أ.د. كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي
أكاديمي عراقي
سأسجل على نفسي موقفا متطرفا آخر, إذ سأشذ عن الدعوة بأسلوب دبلوماسي إلى عدم عقد القمة العربية في بغداد المحتلة. لن أطالب مَن لم يستحي على نفسه في الموافقة أصلا على الحضور إلى بغداد المغطاة بسحب الموت والدمار من زعماء العرب ليمثل احد أقطار الأمة في قمتها العتيدة. لن أسمح للساني أن ينطق بحرف واحد من حروف الضاد مع مَن فكّر للحظة واحدة أن تطأ قدماه أرض الرافدين الغارقة في حزن الموت والاعتقال واليتم والترمل والتهجير القسري ليمثل شعبا عربيا في قمة العرب القادمة. وكم تمنيت أن نغادر كلنا أسلوب الطلب الدبلوماسي لوقف اعتراف العرب بحكومة الاحتلال القابعة في المنطقة الخضراء. فنحن كلنا نعلم علم اليقين أن طلباتنا ستذروها رياح اللا مبالاة وستسحقها أقدام الساقطين تحت وطأة العبودية للأمر الواقع ... فلماذا نطلب إذن .. لماذا؟؟
مَن سيستجيب لدعواتنا المهذّبة العاقلة الحكيمة؟ أمير قطر الذي اخبرنا قبل أيام بأنه قادر على أن يمنع أميركا من استخدام قاعدتها العسكرية في قطر من ضرب إيران غير انه سمح لها في ضرب العراق؟؟ أم أمير الكويت الغاطس من قمة رأسه حتى أخمص قدميه بالحقد الأسود علينا وطنا وشعبا؟؟ أم الرئيس مبارك الذي نعرف كيف يدير سياسة مصر التي تنأى كل يوم بعيدا عن العرب والعروبة وتدوس على استحقاق مصر القومي واستحقاقات العروبة عليها؟ أم رئيس لبنان الذي أقام مهرجانا أسطوريا يستقبل فيه رئيس النظام الإيراني الشريك في احتلال بلدنا وعمليته السياسية؟؟ مَن و مَن و مَن أيها الأخوة السالكون لدرب المطالبات الدبلوماسية المهذّبة المعبرة عن نفوسكم الطيبة ورؤاكم الراقية.؟
أنطالب الجامعة العربية التي يعرف أمينها العام ومساعديه أكثر حتى من العراقيين ما كابده ويكابده بلدنا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وخدميا تحت تعسّف وظلم الغزاة وعملاءهم ويعرف مستشاريها القانونيين، إن العراق واقع تحت الاحتلال وان العملية السياسية فيه هي تفريخ من تفريخات الاحتلال ومع ذلك يوافقون على عقد القمة القادمة في بغداد الجريحة؟
لن استرسل طويلا .. ولن أطيل في الكلام .. وإنا هنا أعبر عن موقف شخصي صرف كوني عربي من العراق وليس أي شئ آخر بما في ذلك صفتي المهنية الأكاديمية وسأقول باختصار شديد .. إن مَن تطأ أقدامه العراق المحتل بصفة دبلوماسي أو زعيم يصافح الأيادي الملطخة بدمائنا والعاملة على تمزيق شعبنا ووطننا والناهبة لثرواتنا ... إن مَن يمشي على ارض بغداد وهي غارقة باشلاءنا وجماجمنا وبحور بؤسنا ... إن مَن ينام في بغداد وهي تتلمس اشراقة صبح الحرية ... إن مَن يتجرأ على أن يأكل من خبزنا المغمس بآهات الثكالى والأيتام والأرامل .. إن مَن يشرب من ماء دجلة ولما يزل بلون دماءنا وحمرة عيوننا وحرائق أفئدتنا ... ليس عربيا وليس مسلما وليس سياسيا وليس دبلوماسيا، بل شريك باحتلال بلدنا وبتدمير وحدته الوطنية والإنسانية..
لن نطلب منهم عدم القدوم، بل علينا أن نقول لهم بأنهم سيعيشون ليال حالكة ونهارات مدلهمة تحت أزيز رصاصنا المقاوم.. نقول لهم بان الحتوف ستستقبلكم والرعب سيستوطن أفئدتكم .. وانتم أدرى واعرف بأننا قول وفعل وبأن جحافل مقاومتنا الباسلة ستصب حمم الغضب العراقي المقدّس على المنطقة الخضراء حيث ستمكثون. ستكون وسيلتنا لاستقبالكم غير مرضية لكم وبعيدة كل البعد عن كياسة المجاملات السفسطائية. ولن تلوموا يومها غير أنفسكم التي سوّلت لكم أن تدوسوا على جراحنا وتمعنوا في سحق شرفنا وكرامتنا المنتمية لهويتكم القومية. الواجب علينا أن نحذرهم ونبيّن لهم بأن رد فعلنا على ظلمهم للعراق وشعبه سيكون مدمرا. علينا أن نقول لهم بوضوح بأن ارض العراق المحتل لا تعرف الآن الحركات الدبلوماسية ولا تتعاطف مع سياسات الأمر الواقع، بل تعرف قوانين الثورة وأفعال الثوار ..
وغير هذا سنقول لهم .. مرحبا بكم يوم يحرر العراق ويعود موحدا سيدا تخشونه عندما تميل قراراتكم لغير صالح العروبة والإسلام والإيمان ... سنفرش الأرض وردا وسجادا أحمر تبريزي الصنع يوم تزورونا والعجم خارج سلطات احتلال العراق ومعهم الأمريكان والصهيونية. سننحر لكم الذبائح ونغرق أجواء العراق بعطر الياسمين ونمنحكم أوسمة النصر والتحرير. أما الآن فعليكم أن لا تضغطوا على جراحنا فنحن شعب لحمه مر كما تعلمون ... والله اكبر وعاشت مقاومتنا البطلة الممثل الشرعي الوحيد لإرادة العراق.
aarabnation@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق