الخميس، أكتوبر 16، 2008

العراق من دولة المؤسسات الى دولة المذهب والطائفة

منذ منتصف السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي عكفت الCIA وفي عهد الرئيس الاسبق جيمي كارتر على تشكيل (( مديرية الاد يان )) في الوكالة المذكورة , تختص بدراسة الاديان بكافة اشكالها ومناهلها وتعدديتها ومعتنقيها وطوائفها ومذاهبها , من اجل النفوذ الى تلك المجتمعات لما للدين من تأثير في حياة الشعوب والامم والتعرف عن قرب عن الخلافات والمنازعات والفرقة والتناحر التي يتركها هذا المعتقد او تلك الايديولوجيات على تلك الشعوب , خدمة لاهداف الولايات المتحدة وستراتجياتها في ميادين السياسة والاقتصاد والهيمنة تمهيدا لنظام العولمة. لقد كان للشرق الاوسط النصيب الاكبر من هذه المؤامرة كون الدين يلعب دورا كبيرا في حياة سكانه سلبا ا وايجابا والى جانب كونه يأتي في مقدمة الدول المستوردة للسلاح لانه بؤرة للنزاع وساحة مفتوحة للعالم اجمع لتصفية حساباته على ارضه. ان الذي شجع الولايات المتحدة للتركيز على الجانب الديني هو المحصلة التي خرجت بها المؤسسات الامريكية المختصة من ان الاحزاب والجمعيات الدينية بامكانها ان تؤدي خدمة جليلة لسياسة امريكا في المنطقة , واول الثمار التي قطفتها امريكيا هو خلع شاه ايران العلماني وشرطي امريكا في المنطقة واستبداله بنظام ديني ثيوقراطي عام 1979 كون النتائج مضمونه من هكذا انظمة لانها تستطيع ان تطوع شعوبها وتدغدغ مشاعرهم وان المصير الى الجنة او النار يمر من خلالهم والا باؤا بغضب من الله ورسوله .
ثم انتقلت الصورة الى العراق حيث تهيمن الاحزاب الدينيه على السلطه فيه بنخبة حاكمة تنظر للمشهد السياسي بمعادلة اطرافها احزاب طائفية الى النخاع وتعمل باستمرار على مواصلة سياسة الاقصاء والتهميش المستمر للمشاركين معها في السلطة مما دفع الى حالة من الاحتقان وتربص بعضهم بالاخر بانتظار الفرصة المناسبة ...........انه شريعة الغاب .
فتلك الاحزاب دون استثناء لم تعر اهمية لبناء مؤسسات الدولة بل تمادت في طموحات اعضائها وتلبية رغباتها ذات النفع المادي . فلم يشاهد منذ عام 2003 والى يومنا هذا ان قامت حكومة الاحتلال بتوفير الحد الادنى من الخدمات الانسانية الى قضاء او ناحية عموم العراق . ونريد ان نذكر هؤلاء الذين يعانون من عقدة السلطة والحكم وان مضطهدون طيلة العصور التي مرت على العراق , هل تصفحتم كتب ا لتاريخ المعاصرة للانظمة التي توالت على حكم العراق ولم يسجل لها اوعليها موقف طائفي او مذهبي او عنصري .......... الم يكن جعفر العسكري وزير الدفاع في عهد فيصل الاول من اصول كردية.......... وبكر صدقي من اصول تركمانية , وساسون حسقيل اليهودي وزيرا للمالية ........ الم يكن مدير مكتب عبد السلام عارف من اهالي النجف ..... وناجي طالب رئيسا للوزراء من اهالي الناصرية , ولااريد ان اتطرق الى الحكومة السابقة كي لانتهم بالانحياز او الولاء فكانت نموذج للتعايش في كافة مؤسسات الدولة ولااحد يجرؤ ان يوصم زميله في الوظيفة او صديقه او جاره لينعته او ينبزه وينتقص من طائفيته او مذهبه لان العواقب ستكون معروفة .فالقائمة طويلة منذ العهد الملكي وحتى الاحتلال البغيض الذي مزق شعبنا واصبح من الشائع في الاعلام والصحافة والشارع والمجالس ان نتداول مسميات مقيته لم يعهدها ابناء العراق الاصلاء (( سيعة –سنه- كرد –مسيح-اشوريين – كلدان – صابئة – يزيدين ) بالامس القريب لانعرف الا اسما واحدا هي الهوية العراقية عنوان الجميع لكل هؤلاء .
ويذكر الؤرخون ان يهود العراق كانوا يشكلون ثلث سكان بغداد ابان العهد العثماني بينما اليوم سكان العراق الاصلييون من الاشوريين والكلدان يقتلون ويشردون ويهجرون دون رحمة . هل ضاق العراق باهله ام بما كسبت ايدي الحكام المأجورين؟ ولاتزال الى يومنا هذا صورة حية للتعايش بين المسلمين والمسحيين وهي جامع عمر بن الخطاب الى جانب الكنيسة في القدس لان الحاكم ايامها كان حريصا ومتجردا من الانتماءات الطائفية والمذهبية ولانهم يؤمنون ان لم يكن اخوك في الدين فهو اخوك في الانسانية تلك هي وصية الامام علي بن ابي طالب الى مالك ابن الاشتر عندما تولى حكم مصر.
لقد انقلبت الموازيين واختلفت المعايير في تقييم الرؤى......... فالكلدانيين والاشوريين , كما اسلفنا هم سكان العراق الاوائل يهجرون خارج العراق بينما الدخلاء والاجانب الذين تسللوا عبر الاهوار والمنافذ الحدودية التي تركها المحتل مشرعة للذئاب والكلاب المسعورة التي تنهش باجساد العراقيين , اعانهم المحتل وعملائه على اكتساب الجنسية العراقية خلال ساعات . بينما السكان الاصلاء تجري حولهم مؤمرات لحجبهم عن عدم المشاركة في الانتخابات بصورة فعلية او حرمانهم من التمثيل في البرلمان .
متى يبلغ البيان يوم اشده.................. اذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

(( واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد _البقرة 205 ))

محمد الكرخي

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار