جبهة التوافق ولعبة المكاسب
صحيفة القدس العربي
12/05/2008
من اجل تحقيق المزيد من مكاسب المناصب والسلطات، درجت جبهة التوافق التي يقودها الحزب الاسلامي العراقي، علي لعبة تهديدات وانسحابات تساومية مع نوري المالكي، طمعا في المزيد والمزيد من المناصب اولا، ولغرض الظهور امام سنة العراق، التي تدعي تمثيلهم، بمظهر الرافض لما يجري علي الساحة العراقية من قتل وتجويع وتهجير وسرقات وفساد اداري ومالي ثانيا. ومنذ ايام بدأ اركان هذه الجبهة حملة دعائية تروج لعودتهم الي وزارة المالكي: (بعد ان وافق المالكي علي شروطهم)، بحسب تصريحاتهم. فماذا سيقدم اركان هذه الجبهة بعد عودتهم، غير المحمودة، الي حكومة المالكي للمواطن العراقي، او علي الاقل لناخبيهم من السنة؟ هل سيعيدون الامن والامان الي الشارع العراقي، وهو اهم مطلب للمواطن العراقي؟ ام سيعيدون التيار الكهربائي الي منزله؟ ام سيعيدون الماء الصافي الي انابيب نقله التي يأكلها صدأ الجفاف منذ خمسة اعوام؟ ام سيعدون الحياة الي مفردات البطاقة التموينية، ام سيجدون حلا لمشكلة البطالة التي تعطل نصف ثروتنا البشرية... ام... ام...؟ واذا ادعت هذه الجبهة الان عزمها علي تحقيق كل هذا، فما الذي منعها من تحقيقه عندما كان وزراؤها في مناصبهم ونوابها يأكلون سندويشات الهمبرغر الامريكي في كافتريا البرلمان؟ ما الذي استجد في خطط واجندة المالكي ليتنازل امام من خذلوه وتخلوا عنه، بانسحابهم من حكومته، علي امل اسقاطها؟ اعرف ان السياسة هي فن الخداع واستخدام الاخرين، ولكن المقابل ـ الفريق الذي تدعي جبهة التوافق ملاعبته ـ هو الاخر يعرف ويجيد فن هذه اللعبة؛ فلماذا ستنتصر هي عليه وفي هذه المرحلة بالذات؟ الحقيقة ان حكومة المالكي والتكتل الذي تمثله لم ولن تتنازل عن شيء لجبهة التوافق عن ثوابت اجندتها، لانها ببساطة شديدة مقررة عليها، مثلما هناك ما هو مقرر علي جبهة التوافق مقابل دعمها المادي وايصال رموزها الي مقاعد البرلمان والوزارة ومجلس الرئآسة، كممثل اوحد لسنة العراق، وتغييب ما عداها من القوي (السنية) غير الطائفية عن الساحة العراقية، بل وابعادها عن العراق من الاساس.. والا ماذا فعلت الشخصيات العراقية المعتدلة وغير الطائفية ـ السنية بحسب النهج الطائفي الذي اعتمدته قوات الاحتلال ـ لتطارد وتجبر علي مغادرة العراق، بل ولتمنع من دخول العراق ثانية، من قبل قوات الاحتلال والادارة الحكومية، كما حدث مع الدكتور احمد الكبيسي، علي سبيل المثال، بسبب اصراره علي رفض النهج الطائفي وتمسكه بالخيار الوطني الذي يصون وحدة العراق وشعبه؟ قرار ترك حكومة المالكي لم يكن قرارا او خيارا (توافقيا) بل مساومة مالكية ـ امريكية بقصد اجبار الجبهة علي المزيد من النهج الطائفي والتفريقي.. وهذا ما اثبته ويثبته سلوك اقطاب هذه الجبهة في توزيع حصتها من الامتيازات والمكاسب الوظيفية والادارية، بحصرها بمنتسبيها ومن يختارون الانتساب اليها مقابل منصب اداري او بعثة دراسية او وظيفة دبلوماسية في احدي سفارات العراق في الدول الاوروبية.
وانصع دليل علي ما اقول تصريح احد اقطاب هذه الجبهة ـ عن الحزب الاسلامي ـ الذي يتهم فيه خلف العليان ـ اضعف فرقاء هذه الجبهة ـ بانه يقود حملة ابتزاز ضد الجبهة للفوز بالمزيد من المناصب والمكاسب! فإلي متي ستستمر هذه اللعبة، التي لا احد يدفع ثمنها غير المواطن البسيط، من دمه وامنه ومستقبله في بلد تتسرب وحدته الوطنية من بين اصابعه؟ وكيف للمواطن ان يثق بجبهة يختلف اشخاصها علي توزيع حصص المكاسب والمناصب، فيما بينهم، وكأنها مغانم شخصية، وليست تكليفا لاداء واجب وطني؟ واذا كان هذا هو حال القوي التي تدعي الوطنية وخدمة المواطن، فلماذا نلوم المحتل علي افعاله، وهو الذي لم يأت الا من اجل تحقيقها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق