الأحد، نوفمبر 02، 2008

العد التنازلي لانقلاب مرتقب ببغداد

إسبوعية القادسية الجزائرية : : 2008-10-31 - 12:46:08
العد التنازلي لانقلاب مرتقب ببغداد
اعداد ورصد القسم السياسي في إسبوعية القادسية الجزائرية نشرفي العدد 42 الصادر في الاول من نوفمبر 2008 م /الثالث من ذي القعدة 1429 هـ
تحتل أخبار وتجاذبات توقيع الاتفاقية الامنية بين الولايات المتحدة الامريكية وملحق حكومتها العراقية المنصبة في المنطقة الخضراء كل مساحات الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي. وكما يقال ان الرئيس الامريكي جورج بوش يسرع الخطى وعاد بخفي حنين ليقفل بوابة البيت الابيض خلفه تاركا بقية الازمات لخليفته القادم. ومع أن مؤشرات النجاح وتباشيره تشير الى فوز الديمقراطيين لرئاسة للبيت الابيض وفي الكونغرس أيضا فإن الرئيس الجمهوري جورج بوش سوف لا يترك الدخول لأوباما سهلا ومريحا من خلال بوابة العراق التي لم يحصد منها الجمهوريون سوى المرارةوالازمات المالية والهزائم العسكرية والسياسية.بقي من برنامج الرئيس الامريكي محطتان يستشرس من أجل تنفيذهما مهما كان الثمن وهي توقيع الاتفاقية الامنية وفرضها على حكومة المالكي التي تكفل استمرار الوجود العسكري والاقتصادي للولايات المتحدة في العراق لسنوات قادمة.
وهذه الاتفاقية رغم الجدل الرافض حولها من أطراف عراقية شاركت في العملية السياسية وإنها رغم الرفض الايراني وحلفائه لها في العراق تبدو ذاهبة الى التوقيع مهما كان الثمن المدفوع نقدا او زجرا او تصفية جسدية اذا اقتضى الامر.
قبلها كانت زيارات الوزيرة رايس وبعدها نيغروبونتي قد كشفت بشكل لا لبس فيه ان الامريكيين قد نفذ صبرهم مع عملائهم من العراقيين الذين ظنوا ان خروج بوش من البيت الابيض سيترك العراق ساحة فارغة يمكن إشغالها بتحالف كردي – شيعي وبنفوذ ايراني يحتل كل مفاصل العراق الاجتماعية والعسكرية والاقتصادية.
ورغم ان هذا النفوذ يبدو مكشوفا حتى في الحضور العلني في المنطقة الخضراء من خلال زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد ومبيته فيها ليلتين فان ذلك الحضور بات يؤرق الامريكيين ويحاصرهم ويزعجهم خصوصا من خلال خروج عملائهم الذين دخلوا العراق وراءالدبابات الامريكية وتجرأهم الخروج عن عصا الطاعة الامريكية وانقلابهم على اسيادهم .
لقد ظن الامريكيون إمكانية التوقيع على صك عبودية حكام بغداد على اوراق الاتفاقية الامنية من دون مناقشة لبنود الاتفاقية.
وجاء رد الامريكيين بوضوح في وجه المالكي عندما قالت له الوزيرة رايس في زيارتها الاخيرة " إذا ماخرجت قواتنا من العراق فان مصيركم هو التعليق على أعمدة الكهرباء ببغداد وسحلكم بالشوارع "، وبلع المالكي ذلك التهديد وتحسس جلد رقبته، ولكنه راهن على عامل الوقت المتسارع لغير صالح الامريكيين كما يظن.
وخلال الاشهر الاخيرة طال الجدل وتوسعحول بنود وتعديلات ومفاوضات الاتفاقية الموعودة وحول قانون النفط وقانون انتخابات المحافظات ... وكلها هي الاولويات الواجب تنفيذها والمتبقية من أهداف عملية غزو العراق. الولايات المتحدة ينافسها في العراق دور ايراني يتصاعد ويهدد مصالحها في العراق.
وحكومة العراق بشقيها الكردي والشيعي لازالت هشة ومنقسمة ومقتنعة بقرب الهزيمة أمام قوى رفض الاحتلال وضربات المقاومة العراقية وهي حائرة أمام إحتمال خيار الصدام مع الامريكيين انفسهم الذين أنذروا وانتظروا وانتهى صبرهم ولم يبق أمامهم الا الكي أوالتخلي عن عملاء العملية السياسية الذين فشلوا في كل شئ في العراق، بدء من فشل استتباب الوضع الامني وانتهاء بايصال الخدمات الضرورية للحياة من ماء وكهرباء الى بيوت العراقيين .
كما ان لعبة الديمقراطية فشلت برمتهاوأظهرت عجزها في ايجاد حلول لحكم العراق الممزق طائفيا وإثنيا . كما كشفت الفترة السابقة عن حجم وعدد اللصوص الذين تقاسموا مع مؤسسات الاحتلال الاف المليارات من ثروة العراق. وهكذا إقتنع الامريكيون بسقوط ماسمي " المشروع الامريكي لدمقرطة الحياة السياسية في العراق" ولا بد من إيجاد البدائل المسطرة في مثل هذه الظروف. ومن هذه البدائل لابد ان يكون البديل عراقيا اولا ومدعوما بمباركة عرب أمريكا والجامعة العربية ودول الجوار كتركيا وغيرهم لاخراج العراق والامريكيين من دوامة العنف واللا استقرار الذي بات يشكل خطرا على كل الشرق الاوسط الكبير. لذا عاد الامريكيون الى مغازلة الكل عبر وساطات عديدة ، السرية منها أوالعلنية.
وشمل الغزل الامريكي دولا مثل السعودية والاردن وتركيا وحتى أطراف من النظام السوري لتليينموقف المعارضة وأرسال إشارات الى المقاومة ايضا لايجاد حلول. كان رد المقاومة العراقية وخاصة جناح عزة الدوري نائب الرئيس الراحل صدام حسين واضحا وهو رفض الاحتلال، ورفض بقاء القوات الامريكية والقواعد العسكرية في العراق، وتحديد تأريخ واضح ومحدد وبضمانات دولية لاستكمال انسحاب القوات الامريكية. كما تمت مفاتحة عدد من القيادات العسكرية من الجيش العراقي السابق وعدد من المرجعيات والشخصيات الدينية كالشيخ حارث الضاري وآية الله احمد الحسني البغدادي الشيخ جواد الخالصي... وغيرهم باستعداد الامريكيين للتفاوض من أجل حل مشترك.
ان الولايات المتحدة بدأت الشروع للتخلص من عملائها الذين جاء بهم الاحتلال وتحاول الانسحاب من العراق على قاعدة لا غالب ولا مغلوب وبالتلويح بتقاسم ما تبقى من الكعكة العراقية ممن يبدي استعدادا للانخراط في الحل المقترح.
وتبدو فكرة الانقلاب العسكري في المنطقة الخضراء هي الاسهل والاقل كلفة ولها العديد من المناصرين والمتحمسين حتى من اطراف متورطة في العملية السياسية مثل إياد علاوي وعدد من العسكريين والسياسيين .
لكن المهندس الامريكي المحترف لمثل هذه المهمات الانقلابية هو نيغرو بونتي الذي انهى جولة لوضع الرتوش الاخيرة لمخططه الانقلابي وتجنيد القوى المطلوب انخراطها في تنفيذ الانقلاب العسكري. وتم تسريب الشروط والترشيحات للاسماء المرتقبة وهي لكل من يقبل انسحاب امريكي هادئ وطويل الامد من دون تسجيل هزيمة امريكية على الطريقة الفيتنامية ولا يطالب بالتعويضات والمحاسبة عما اقترفته أيادي الاحتلال وعملائه.
ولا شك أن امريكا قد أحرقت في الغزو لبغداد جل الاسماء والاحزاب والكيانات التي تعاونت معها في هدم كيان الدولة العراقية واسقاط حكم البعث. وتلك القوى التي كانت ترفع لواء المعارضة ضد نظام الرئيس الراحل صدام حسين أثبتت فشلها في حكم العراق وفي حماية نفسها وتوفير الامن للقوات الامريكية التي قدمت خسائر جسيمة يمكن الاطلاع عليها في هذا العدد من الجريدة.
وان هذه الاسماء كلها غرقت في المستنقع العراقي ولم تنجح في إجراء مصالحة وطنية حقيقية بل اندفعت في الاجرام والتصفيات للخصوم وحتى للحلفاء منها .
كما انها ورطت إدارة الولايات المتحدة معها فيغزو العراق على اساس وشايات ومعلومات كاذبة بمزاعم امتلاك العرق لاسلحة الدمار الشامل. وهي الان تعد الامر لخروج عوائلها واموالها لتهرب وترحل من العراق.
والسفارات الامريكية والبريطانية تكتظ بهم وهم يطلبون التأشيرات للاقامة والعودة من جديد في البلدان التي اتوا منها.وتسجل عيون الرصد الامريكية ان عملائها في العراق يهربون قبل ان تغرق سفينة الاحتلال ويحملون معهم منتفعات الريع المالي والسرقات الضخمة التي تم نهبها من الدولة العراقية وان مستقبلها بات مضمونا للعودة لاستثمار الاموال المسروقة في الغرب والخليج.
اما القوى المحسوبة على الجانب الايراني فقد تمت تصفية اجنحة منها على يد جيش المالكي وهو جيش المليشيات الشيعية والكردية الذي يتقاتل بأجنحته وكتائبة في ولايات العراق الجنوبية والشمالية لاجل الاستحواذ على المغانم.
وتتم التصفيات الان باسم ما يسمى تنفيذ العملية الامنية وإعادة فرض القانون.ولا أحد يعرف أي قانون يراد فرضه في العراق. هل القانون الامريكي ام الايراني ام قوانين المليشيات المسيرة بالفتاوى.
أنجز المالكي والحكيم معه مهمة تصفية الصدريين وجيش المهدي وإبعاد حزب الفضيلة واجنحة من حزب الدعوة وغيرهم.
أن امريكا بدأت عملية الاخلاء لخصوم الانقلاب بيد بعضهم بعضا. وسيتم كنس المتبقي من حلفاء إيران اما بالتراضي مع المالكي او الانقلاب العسكري المباشر عليه انطلاقا من المنطقة الخضراء ومحيطها. تستكمل العملية الانقلابية قوى عسكرية من الجيش النظامي الحالي الذي بناه الامريكيون من مليشيات شيعة العراق وكرده او من بقايا الجيش السابق، ويدخل معهم على الخط كتائب وضباط وانصار الصحوات في المناطق السنية.
اما الاكراد وفصائلهم العسكرية المسماة البيشمركة فعليها السيطرة على مناطق كردستان وتنفيذ الواجبات التي يريدها الامريكيون منهم. ان زيارة البرزاني الاخيرة الى ايران والمنتظرة هذا الاسبوع الى واشنطن لوضع اللمسات الاخيرة لما يجب عمله إيذانا ببدء التنفيذ لمخطط نيغروبونتي.
وعندما يعلن الشيعة الحاكمون ببغداد تمردهم الانكشاري على جيش الولايات المتحدة برفض توقيع الاتفاقية الامنية ستبدأ العملية الانقلابية بعد الانتخابات مباشرة في نوفمبر وقبل استلام اوباما مهامه في بداية العام القادم.
ولتغطية مشروعية هذا الانقلاب تسرع أجهزة الولايات المتحدة السياسية والعسكرية والامنية في إحضار البديل العراقي الجديد وما يسمى عراقيا " الطرف الثالث".
والبديل هذه المرة لابد له من مواصفات مقبولة عراقيا اولا وعربيا واقليميا. يتم العمل على تشكيل مجلس عسكري يقوم بضبط الحالة الامنية اعتمادا على قوى عراقية وبدعم غير مباشر للقوات الامريكية. ولا يمانع الامريكيون من ترك اطراف من المقاومة المسلحة التي تقبل الانخراط في الانقلاب ان تشارك في هذا العصيان بضمانات عربية واقليمية لاعطاء فرصة لها مستقبلا للمشاركة في العملية السياسية التيسيعلن عن تفاصيلها الانقلابيون الجدد عبر مجلس وهيئة انتقالية تشكل حكومة تكنوقراط يترأسها رئيس وزراء عربي شيعي غير طائفي وعلماني وغير متحزب وليس له موقف سابق بتأييد الاحتلال وليس بعثيا ويكون مقبول من البعث. ولهذا تشترط المفاوضات والحوارات الجارية الان بين الاطراف الراغبة في التغيير ببغداد استبعاد المشاركة العلنية والمباشرة للبعثيين وقادتهم في تشكيل حكومة الانقلاب الاولى في مراحلها التحضيرية. وسيتم استبعاد كل الاسماء التي شاركت وتواطئت مع ايران في تسهيل احتلال العراق من قبل الامريكيين. وكذلك فان جميع الوجوه السياسية التياحترقت في مرحلة الاحتلال منذ خمسة سنوات عليها اما مغادرة العراق او انتظار المستجدات التي سيفرضها الانقلابيون الجدد بأجنحتهم السياسية والعسكرية وعدم مقاومة التغيير أمام ضمانة بعدم محاسبتهم.ان الايام التالية حبلى بالاحداث ولهذا تسارع اسرائيل لتهدأة مواقفها من الدول العربية الموصوفة بالاعتدال ومنهم السعودية ومصر ويجري الضغط على سوريا بأشكال وصيغ عدة ومنها التلويح بحل لقضية الجولان لفك ارتباطها بإيران كما تمت عملية قصف البوكمال اشارة الى ما سيترتب عليه الوضع ان رفضت سوريا تسهيل مهمة انجاز الانقلاب ودفع العراقيين المتواجدين فيها الى القبول.
52م

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار