الأحد، يناير 25، 2009

جيش جديد على " الوحدة ونص "

السبت, 24 يناير 2009 05:00
ضحى عبد الرحمن .كاتبة عراقية

"الراقصة والسياسي" من الافلام الجميلة التي أثارت ضجة كبيرة في العالم العربي حين عرض وعملية التزواج بين السياسة والرقص معروفة للجميع فالسياسة تستعير فن الرقص لتضحك على العقول وكلاهما يحتاج من الحرفة والمهارة لتكون حركاته متسقة مع الايقاع حتى يقتنع جمهور المشاهدين بحسن الإداء, وكلاهما يؤمن بالحلول الوسطى فالسياسي يعتبر أن خير الأمور أوسطها والراقصة تؤمن بان خير الامور الوسط, كما ان كلاهما يحاول ان يهز مشاعر الناس بحركاته البهلوانية! السياسي والراقصة تجمعهما الاناقة والفتنة ومحاولة أثارة الجمهور بأكبر قدر من التشويق، وكلاهما يسحر جمهوره ويجعله يعيش في عالم من النشوة والاحلام الوردية تتجاذب مخيلته كأمواج البحر, ويتبع كلاهما أفضل أنواع البلاغة من جناس وسجع وطباق وتشبيه وبديع وزيف ليشبع محبة الناس ويجذبهم لا سيما المتعطشين ممن لم يطرق أسماعهم مثل هذا الكلام سابقا, ويجهد كلاهما نفسه لأفراغ جيب الجمهور بعد ملأ عقله بالوعود والعهود الخلابة، الراقصة والسياسي كلاهما لا يمكن الإئتمان به فما يقوله اللسان لا يعكسه القلب لأن المصالح فقط هي التي تجمعهما مع جمهورهما, وكلاهما مجبول على الكذب والخداع .
عندما يخط الزمن خطوطه على وجوههما ينزوي كلاهما الى جحره بعيدا عن الناس لا يرغب برؤيتهم ولا يأنس بهم. وربما يعتقد البعض كما أنه وراء كل رجل عظيم إمرأة فأن وراء كل سياسي راقصة تتبعه كظله. فمن خلال القصص التي سمعناها أو قرأناها أو شاهدناه تحاول الراقصة بعد تجاوزها العمر الفني ان تترك المسرح لغيرها وغالبا ما تنطوي على نفسها وبالكاد تسمع بأخبارها إلا ما ندر ربما خجلا من امسها المنصرم أو توجه آخرا للتكفير عن هذا الماضي والأستغفار عما جنته حركاتها أو أسباب أخرى, معذرة من هذه المقدمة فنحن لم ندخل صلب الموضوع بعد ولكنه إستهلال لا بد منه لتوضيح الصورة القادمة, لأن الراقصة التي سنتحدث عنها من نوع خاص لم يجود الدهر بمثلها إنها من نتائج العولمة ومحصلة الفوضى الخلاقة تؤمن بعقيدة الحرب الدفاعية والإستباقية وخبرة في إدارة وتاسيس الجيوش ولها معرفة بشئون الشرق الأوسط لأن كلمة وسط ومشتقاتها وسط توسط متوسط اوسط هي محور حياتها الفنية ويوم يتوقف الوسط عن إداء واجباته تتوقف حياتها الفنية كما يفترض وكما جرت العادة.


لكن هذه الراقصة من نوع آخر بقيت متشبثة بالظهور في الواجهة والمواجهة رغم إنتهاء عمرها الفني وبدلا من ان تنزوي او تتحول الى مهنة أخرى فأنها رسمت لنفسها مشوار جديد لا يمكن ان يتصوره العقل البشري فقد محت على السبورة كلمتها المفضلة" على الوحدة والنص" لتكنب بدلا عنها" يس يم" لا تستغرب ولا تندهش عزيزي القارئ فالعافية درجات وتمهل علينا قليلا فالصدمات القادمة ستكون اشد وكما قال الشاعر" رب يوم بكيت منه فلما تعديته بكيت عليه" ولكن لا تشتط العقول الى متاهات فان الراقصة المعنية هي "مينا" بشحمها ولحمها وبدلتها الحمراء الزاهية الألوان والتي قدمتها للجمهور كاتبتنا المبدعة عشتار العراقية فمن هي (الراقصة مينا) وما علاقتنا بها أو بالأحرى ما علاقتها بنا كعراقيين؟
مينا كوكب من كواكب الرقص الشرقي رغم انها لم تصل الى مدارات نجوى فؤاد وسامية جمال وسهير زكي وحتى الراقصة العراقية ملايين. مينا لها سجل حافل في الحانات والبارات من الدرجة الوضيعة لديها خبرة لأربعة عشر سنه في هذا الاختصاص النادر وأطول منها في ممارسة الرذيلة. بعد أن تجاوزت عتبة الثلاثين وترهلت قررت مغادرة الحانات وتزامن مع رغبتها الغزو الامريكي للعراق فوجدت مينا فرصتها المناسبة لتوظيف طاقاتها الإبداعية الشفافة كملابسها في خدمة المشروع الأمريكي في العراق فمينا تؤمن بأن الديمقراطية الأهتزازية أفضل من الديمقراطية الجامدة, وان فنها يمكن أن يدعم الديمقراطية الراقصة في العراق لذا إنخرطت مع احدى الشركات الأمريكية لتوظيف خبرتها الحركية وغادرت عام 2004عالم المراقص القديم في بلاد العام سام الى عالم الديمقراطية الجديد في العراق، ولكن ليس في فتح مرقص شرقي يتوافق مع إمكانياتها وإنما مستشارة لتدريب الجيش العراقي الجديد!!!
مينا ربما منحت رتبة جنرال من قبل الإدارة الأمريكية ولا غرابة في ذلك فأن توزيع الرتب في العراق شمل سماسرة ومجرمين ولصوص وهم لا يقلون عن مينا في خطاياهم, ولكن لماذا الدفاع بالذات دون وزارة أخرى كألخارجية مثلا فتكون سفيرة مثلا للعراق طالما أن هناك أكثر من ثلاثين سفير أجنبي يمثل العراق في الخارج؟ ولماذا لم تعين في وزارة الثقافة التي أصبحت ثقافة راقصة على الأنغام الأيرانية ؟ ولماذا أستثنيت من وزارة شئون المرأة مثلا وهي الضليعة في معرفة كل الخفايا والأسرار في النهار والليل؟ ولماذا لم تعين مستشارة للرئيس الطالباني لتساعده في التخفيف من وزنه المتطرف عبر اختصاصها الفني؟ هناك مجالات كثيرة يمكن ان توظف مينا طاقاتها الخلاقة لخدمة العراق الجديد وربما أستوحى الامريكان من مينا مفهوم الفوضى الخلاقة فكل شيء محتمل من الإدارة الامريكية!


ذكرت الكاتبة الرائدة عشتار في معرض تعريفها الشعب العراقي بهذه الشخصية الفذة المستوردة خصيصا للعراق بأن صورة مينا تصدرت عام 2006 صحيفة.. عفوا لا تظن ( Playboy) حسب التخصص وإنما(Baghdad Weekly) وهي مختصة بنشر منجزات الإدارة الامريكية في العراق ويبدو ان مينا تعتبر من أهم منجزاتهم في وطننا سيما ان خلفيتها مترهلة بالإنجازات الكبيرة! فمستشارة وزارة الدفاع من خلال مسيرتها المبجلة في تنشئة الجيش العراقي الجديد ادخلت التمارين المسائية كمنهاج للتدريب أسوة بتمارين الصباح ربما بسبب ماضيها الذي قضي معظمه في علب الليل وربما لمعرفتها بوجود ما يسمى" بالتدريب الليلي" في المناهج العسكرية والله أعلم, كما انها أدخلت تمارين الرقص صباحا بدلا من الرياضة الصباحية بأعتبار كلاهما يجعل المتدرب يتصبب عرقا وهي تؤمن بشعار جديد "ان من لا ينضب عرقا في الرقص لن ينضب عرقا في الدفاع عن بلده" ونظرا لخبرة مينا الهائلة في الأسلحة فأنها دربت الجنود على أفضل طرق حمل الأسلحة من التنكب والجنب وعالي سلاح وغيرها من الفنون العسكرية.
تشير بعض الاخبار التي تسربت من وزارة الدفاع ان مينا ما أن وطات قدماها الوزارة حتى تهجمت على الجنرالات العراقيين الذين كانوا يصطفون لأستقبال رئيستهم الجديدة بسلاطة اللسان المعروف عن الراقصات، وعندما استغرب الجنرالات تصرفها الخشن فاجأتهم بالقول" ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم لذلك هاجمتكم" فصفق لها جنرالاتنا حتى ادموا أيديهم تباركا بالفكر العسكري الجديد! ويقال ان اول ما سئلت عنه في الوزارة " غرفة الحركات" لأنها أهم ما يشغل بالها حسب تعبيرها! مينا بعد مباشرتها العمل غيرت من الروتين السائد في الوزارة فالروتين يعني البطء وهذا ما يتنافى والحركة, كما أنها التقت بالجوق العسكري وطلبت تحوير الكثير من الأغنيات التي كانت ترقص على أنغامها الى أناشيد يتغنى بها الجنود في تدريبهم الرياضي منها" مينا مينا مينا... مينا غالية علينا.. مينا تدرب جيشنا.. هي منه وبينه.. مينا هواية زينة خل تدلل علينا .. راح تبني سياج الوطن وتخلصنا من المحن .. ربي أحميها لينه ".
الجيش والحمد لله أستفاد من مينا أكثر من المليارات التي صرفت عليه بلا جدوى فمسيرة الجيش الجديد تغيرت من" اليس يم " الى "حبة فوق وحبة تحت" وهم يقلدون مشية مينا بحذافيرها لذا سيكون جيشنا بعون الله بمشيته الراقصة محط أنظار جيوش العالم والفضوليين ممن لا يغض النظر حياءا وخجلا, وسيشع تطوره على دول الجوار مع خشييتهم من عدم القدرة على مواجهته بالطرق التقليدية المعروفة بسبب تفوق استراتيجية مينا العسكرية، فقد تقوم وحداتنا العسكرية بحركات راقصة أمام أنظار العدو ولكنها تفاجئه بعد ذلك بهجوم مباغت لم يتحسب له والفضل لمينا فالحرب خدعة كما اوجزت. مينا تؤمن بالغش والأختفاء وهي طريقة تعلمتها في علب الليل واستفادت منها في تدريب قواتنا الجسورة لذا فقد تجد مجموعة في جبهات القتال تمسك الدفوف والجمبارات والطبول والدنابك لأغراض التمويه وخداع العدو من ثم يتبين انها من قوات المغاوير فتشل العدو وتباغته بهجوم سريع. ومن أجل تقدير جهود مينا لبناء الجيش العراقي فسيتم تكريمها بحفل راقص يقدم فيه وزير الدفاع العراقي والسفير الامريكي وسام البطولة من النوع الراقص, وستكون هناك مفاجات جديدة منها إطلاق أسم مينا على احد الفرق العسكرية والبقية ستعلن في حينها.
أعتقد الآن توضحت الصورة وعرف الكثير لماذا طالبت القيادة العسكرية الامريكية من الجنود العراقيين حلاقة شواربهم وتابعنا المشاهد في التلفزة.. جيش تدربه مينا كارثة علينا وللمتشوقين لصورة مينا قبل وبعد التحاقها بوزارة الدفاع العراقية هاتين الصورتين عندها سندرك جميعا ما المقصود بالمثل المعروف" شر البلية ما يضحك".

ضحى عبد الرحمن

هناك تعليق واحد:

برقان عبد يقول...

اشكرالاخت الحبيبه العراقيه علئ احساس صادق وشكرا

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار