الخميس، أغسطس 07، 2008

«فيتو« الطالباني ضد من؟

بقلم: جاسم الرصيف*
لو أقررنا جدلا بشرعية البرلمان العراقي، الفاقد اصلا كل شرعية على حقيقة انه: برلمان شكل في ظرف احتلال مركب: امريكي، ايراني، كوندي، وجئنا لأخطر المشاكل الوطنية وأكثرها تأجيلا: ما سمّي مشكلة كركوك، لوجدنا جملة من الحقائق، كلها تؤسس لرغبة انفصالية عن العراق، واضحة المعالم رغم كل مجهودات التعتيم، للحزبين الكونديين اللذين اعلنا ان الاحتلال هو (تحرير) للكوند وحدهم من دون قوميات العراق الأخرى، كما اعلنا ان مصيرهما يرتبط بمصير القوات الغازية التي استقبلاها وحدهما بالورد، فيما استقبلتها بقية القوميات بطلاق و(اطلاقات) الثلاث البائنات.
اولا: حزبا الطالباني والبرزاني تودّدا لكل المكونات العراقية، التي كانت تحترم حقوق القومية الكردية حقا، ولكن هذا التودّد مستعار عن التقية الايرانية التي ربّيا عليها بالوراثة، من مقولة ملا مصطفى البرزاني الذي وصف قادة القضية الكردية بـ (شحاذ اعمى في باب جامع السليمانية)، مرورا بقاعدة (تمسكن حتى تتمكن) في التعايش مع الحكومة قبل الاحتلال والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع ما كان يدعى بمعارضة عراقية متعددة الجنسيات والولاءات، حتى وصل القائد الأول الى منصب رئيس للعراق والقائد الثاني الى منصب رئيس لمملكة كوندستان في معركة تحرير العراق من اهله. ثانيا: اضطر الحزبان الكونديان بعد احتلال العراق، وبعد ان رضيا بدور ركيزة شمالية متقدمة لقوات الغزو للكشف الصريح والواضح عن جشعهما المكتوم، بعد ان صارت المواجهة بين قوات احتلال ومرتزقتها ضد عراقيين رافضين للاحتلال وإمّعاته، فقلدا اتباعهما خريطة لمملكة كوندستان ــ على غرار مفاتيح الجنة الايرانية ــ حدودها من جنوب بغداد حتى جنوب ارمينيا شمالا، ومن بحيرة ارومية الايرانية الى تخوم البحر الأبيض المتوسط غربا، كأنهما يراهنان على بقاء قوات الاحتلال الأمريكية حارسا ابديا لهما، هانت بوجوده كل دول الجوار، وصار من (حق) الطالباني والبرزاني ان يأخذا منها ما يشاءان من دون حساب ولا عتاب، فضيعا قومية كاملة في وحل تعدد الولاءات، مع ان هذه القومية تضم اشرافا اعلنوا رفضهم هذه التجارة الدموية العمياء البائرة. ثالثا: ولأن كركوك هي ثاني اكبر احتياطي نفطي في العراق بعد الجنوب، فقد سمتها قيادات احزاب الكوند (قدس الأقداس)، وعاصمة كوندستان، التي لابد لكل القوميات العراقية ان تتخلى وتبتعد عنها امام الاستيطان الكوندي، بحضور ما لا يقل عن نصف مليون كوندي مستورد من دول الجوار الحسن وغير الحسن، ولكن الأحزاب الكوندية اصطدمت بجدار رفض قوي من العرب والتركمان والمسيحيين الرافضين (للكوندايتي) الإجبارية التي يقودها تاجرا الحرب الطالباني والبرزاني، لذا عادا لممارسة عادة التقية الايرانية القديمة لنيل كركوك من خلال ما يدعى زورا ببرلمان (عراقي)، ما لا يقل عن نصفه من حملة الجنسيات غير العراقية عكس كل برلمانات العالم التي تحترم شعوبها حقا وتحترم مفردة وطن. رابعا: في معظم لقاءاته اهل كركوك وافق الطالباني وأكد ان السلطة في كركوك لابد ان تتوزع بواقع (32%) على المكونات الرئيسية للمواطنين في كركوك: العرب، والتركمان، والأكراد، و (4%) لغيرهم، وهذا تقسيم (عادل) نظريا، ولكن العدالة الكوندية في التنظيرات أمر وفي الفعل على الأرض أمر آخر، لأن الطالباني عندما ووجه من قبل البرلمان بإقرار قانون الانتخابات لمجالس المحافظات استعمل (حقه) في الفيتو. وصف فؤاد معصوم من فعل الخير ان ما جرى هو: (كسر عظم للكوند)، وجن البرزاني فهدد، كعادته الخرقاء حينما يغضب، شريكه الطالباني باستعمال (حقه الكوندي) في الفيتو. ولكن ضد من؟ من اصل (140) نائبا صوّت لصالح القرار (127) من مختلف الأحزاب والتشكيلات المشاركة في حكومة الاحتلال الحالية، التي تعمل من على مقعد للمعوقين في معظم المحافظات، وبالأخص في مستوطنات الكوند الثلاث، ولما كانت هذه الحكومة تدّعي انها (منتخبة)، وان مجلس نوابها (منتخب) من الشعب العراقي، فهذا يعني ان (127) حصة ــ ولنسمّها كذلك لتفهمها كواسر الحصص العنصرية ــ قد أيدت القرار عدا (13) حصة ترفضه او تحفظت عليه. وبمعنى آخر فإن الأكثرية الساحقة من (الشعب) الذي يفترض انه (انتخب) هؤلاء وحكومتهم قد أقرت قانون الانتخابات الخاص بمجالس المحافظات، ولكن الطالباني وتأكيدا منه أنه (كوندي) استعمل حقه ضد الأكثرية التي وافقت على تنصيبه رئيسا، فأي رئيس هذا الذي يضرب بشعبه عرض وطول حائط مبكاه: كركوك؟ الجشع وحده صار(الوطن)، ومازالت معركة (تكسير العظام) النظرية مستمرة في كركوك، فيما تقترب معركة تكسير العظام فعليا على الأرض عكس عدادات انسحاب قوات الغزو الأمريكي من العراق. انتبهوا لعظامكم يا قوم كوندي.
* كاتب عراقي مقيم في أمريكا.
jarraseef@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار