- فيلم مرفق
2008-10-20 :: المصدر: نيويورك - ميساء الفيومي* ::
تتداول أوساط دبلوماسية عربية وأجنبية بسخرية واستخفاف يعكسان الواقع المزري الذي وصلت إليه الدبلوماسية العراقية التي عرف عنها رفعتها ورقيها منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي، تفاصيل المقابلة التي عرضها برنامج (استعراض قبل أيام) الذي تقدمه محطة (كوميدي سنترال) الأمريكية المتخصصة بالبرامج الهزلية بتاريخ 9 تشرين الأول2008، مع السفير العراقي لدى الأمم المتحدة في نيويورك حامد البياتي الذي يقع في تناقضات مضحكة تثير شهية الجمهور على الضحك المتواصل . وننشر النص الحرفي لما دار في تلك المقابلة التي اطلق عليها سفير عربي لدى الامم المتحدة عند طلب مراسلتنا منه التعليق على المقابلة بأنها كوميديا سوداء وموجعة واهانة للدبلوماسية العربية كلها .وتدور أحداث المقابلة في مكتب السفير في بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك حيث يستهل مقدم البرنامج الممثل الكوميدي (جون أوليفر) المقابلة بالطلب من السفير أن يمنحه بعض الوقت للإجابة على استبيان سريع موضحا 'بأننا في الولايات المتحدة مولعون بالاستبيانات التي تهدف إلى تحسين خدماتنا المتصلة بغزو بلادكم ومن ثم احتلالها'.وهنا يبتسم السفير موافقا على المشاركة في الاستبيان. ويبدأ جون أوليفر الاستبيان بالاستفسار من السفير، وفق الطريقة التقليدية التي تجريها الشركات التجارية التي تروج لبضاعتها لدى العوائل الامريكية، حيث يخاطب السفير مستبيناً: هل أنت رب هذه الأسرة؟ فيجيب السفير بجدية واضحة 'نعم'!ينتقل بعد ذلك أوليفر إلى الحقل الثاني في استمارة الاستبيان الوهمية التي يحملها فيسأل السفير عن انتمائه العرقي فيجيب السفير بأنه عربي. وهنا يتظاهر أوليفر بأنه يبحث عن كلمة عربي في الحقل المطلوب فلا يجدها حيث يخاطب السفير قائلا بأنه لم يجد الحقل المطلوب ولكن لديه حقل آخر يتعلق بلون البشرة ويخاطبه قائلا هل أنت أبيض أم سود. فيجيب السفير بنبرة جادة بأنه 'أبيض'.ويبدو عند ذاك مقدم البرنامج مرتبكا فيقول للسفير سوف أسجلك ضمن حقل 'أسود' فيبتسم السفير موافقا وسط ضحك وقهقهة المشاهدين في البرنامج المسجلينتقل بعد ذلك أوليفر إلى الأسئلة حيث يقول للسفير أن سؤاله الأول يتعلق بحقيقة 'مرور خمسة أعوام على تواجد القوات الأمريكية في بلادكم.. وفي مقياس يترواح بين درجة واحدة إلى خمس درجات، كيف تصف شعورك إزاء وجود هذه القوات في بلادكم. علما أن الدرجات تتراوح بين الأولى التي تعني بأنك 'غير راضِ' عن تواجد القوات الأمريكية في العراق وبين الدرجة الخامسة وهي تشير إلى أنك 'راض تمام الرضا' عن وجود تلك القوات. فيجيب السفير أن يختار الدرجة الرابعة، مما يدعو مقدم البرنامج إلى الاستفسار من السفير عن سبب عدم رضاه تمام الرضا عن القوات الامريكية فيجيب السفير بإسهاب بأن القوات الأمريكية ارتكبت أخطاء في العراق وهذا ما يجعله يخفض درجة رضاه بدرجة واحدة. فيجيب أوليفر متهكما بأنه في غاية السعادة لمعرفة هذه الحقيقة المهمة. ينتقل أوليفر بعد ذلك إلى السؤال الثاني فيسأل السفير 'هل أنت راغب بأن تقوم القوات الأمريكية باحتلال بلادكم ثانية؟'. وهنا يشرع السفير بتأكيد رغبته في احتلال العراق ثانية من قبل القوات الأمريكية .. غير أن مقدم البرنامج يقاطعه قائلا لديك ثلاث درجات للإجابة على السؤال: 'أ- راغب جدا، ب- راغب تماما، راغب فقط'. فيعتذر السفير عن استطراده السابق ويؤكد بأنه يختار 'راغب تماما'، مما يولد نوبات ضحك صاخبة لدى الجمهور!ينتقل البرنامج بعد ذلك للحديث عن التجربة الديمقراطية في العراق فيعقب السفير بالقول أنها كانت تجربة تاريخية حيث شارك نحو سبعين بالمائة من العراقيين في تلك الانتخابات التي جرت عام 2005. غير أن أوليفر يقاطع السفير بالقول توقف.. توقف.. ففي الديمقراطيات الحقيقية لا توجد نسبة سبعين بالمائة بل تبلغ النسبة في الولايات المتحدة وبريطانيا خمسين بالمائة وهذه هي الديمقراطية الحقيقية.فيجيب السفير معلقا، بطريقة تحمل اعتذارا مبطنا، بأنه يأمل أن تنخفض نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة. فيعلق أوليفر بجملة ساخرة قائلا للسفير 'أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب شعباً طيباً ووديعا ومطيعاً بأبدان ممتلئة تبلغ من السمنة حدا لا يسمح لها بأن تبدي غضبا'، حيث يبتسم السفير مبديا علامات الارتياح لما قاله مقدم البرنامج وسط ضحك المشاهدين. وفي إشارة إلى الشعارات التي تطرحها إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية، يستفسر مقدم البرنامج من السفير إن كان يتفق مع عبارة 'الموت لأمريكا' أو لا يتفق معها. فيجيب السفير مؤكدا بأنه 'لا يتفق'، فيسأله مقدم البرنامج 'هل أنت متأكد من إجابتك' فيؤكد السفير ذلك، فيعود أوليفر بلغة تهديدية قائلا 'سأكتب ذلك' فيقول السفير بقلق واضح نعم.. نعم.. بامكانك أن تكتب ذلك. وتمضي المقابلة وسط ضحك الجمهور ليطرح أوليفر سؤاله الأخير على السفير قائلا: 'كم من الوقت تحتاجون كي تصبحون حليفا كاملا للولايات المتحدة الأمريكية في حربنا ضد الإرهاب: أ. 5-10 سنوات، ب. 10-100 سنة، ج. 100 سنة فأكثر؟'. فيجيب السفير بشكل حازم قائلا بأنه يعتقد بأن العراق والولايات المتحدة حلفاء في الوقت الحاضر فهم يقاتلون سوية الإرهاب وتنظيم القاعدة. ينظر، حينئذ، أوليفر الى السفير ويقول له إذن سأضعك في حقل من 100 سنة فأكثر حيث لا يعترض السفير. ينتقل البرنامج بعد ذلك إلى عرض نبذة تاريخية عن حياة السفير البياتي موضحا بأن الأخير كان مقيما في المنفى وأنه التقى قبل الاحتلال بعدد من كبار المسؤولين الامريكان تهيئة لغزو العراق. ويستفسر مقدم البرنامج من السفير عن كبار المسؤولين الأمريكان الذين اجتمع بهم قبل الاحتلال. فيجيب السفير أنه اجتمع مع عدد منهم في آب 2002 وعلى رأسهم نائب الرئيس ديك تشيني..فيسأله أوليفر وماذا قلت لتشيني. فيجيب السفير قائلا بأنه أبلغ تشيني أنه يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية ألاّ تحتل العراق وبعكسه فستواجه مقاومه، فيقاطعه أوليفر قائلا: هل أنت متأكد من أنك قلت له بأن عليكم ألا تحتلوا العراق؟ فيجيب السفير مؤكدا بنعم. ولكن أوليفر يعود ويقول للسفير لا يمكن ذلك فما حدث بعد ذلك يبرهن بأنك لم تقل ذلك لأنهم لازالوا يحتلون العراق!! وبعد هذا الحوار الهزلي والذي يقابله السفير بجدية كبيرة يقول أوليفر أنه يعتقد أنه فهم المشكلة ويلتفت إلى السفير قائلا له أعتقد أنك تحدثت إليهم من خلال الخياشيم.. فيخيم الصمت على السفير وعلى أوليفر لثوان معدودات ليعود السفير فيقول أنه لا يعتقد ذلك!!وتنتهي المقابلة بمشهد ساخر آخر يودع فيه السفير جون أوليفر بينما يردد الأخير أمام السفير الجملة الشهيرة التي يرددها جورج بوش عند الحديث عن العراق بقوله أنه سيواصل المسير حتى النصر وسط ابتسامة واضحة للسفير. ثم يقف السفير وأوليفر أمام لافتة كبيرة يبدو أن السفير سمح لأوليفر بتعليقها في قاعة الاستقبال في السفارة كتب عليها عبارة شبيهة بالعبارة التي كتبت على اللافتة التي رفعت على سطح حاملة الطائرات الأمريكية التي أعلن فيها جورج بوش 'المهمة انجزت' بيد أن لافتة جون أوليفر في السفارة كتب عليها 'المقابلة أنجزت'!!ويٌعرف عن السفير حامد البياتي تقديم نفسه في الأوساط الدبلوماسية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بصفة (دكتور) غير أنه اعتذر مؤخرا في رسالة إلى وزير الخارجية هوشيار زيباري عن تقديم ما يثبت حصوله على الشهادة المذكورة بعد أن طلبت وزارة الخارجية من سفرائها ما يؤيد حصولهم فعلا على شهادات عليا حيث نقل دبلوماسيون مطلعون قول البياتي في رسالته تلك أنه وجد نفسه مضطرا لتقديم نفسه بصفة (دكتور) حتى لا يزعم 'أزلام النظام البائد' بأن سفراء العراق الجديد أميون.وللتذكير فأن أبرز السفراء العراقيين الذي شغلوا منصب سفير العراق الدائم لدى الأمم المتحدة خلال العشرين سنة التي سبقت الاحتلال كانوا من حملة الشهادات العليا ومن بينهم الدكتور رياض القيسي، الحاصل على شهادة الدكتواره من جامعة لندن للعلوم الاقتصادية الشهيرة، والدكتور عبد الأمير الأنباري، الحاصل على شهادة القانون الدولي من جامعة هارفرد الأمريكية العريقة، والدكتور سعيد الموسوي، الحاصل على شهادة الدكتواره من جامعة السوربون الفرنسية الغنية عن التعريف، والدكتور محمد الدوري، عميد كلية القانون العراقية السابق والحاصل على شاهدة الدكتوراه من جامعة السوربون أيضا. للاطلاع على نص المقابلة نرفق لكم الرابط :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق