عرفت المادة ـ 286- من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل التزوير : - " هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في سند او وثيقة او أي محرر أخر بإحدى الطرق المادية والمعنوية التي بينها القانون تغييرا من شانه إحداث ضرر بالمصلحة العامة او شخص من الاشخاص " .
وعرفت المادة -288- منه المحرر الرسمي :- " المحرر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف او مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه او تلقاه من ذوي الشأن طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه او تدخل في تحريره على أية صورة او تدخل بإعطائه الصفة الرسمية " .
ويتبين من المادة -286- ان التزوير هو : -
1- تغيير للحقيقة بإحدى الطرق المادية او المعنوية .
2- القصد منه الغش في سند او محرر او وثيقة .
3- إحداث الضرر بالمصلحة العامة او مصلحة الافراد .
ويتبين من المادة – 288- ان المحرر الرسمي هو : -
1- ما تم إثباته على يد موظف او مكلف بخدمة عامة .
2- ما تلقاه الموظف او المكلف بخدمة عامة من ذوي الشأن طبقا للأوضاع القانونية في حدود سلطته او اختصاصه .
3- ما تدخل الموظف او المكلف بخدمة عامة في تحريره على أية صورة .
4- ما تدخل الموظف او المكلف بخدمة عامة بإعطائه الصفة الرسمية .
فتطال جريمة تزوير المحرر الرسمي كل الصلاحيات انف الذكر التي منحت قانونا للموظف العام او المكلف بخدمة عامة ولهذا ذهب المشرع الى وضع حدود عقابية قاسية في حالة انتهاك هذه الصلاحيات لحمايتها من التعدي وحماية المحررات الرسمية التي تثبت حقوق الدولة وحقوق الافراد فجاء في المادة -289- من القانون : -
" في غير الحالات التي ينص القانون فيها على حكم خاص يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة كل من ارتكب تزويرا في محرر رسمي " .
وعاقب من يستعمل المحرر المزور مع علمه بتزويره بنفس العقوبة المقررة لعقوبة التزوير حيث جاء في المادة -298- من القانون ما يأتي :-
" يعاقب بالعقوبة المقررة لجريمة التزوير - بحسب الاحوال – من استعمل المحرر المزور مع علمه بتزويره " .
وقد فرق المشرع بين المحرر الرسمي والمحرر العادي لخطورة تزوير المحرر الرسمي وتأثير ذلك على المصلحة العامة وفقدان ثقة الافراد به اذا لم تكن هناك حماية قانونية تضرب بقوة على الأيادي التي تعبث به أو تستعمله فتتعدى الإضرار المصلحة العامة الى مصالح الافراد فتصبيها بالضرر تحدث مشاكل اجتماعية كبيرة قد تقود الى ارتكاب الجرائم .
مثال :-
· قام شخص بتزوير سند ملكية عقار عائد لأحد الافراد . "تزوير محرر رسمي " اضعف ثقة الافراد بعمل مؤسسة من مؤسسات الدولة .
· تعدى الفعل المصلحة العامة الى المصلحة الفردية .
· تهور صاحب الدار الحقيقي ولم يلجأ الى القضاء لأنه فقد الثقة بمؤسسات الدولة وتوجه الى دار المزور وطلب منه ان يعيد اليه حقه الذي اغتصبه فرفض المزور وطلب منه اللجوء الى القضاء وفي ثورة الغضب سحب المتضرر مسدسه وأطلق عدة أطلاقات على المزور فارداه قتيلا في الحال .
· النتيجة ان المجتمع خسر شخصين وتضررت أسرتيهما من تعدي احدهما على المصلحة العامة وتهور الاخر بعدم الاحتكام الى القضاء لاستعادة حقه .
مثال آخر : -
طلب شخص متنفذ بالترغيب او التهديد من موظف او مكلف بخدمة عامة بتزوير شهادة دراسية واستخدم هذه الشهادة للحصول على وظيفة عامة او عضوية في مجلس نيابي او مجلس محلي وخوفا منه نفذ الموظف الطلب فكانت النتيجة : -
· مرتكب جريمة التزوير (المزور) هو موظف او مكلف بخدمة عامة .
· محرر رسمي مزور ( شهادة دراسية ) .
· مستخدم للمحرر المزور مع علمه بالتزوير.
· وظيفة عامة او عضوية مجلس نيابي او مجلس محلي حصل عليها (مستعمل المحرر المزور) بصورة غير مشروعة .
· الإضرار التي أصابت المصلحة العامة ومصلحة الافراد جراء حصول من لاستحق حقوقا ( مركز اجتماعي ورواتب ومخصصات ومنافع اخرى ) عليها بارتكاب جريمة .
فكانت عقوبة تزوير المحرر الرسمي ومن استعمله الحبس مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة . ويوصف هذا الفعل بالجناية وعقوبته السجن من أكثر من خمس سنوات الى خمسة عشر سنة كما جاء في المادة -25- من القانون .
ولان العقوبة هي الجزاء الذي يفرضه القانون على الجاني لمصلحة المجتمع والهيئة الاجتماعية المقصود منها حمايتهما من خطر الجريمة يجب ان تكون رادعة لمنع الجاني من العودة الى ارتكابها وإرهاب بقية إفراد المجتمع حتى لا يسلكوا طريق الإجرام .
ويجب ان تأخذ العقوبة بمبدأ المساواة أي ان تكون مقررة للكافة دون تفريق بينهم من الوجهة السياسية او الاجتماعية او الطائفية او الحزبية او غيرها من الأسباب .
ولان الجناية من الجرائم الخطيرة تهدد كيان المجتمع وأمنه وسلامته فقد حدد القانون على مرتكبها عقوبات تبعية تلحق بالمحكوم بحكم القانون دون الحاجة الى النص عليها في قرار الحكم وذلك بحكم المادة -95- من القانون وهذه العقوبات التبعية التي تحرم المحكوم وفقا للمادة -96- من قانون العقوبات حتى إخلاء سبيله هي :-
· الوظائف والخدمات العامة التي كان يتولاها .
· ان يكون ناخبا او منتخبا في المجالس التمثيلية .
· ان يكون عضوا في المجالس الادارية او البلدية او احدى الشركات او مديرا لها .
· ان يكون وصيا او قيما او وكيلا .
· ان يكون مالكا او ناشرا او رئيسا لتحرير احدى الصحف .
وحيث ان تزوير المحرر الرسمي واستعماله – جناية- فيكون مرتكبها مشمولا بهذه العقوبات التبعية تطبق عليه بعد صدور قرار الحكم بحقه من المحكمة المختصة .
ومن أهم هذه العقوبات التبعية الحرمان من تولي الوظائف العامة والحرمان من ان يكون ناخبا او منتخبا في المجالس التمثيلية ( مجالس النواب) لان ممارسة هذا الحق السياسي يجب ان يكون مقتصرا على الافراد الذين يتمتعون بثقة الناس وهذه الثقة لا تتوفر في مرتكبي الجرائم الجسيمة ومنه جريمة التزوير المخلة بالشرف وان من يحكم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت في غير الجرائم السياسية لا يستحق ان يكون ممثلا للشعب في مجالسه النيابية او موظفا او مكلفا بخدمة عامة لأنه خرق حرمة الدولة واعتدى على مصلحة المجتمع والافراد .
ان محاولة تمرير قانون للعفو عن مرتكبي جرائم التزوير للشهادات الدراسية ومستخدميها من اشخاص ينتمون الى الكتل السياسية الحاكمة سيكون احدى اخطر جرائم الفساد الإداري في العراق وحسب أرقام الرسمية المعلنة بلغت عدد الشهادات الدراسية المزورة – 9000- شهادة وكيف يمكن الدفاع عن اشخاص ما كان لهم ان يصلوا الى المناصب الا بارتكاب هذه الجريمة الخطيرة وحرموا من يستحقها من أفراد آخرين وحصلوا على أموال وامتيازات من حقوق الشعب لا يستحقونها عليهم إعادتها للدولة بعد ان ينالوا الجزاء العادل دون رحمة او عفو .
اذا كان من يريد تمرير مثل هذا العفو بدوافع إنسانية فمن باب أولى ان تعاد الحقوق التقاعدية المكتسبة بحكم القانون( وهي ليست منة من احد او فضل وانما هي مكافأة خيرة أيام العمر لدولة العراق ) الى الكيانات المنحلة بقرار الحاكم الإداري لسلطة الاحتلال بريمر وفي المقدمة إفراد القوات المسلحة وتنتقل هذه الحقوق الى اسر من يثبت إدانته في جرائم ارتكبت بحق الشعب العراقي في محاكمة تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة في منظور القانون الدولي كما ان المعتقلين والمحتجزين بلا تهم هم أولى بالعفو وإطلاق سراح من اصدر القضاء قرار الافراج عنه ولم ينفذ القرار من السلطة التنفيذية هم أولى بمتابعة السلطة التنفيذية من المجرمين الحقيقيين والمزورين وناهبي ثروات الوطن .
لان العفو العام يترتب عليه القضاء على الدعوى ومحو حكم الإدانة الذي صدر فيها وسقوط جميع العقوبات الأصلية والتبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية ولا يكون له اثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات ما لم ينص قانون العفو على غير ذلك ( المادة 153/1) من قانون العقوبات اما اذا كان العفو خاصا فيترتب عليه سقوط العقوبة المحكوم بها نهائيا كلها او بعضها او إبدالها بعقوبة اخف منا من العقوبات المقررة قانونا ولا يترتب على العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الآثار الجزائية الاخرى ولا التدابير الاحترازية ولا يكون له اثر على ما سبق تنفيذه من العقوبات الا اذا نص مرسوم العفو على غير ذلك ( المادة 154/ 1) من قانون العقوبات .
ان على الحاكم ان يتعامل مع الرعية بالسوية وان تكون محاسبة من تلطخت أيديهم من بدماء الشعب من 1968 الى الوقت الحالي ويأخذ كل ذي حق حقه اما الانتقائية في إنفاذ العدالة لأسباب طائفية او سياسية او حزبية تعد بحد ذاتها جريمة بحق الوطن والشعب اما الإمعان في الظلم فلا يدوم فاتقوا الله في أبناء شعبكم فإذا كنتم اليوم قادرين على ظلم الناس فتذكروا قدرة الله الحق العدل عليكم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
المحامـــي
ودود فوزي شمس الدين
مدير المركز العراقي لحقوق الانسان
30/12/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق