بكل حكمة واقتدار مستندة على مناصرة الشعب وصموده، ودعم القوى السياسية الوطنية لبرنامجها الوطني. فأثر صدور قرار التأميم فرضت الشركات الأجنبية حصارا فعليا على شراء نفط العراق، واستغلت نفوذها لدفع أطراف دولية بما فيها الحكومة الفرنسية لتعليق اتفاقيتها النفطية مع العراق، والامتناع عن شراء النفط العراقي حتى يتم حل الإشكال مع الشركات النفطية بشكل قانوني.
لقد وضع الحصار الذي فرضته الشركات قيادة الثورة أمام خيارات اقتصادية مرهقة، ولمواجهة هذا التحدي المتوقع، تبنت قيادة الحزب إجراءات اقتصادية مهمة لدعم صمود العراق وتحقيق النصر، فطبقت برنامج اقتصادي تقشفي، فأوقفت جميع أوجه الإنفاق الحكومي غير الضروري، وقدمت برنامج الادخار الإجباري لموظفي القطاع العام، وأوقفت استيراد السلع الأجنبية غير الضرورية، إلى جانب اتخاذها خطوات مبتكرة لتوفير العملات الأجنبية ومنها تسويق النفط العراقي إلى مصادر جديدة، فتم بيع 20 مليون طن إلى ايطاليا، وعقدت عدة اتفاقيات مع الدول الاشتراكية والبرازيل وسيلان، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات مقايضة تم بموجبها تسديد قيمة السلع والمعدات العراقية المستوردة بالنفط العراقي الخام، وتأجير وامتلاك ناقلات لتسويق النفط العراقي وكسر حصار شركات النقل الأجنبية.
لقد أجبر صمود شعب العراق، وعزيمة القوى السياسية التقدمية، وصواب إستراتيجية القيادة العراقية، وتوفيرها مستلزمات التعبئة والصمود الاقتصادي والسياسي، ولاسيما نجاح الخطة التسويقية لشركة النفط الوطنية، كل هذه العوامل مجتمعة أجبرت الشركات الأجنبية على الرضوخ للمطالب العراقية المشروعة، وقبول قرار شعب العراق، والتفاوض مع الحكومة العراقية، فتوصل الطرفان في آذار 1973 إلى اتفاقية عرفت بـ "اتفاقية النصر"، التي نصت على:
1 - تنازل الشركات الأجنبية عن امتيازها في شركة نفط الموصل للدولة العراقية دون تعويض.
2 - دفع الشركات النفطية جميع المستحقات العراقية المتراكمة والبالغة (141) مليون باون إسترليني.
3 - قيام الشركات ببيع أنبوب نقل النفط المار عبر الأراضي اللبنانية، ومحطة التحميل في طرابلس إلى الحكومة العراقية بعد استحصال موافقة السلطات اللبنانية.
4 - تعهد العراق في منح الشركات كمية 15 مليون طن من النفط الخام من مواني البحر الأبيض المتوسط، على أن تجزيء الكمية على شحنتين، الشحنة الأولى وقدرها 7 ملايين طن تسلم عام 1973، و8 ملايين طن تسلم عام 1974. هذه الكمية تغطي قيمة جميع التعويضات التي طالبت بها الشركات، بالإضافة إلى قيمة أنابيب النفط المارة عبر الأراضي اللبنانية، وقيمة محطة التحميل في طرابلس.
إن انتصار آذار، وإقدام القيادة على تأميم حصة هولندا في 12 تشرين الأول 1973، وتأميم حصة البرتغال في 20 كانون الأول 1973 وأخيرا تأميم حصتا بريطانيا وفرنسا في شركة البصرة في 8 كانون الأول 19795، عزز السيادة الكاملة على الثروة النفطية الوطنية، وأتاح للحكومة العراقية السيطرة على قرارات الإنتاج والتسويق، ووفرت للاقتصاد العراقي موارد مالية كبيرة، ومكنتها من تنفيذ برنامجها الاقتصادي التنموي.
لقد صممت القيادة، وكما يشير إليه التقرير الصادر عن المؤتمر القطري الثامن، أهدافا عملية وطموحة لتطوير القطاع النفطي خلال السنوات القليلة التي تلت انتصار آذار، وبشكل يخدم النهضة التنموية الشاملة للعراق،أهم تلك الأهداف:
1 - زيادة إنتاجية القطاع النفطي بشكل عام.
2 - إجراء مسح جيولوجي عام لتحديد احتياطات القطر النفطية بدقة.
3 - انجاز المشاريع النفطية الكبرى، الإنتاجية منها والتسويقية.
4 - إنشاء مشاريع الصناعات البتروكيمياوية.
5 - التوسع في عمليات التكرير والعمل على زيادة كميات المنتجات النفطية المصدرة.
وسعت القيادة السياسية، والمؤسسات النفطية العراقية إلى العمل على تنفيذ الأهداف المذكورة من خلال تنفيذ العديد من المشاريع وأكثرها أهمية:
* انجاز مشروع الميناء العميق بكلفة كلية وقدرها 101 مليون دينار عراقي بطاقة تصدير تصميمه تصل إلى 80 مليون طن قابلة للتوسع إلى 120 مليون طن سنويا. مع قدرة لاستيعاب ناقلات تبلغ حمولة تصل إلى 350 ألف طن.
* انجاز مشروع الخط الاستراتيجي لنقل النفط والغاز بين مدينتي الحديثة والفاو بكلفة 73 مليون دينار، وبطول 667 كيلومتر، وبطاقة نقل بلغت 850 إلف برميل يوميا عام 1975 وارتفعت إلى مليون برميل يوميا عام 1988.
* انجاز أنبوب النفط العراقي- التركي لنقل نفط كركوك إلى ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط وبطول إلف وخمسة كيلو متر وبطاقة نقل قدرها 700 إلف برميل يوميا.
* توسيع وتطوير قدرا ت التصفية وإنشاء خطوط جديدة. فتم إنشاء مصفى البصرة بطاقة 3.5 مليون طن، ومصفى الموصل بطاقة 1.5 مليون مما رفع طاقة التصفية في العراق إلى 10.7 مليون طن.
* انجاز مشروع المجمع البتروكيمياوية في البصرة بطاقة إنتاجية قدرها 120 إلف طن من الاثلين بالإضافة إلى إنتاج المواد البلاستيكية.
* اكتشاف حقول جديدة وتطوير الحقول القائمة، فتم الكشف عن حقول جديدة في محافظة نيسان أهمها حقل الزركان الذي بداء الإنتاج فيه عام 1976 وبطاقة إنتاجية أولية بلغت 50 إلف برميل يوميا، وحقل مجنون الذي بلغ حجم إنتاجه 350 إلف برميل يوميا عام 1976، وتم زيادة إنتاج حقل كركوك من 1.2مليون برميل يوميا إلى 1.8 برميل يوميا في منتصف عام 1988، بالإضافة إلى تطوير حقول باي حسن وجمبور وغيرها من حقول النفط.
ولم تقتصر انجازات العراق النفطية على مجالات رفع الطاقة الإنتاجية والتوزيعية داخل القطر بل تعدتها إلى مجالات النقل والتسويق الوطني المباشر للنفط. لقد شكل تسويق النفط الوطني وتوزيعه إحدى أهم عوائق الاستثمار الوطني المباشر، ولذلك سعت حكومة الثورة على بناء شبكة توزيعية قادرة على تسويق النفط العراقي، نجح العراق في تكوين قاعدة لبناء أسطول ناقلات النفط فتم الاتفاق مع شركة كوفي الاسبانية لإنشاء مشروع لصنع الأنابيب الحلزونية، وبناء 7 ناقلات للنفط، والاتفاق مع شركة سويدية لبناء أربع ناقلات، ومع مؤسسة يابانية لبناء خمسة ناقلات عملاقة، ليبلغ عدد الناقلات المملوكة للعراق 17 ناقلة عملاقة.
ولم تقتصر الآثار الايجابية لتأميم الثروة النفطية على تطوير القطاع النفطي فحسب، بل شملت جميع القطاعات الاقتصادية التي شهدت تطورا كبير، وتحسين المستوى المعاشي للمواطن العراقي بشكل جوهري، كما سنتطرق إليه لاحقا.
لقد كانت معركة تأميم النفط، المعركة الفاصلة بين الثورة والقوى الاستعمارية والاحتكارات النفطية انتصرت فيها إرادة شعب العراق وحسمت التبعية الاقتصادية و أنهت قدرة الاحتكارات النفطية على تغيير اتجاهات الاقتصاد العراقي وتحديد نموه والتأمر على شعبه.
لا شك ولا جدال في إن الخطوة الجريئة التي اتخذتها قيادة الحزب والثورة في إصدارها القانون رقم 69 لعام 1972، والذي أممت بموجبه جميع عمليات نفط العراق المحدودة، والقرارات التالية المكملة له، تعتبر أكثر قرارات القيادة إقداما وحكمة وبرهانا على المصداقية المبدئية للقيادة العراقية وحرصها على الثروة الوطنية وإصرارها على تحرير الاقتصاد الوطني من كل أشكال التبعية وصيغها.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار