الأحد، أكتوبر 12، 2008

هل هي استراتيجية هادئة لـ (تهويد العراق) أو صهينته؟!



«ربطت الصحافة الاوربية بشكل يتفوق على الصحافة الامريكية بين سياسات الادارة الامريكية الحالية المتعلقة بمنطقة الشرق الاوسط وبين المقترحات التي قدمها العديد من اصدقاء حزب الليكود الاسرائيلي عام 1996، لرئيس الوزراء حينئذ، بنيامين نتنياهو. واصدقاء الليكود هؤلاء يشغلون الآن مواقع مؤثرة في الادارة الحالية وهم انفسهم الذين اصروا على شن الحرب على العراق».. زبغنيو بريجنسكي مستشار الامن القومي الأمريكي الاسبق.. ولكن ماذا قدم (ليكوديو البيت الابيض) المسيطرون الى نتنياهو عام 1996؟ .. قدموا له استراتيجية من فصلين: الفصل الأول: رفض اي سلام مع الفلسطينيين يتطلب تنازلا عن ارض وعن مقدس.. والفصل الثاني: ان تفوق اسرائيل وأمنها على المدى الطويل: مرهونان بإحداث تعديلات جغرافية وسياسية واستراتيجية كبرى في المنطقة وان مفتاح هذه التعديلات وبوابتها ومسرحها هو العراق.
وبمجرد ان جاءت الادارة الامريكية الحالية: احتلت استراتيجية الحرب على العراق: الموقع الاول في اهتمامها وأجندتها حيث نوقشت هذه الاستراتيجية في الاسابيع الاولى التي اعقبت اداء القسم الرئاسي، كما يقول وزير الخزانة السابق.
والآن انكشف ـ بوضوح تام ـ: الهدف الصهيوني من هذه الحرب المدمرة ليس للعراق، والمنطقة وانما هي حرب مدمرة ـ كذلك ـ لمصلحة امريكا ومبادئها وسمعتها.. وبالعودة الى الوطني الامريكي الكبير: بريجنسكي، نجده يكاد يموت خوفا على مستقبل بلاده بسبب الدمار الشامل الذي ألحقته الحرب بها.. يقول: «من المنطقي عندما تفشل رؤية معينة وفي اكثر من مكان: تغيير او ازاحة اصحاب هذه الرؤية. واذا كان لريتشارد بيرل ان يتنحى بعدما اكتشف مدى الضرر الذي ألحقه بالجمهورية، فان هناك آخرين كثيرين يفترض ان يخدموا رئيسهم ويبتعدوا.. واذا لم يحدث تغيير في سياسة الادارة، فان امريكا ستنهار بسبب ذلك المصطلح (الشرق الأوسط الكبير) الذي لم يضع في اعتباره: الحقائق الجغرافية والحضارية والانسانية».
قلنا: انكشف الآن ـ بوضوح كامل ـ: الهدف الصهيوني من هذه الحرب التي قامت على كذبة.. واقتاتت بأكاذيب.. وتكرر سترها بأكاذيب.
ما هو هذا الهدف الصهيوني؟
هو (تهويد العراق).. ليس تهويده من الناحية الدينية. فبين جوانح العراقيين عقيدة اسلامية صلبة استعصت على الدق والسحق والالغاء: اكثر من اربعة عشر قرنا، على كثرة محاولات الدق والسحق والتذويب.. هذه واحدة.. والأخرى: ان اليهود لم يعرفوا بنشاط متقد في مجال الدعوة، يهدف الى ادخال (الأغيار) في الدين اليهودي.
من هنا، فان (التهويد) المقصود ـ والمطبق الآن على نطاق واسع ـ هو (التهويد السياسي والاستراتيجي والمؤسسي).
هذه دعوى.. وليست تصح الدعوى، ولا تصدق الا بلوازمها، وهي البراهين والادلة والقرائن.. وفيما يلي (بعض) هذه الادلة، لا كلها، اذ لا يتسع المجال للاستقراء الكلي:
1 ـ (غارنر) اول حاكم للعراق بعد سقوط النظام هو: رجل صهيوني، بل من غلاة الصهيونية.. ومن الاحتقار لعقل كل آدمي على هذا الكوكب: الزعم بأن هذا التعيين كان مصادفة!!
2 ـ سمح او اذن لغلاة اليهود بأن (ينهبوا) المتحف العراقي الضخم العريض وان يسرقوا ألوف الوثائق والتحف بدعوى انها (تراث) يهودي قديم.
3 ـ ان في العراق (جيشا اجنبيا) غير رسمي!! جيش من المرتزقة المحترفين. ومن اركان هذا الجيش: العقيد الاسرائيلي المتقاعد (ديفيد كوستر). والذي يعمل ـ ايضا ـ مستشارا في كلية الشرطة الاسرائيلية. وكان قد شغل من قبل منصب رئيس جهاز الشرطة الاسرائيلي، ويعد خبيرا في مكافحة الارهاب (الفلسطيني)!، ومتخصصا في استخبارات الشوارع والتدريب على عمليات الالتحام والاقتحام.
4 ـ يتولى الاشراف على مؤسسات عديدة في العراق: يهود كثر منهم: البروفسور نوح فيلدمان المنتدب لوضع الدستور.. وفيليب كارول مستشار وزارة النفط.. ودون ايردمان مستشار وزارة التعليم العالي.. وروبين رافايل مستشار وزارة التجارة.. ولي شاتز، ودون استوتز المستشاران في وزارة الزراعة والري. ودون ايبرلي مستشار قطاع الرياضة والشباب.. وديفيد نومي مستشار وزارة المالية.. وديفيد لينش مستشار وزارة النقل والمواصلات.. وتيموني كارثي مستشار وزارة الصناعة.
5 ـ وثقت المسؤولة الامريكية السابقة عن سجن ابو غريب الجنرال (جانيس كاربنسكي) وثقت معلومة: مشاركة اسرائيليين المباشرة في التحقيق مع المعتقلين العراقيين في ذلك السجن، فقالت: «رأيت شخصا لم تتح لي فرصة لقائه قبل ذلك '!!' فسألته: ماذا يفعل هناك؟ وما اذا كان مترجما لأن شكله يدل بوضوح على انه من اهل منطقة الشرق الأوسط.. فرد عليَّ يقول: انني اقوم ببعض الاستجوابات هنا. اتكلم العربية، لكنني لست عربيا. انا من اسرائيل».
6 ـ في مارس الماضي: خرجت معلومات استخباراتية المانية لتؤكد او توثق هذه الحقيقة: «وصلت فرقة كوماندوس عسكرية اسرائيلية الى اربيل، وان فريقا من الاستخبارات العسكرية العبرية (أمان) مؤلفا من 20 ضابطا كان في عداد هذه الفرقة الاسرائيلية».
7 ـ من المعلومات التي انتثرت من لجنة الكونجرس للتحقيق في احداث 11 سبتمبر 2001: ان صفقة استراتيجية تمت بين طرف عراقي وبين الادارة الاميركية. ومجمل الصفقة: شن حرب على العراق مقابل ان تحقيق هدفين هما: الاعتراف باسرائيل من خلال معاهدة سلام معلنة معها.. واستئناف ضخ النفط العراقي في خطوط انابيب تصل حيفا بالموصل.
8 ـ نقلت مجلة (نيويوركر) الامريكية عن مسؤولين في الاستخبارات الامريكية، هذه المعلومة وهي: ان التوغل الاسرائيلي والوجود الهائل للموساد في كردستان العراقية هو السبب الحقيقي في التوتر بين تركيا واسرائيل. ولقد قال عبد الله غول ـ في اجتماع مغلق للحكومة التركية ـ (ان السياسة الاسرائيلية في كردستان العراق لا تترك لأنقرة سوى خيارين: اما بقاء الجمهورية.. واما فصم التحالف مع اسرائيل).
9 ـ في اواخر مايو الماضي: أكد تقرير امني لمنظمة حلف شمال الاطلسي في بروكسل: ان محققين عسكريين اسرائيليين خبراء في شؤون التحقيق مع السجناء العرب في اسرائيل، شاركوا زملاءهم الامريكيين في انتزاع الاعترافات من مئات السجناء العراقيين. ومن المتهمين الاوائل في قضايا التعذيب في سجن ابو غريب: شخص اسمه: جون يسرائيل، اسرائيلي وهو مقاول مدني يعمل مع شركة (تيتاه) التي توفر الخدمات للجيش الامريكي والتي من بين اعضاء مجلس ادارتها مدير وكالة الاستخبارات الامريكية السابق جيمس وولسي (معروف بتطرفه الصهيوني).
هذا (التهويد) السياسي والامني والمؤسسي والاجتماعي هو هدف الصهيونية الاول والثاني والعاشر. وبدهي: ان هذا التهويد لا تقتضيه ضرورة ولا حاجة امريكية وطنية حقيقية. نعم قد تكون (صَهْيَنة)العراق هي (ثمن) التجديد الرئاسي ـ كما يقال ـ، بيد انه ثمن يُدفع من رصيد امريكا السياسي والاخلاقي والحضاري. وهذه ـ في الحقيقة ـ: خسارة فادحة لأمريكا، وإن عدَّها البعض (مكسبا كبيرا) على مستوى شخصي.. ومأساة الأمم ـ في التاريخ والواقع ـ: التضحية بالمصالح الوطنية الكبرى في سبيل امجاد او اهواء شخصية مغلفة بالمصلحة العامة.
ومن قبل ومن بعد: نسأل ـ في ظل هذه الأوضاع المتهصينة ـ: عن أي سيادة في العراق، وعن أي تحرر، وعن أي استقرار: يتحدث الدراويش؟!!

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار