هارون محمد
03/10/2008
كثيرة هي الاتصالات الهاتفية والرسائل الشفوية التي بدأت تصل الينا في الاسابيع القليلة الماضية من أوساط مقربة او صديقة او متعاطفة مع رئيس الحكومة العراقية الحالية نوري المالكي تدعونا نحن الذين نناهض الاحتلال الامريكي ونعارض (العملية السياسية) السائدة منذ خمس سنوات ونصف سنة الى التوقف عن توجيه الانتقاد اليه وعدم التعرض لادائه السياسي وعقد شبه هدنة معه لبعض الوقت ريثما ينتهي من معالجة قضايا عالقة وتصفية ملفات معقدة، ووصل الامر بأحد هؤلاء الذين التحقوا بحاشيته أو مستشاريه مؤخرا، الى الادعاء خلال افطار رمضاني بان أبي اسراء رجل عروبي حد النخاع ولديه توجهات وطنية وقومية لا يستطيع الافصاح عنها علنا لانه واقع تحت ضغوط سياسية من جميع الاتجاهات، من سلطات الاحتلال قوات وسفارة وهي تريد احتواءه بالكامل، من أطراف في الائتلاف الشيعي وخصوصا مجلس عبد العزيز الحكيم الذي يضيره نجاحات المالكي، ومن المرجعية الشيعية بقيادة آية الله علي سيستاني الذي يخضع لاهتمامات ومصالح أنجاله وأنسبائه وأصهاره، وأخيرا ضغوط حزبي طالباني وبارزاني الكرديين اللذين يسعيان الى أكل الاخضر واليابس في العراق (حسب قول المتحدث)، وقبل ان يسترسل صاحب المالكي الجديد في استعراض الضغوط التي يتعرض لها ويريد منا مراعاتها في تعاطينا معه والسكوت عليه وانتظارالقادم من الايام والشهور وربما السنوات ليفرغ منها واحدا بعد آخر، قاطعه أحد الاخوة من الحاضرين ضاحكا وقال: يا فلان لا تكمل لان الضغوط التي ذكرتها تستدعي من نوري المالكي قرنا كاملا حتى يتخلص منها.ولاننا لسنا طلاب مغانم ومناصب ولا نبحث عن مواقع ومراتع، كنا نجيب وما زلنا، ان موقفنا من المالكي نابع من منطلقات سياسية، فلا عداء شخصيا بيننا وبينه، لا نعرفه ولا يعرفنا الا من خلال العمل السياسي، هو نتاج حزب طائفي ومتعاون مع الاحتلال ونحن أبناء تيار قومي يرفض كل اشكال الطائفية وكل انواع' الاحتلال، هو رجل له صلات وعلاقات غير سليمة مع واشنطن وطهران لا يقدر على انكارها، ونحن نحرص دائما على رفض مد جسور صداقة مع البيت الابيض وقم، هو من دعاة الاجتثاث السياسي للآخرين الذين لا يتفقون مع أجندته، ونحن ندعو الى اجتثاث الدخلاء والمتعاونين مع الغزاة والمحتلين، هو صاحب فكر ضيق ولا دراية له في ادارة السلطة وفق استحقاقاتها وظروفها، ونحن أهل أفكار تستند على الانفتاح والثقافات والحضارات والحداثة والعصرنة ولنا خبرات وتجارب في النهوض والبناء والانجازات ما زالت آثارها شاخصة، وأخيرا هو شخص مغمور جيء به من آخر الصفوف، ونحن كنا دائما في مقدمة الصفوف، وتاريخ العراق القديم والمعاصر يثبت ذلك، أجدادنا وآباؤنا وقادتنا ورموزنا بنوا دولة حديثة بامكانات قليلة وتضحيات جمة، أما اجداده فيحتمل انهم بنوا حسينيات ثرثرة وخرافات واثارة نزعات ونزاعات، ورموزه وقادته خربوا في العراق ولم يضعوا لبنة واحدة في عمارة العراق، نحن لا ولن نذهب اليه، هو الذي يجب ان يأتي الينا، نقبله او نرفضه، هذا ما نقرره بلا مجاملات او تقية، ووفق معايير تقوم على جملة من المبادئ والمفاهيم الوطنية والقومية والانسانية، نحن لسنا بحاجة اليه والى امثاله، فلدينا الكفاءات من كل صنف وشكل ولون بالالاف، لدينا جيش من العلماء والخبراء والمفكرين والشعراء والضباط والفنانين والرياضيين والمبدعين في كل مجال وميدان، وهو ليس عنده غير لطامين وقادة مواكب بكاء ونحيب ولثامي قبور ومراقد، لذلك سنظل نجلده ونعيره ايضا بماضيه وحاضره ، الى ان يستقيم ويعود الى الطريق الصحيح. هذه خلاصة ما قلناه لمن سألنا وناشدنا ان نهادن المالكي في هذه المرحلة بالذات.أما ذلك الشخص الذي كان الى عام مضى يقول في المالكي أكثر مما كنا نقول فيه قبل ان يعقد صفقة مع مستشاريه وموظفي مكتبه في اطار ما يسمى بالمصالحة الوطنية وهو بالمناسبة سني عربي جاءنا بنبأ يقول: انه سمع المالكي يصيح في ديوانه المغلق أقطع اصبعي ولا أوقع على الاتفاقية الامنية والعسكرية مع امريكا، وأقتل نفسي ولا أسمح لطالباني وبارزاني بالسيطرة على كركوك، قلنا له جميلة هذه المواقف اذا صحت ولكننا نريد من المالكي ان يقول مثل هذا الكلام علنا وأمام الملأ، وليس في الغرف المقفلة وامام عدد محدود من الناس، وصحيح ان المالكي حاول مجرد محاولة للافلات من بنود مجحفة وقاسية في مسّودات الاتفاقية الامنية مع ادارة بوش، ولكنه جاء باشخاص غير أكفاء تنقصهم الوطنية ويفتقرون الى النزاهة والقدرة على مجادلة الامريكي المحتل بصلابة ودون خوف او تردد، وصحيح ايضا انه أعطى انطباعا بانه يسعى الى تحجيم الاحزاب الكردية ومليشيات البيشمركة في كركوك والموصل وديالى، ولكنه سرعان ما تراجع عن سعيه الخجول اصلا، وما زالت قوات جلال ومسعود تسيطر على كركوك وأجزاء من الموصل وديالى، وما زالت تمارس القهر والاذلال والتنكيل بالعرب والتركمان والمسيحيين واليزيديين والشبك في كثير من المناطق والبلدات العراقية، ولو كان المالكي وطنيا ورجل دولة حقيقيا، فان أول خطوة كان عليه ان يتخذها في هذا الشأن هي ان يطرد نائبه برهم صالح ووزير خارجيته هوشيار زيباري ورئيس اركان جيشه الملازم الاول بابكر زيباري من حكومته لانهم لا يتصرفون في مواقعهم كمسؤولين عراقيين وانما كممثلين لاحزابهم الانفصالية والتقسيمية، وكان عليه ان يمسك بخناق فؤاد معصوم وعارف طيفور وسعدي برزنجي' وغيرهم من أصحاب الاصوات العالية في مجلس النواب ويقول لهم بصريح العبارة: اذا كنتم عراقيين ابقوا في بغداد، اما اذا كنتم أكرادا حزبيين فمكانكم السليمانية واربيل، هذه هي الديمقراطية الحقة. 'لقد أوحى المالكي عندما تسلم رئاسة الحكومة انه غير ابراهيم الجعفري الذي أسس لمرحلة الطائفية السياسية والميدانية رسميا، وجاء باثنين من فرسان الاقبية السرية و'دريلات' القتل الطائفي، نصّب الاول وزيرا للداخلية ووضع الثاني على رأس وزارة الامن ، والاخير ما زال يحتل ثلاثة عشر بيتا لعراقيين أشراف اسهموا في وقف ايران عند حدها ومنعوا تجاوزاتها وصدوا عدوانها، وأوحى ايضا انه عراقي وعربي وليس من أتباع ايران، ولكن تجربته على رأس الحكومة لاكثر من عامين اثبتت انه غير الجعفري نعم ولكن صوريا، فلديه وزراء متخلفون وتوابون وعدد منهم يعمل لمصالح غيرعراقية، ولديه مستشارون ومساعدون يقضون اوقاتهم في الاتصال برجال الاعمال وقبض العمولات، واحدهم طار الى عمان لحضورالمزاد العلني للهواتف النقالة رغم ان وظيفته غير معنية بهذه الشغلة وتسلم المعلوم من فتات (الكومشن)، ويخطئ المالكي اذا اعتقد ان انشاء مجالس اسناد في بعض المحافظات ذات الاغلبية الشيعية السكانية ستدعم حزبه في الانتخابات المقبلة، لان المجالس والهيئات التي تشكل بمئة مليون دينار لكل مجلس عند تأسيسه، لن تجدي نفعا اذا انقطعت دفاتر وشدات الدنانير، وعليه اذا كان سياسيا ويفهم، ان يأخذ العبرة من ممارسات خاطئة ارتكبها النظام السابق مع شيوخ عشائر ومرجعيات دينية أغدق عليها كثيرا ولكنها انقلبت عليه قبل ان تصل القوات الامريكية الى ساحة الفردوس ببغداد في التاسع من نيسان (ابريل) 2003 ، بالمناسبة التقيت بالصدفة مؤخرا مع مسؤول سابق لديه وثائق رسمية لا تقبل التشكيك تشير الى ان الرئيس السابق صدام حسين بعث في الرابع من نيسان(ابريل) 2003 والحرب مشتعلة وبغداد تتعرض الى قصف شديد بخمسين مليون دينار وسيارة آخر موديل الى مرجعية دينية شيعية ورد اسمها أكثر من مرة في كتاب بول بريمر(عامي في العراق) يثني على تعاونها معه ويشيد بالولائم الباذخة التي أقامتها له في منزله بالكاظمية، وقبل هذا التاريخ بقليل تسلم شيخ عشيرة في منطقة الراشدية المجاورة للعاصمة عشرة ملايين دينار ومائتي رشاش لاقاربه، وعندما سقط النظام الذي سمّن كتفيه، كان اول المرحبين بقوات الاحتلال التي وصلت الى منطقته ونحر لضباطها وجنودها الذبائح من أعطيات ومنح صدام وهو يردد مقولات وهتافات تشمت بالرئيس السابق وترحب بالامريكان نترفع عن ذكرها .وأخيرا وليس آخرا اذا أراد نوري المالكي ان يصبح رجل دولة بحق ويبني مستقبله السياسي وفق مواصفات وطنية بعيدة عن المحاصصات بكل أشكالها، عليه ان يقف ويتبرأ من جرائم حزب الدعوة وانتهاكاته البشعة ضد العراقيين في نهاية السبعينات وخلال الحرب الايرانية على العراق وحقبة التسعينات ويعلن انه لم يشارك فيها ولم يعرف بها، ويعلن أخيرا انه ليس مع الامريكان بل ضدهم ويقدم استقالته ويخرج من المنطقة الخضراء الى بيت يستأجره في الكرخ او الرصافة، او حتى في (طويريج) عندها سيكبر في عيون الناس ونحن من ضمنهم ونقول لقد اكتشف خطأه ولو متأخرا وانسحب، والرجوع عن الخطأ فضيلة كما يقال، وليكن على ثقة بانه خارج السلطة وفي الخندق الوطني سيكون مستقبله السياسي مضمونا تماما، بينما استمراره على رأس حكومة يعترف هو بنفسه انه لا يستطيع تحريك قطعة عسكرية من مكان الى آخر فانه يقضي ليس على مستقبله السياسي فحسب، وانما سينهي شيئا اسمه حزب الدعوة.
' كاتب وسياسي عراقي - دمشق
03/10/2008
كثيرة هي الاتصالات الهاتفية والرسائل الشفوية التي بدأت تصل الينا في الاسابيع القليلة الماضية من أوساط مقربة او صديقة او متعاطفة مع رئيس الحكومة العراقية الحالية نوري المالكي تدعونا نحن الذين نناهض الاحتلال الامريكي ونعارض (العملية السياسية) السائدة منذ خمس سنوات ونصف سنة الى التوقف عن توجيه الانتقاد اليه وعدم التعرض لادائه السياسي وعقد شبه هدنة معه لبعض الوقت ريثما ينتهي من معالجة قضايا عالقة وتصفية ملفات معقدة، ووصل الامر بأحد هؤلاء الذين التحقوا بحاشيته أو مستشاريه مؤخرا، الى الادعاء خلال افطار رمضاني بان أبي اسراء رجل عروبي حد النخاع ولديه توجهات وطنية وقومية لا يستطيع الافصاح عنها علنا لانه واقع تحت ضغوط سياسية من جميع الاتجاهات، من سلطات الاحتلال قوات وسفارة وهي تريد احتواءه بالكامل، من أطراف في الائتلاف الشيعي وخصوصا مجلس عبد العزيز الحكيم الذي يضيره نجاحات المالكي، ومن المرجعية الشيعية بقيادة آية الله علي سيستاني الذي يخضع لاهتمامات ومصالح أنجاله وأنسبائه وأصهاره، وأخيرا ضغوط حزبي طالباني وبارزاني الكرديين اللذين يسعيان الى أكل الاخضر واليابس في العراق (حسب قول المتحدث)، وقبل ان يسترسل صاحب المالكي الجديد في استعراض الضغوط التي يتعرض لها ويريد منا مراعاتها في تعاطينا معه والسكوت عليه وانتظارالقادم من الايام والشهور وربما السنوات ليفرغ منها واحدا بعد آخر، قاطعه أحد الاخوة من الحاضرين ضاحكا وقال: يا فلان لا تكمل لان الضغوط التي ذكرتها تستدعي من نوري المالكي قرنا كاملا حتى يتخلص منها.ولاننا لسنا طلاب مغانم ومناصب ولا نبحث عن مواقع ومراتع، كنا نجيب وما زلنا، ان موقفنا من المالكي نابع من منطلقات سياسية، فلا عداء شخصيا بيننا وبينه، لا نعرفه ولا يعرفنا الا من خلال العمل السياسي، هو نتاج حزب طائفي ومتعاون مع الاحتلال ونحن أبناء تيار قومي يرفض كل اشكال الطائفية وكل انواع' الاحتلال، هو رجل له صلات وعلاقات غير سليمة مع واشنطن وطهران لا يقدر على انكارها، ونحن نحرص دائما على رفض مد جسور صداقة مع البيت الابيض وقم، هو من دعاة الاجتثاث السياسي للآخرين الذين لا يتفقون مع أجندته، ونحن ندعو الى اجتثاث الدخلاء والمتعاونين مع الغزاة والمحتلين، هو صاحب فكر ضيق ولا دراية له في ادارة السلطة وفق استحقاقاتها وظروفها، ونحن أهل أفكار تستند على الانفتاح والثقافات والحضارات والحداثة والعصرنة ولنا خبرات وتجارب في النهوض والبناء والانجازات ما زالت آثارها شاخصة، وأخيرا هو شخص مغمور جيء به من آخر الصفوف، ونحن كنا دائما في مقدمة الصفوف، وتاريخ العراق القديم والمعاصر يثبت ذلك، أجدادنا وآباؤنا وقادتنا ورموزنا بنوا دولة حديثة بامكانات قليلة وتضحيات جمة، أما اجداده فيحتمل انهم بنوا حسينيات ثرثرة وخرافات واثارة نزعات ونزاعات، ورموزه وقادته خربوا في العراق ولم يضعوا لبنة واحدة في عمارة العراق، نحن لا ولن نذهب اليه، هو الذي يجب ان يأتي الينا، نقبله او نرفضه، هذا ما نقرره بلا مجاملات او تقية، ووفق معايير تقوم على جملة من المبادئ والمفاهيم الوطنية والقومية والانسانية، نحن لسنا بحاجة اليه والى امثاله، فلدينا الكفاءات من كل صنف وشكل ولون بالالاف، لدينا جيش من العلماء والخبراء والمفكرين والشعراء والضباط والفنانين والرياضيين والمبدعين في كل مجال وميدان، وهو ليس عنده غير لطامين وقادة مواكب بكاء ونحيب ولثامي قبور ومراقد، لذلك سنظل نجلده ونعيره ايضا بماضيه وحاضره ، الى ان يستقيم ويعود الى الطريق الصحيح. هذه خلاصة ما قلناه لمن سألنا وناشدنا ان نهادن المالكي في هذه المرحلة بالذات.أما ذلك الشخص الذي كان الى عام مضى يقول في المالكي أكثر مما كنا نقول فيه قبل ان يعقد صفقة مع مستشاريه وموظفي مكتبه في اطار ما يسمى بالمصالحة الوطنية وهو بالمناسبة سني عربي جاءنا بنبأ يقول: انه سمع المالكي يصيح في ديوانه المغلق أقطع اصبعي ولا أوقع على الاتفاقية الامنية والعسكرية مع امريكا، وأقتل نفسي ولا أسمح لطالباني وبارزاني بالسيطرة على كركوك، قلنا له جميلة هذه المواقف اذا صحت ولكننا نريد من المالكي ان يقول مثل هذا الكلام علنا وأمام الملأ، وليس في الغرف المقفلة وامام عدد محدود من الناس، وصحيح ان المالكي حاول مجرد محاولة للافلات من بنود مجحفة وقاسية في مسّودات الاتفاقية الامنية مع ادارة بوش، ولكنه جاء باشخاص غير أكفاء تنقصهم الوطنية ويفتقرون الى النزاهة والقدرة على مجادلة الامريكي المحتل بصلابة ودون خوف او تردد، وصحيح ايضا انه أعطى انطباعا بانه يسعى الى تحجيم الاحزاب الكردية ومليشيات البيشمركة في كركوك والموصل وديالى، ولكنه سرعان ما تراجع عن سعيه الخجول اصلا، وما زالت قوات جلال ومسعود تسيطر على كركوك وأجزاء من الموصل وديالى، وما زالت تمارس القهر والاذلال والتنكيل بالعرب والتركمان والمسيحيين واليزيديين والشبك في كثير من المناطق والبلدات العراقية، ولو كان المالكي وطنيا ورجل دولة حقيقيا، فان أول خطوة كان عليه ان يتخذها في هذا الشأن هي ان يطرد نائبه برهم صالح ووزير خارجيته هوشيار زيباري ورئيس اركان جيشه الملازم الاول بابكر زيباري من حكومته لانهم لا يتصرفون في مواقعهم كمسؤولين عراقيين وانما كممثلين لاحزابهم الانفصالية والتقسيمية، وكان عليه ان يمسك بخناق فؤاد معصوم وعارف طيفور وسعدي برزنجي' وغيرهم من أصحاب الاصوات العالية في مجلس النواب ويقول لهم بصريح العبارة: اذا كنتم عراقيين ابقوا في بغداد، اما اذا كنتم أكرادا حزبيين فمكانكم السليمانية واربيل، هذه هي الديمقراطية الحقة. 'لقد أوحى المالكي عندما تسلم رئاسة الحكومة انه غير ابراهيم الجعفري الذي أسس لمرحلة الطائفية السياسية والميدانية رسميا، وجاء باثنين من فرسان الاقبية السرية و'دريلات' القتل الطائفي، نصّب الاول وزيرا للداخلية ووضع الثاني على رأس وزارة الامن ، والاخير ما زال يحتل ثلاثة عشر بيتا لعراقيين أشراف اسهموا في وقف ايران عند حدها ومنعوا تجاوزاتها وصدوا عدوانها، وأوحى ايضا انه عراقي وعربي وليس من أتباع ايران، ولكن تجربته على رأس الحكومة لاكثر من عامين اثبتت انه غير الجعفري نعم ولكن صوريا، فلديه وزراء متخلفون وتوابون وعدد منهم يعمل لمصالح غيرعراقية، ولديه مستشارون ومساعدون يقضون اوقاتهم في الاتصال برجال الاعمال وقبض العمولات، واحدهم طار الى عمان لحضورالمزاد العلني للهواتف النقالة رغم ان وظيفته غير معنية بهذه الشغلة وتسلم المعلوم من فتات (الكومشن)، ويخطئ المالكي اذا اعتقد ان انشاء مجالس اسناد في بعض المحافظات ذات الاغلبية الشيعية السكانية ستدعم حزبه في الانتخابات المقبلة، لان المجالس والهيئات التي تشكل بمئة مليون دينار لكل مجلس عند تأسيسه، لن تجدي نفعا اذا انقطعت دفاتر وشدات الدنانير، وعليه اذا كان سياسيا ويفهم، ان يأخذ العبرة من ممارسات خاطئة ارتكبها النظام السابق مع شيوخ عشائر ومرجعيات دينية أغدق عليها كثيرا ولكنها انقلبت عليه قبل ان تصل القوات الامريكية الى ساحة الفردوس ببغداد في التاسع من نيسان (ابريل) 2003 ، بالمناسبة التقيت بالصدفة مؤخرا مع مسؤول سابق لديه وثائق رسمية لا تقبل التشكيك تشير الى ان الرئيس السابق صدام حسين بعث في الرابع من نيسان(ابريل) 2003 والحرب مشتعلة وبغداد تتعرض الى قصف شديد بخمسين مليون دينار وسيارة آخر موديل الى مرجعية دينية شيعية ورد اسمها أكثر من مرة في كتاب بول بريمر(عامي في العراق) يثني على تعاونها معه ويشيد بالولائم الباذخة التي أقامتها له في منزله بالكاظمية، وقبل هذا التاريخ بقليل تسلم شيخ عشيرة في منطقة الراشدية المجاورة للعاصمة عشرة ملايين دينار ومائتي رشاش لاقاربه، وعندما سقط النظام الذي سمّن كتفيه، كان اول المرحبين بقوات الاحتلال التي وصلت الى منطقته ونحر لضباطها وجنودها الذبائح من أعطيات ومنح صدام وهو يردد مقولات وهتافات تشمت بالرئيس السابق وترحب بالامريكان نترفع عن ذكرها .وأخيرا وليس آخرا اذا أراد نوري المالكي ان يصبح رجل دولة بحق ويبني مستقبله السياسي وفق مواصفات وطنية بعيدة عن المحاصصات بكل أشكالها، عليه ان يقف ويتبرأ من جرائم حزب الدعوة وانتهاكاته البشعة ضد العراقيين في نهاية السبعينات وخلال الحرب الايرانية على العراق وحقبة التسعينات ويعلن انه لم يشارك فيها ولم يعرف بها، ويعلن أخيرا انه ليس مع الامريكان بل ضدهم ويقدم استقالته ويخرج من المنطقة الخضراء الى بيت يستأجره في الكرخ او الرصافة، او حتى في (طويريج) عندها سيكبر في عيون الناس ونحن من ضمنهم ونقول لقد اكتشف خطأه ولو متأخرا وانسحب، والرجوع عن الخطأ فضيلة كما يقال، وليكن على ثقة بانه خارج السلطة وفي الخندق الوطني سيكون مستقبله السياسي مضمونا تماما، بينما استمراره على رأس حكومة يعترف هو بنفسه انه لا يستطيع تحريك قطعة عسكرية من مكان الى آخر فانه يقضي ليس على مستقبله السياسي فحسب، وانما سينهي شيئا اسمه حزب الدعوة.
' كاتب وسياسي عراقي - دمشق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق