الأحد، مايو 11، 2008

بعد مرور خمس سنوات على احتلال العراق



الضاري: المقاومة حصدت 40 ألف جندي أمريكي
مرت منذ أيام الذكرى الخامسة للاحتلال الأمريكي للأراضي العراقية، وسط تصاعد أعمال المقاومة ضد القوات الأمريكية من ناحية، واحتقان طائفي بين الطائفتين الرئيستين السنة والشيعة من ناحية أخرى، وبين تدخل إيراني فج في الشئون العراقية، وخلافات داخل الإدارة الامريكية إزاء الملف العراقي، وهى الخلافات التي كشفت عنها استقالة قائد القيادة الوسطى للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان قبل شهور. شبكة الأخبار العربية "محيط " التقت بالدكتور حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين بالعراق وكان لنا هذا الحوار...

محيط - أحمد عطية
محيط : بعد مرور خمسة سنوات على الاحتلال الأمريكي في العراق كيف تقيم المقاومة العراقية خلال الفترة الماضية ؟
المقاومة العراقية أبلت بلاء حسنا خلال الخمس سنوات التي تلت الاحتلال الأمريكي، كما أنها أدت ما عليها ولا زالت تؤدي دورها في قتال القوات المحتلة، وهذا ما يظهر جليا من خلال الخسائر البشرية الأمريكية التي نراها يوميا في صفوف المحتل، وقد عمد مؤخرا إلى الترويج من خلال وسائل إعلامه أن المقاومة تراجعت، غير أنني أحب أن أقول أن هناك تحديات وصعوبات جمة تواجه فصائل المقاومة العراقية، ذلك لأن المحتل استطاع جذب قوى سياسية كانت تحتضن المقاومة إلى ما يسمى بالعملية السياسية، وهى القوى التي نشطت في بداية الاحتلال وأعلنت أنها ضده، وأنها تساند الشعب العراقي في مواجهة المحتل، ولكن للأسف الشديد تراجع أداء بعض هذه القوى، واستطاع الاحتلال وإدارته وحكوماته سحب بعض هذه الأطراف إلى ما يسمى بالعملية السياسية، ولم يبق في الساحة الآن إلا القوى التي ثبتت منذ البداية.
أيضا فإن هذه القوى تفتقد الدعم العربي وهذا بلا شك أثر على عملياتها، وهوأمر طبيعي يحدث لكل حركات المقاومة في البلدان المحتلة من قوى أجنبية، ومن الطبيعي أن تمر بفترات ضعف في ظل المؤامرات الداخلية والخارجية عليها.
المقاومة العراقية
محيط : وكيف استطاعت المقاومة العراقية مواجهة الخطط الأمنية التي أقرها الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية العميلة، واستحداثه لما يعرف بالصحوات ؟
المقاومة بدأت مرحلتها الثانية وهي المرحلة التي تعتمد على العمل السري الدقيق جدا، وإيقاع أكبر عدد من القتلى الأمريكان بعيدا عن صفوف المدنيين، وذلك على خلاف ما كان يحدث في السنوات الأولى من عمرها، والسبب هي تلك الخطط الأمنية الكثيفة للاحتلال وأعوانه، وكذلك ما يمسى بقوى الإسناد أو الصحوات التي تلاشي أثرها مؤخرا، ولذلك نلاحظ في الفترة الأخيرة زيادة الخسائر الأمريكية، وسقوط أعداد كبيرة من قوات الاحتلال وقوات الشرطة العميلة، وهو ما أحدث ارتباكا للإدارة الأمريكية وأجبرها على الاعتراف صراحة بأن الخطة الأمنية التي نجحت حسب اعتقادهم في الشهور الماضية قد بدأت نتائجها تتلاشى، والدليل على ذلك أن هناك محاولات لرفع الروح المعنوية للجنود الأمريكيين، وذلك من خلال الزيارات المفاجئة التي لم تعد تقتصر على المسئولين فحسب، بل امتدت إلى المرشحين لمنصب الرئاسة، كما حدث مؤخرا عندما قام المرشح الأمريكي جون ماكين بزيارة العراق بشكل مفاجئ لرفع معنويات الجنود
الامريكيين هناك، إذن فالمقاومة نجحت في زلزلة المحتل وإرباك صفوفه، رغم اعتماده أساليب فرق تسد واستحداث ما يعرف بقوى الاسناد أو الصحوات وتفتيت قوى الممانعة، والتي كان يظن أنه سيقضى على المقاومة من خلال هذه الخطط الفاشلة ؟
العدو دائما يخفي خسائره البشرية والمادية
محيط : لكنـنا نلاحظ انخفاض أعداد القتلى الأمريكيين في الشهور الأخيرة مقارنة بأعدادها في فترات ماضـــية ؟
هذا غير صحيح لأن الإعلام الأمريكي والإعلام العميل للاحتلال بدأ يروج لانحسار عمليات المقاومة، والتي حصدت حتى الآن رؤوس أكثر من 40 ألف جندي أمريكي، غير عشرات الآلا ف من الجرحى والمصابين، رغم أن إحصائيات وزارة الدفاع تعلن أن العدد هو أربعة آلاف فقط، فالعدو دائما يخفي خسائره البشرية والمادية، ولعلك تلاحظ أن وسائل الإعلام كانت تهتم في السنوات الأولى بأخبار المقاومة ومتابعاتها،

ولكن المحتل وأعوانه أجبر العديد منها على التراجع عن هذه المهمة، كما أنه أجبر بعضها على التقليل من حجم التغطية الإعلامية لها، وقام بإغلاق عدد منها بالقوة خاصة وسائل الإعلام الداخلية الوطنية المناهضة للاحتلال من صحف وإذاعات وقنوات تليفزيونية وفضائية، إذن هناك محاولات للاحتلال الأمريكي لخلق إيحاء عام بأن المقاومة قد انتهت، وأن الشعب العراقي راضي الآن بوجود قوات الاحتلال على أرضه.
مدرعة أمريكية دمرتها المقاومة
محيط : قلت أن قتلى الأمريكان 40 ألف جندي في الوقت الذي تشير فيه البيانات الرسمية إلى أن عددهم أربعة آلاف فقط .. كيف تفسر ذلك؟
الأرقام المعلنة هى أرقام وزارة الدفاع الأمريكية، وكلنا نعلم أن كل وزارة دفاع وكل جيش يحاول أن يقلل من حجم الخسائر، ولكن واقع الحال يقول غير ذلك، والدليل أنه ما إن تقع عملية مقاومة تسهدف تدمير عربة أمريكية تحتوي على أربعة أو خمسة جنود، إلا ونرى مسئولا أمريكيا يخرج علينا معلنا مقتل جندي أمريكي واحد أوإصابته رغم أنه تم تدمير العربة بالكامل، وأقول دائما ضع صفرا أمام أية إحصائية أمريكية عن الخسائر البشرية في صفوف الجيش الامريكي،

أما الجرحى فقد وصل عددهم إلى 60 ألفا ما بين جريح ومعوق ومصاب بالاكتئاب، وهذا يظهر بوضوح في بعض الإحصائيات والتقارير الأمريكية التي صدرت مؤخرا.
قتلى المرتزقة لا يدخلون ضمن قوائم الجيش الأمريكي
محيط : هناك تضارب في أعداد القوات الأمريكية المتوجدة بالعراق، حيث يشير البعض إلى أنها مائة ألف جنديا بيمنا أعلنت تقارير أنها مائة وخمسون ألفا فما هي الحقيقة بين هذين الرقمين ؟
هناك جيشان في العراق وليس جيشا واحدا، كما أن هناك ما لا يقل عن 300 ألف جندي، نصفهم من الجنود التابعين للجيش الأمريكي والنصف الآخر تابع لشركات الأمن الخاصة متعددة الجنسيات التي استعان بها المحتل، وقد عملت قوات الاحتلال الأمريكي في الفترة الأخيرة على التقليل من خسائرها، وذلك من خلال تكليف هذه الشركات بالقيام بالعمليات "اللوجستية" للقوات الامريكية، وهى نقل المؤن والعتاد والذخيرة وكذلك حماية الشخصيات المسئولة، وهى العمليات التي تتعرض للهجوم من جانب المقاومة العراقية، وهنا يجب أن أشير إلى أن قتلى هذه الشركات المرتزقة لا يدخلون ضمن قوائم الجيش الأمريكي، الذي يعلن فقط عن الجنود الأمريكيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، رغم أن هذه الشركات بدأت مؤخرا في القيام بأعمال عسكرية إلى جانب القوات الأمريكية العاملة في العراق.
محيط : وما تعليقك على استقالة الجنرال وليام فالون قائد القيادة الوسطى للقوات الأمريكية بالعراق وأفغانستان قبل شهور؟
هذه الاستقالة تكشف عن وجود صراع رهيب في أروقة الإدارة الأمريكية و"البنتاجون" إزاء ما يحدث في العراق وأفغانستان وسياسة الإدارة الأمريكية في هاتين الدولتين، وإلى جانب هذا الصراع فهناك صراع آخر داخل القوات الأمريكية العاملة في العراق، حيث تنظر قوات مشاة البحرية المارينز نظرة استعلاء الى القوات العادية الأخرى.
محيط : مؤخرا قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بزيارة العراق رغم أنه تحت الاحتلال الأمريكي فما دلالة ذلك في رأيك؟
هذه الزيارة تكشف مدى تزايد النفوذ الإيراني في الأراضي العراقية، والقضية الآن لم تعد قضية اتهامات صريحة توجه لإيران بالتدخل في الشئون العراقية، لأنها أصبحت قضية مسلم بها ليس لدى العراقيين فقط بل في دوائر أخرى كثيرة، بل إن الإيرانيين أنفسهم يعترفون بهذا صراحة، وبعض أذرعهم السياسية في داخل العراق تدافع عن هذا الوجود بحجة غياب الوجود العربي، وهي حجة غريبة فهل يحق لبلد أن يستغل بلدا آخر لتحقيق مصالحه كاملة على حساب هذا الشعب؟ فنحن نتفهم تماما بأن للدول مصالح وأنها تسعى لتحقيقها، ولكن لابد وأن يكون ذلك في إطار من التفاهم والتعايش المشترك، أما أن تستغل دولة العدوان على العراق وتعمل على دعمه سياسيا ويزور رئيسها العراق في ظل الاحتلال، فكل هذا يؤكد أن المصالح الإيرانية أو النفوذ الإيراني في العراق نفوذ كبير جدا، وأن إيران هي المستفيد الأكبر من غزو العراق بعد الاحتلال.
محيط : وهل نجحت هذه الزيارة في تحقيق أي أهداف سياسية ؟
لا فهذه الزيارة فشلت فشلا ذريعا في أداء مهامها، والدليل على ذلك مظاهرات الشعب العراقي ضدها، بل أستطيع القول أن الزيارة نجحت في شيء واحد فقط وهو إثبات شبهة تزايد النفوذ الإيراني في العراق، وأتساءل من الذي سمح للرئيس الإيراني بزيارة العراق؟

ومن الذي قام بحمايته أثناء الزيارة أليست القوات الامريكية؟ وأين جلس أليس في المنطقة الخضراء؟ إذن هناك نفوذ إيراني كبير جدا بسبب الغياب العربي.
إيران الرابح الوحيد في العراق إذا لم ينتبه العرب.
محيط : إلى أين وصلت المخططات الإيرانية لفصل الجنوب الشيعي عن العراق ؟

إيران الآن ليس من مصلحتها فصل الجنوب عن العراق، وقد تكون عملت على هذا الفصل قبل ذلك، ولكن الآن هى ترى العراق كعكة واحدة كبيرة ونفوذها يمتد من شماله إلى جنوبه، ولديها نفوذ عند بعض القادة الأكراد ونفوذ عند قادة ومسئولين في الجنوب وحتى عند البعض في الوسط من أهل السنة، إذن هي متحكمة ومستفيدة من الوجود الأمريكي، فلماذا تقتصر نفوذها في جنوب العراق فقط؟ ولا أبالغ إذا قلت أن الاحتلال الأمريكي يخسر أوراقه يوما بعد يوم أمام الوجود الإيراني الذي سيتحول إلى الرابح الوحيد خلال السنوات القادمة إذا لم ينتبه العرب لذلك.
محيط : كلامك يشير الى عدم تعارض المصالح الأمريكية مع المصالح الإيرانية في العراق ؟
لا يوجد تعارض دائما أوالتقاء دائما للمصالح الإيرانية والأمريكية، ولكن قد يكون هناك صراع مصالح في بعض الأوقات والتقاء في أوقات أخرى، وكل طرف يفهم جيدا أن الطرف الآخر يفيد وجوده في العراق، إذن هناك التقاء للمصالح قد يتوقف بعض الوقت لوجود اختلافات حول حجم نصيب كل طرف من الكعكة.
محيط : من حين لآخر تتناول وسائل الإعلام المختلفة وجود نشاط تنصيري مكثف في الأراضي العراقية استغلالا للأوضاع الراهنة فما حقيقة ذلك ؟
هذا النشاط كان موجودا في العراق حتى قبل الاحتلال الأمريكي، وبعد الاحتلال أصبحت الساحة مستباحة يعمل فيها الجميع، ولكن تأثير هذا النشاط مازال محدودا للغاية ولم يتحول إلى ظاهرة، ولم نسمع عن أشخاص تحولوا من الإسلام إلى النصرانية سوى شخصين أو ثلاثة، وأحب أن أقول أن غالبية النشاط التبشيري داخل العراق هو نشاط إنجيلي موجه بالأساس إلى الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية، كما أننا على اتصال بالكنائس العراقية الوطنية لاحتواء هذا النشاط، ولكن الخطر يكمن في تعرض اللاجئين العراقيين في الخارج الآن إلى حملات تنصيرية وتبشيرية واسعة النطاق وخاصة في مصر وسوريا والأردن، وذلك في ظل غياب الدعم العربي لهؤلاء اللاجئين حيث تقدم المؤسسات التنصيرية المساعدات الطبية والغذائية لهم تمهيدا لتنصيرهم بعد ذلك.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار