السبت، نوفمبر 27، 2010

رسالة مفتوحة الى غبطة البطريرك والى السادة اساقفة الكنيسة المسماة بالكنيسة الكلدانية

القس لوسيان جميل . نينوى .العراق



صاحب الغبطة والسادة اساقفة كنيستنا الأجلاء...

بعد التحية وعظيم الاحترام، اطلب العذر اولا من غبطتكم ومن سياداتكم لأني اكتب لكم رسالة مفتوحة من على موقع لستم متعودين ان تقرؤوا شيئا مسيحيا عليه، مع العلم ان هذا الموقع: كتاب عراقيون من اجل الحرية، مفتوح لكل العراقيين ولغير العراقيين، وتكتب فيه عدة شخصيات مسيحية، حيث لي عليه شخصيا، قرابة سبعين مقالا، اقول عنهـا انها مقالات في اخلاقيات السياسة، هذه الأخلاقيات التي هي من صلب واجباتنا المسيحية والقسسية، وكان يجب ان تكـون من صلب واجباتكم ايضا، لو انكم من البداية كنتم واعين بعمق لحقيقة لا اخلاقية الاحتلال وخطيئته الكبيرة، ووقفتم منه الموقف المسيحي المطلوب ايمانيا وأخلاقيـا، على الأقل مثلما كنتم انتم انفسكم، او بعض من سبقكم، قد وقفتم من الحزب الشيوعي بين الأعوام 1958 و 1960 وما قبل ذلك وما بعد ذلك ايضا.

لماذا اكتب على المكشوف:

اما عذري في الكتابة لكم بشكل مفتوح ومكشوف فناتج عن الموضوع الذي اكتب لكم فيه، والذي يتطلب العلنية في مثل الحالة التي نحن فيها، حيث بدأ الكثيرون يكتبون لكم بالطريقة عينها، طالما ان جميع تصرفاتكم الكنسية والسياسية خرجت هي الأخرى من السرية الى العلن.

ويقينا ان الكتابة العلنية المكشوفة سوف تظهر لغبطتكم وسياداتكم وللعالم كله الـى أي جانب يقف غالبيتكم، منذ الاحتلال الى يومنا هذا، والى أي جانب كان يجب ان تقفوا طوال هذه المدة كلهـا، والى أي جانب عليكم اليوم ان تقفوا، بعد كل مـا جرى للعراق ولكنائسه من الآم وجراح، ولكي لا يبقى بالتالي أي عذر لأحد بعد كل ما كتبنا لهم، وكتب لهم آخرون، بشكل مباشر وغير مباشر.

تمنيات عميقة:

وفي الواقع كم كنا نتمنى، نحـن القسس الكتاب من ابناء الكنيسة، ان يعرف العالم كله، بأن كنيسة العراق، بمسيحييها او بدونهم، بسياسييها المزعومين او بدونهم، كنيسة باقية على اخلاق الستينيات الانسانوية، وأنها لم تتأثر كثيرا بما حصل في العالم في التسعينيـات، بعد حلول ما يسمى النظام العالمي الجديد، وهيمنة الرأسمال العالمي وبطشه بالشعوب الضعيفة، وأيضا بعد ان حل على الكنيسة ما يمكن نحن ايضا ان نسميه النظام الكنسي العالمي الجديد، الذي اثر بشكل خاص على الكنيسة الكاثوليكية وحرف مسيرتها الانسانوية التي كانت قد بدأتها منذ انعقاد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، حيث عادت هذه الكنيسة بشكل تدريجي الى الاسلوب السلطوي المتوازي مع اسلوب النظام العالمي الجديد الذي اعتمد على الهيمنة والتسلط والتعسف، السياسي منه والمالي والعسكري.

في ستينيات القرن المنصرم:

سادتي الكرام!

لقد كانت اخلاق الستينيات، والحق يقال، قد تغلغلت في مفاصل جميع كنائس العراق تقريبا، بدءا بأبرشية الموصل التي ينتمي اليها كاتب هذا المقال، ووصولا الى اصغر كنيسة في اعالي الجبال العراقية، علـى الرغم من عدم ارتياح الرؤساء الأعلين لمنهج الستينيات الانسانوي الذي كانت تحمله. ففي الستينيات من القرن المنصرم بدأ تجديد كنيسة العراق التدريجي، من خلال الخطاب الكنسي المسموع والمقروء، كما بدأ تجديد كثير من نظم الكنيسة التي كانت قد اصبحت نظما بالية حقا، وكثيرا من طقوسها التي كانت منظمة ومكتوبة من اجل انسان القرون المسيحية المشرقية الخوالي.

علما بان معظم هذا التجديد كان قد حدث على يد قسس الستينيات من القرن المنصرم، اكثر مما حدث على ايدي الأساقفة الذين كانوا بين مؤيد ومعارض للتجديد، وبين ممتنع عن التجديد بدرجات مختلفة، او غير مبال به، مع العلم ان هذه الرئاسات كانت غير قادرة على وقف زحف التجديد المبارك.

نتائج منهج الستينيات في الكنيسة:

وهكذا اذن، يا اصحاب الغبطة والسيادة، قد لمسنا في كنائسنا في مرحلة الستينيات من القرن المنصرم، وما بعدها، فوائد كثيرة لا تعد ولا تحصى، على مستوى وحدة الكنيسة الداخلية الواحدة، او علـى مستوى تقارب الكنائس المختلفة والمتعددة، او على مستوى تقارب الأديان والمذاهب، وأيضا على مستوى التفاهم بين السلطة الثورية آنذاك وبين غالبية الكنائس ومؤمنيها.

ما كنا نتمناه لكنائس اليوم:

اما اليوم فقد كنا نتمنى لكنيسة او كنائس العراق، وفي مقدمتها الكنيسة المسماة بالكنيسة الكلدانية، ان تبقى ثابتة ومستقرة علـى المبادئ الانسانوية التي تربت عليها في الستينيات، دون الالتفاف الى ما جرى بعد ذلك في العالم منذ بداية التسعينيات من القرن المنصرم. نعم! كنا نتمنى اليوم ان نرى كنيستنا المسماة بالكنيسة الكلدانية، وسائر كنائسنا الأخرى تقف من خلال خطابها الكنسي المسموع والمقروء، الى جانب الحق دوما، وترفض بشدة الاحتلال ونتائجه الوخيمة وغير الأخلاقية والعدوانية، لأن مثل هذا الخطاب وحده ينسجم مع الايمان المسيحي، كما ينسجم مع ايمان كل الأديان السماوية وغير السماوية، ومع شرائعها، سواء اتفق هذا التوجه الروحي والإنساني مع حكام هذا الزمان ام لم يتفق.

ما حدث في الواقع:

اما ما حدث في الواقع، يا اصحاب الغبطة والسيادة، في كنيستنا العراقية بشكل عام، وما حدث في كنيستنا المسماة بالكنيسة الكلدانية بشكل خاص، منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، فهو أمر يؤسف له حقا، على الرغم من اننا، نحن المتتبعين لشؤون كنائسنا، كنا نتوقعه، وهو سيطرة روح النظام العالمي الجديد ( العولمة ) على الكنيسة، وعودة روح السلطة التعسفية اليها، في غالبية الكنائس، وفي المركز البطريركـي ايضا، دون ان نستثني مركز الكنيسة الجامعة من حدث الردة الكنسية، كما نقول دائما، وكما قلنا وكتبنا منذ بابوية المثلث الرحمة يوحنا بولس الثاني الذي ركن المجمع المسكوني في زاوية من الكنيسة في روما، وصار يوجه الكنيسة توجيها آخر ينسجم مع روح النظام العالمي الجديد ويأخذه بعين الاعتبار ويعترف به كواقع مفروض على العالم يجب التعامل معه بايجابية، حتى وان استوجب نقده من حين لآخر.

موقف رؤساء كنائسنا من النظام العالمي الجديد:

وبما ان جوهر النظام العالمي الجديد كان يعني العودة الى السلطة بخلاف ما بشر به الفاتيكاني الثاني، فقد ارتاح رؤساء كنائسنا الى هذا التوجه، وظهر ارتياحهم خاصة بمناسبة يوبيل الألفين لميلاد يسوع المسيح، عندما بدؤوا يتجاهلون القاعدة الكنسية ويتصرفون حسب اهوائهم الشخصية ومزاجهم بأمور الكنيسة والرعية، مع العلم ان المجمع لم يدخل اصلا في كنائسنا، كما كان يجب، بسبب توجس رؤساء كنائسنا من خيارات المجمع الانسانوية التي لم تكن تروق لرؤساء كنائسنا المطبوعين على الانفراد بالسلطة الكنسية.

ما حدث لكنيسة العراق بعد الاحتلال:

اما ما حدث لكنيسة العراق بعد الاحتلال، يا اصحاب الغبطة والسيادة، فقد لا نجد له اسما آخر غير اسم الفوضى، هذه الفوضى التي لم تكن هي الأخرى فوضى خلاقة بل فوضى هدامة على كل المستويات. علما بأن سبب هذه الفوضى يعود الى النهج الاستبدادي السلطوي الذي دخل الكنيسة منذ ايام النظام العالمي الجديد، هذا النهج الذي وظفه اساقفة وقسس اعتمدوا على سلطتهم الخاصة، ولم يستشيروا غير مصالحهم، ومن قدر ان يكسب ثقتهم من السياسيين العملاء الذين بدورهم لم يكونوا ناشئين على تربية يسوع المسيح ومبادئه الانسانية، ولا على تربية المؤسسات الانسانية، بل كانوا قد نشئوا على التربية الماركسية في اضعف اوجهها، وعلى تربية المخابرات الأمريكية الشريرة، وغيرها من المخابرات.

من هنا يكون من المؤسف حقا ما حدث لكنيسة العراق على يد مسئولين كنسيين لم يكونوا مؤهلين بكفاية لتحمل مسؤولية الكنيسة في زمن الاحتلال، لا ايمانيا ولا انسانيا، فانساقوا وراء تعسف المحتل وانجرفوا مع تيار القابلين بالاحتلال، ولاسيما من اشباه الأحزاب السياسية التي فرضت نفسها على المسيحية بقوة المحتل ودعمه، الأمر الذي القى على كنيستنا العراقية، وكنيستنا المسماة بالكنيسة الكلدانية، كثيرا من الشبهات، مع العلم انه لم يكن لتصرفات هذه الكنيسة المشبوهة والمفرطة في الغباء أي سند لاهوتي او انساني، او وطني.

كنيسة فقدت دعوتها الخلاصية:

وهكذا، يا اصحاب الغبطة والسيادة نلاحظ كيف فقدت كنيستنا العراقية، منذ التسعينيات، ولاسيما بعد الاحتلال، دعوتها الانسانوية الخلاصية وتأثيرها على اخلاق مسيحييها السياسية، فصارت الجماعات السياسية العميلة للمحتل تقود كنائسنا العراقية، عوضا عن ان تقود الكنيسة هذه الجماعات، اقله فيما يخص ما نسميه اخلاقيات السياسة، والتي لا تعود للسياسيين بل لكنائسهم، اذا ارادوا ان يبقوا مسيحيين حقا، لاسيما وان اعطاء لقب السياسي للمسيحيين الذين يدعون امتلاك احزاب سياسية خاصة بهم، وإعطاء لقب المرجعية لرجال دين تعاطوا في امور لا تعنيهم، وكأنها حقوق يدافعون عنها، امر يجب ان توضع له الف علامة استفهام، وذلك لأسباب كثيرة لا نأتي الى ذكرها في هذه المصارحة، لكي لا تضيع فكرة المقال الأساسية عن القارئ.

الوهم الكبير:

ولكن يبدو، يا اصحاب الغبطة والسيادة، بأن المحتل، وعن طريق عملائه وأعوانه، استطاع ان ينجح في الترويج لمصطلح المرجعية الدينية المسيحية والمرجعية السياسية، وغيرها من المصطلحات، على الرغم من سخافة Absurdité هذه المصطلحات ولا شرعيتها وبعدها عن الحقيقة الاجتماعية والتاريخية، حتى صار رئيس الكنيسة يحسب نفسه مرجعية دينية طائفية او قومية بحق وحقيقة، وصار العملاء من الأحزاب السياسية المسيحية يحسبون انفسهم سياسيين بحق وحقيقة. فيا لها من مسرحية هزلية الغاية منها اعادة المرجعيات الطائفية الى مسرح المجتمعات، بعد ان اندثرت المرجعيات الدينية والمدنيـة بسقوط الأمم الدينية في كل مكان، وبعد ان فعل المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني فعله الخلاصي في تحرير الانسان من بقايا ورواسب الأمم الدينية، ومنها الأمة الدينيـة المسيحية في الغرب التي سقطت على اثر قيام ونجاح الثورة الفرنسية، في حين نعرف ان القوميات التي دخلت قاموس الأقليات الدينية المسيحية جاءت على طلب من المخابرات الأمريكية، من اجل فصل هذه الاقليات الدينية عن وطنهم العراق، تحت بند المظلومية القومية ومطلب المحاصصة لما سمي بشكل تعسفي مكونات العراق وطيفه الوهمي التآمري.

هل الكنيسة الكلدانية كنيسة قومية؟:

وهنا نحب ان نتوجه اليكم، يا اصحاب الغبطة والسيادة بالسؤال التالي ونقول: ترى هل حقا يمكن لكنيسة ككنيسة المشرق التي ضمت في القرن الأول الميلادي، كل من كان يحتاج الـى الايمان المسيحـي الجديد، بغض النظر عن عرقه وقبيلته وعشيرته، كما حدث لمسيحية الغرب تماما، ان تكون كنيسة قومية عرقية، وهل حقا خضعتم للحق عندما اعلنتم كنيستكم كنيسة قومية، ام انكم خضعتم لمطالب الأحزاب المفضلة لديكم بشكل طائفي وعاطفي، هذه المطالب التي نعرف علم اليقين، انها كانت مطالب المخابرات الأمريكية، في الأصل؟

عودة على بدء:

في هذه العودة نود ان نقول لأصحاب الغبطة والسيادة بأن المنهج الذي جاءكم من النظام العالمي الجديد وأيضا من النظام الكنسي الجديد هو اصل البلاء لمسيحييكم اولا ولكم ولكل الكنيسة معكم ثانيا. فصحيح ان المسئول الأول عن معاناة المسيحيين مثل معاناة كل الشعب العراقي هو المحتل والذين تعاونوا معه، غير انكم ايضا وبصفتكم رعاة الشعب المسيحي مسئولون مسؤولية حقيقية، وان كانت ادبية وضميرية، عن هذه المعاناة الصادرة عن منهجكم الخاطئ في التعامل مع المحتل وأعوانه؟ فماذا انتم فاعلون يا ترى؟

وهل ستكتفون بتعليق نياشين الشهادة على صدور ضحاياكم، وتغسلون اياديكم من مسؤولية دماء هذه الضحايا، كما فعل بيلاطس مع السيد المسيح قائلا: انـي برئ مـن دم هذا الرجل؟ ام انكم، وكما سمعت اليوم في الأخبار ستكونون سعداء عندما يسلح السيد أثيل النجيفي ونائب السفير الأمريكي في العراق كل عائلة مسيحية بقطعة سلاح رشاش؟ فتعسا لهذا المقترح الأمريكي المرائي الكذاب الذي يعمل كل شيء للمسيحيين إلا العمل الصحيح، هذا العمل الذي يقتضي اعادة احوال العراق الى ما كانت عليه قبل الاحتلال. اليس ذلك صحيحا يا مرجعياتنا الأفاضل، ام ان الكلام عن هذا الحل اصبح من المحرمات؟

سؤال مقلق ومحير:

فإذا كان ما قلته اعلاه صحيحا، فلماذا لا يوجد بينكم ايها الأفاضل، باستثناء كاتب هذا المقال، من يرفع صوته ويشجب الاحتلال، ويقول للمحتلين بأنهم يرتكبون خطيئة عظيمة ضد الله وضد الانسان، ويقول الكلام عينه، لمن شارك مع المحتل، بأي قدر كان، كما يقول لهم بأنهم السبب الحقيقي لنكبة المسيحيين ونكبة العراقيين المظلومين. فما حدث، ايها السادة الكرام، هو العكس تماما، فقد ظهرت كنيستنا، الكنيسة المسماة بالكنيسة الكلدانية، شأنها شأن الكنائس الأخرى، كنيسة معتمدة على قوة المعتدي المحتل الغاشمة والظالمة والواثقة من نصره في عدوانه على العراق، مرددة بشكل او بآخر مقولة الرئيس المصري حسني مبارك الذي قال، بعد احتلال العراق: دي امريكا يابا... في حين كانت هذه الكنيسة خلاف ذلك تماما، في العهد العراقي الوطني.

غير اني لا اريد لمقالي هذا ان يكون نقدا ولا تجريحا ولا تشهيرا بموقف من مواقفكم، يا اصحاب الغبطة والسيادة، وإنما اريد فقط ان اضع يدي على الجرح الكبير الذي آلم كنيستنا العراقية، بما فيها الكنيسة المسماة بالكنيسة الكلدانية، باستثناء السياسيين المسيحيين المفروضين على كنائسنا بقوة السلاح الأمريكي، والذين تعودوا على الاصطياد في الماء العكر، واستغلال نكبات المسيحيين المصطنعة من اجل غايات سياسية معروفة وواضحة.

الكارثة القادرة على فتح عيون العميان:

فإذا كانت جميع الكوارث السابقة لم تستطع ان تزحزحكم عن مواقفكم المستقرة مع المحتل، لأسباب يعرفها الجميع، فاني افترض بحسن نية ان الكارثة الأخيرة، وأعني بها كارثة كنيسة سيدة النجاة، كفيلة ان ترجعكم الى جادة الصواب فتسلكوا السبيل الحقيقي المؤدي الى الخلاص. لذلك اقول لغبطتك وسيادتك بأن القوة الأمريكية لا تفيدكم، لأنها ليست قوتكم، وان اية قوة عراقية اخرى لا تنفعكم عمليا، لأن هذه القوة لا تملك الشرعية اصلا، كما ان كتل الكونكريت التي تسورون بها مدنكم وبلداتكم وكنائسكم لا تنفعكم بشيء، لأن هذه الكتل الكونكريتية لم تستطع ان تحمي المحتلين انفسهم، اما حصولكم على السلاح لكي تحمون به انفسكم فهو خدعة وصلت حد المهزلة،غايتها التنصل من حمايتكم الحقيقية.

سبيل الخلاص الوحيد:

سادتي رؤساء كنائسنا الأكارم! قد تكون كل الطرق تؤدي الى روما، كما يقول المثل الغربي، غير انكم ترون بأنفسكم بأنه لم يعد لكم انتم غير طريق واحد يفضي الى النجاة، اذا كنتم حقا تطلبون النجاة لكم ولمسيحييكم. وبما اني افترض عندكم الصدق فأملي ان تكون جرعة كنيسة سيدة النجاة وما تلاها من قتل للمسيحيين في اماكن عديدة، كافية لتدمير الفيروس الخبيث الذي دخل حياتكم فأصابها بمرض عضال. او فلنقل ايضا ان هذه الجرعة، او الخضة، او الصعقة، تفيق سياداتكم، وربما تفيق المسيحيين معكم، من التخدير الذي انتم فيه منذ اكثر من سبع سنوات عجاف، لكي تتمكنوا من رؤية طريق الخلاص الحقيقي، بعيدا عن المحتل وشروره ووعوده الكاذبة، وكذلك بعيدا عن وعود اعوان المحتل المضللة والمسببة لشقاء المسيحيين.

وهنا اذكركم ايها السادة بقول يسوع المسيح، معلمكم ومعلمنا جميعا، عندما اوصاكم وأوصانا جميعا ان نكون " حكماء كالحياة و ودعاء كالحمام ". ولكن تذكروا ايضا انكم في زمن ضعفكم المسيحي والإنساني لم تكونوا لا حكماء ولا ودعاء بكفاية، بعد ان ارتبطتم بأناس لا يعرفون الحكمة ولا الوداعة ولا العدل في سلوكهم السياسي.

الخلاصة الأخيرة:

وبما اننا يا سادتنا الأجلاء لن نستطيع ان نطيل موضوعنا اكثر مما فعلنا، فإننا نقدم لكم بتواضع ما سميناه بسبيل الخلاص الوحيد. اما خلاصة هذا السبيل، او الطريق فهي كالآتي:

1- ليكن خروجكم من مجمل العملية السياسية وخبثها وعدوانيتها ومعاهداتها ودستورها الظالم كخروج بني لوط من مدينة سادوم الفاجرة، دون ندم ودون تردد ودون تحسر على مكاسب. على ان يكون فك الارتباط بالعملية السياسية واضحا وموثقا وعلنيا.

2- ليكن فك ارتباطكم مع جميع الأحزاب المسيحية وغير المسيحية، بسائر تنظيماتها وواجهاتها ومشاريعها وأهدافها المشبوهة والسليمة امرا لا رجعة فيه، دون ان يعني ذلك اعلان معاداة جماعات هذه الأحزاب، على ان يتم توثيق هذا القرار. وليكن في علمكم ايها السادة ان التصريح الذي يقول بأنكم تقفون بمسافة واحدة من جميع الأحزاب وإنكم تباركون جميع الأحزاب، غير كاف، لأن المطلوب ان لا تقفوا إلا موقف الشجب والاستنكار من جميع الاحزاب التي اشتركت في احتلال العراق، والتي من دون وجه حق تريد تغيير بنى العراق الجغرافية والاجتماعية والإدارية بقوة المحتل وتعسفه. وعليه إذا كان الوقوف على مسافة واحدة من الاحزاب ضروريا وجميلا في الأوقات الاعتيادية الطبيعية فان هذا الوقوف لا يعني بعد الاحتلال سوى مباركة الشر والعدوان.

3- ان الحق والعدل يطالبان رؤساءنا الأجلاء بشجب الاحتلال جملة وتفصيلا، وبدون لف ودوران. فالمحتل احتل العراق بشكل غير مشروع، وقد دمر العراق والعراقيين من كل الوجوه، وهو لا يحق له ان يتصرف بشبر من عراقنا من خلال قوته المسلحـة، فكيف بنا اذا كان هذا المحتل ينوي تقطيع اوصال عراقنا ونهب ثرواته. فهل يعقل ان يحلل رؤساؤنا ما حرمه الله، بهذه الحجة او تلك؟

4- من اجل اثبات حسن النية يكون من المهم جدا ان يتنصل رؤساؤنا من أي عملية تغيير ينوي المحتل من خلال مؤامرة دولية ان يعملها في العراق، بما فـي ذلك تغيير طابـع كركوك التاريخي وطابع المناطق التي تسمى جورا بالمناطق المتنازع عليها، بأية حجة كانت. ومن ذلك ايضا، وعلى وجه الخصوص، مؤامرة ما يسمى سهل نينوى التي تشترك فيها احزاب مسيحية، مع الأسف.

5- من اجل الحقيقة العلمية والاجتماعية والتاريخية، ومن اجل حماية الوجود المسيحي الطبيعي في العراق نطلب من رؤسائنا الأجلاء اعادة النظر في قرارهم الخاص بجعل الكنيسة المسماة بالكنيسة الكلدانية كنيسة قومية، لكي يتم إلغاء هذا القرار من جذوره. وهنا يكون من المستحسن جدا تغيير تسمية كنيستنا بتسمية مناسبة تلغي الالباس القومي الحاصل بسبب هذه التسمية والذي تستغله الأحزاب الشوفينية العميلة للأجنبي.

6- حذف الطابع الطائفي من كنيستنا بكل ابعاده، والإبقاء على طابع العلاقة الكنسية الايمانية بين الرئاسات الكنسية والمؤمنين. تلافيا لأضرار الطائفية المقيتة.

7- وأخيرا وليس آخرا يكون على رؤساء كنائسنا ان يقطعوا صلتهم بالمال المشبوه الذي يقدمه السيد سركيس للكنائس، لكي يكون هذا المال رشوة وهمزة وصل بين الكنائس وواهبي المال، وبين واهبي هذا المال وسائر مسيحيي العراق المغلوبين على امرهم.

مع دعائي لغبطتكم وسياداتكم بالتوفيق وطول العمر.



القس لوسيان جميل

تلكيف- محافظة نينوى- العراق

27- 11- 2010

fr_luciendjamil@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار