الجمعة، يونيو 06، 2008


أما آن للحالمين بالديمقراطية الأمريكية في العراق, أن يعترفوا بخطأهم الفادح حينما دعموها..! - قصة أستاذ جامعي مهجّر
2008-06-05 :: بقلم: د.عادل العراقي ::

زميل الدراسة الجامعية الاولية القادم من احدى مدن الفرات الاوسط كان مجتهدا لامعا ,جم الادب صاحب نكتة ولكن يميزه عن شباب تلك المدن شيء واحد وهو انه لا يميل لأية واحدة من الاحزاب السياسية البارزة اواخر الستينات. ورغم علاقته الطيبة مع الطلاب من كل اتجاه سياسي ولون لم ينتمي لاي حزب. معدل تخرجه اوائل السبعينات أهلّه للحصول على بعثة من البعثات الاولى التي اعلنت عام1971. ورغم علاقته الوثيقة مع كل طلاب البعثات فلم ينتمي للبعث ولم يناصر الشيوعيين وهذان كانا الاتجاهين السائدين بين الطلبة العراقيين في الولايات المتحدة واوربا. عاد للعراق بالدكتوراه وعمل بصمت ونزاهة وتجرّد بأدب جم فحاز ثقة رؤسائه في العمل وسرعان ما صار مديرا عاما مرموقا يحضى بثقة كبار المسؤولين, واستمر في مناصب كبيرة لعشرين عاما حتى احتلال العراق. لم يفاتحه الحزب بالانضمام له ولم يفاتح هو الحزب بالطبع. كان الرئيس الراحل يستشيره في كثير من المواضيع العلمية ويكرمه باستمرار. ثم وقعت الواقعة , ليس لواقعتها دافعة, وحل المحتل وكان صاحبي في مقدمة من اعتمدهم الاحتلال وصنائعه القادمين معه. فهو ليس ببعثي ومن عائلة معروفة في محافظات الفرات الاوسط واكثر من ذلك وهو مايبعث على التعجب انه اصبح متحمسا جدا للعمل مع المحتل يمنحهم النصيحة الخالصة ويعمل باندفاع يفوق اندفاعه ايام النظام السابق. ولاول مرة اسمع صديقي يتكلم بالمظلومية وتعسف الاحزاب القومية بحق الشيعة مرددا ماقاله حسن العلوي حين كان مستشارا لصولاغ..!ليس هذا فحسب بل مدافعا عن النوايا النبيلة للامريكان من احتلالهم او بالاحرى تحريرهم للعراق. اما الاخطاء التي ارتكبها بريمر واعترف بها لاحقا فهي ليست في نظره اخطاء وليس هناك مستنقع عراقي غاص فيه الامريكان فهم لايخطؤون ويحسبون لكل شيء حسابه وكل شيء عندهم بمقدار. صاحبي لا يعترف ولحد الان بوجود مقاومة بل هناك ارهاب وعصابات تريد تدمير العراق. وما أن ولى بريمر وجاء اياد علاوي حتى اختل الميزان حين بدأت المليشيات التابعة لايران تعزز مراكزها في دوائر الدولة وترتكب اغتيالات الضباط والمسؤولين السابقين وكان صاحبي اول من استلم التهديد بالقتل لانه من أزلام النظام السابق..!مقياسهم في ذلك انه حصل على بعثة وصار مديرا عاما في زمن البعث فهو بعثي وان لم ينتم..!؟ بل انهم قالوا عنه انه عضو شعبة وهو الذي لم يحضر في حياته اجتماعا حزبيا للبعثيين او لسواهم في يوم من الايام . ولم يكن امامه غير أن يلملم ماخف وزنه من متاع وثياب ويسري بأهله في قطع من الليل ليلجأ خارج العراق.. رأيته خارج العراق وكان لم يزل مؤمنا بالرسالة الامريكية..!؟ .وبأن بمقدورها أن تقطع دابر من يتنفس في العراق ان ارادت وما يحصل هو فلسفة وبعد نظر امريكي وتخطيط بعيد المدى. فأمريكا مسيطرة على كل شيء في العراق وباختصار مسيطرة ووردة..!قلت له يومها وكان ذلك منتصف عام 2004: لو كانت القوات الامريكية مسيطرة فأين هي مطاعم مكدونالدز وبيتزا هت رمز التغلغل الثقافي والاقتصادي الامريكي في أي بلد تتواجد فيه؟؟ الا ترى انهم محشورون هم والحكومة العراقية وبرلمان محمود المشهداني في اربعة كيلومترات مربعة من حي التشريع او ما يعرف بمنطقة كرادة مريم ؟؟ الا ترى المقاومة يفرضون على السفارة الامريكية والحكومة والبرلمان العراقيين حصارا جائرا في سابقة لم يشهد له تأريخ الامم شبيها؟؟ حكومة وبرلمان منتخبان كما يدعيان محصوران محاصران داخل رقعة بهذة المساحة الصغيرة؟؟ لايخرج احدهم من المنطقة الخضراء الا ومعه سرية او فوج من الحمايات. المسعورة ؟؟!!يومها قال انتظر اقل من سنة وترى كيف ستسيطر امريكا على العراق. فهؤلاء الناس لايتركون شيئا للصدفة وهم باقون في العراق وستجد في كل محلة مطعم مكدونالدز أو أكثر وبجانبه بيرغر كنغ ومقابله بيتزا هت وكنتاكي فرايد جكن. ستجد مجموعة من هذه المطاعم بعد أن تعبر جسر الجادرية مقابل جامعة بغداد ومجموعة أخرى داخل الجامعة ثم مجموعة عند ساحة الحرية واخرى بين السفارة الالمانية والمسرح الوطني عدا اخرى في العرصات . العاملات عراقيات جامعيات يتكلمن بالانكليزية ويرتدين ..... وهكذا غابة من مطاعم الوجبات السريعة الامريكية رمز الغزو الثقافي الامريكي..!وافترقنا منذ منتصف 2004 حتى كان لنا لقاء قبل اسابيع. أي بعد مايقرب من اربعة اعوام. خلالها لم يعد صاحبي للعراق وظل مهجرا يقتله الحنين الى العراق. لازال بانتظار تحسن الوضع الامني ليعود مع اسرته التي تعاني من صعوبات مالية فهو لم يسرق من المال العام كبقية المسؤولين بعد الاحتلال. قلت له ياصديقي !! لم تفتح مطاعم ماكدونالدز ابوابها للجماهير العراقية بعد خمس سنوات من احتلال اقوى قوة امبراطورية فاشية ظهرت في التأريخ ؟؟فماذا تقول؟؟ شعرت بروح الانكسار والندم على مافرط فيه من الامل بالمحتل والثقة بوعوده وهو يقول: صحيح ان الامريكان لم يتوقعوا اي مقاومة تذكر لمشروعهم وكانوا يظنون ان العام 2004 هو عام احتلال سوريا وتتوالى قطع الدومينو في السقوط على مساحة الشرق الاوسط. ولكن- وهذه الولكن ماتبقى له من امل على الرهان الخاسر- الا ترى ان من شيّد هذه السفارة التي هي قاعدة عسكرية ينوي الانسحاب من العراق. وهل بمقدور الحكومة والبرلمان العراقيين الا ان يوافقا على المعاهدة التي تشرعن الاحتلال؟؟ حتى لو لم توافق ايران او المراجع الدينية عليها فأتباع ايران فسيوافقون؟؟والحزب الاسلامي وصلت اليه السلطة ولم يكن ليحلم بها لولا الاحتلال ام الحزبان الكرديان فبقاء الامريكان من صالحهم وليس في الحكومة والبرلمان من يريد أن يفقد نعمة السلطة التي هبطت عليهم . قلت له ولكن وزير الداخلية جواد البولاني صرح قبل شهرين ان عدد الجيش والشرطة الان هو 870,000 فرد فمم يخافون.؟؟ أجابني صاحبي متحسرا: هنا تسكب العبرات !! فقد تحدثت لاحد رموز السلطة الحالية في العراق قبل ايام بموضوع المعاهدة وانسحاب الامريكان فأجاب : اذا ترك الامريكان العراق فسيكتسحنا الجيش السابق والبعثيون!! وأجبته ( والقول لصاحبي ): قرة الاعين بجيشكم وشرطتكم المليونية!! وعلقت أنا ( هواية لعد راح مكدونالدز يفتح مطاعمه)..!

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار