الجمعة، أكتوبر 17، 2008

قصيده تابين للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد لوفاة الشاعر محمود درويش


كالبحرِ صوتـُك .. قصيدة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد 
قيلَ لي جئتَ بغداد مِن قبل ِيَومَين

ِمحمود لم أصَدِّقْ ، فـَما رَنَّ
في مَكـتـَبي جَرَسُ التلفون ولا قالَ ..
ثمَّ تـَنـَبَّهـتُ .. كيفَ ؟.. وبغدادُ ما عادت الآن ؟!..
ولا رَنَّ ..؟
قالوا بـَلي ، جَرَسٌ يـُشـبـِهُ الموت رَدَّ دَ..
محمود وانقـَطـَعَ الصَّوت صَدَّ قـتُ شـَكـِّي َبغـدادُ ما عادَت الآنَ بغـداد
وصَوتـُكَ محمودُ يـَنأي تـُتابـِعُ كلُّ العـَصافيرِ أمواجَهُ وهيَ تـَبكي ..
كالبَحرِ صَوتـُكَ يا محمودُ يأتـيـني هـَديـرُ أمواجـِهِ يـَبـري شـَرايـيـني
كالبَحر..أسهَرُ طولَ الـلـَّيل ِأرقـَبـُهُ يـَنـأي ، فـَيَنشـُرُني دَمعـا ًويَطويني
وأنتَ تـُوغِلُ في المَجهول ِأشرِعـَة ً مُحـَمَّـلاتٍ بـآ لا فِ الـدَّ واويـن
ِ طـَوَيتـَها مُوجَعـا ً، والعـُمرَ أجمَعـَهُ لم تـُبْـق ِمنهـا هـُنا غـَيرَ الـعـَنـاوين ِ
وَنـَبضَـة ً عـَلـِقـَتْ تـَبكي بـِزاويـَة ٍ في أرض ِغـَزَّة َبَـينَ الماءِ والطـِّين ِ
أكادُ أســألُ مَـن مِـنـَّا أمَـضُّ أسـيً أنـا العـراقيُّ ، أم أنتَ الـفـلسـطيني؟!
عـشـرينَ عاما ًًتـآخـَينـا عـلي دَمِنـا نـَجري بـِهِ نازِفـا ًبـَيـنَ السَّـكاكـيـن ِ
كلُّ الـمَعـابـِرِ خـَضَّـبـنا مَدارِجـَهـا مِن يـَوم ِذيـقـار حتي يـَوم ِحـِطـِّين ِ
مؤَمِّـليـنَ الصِّغـارَ الـواثـِقـيـنَ بـِنـا بـِبَعـثِ مَجْـدٍ مَدي التـَّاريخ ِمَدفـُون ِ
تـُري أأحسـَنـتـُما يا أنـتـُما وَجـَعـا ً أم رُحتـُما حـَطـَبـا ًبَيـنَ الـكـَوانيـن ِ؟!
عـشرينَ عاما ًطـَوَيناها علي عَجَل ٍ نـَموتُ ما بَـيـنَ تـِشـرين ٍوَتـِشـرين
ِ حتي ذوَيْـنا..وهذا أنتَ رُحْتَ سـَنيً أمَّا أنـا ، فـَلأيِّ الـلـَّيـل ِ تـُبْـقـيـني؟!
يا أقرَبَ الناس ِمِن جُرحي وَمِن وَجَعي كم ضَجَّ يأسي،وَكم حاوَلتَ تـَطميني؟
كلُّ المَـرابـِدِ كـُنـَّا فـي مَجـامِـرِهـا وَإخـوَة ُالشِّـعرِ بـَينَ الحُور ِوالعـِين ِ
وكنتَ تـُوري لـَيـاليـهـِم مُشـاكـَسَـة ً فـَيَضحَكـونَ ، ولكنْ ضِحْكَ مَغـبون ِ!
ما جـئـتَ بغـداد إلا والـنـَّخـيـلُ لـَهُ مِمـَّا شـَدَوتَ نـَزيـفٌ في العـَراجيـن ِ!
وَلا انقـَضي مِربَدٌ يَوما ًحَضَرتَ بـِهِ إلا وأنـتَ حـَبـيـبٌ لـِلـمَـلا يـيـن ِ
وكنتُ محمود أ ُدني منكَ مَجمَرَتي وكنتَ ، مُحتـَفيا ًبالجَمرِ ، تـُدنـيـني
حينا ًتـؤاخي المآسي بـَينَ أحرُفِـنـا وَيـَفعـَلُ الحُبُّ بَـينَ الحين ِوالحيـن ِ
حتي لـَيـَكـتـُبَ كلٌّ وَجْـدَ صاحِـبـِهِ لأنـَّـهُ بـِشـَجـاهُ جـِـدُّ مَســكـُون ِ!
هذي القصيدة ُشِعري..أمس ِعِشتُ لـَها وَعِشـتُ فيها..وكادَتْ أنْ تـُوافـيـني
كـَتـَبتـَها أنتَ..قـُلْ لي كيفَ تـَسبقـُني إلي دَمي ، مُسـتـَحِمـَّا ًفي بـَراكـيـني؟!
محمود ..تـَذكـُرُهذا..؟؟..قـُلـتـَهُ عَلـَنا ً وأنتَ تـَرجفُ حتي كـِدتَ تـُبـكـيـني
وَكـانَ أوَّ لَ يــَوم ٍ لـِلــِّـقــاءِ لـَـنـا وَالآن..ما زلتَ حتي الآن تـَشـجيني
ما زلـتَ تـُوقـِظ ُأوجاعي فـَتـُلهـِمُني وَتـُوقـِدُ الـجـَمرَ حتي في رَيـاحيـني
عُـنـفـوانَ فـِلـسـطيـن ٍ بأجـمَعـِهـا وَيـا فـَجـيـعـَة َأهـلي في فـِلـسـطيـن ِ
بَل يا فـَجيعَة َكلِّ الشـِّعـرِ في وَطني والنـَّخْل ِ،والأرزِ،والزَّيتون ِ،والتـِّين ِ
وَيا فـَجيعـَة َحتي الطـَّيرِ ، أعذ َبـِهـا شـَدْوا ً.. فـَجيعـَة َأسرابِ الحَساسين ِ
تـَحومُ حَولـَكَ..تـَبكي..مَحْضَ أجنِحَةٍ مُرَفـرِفـاتٍ ، بـِصَمتٍ جـِدِّ مَطعـون ِ!
هَل كنتُ أبكي..أم انَّ الرِّيحَ تـُسمِعُني نـَحيـبَهـا بينَ أوراقي ، وَتـُوصيني
ألا أميـلَ عـلي قـَومي فـَأ ُسـمِعَهُم نـَعيَّ محمود ؟.. يا شـُمَّ العَـرانيـن ِ
محمودُ مات ..
فأنتـُم يا عـُمومَتـَهُ مِن صَوتـِهِ في مـَلاذٍ جـِدِّ مأمون ِ!
ما عادَ يـُقلـِقـُكم ، لكنْ سـَـيَترُكـُكم مَدي المَدي سـُـبـَّة ًبينَ الـدَّواويـن ِ!
ها قد دَنـَوتُ لأوكــارِ الشـَّـياطيـن ِِ
محمود..إنْ تِهتُ دَعْ مَسراكَ يَهديني!
ما كانَ أجدَرَ في هذي القصيدةِ أن أنأي بـِهـا عن نـِفـاياتِ الـدَّهـاقـين ِ
وَأن أ ُنـَزِّهَ يـَوما ً أنـتَ غـُرَّ تـُهُ عن أنْ يُشابَ بـِذكرِالعـَيبِ والدُّون ِ
لـكـنـَّهُ وَجَـعي .. أبـقي أمُجُّ لـَهُ دَما ًوَجَمراً،وَشِعري مِن قـَرابيني
هذي مَذابـِحُ أهلي ، وهيَ مَذبَحَتي أنا الـذ َّبـيحُ وأعمامي سـَكاكـيـني
أمـَّا زَواحِـفُ أمريكا فـقد عَـبَرَتْ إليَّ مِن دُورِهـاتـيـكَ الـثـَّعـابـيـن ِ
وبَـينـَهـا مِن بَـني أعمامِنـا عَرَبٌ مُبـَطـَّنـونَ بـِحِـسـقـيـل ٍ ورابـيـن ِ!
وأنتَ خمسينَ عاما ًكنتَ تـَصرَخُ في وديـانـِهـِم ، فـَتـُثـَنـِّي ألـفُ آمـيـن ِ
حتي إذا استأنـَسُوا أبصَرتَ أيديَهُم كلاً بـِها خِنجَرٌ مِن صُنع ِصهيون ِ!
وَحَقِّ مَوتـِكَ يا مَحمودُ ، وهوَ دَمٌ ذِمـامـُهُ حـَولَ أعـنـاق ِالمـَلايـيـن ِ
وإنـَّني واحـِدٌ منهُم ، فـَلـَو خَفـَرَتْ عَيني أقولُ لها:عَن مِحجَري بـِيني!
عَميً لـَها..كانَ أولي أن نموتَ مَعا ً مِن أنْ تـُدَجـَّنَ أو تـَرضي بـِتـَدجين
ِ! سَـنـَلـتـَقي ذاتَ يَوم ٍ..سَوفَ تـَسألـُني ماذا ترَكتَ؟..
وأحكي..سَوفَ تـُعطيني وِسـامَ أنْ أتـَبـاهي زاهـيـا ً بـِدَمي لأنــَّهُ لم يـَصِـرْ مــاءا ً لـِيـَحـميـنـي!
تـُري أأوفـَيـتُ أحزاني مَدامِعـَهـا؟ وَقـَد تـَجاوَزتُ سـِتـِّيني وَسـَبعـيني؟
هُما إبائي وَشِعري صُنتُ زَهوَهُما حاشاكَ مَحمودُ يَوما ًأن تـُواسـيني!
أنا حَمَلتُ جِراحي مُـنـذ ُكـنتُ فـَتيً علي المَنـابرِ ، أو بـينَ الـزَّنـازيـن ِ
وأنتَ، قـَلـبُكَ..هَل أحسـَنتَ عِشرَتـَهُ أم كـنتَ تـَحمـلـُهُ حَملَ المَطـاعـيـن ِ؟
وكانَ مـا بـَينـَنا عـَشـْرٌ سـَبَقـتُ بهـا وَهـا أنـا الآنَ أسـعي لـِلـثـَّـمانـيـن ِ
تـُري أأثـقـَلـَني عـُمري فـَأبـْطأني وأنتَ أسرَعتَ في سـَبْـع ٍوسـِتـِّيـن ِ؟!

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار