بقلم: جاسم الرصيف *
للتأريخ مفاجآته أيضا !.
حبك تجار الحروب مكيدة غزو العراق على جملة من الأكاذيب والتلفيقات وثقتها كل شعوب الأرض في حينها، وما ظهر منها أقل مما بطن، وأعلنت أنصار (اطلاعات) ومعها أكراد العازبة (كوندي) ومعهم أتباع بوش ، أنهم سيستقبلون قوات الغزو بالورد، وفعلوا ذلك حقا فرحين بغزو سمّوه( تحريرا )، وتدمير شامل سمّوه (ديمقراطية)، وكأن معاني ومباني الكلمات أصابها جنون بقر فريد.
ورغم زيف ما يعلن عن انتخابات، وأكثرية وأقلية وصراعات وهمية بين شيعة وسنة، ورغم حقيقة مكشوفة لكل هذا العالم هي ان كل الحكومات التي نصبتها قوات الاحتلال عاجزة عن التجوال بين من يفترض أنه (شعبها) وأنهم الأفراد الذين انتخبوها، ورغم أهزوجة العراقي الجنوبي الشهيرة : (قشمرتنا المرجعية وانتخبنا السرسرية) تقابلها ثورة الفلوجة وامتداداتها على (مثلث الموت) للغزاة، مازال بعض عربنا ينداح صوب المضبعة الخضراء مندفعا برياح مجرم الحرب بوش .
واذا كان العجيب الغريب في عالم الفضيلة الإنسانية أن بوش نفسه قد اعترف، صادقا أو كاذبا، بأن المعلومات التي سوّغت له غزو العراق (خاطئة)، وأنه قد اعتذر بطريقة ما عمّا ارتكب من مجازر ضد البشرية في حربه ضد الشعب العراقي، يبقى الأعجب والأغرب : أننا لم نسمع ، ولحدّ الآن، من الحكام العرب الذين شاركوا بوش في خطيئته أي اعتذار، ناهيكم عن أننا نراهن على عدم تقديم أي اعتذار من مجرمي الحرب الصغار الذين مازالوا يدعون أنهم (عراقيون) سكنوا المضبعة الخضراء كمصدات أحذية عن قوات الاحتلال.
وفيما تقترب السنة السادسة من عمر الاحتلال من نهايتها، تتجلّى السخرية، بل الدونية بين محتل وعميل لمحتل، في فبركة استقرار الأمن في العراق ، وكأن الأمن هنا لا يعني ولا يخص غير أمن قوات الاحتلال الأمريكية، التي لجأت الى معسكراتها قبيل الانتخابات الأمريكية وحتى هذه الأيام لتقليل خسائرها البشرية من خلال تقليل فعالياتها العسكرية، (فاستقر الأمن في العراق !)، أمّا خسائر القوات المحلية الرديفة لهذا الاحتلال فتبدو للمراقب كأنها ليست خسائر، وكأن هذه القوات خارج لعبة الأمن، بل حتى خارج التصنيف البشري ، وهذا من مضحكات الوضع في العراق وتوظيف المفردات.
عندما يجد أعزل نفسه أمام مسلحين مسعورين يهتكون حرمة بيته على حين غرّة لا تسعه غير طاعتهم حفاظا على حياته، وحياة عائلته، ولكن هل نجح هؤلاء في نزع ما يفكر فيه الأعزل بأنه قد أهين وأذل؟ هل تمنع أقوى الأسلحة في العالم مواطنا يرى بلده محتلا من التفكير في مقاومة من احتلّه بقوّة التخلّي عن القيم والأخلاق؟
الجواب معروف وبديهي، (لا)، طويلة عريضة فاعلة في عالم ابتكار كل أنواع المقاومة، ومن هنا جاء السبب الذي جعل (البنتاجون) يصرف لعملاء إعلامه (300) مليون دولار، سبقتها مئات الملايين من الدولارات في السنوات السابقة، لعلها تنجح في غزو وعي العراقيين، بعد أن ثبت وبالقاطع الملموس فشل الغزو المسلح.
على مدى السنوات الماضية جرت المباراة المسلحة بين قوى الاحتلال وقوى المقاومة الوطنية العراقية ، واذا كانت الحروب تعد فاشلة أو ناجحة من خلال محصلة مجموع معاركها التي صبّت في حسابات طرفين متعاديين ، فمن الثابت الواضح أن محصلة هذا الغزو انتهت بانتصار (حفاة عراة) المقاومة الوطنية العراقية ، منذ صدور تقرير (بيكر - هاملتون)، حتى إصرار الحزب الديمقراطي الأمريكي على سحب القوات الأمريكية من العراق ، سواء بموجب اتفاقية أمنية أو من دون اتفاقية لأن (الأغنى والأقوى) ما عاد يتحمّل الخسائر التي ألحقها به الطرف الأفقر، الذي يفترض أنه (الأضعف) عسكريا، ولكنه أثبت أنه الأقوى بفعل الإرادة الوطنية الرافضة للاحتلال.
طيّب.
استقبلت قوات (اطلاعات) الإيرانية، من حزبي الحكيم والدعوة، والمراجع الدينية الفارسية الأصل، ومعها أكراد (كوندي)، قوات الغزو بالورد سنة 2003، وهللت وطبّلت لذلك مليشيات صحوات ومليشيات غفوات وفرق موت ، وقبيل ان تنتهي سنة 2008 ودّعهم بغتة ، في (غزوة الحذاء)، نيابة عن أهله العراقيين (منتظر الزيدي) بالأحذية.
ومع أن الأحذية لا يمكن أن تعدّ قانونيا من (أسلحة) التدمير الشامل التي سوّغت غزو العراق ولكن ثبت بالقاطع الملموس أن هذا الحذاء العراقي قد مسح كل (أمجاد) الغزاة وعملائهم بضربتين غيرتا وجه الإعلام في العالم كلّه، كأن الحذاء العراقي صار أول سلاح في تأريخ الإنسانية يمتلك القدرة على مسح تأريخ (48) دولة غزت العراق من (كبير) رؤسائها ووزراء دفاعاتها وجيوشها ومخابراتها الى جميع عملائهم الدوليين والمحليين .
* كاتب عراقي مقيم في أمريكا
jarraseef@jaraseef.net
-- jarraseef@jarraseef.net
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق