زراعة وتجارة المخدرات تتفشى في العراق
بواسطة aliraqnews2 في 2008/3/6 -->
ليس جديدا اعتبار العراق جزءا من طريق الأفيون، عبر رحلته من افغانستان وايران الى مصر ودول الخليج وتركيا واوربا الشرقية، ولكن الجديد في الأمر ان تصبح بعض المناطق الحدودية في العراق مرتعا لزراعة وتجارة هذه الآفات الفتاكة بالمجتمع.ويتساءل عدد من المراقبين للوضع العراقي ما اذا كان ما يجري في العراق، على صُعُد مختلفة، يسير باتجاه الأفغنة؟، مدعمين تساؤلهم بعمليات تهريب للمخدرات من بعض دول الجوار، وإشاعة تعاطيها في المجتمع العراقي.. وأخيراً استجد ما يعزز هذه المخاوف، زراعة الخشخاش في محافظة ديالى بعد إحباط محاولات سابقة. وعزا مسؤولون تفشي هذه الزراعة الى غياب دور الدولة والأجهزة الأمنية، فيما دعا وجهاء محليون رجال الدين الى الإفتاء بتحريمها، زراعة وتعاطياً، خشية انجراف المراهقين والشباب نحو الإدمان.وأكد مصدر أمني عراقي ان مفارز الشرطة المتخصصة دهمت مزرعة في بلدة قرة تبة (155 كلم شمال شرقي بعقوبة) بعد ورود معلومات تؤكد وجود نباتات غريبة مزروعة بين أشجار البرتقال، مشيراً الى أن صاحب المزرعة اعترف بزراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون بغرض تصديره الى الرمادي وباستيراده البذور من خارج البلاد.ويعتقد مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه بأن محافظة ديالى تعتبر أكثر المناطق العراقية أهلية لزراعة المخدرات بسبب انفلات الحدود التي تعتبر المورد الرئيسي للبذور. مشيراً الى ان مزارع الخشخاش الممتدة على طول نهر الفرات بالقرب من مدينة الديوانية (جنوب العراق) يمولها مهربون كانوا في السابق يجلبون المخدرات من أفغانستان إلى دول الخليج الأخرى ثم انتقلت هذه التجربة الى العراق وظهرت عام 2004 في مدينة ديالى، وتحديداً في قرى جنوب بعقوبة وأقضيتها مثل ناحية بهرز المشهورة بزراعة البرتقال.وعلى رغم ان زارعي الخشخاش لم يلقوا حظاً وافراً في إنتاجها وتصديرها في مدينة ديالى، يعزو قائد شرطة المدينة، اللواء غانم القريشي لجوء البعض الى زراعة الخشخاش الى غياب الرقابة واهتمام الجهات المسؤولة بملف العنف والخلافات والسعي الى إنهاء وجود الجماعات والتنظيمات المسلحة في بعقوبة ما انعكس على الواقع العام للمدينة. لذلك فان عدداً من المهمات غير الأمنية لم تنط بالشرطة او الجيش في هذا الخصوص، مؤكداً أن زراعة المخدرات لم تصل بعد الى مستوى الخطر الذي يهدد الوضع الاجتماعي والصحي كونها في المراحل الأولى وبالإمكان القضاء عليها، خصوصاً ان هناك تجارب فشلت في هذا المجال بعد اكتشاف الأجهزة الأمنية نباتات غريبة مزروعة بين أشجار الرمان في ناحية بهرز وقرة تبة والخالص والسعدية وجنوب بلدروز التي تعتبر مناطق ساخنة أمنياً بسبب وجود الجماعات والتنظيمات المسلحة. وقال القريشي إن مديرية الشرطة بدأت اتخاذ تدابير وإجراءات للحد من زراعة المخدرات او المتاجرة بها. إلا أن وجهاء المدينة وشيوخها أكدوا اتساع نطاق هذه الزراعة في المدينة التي ما زالت تشهد وجوداً ملحوظاً لتنظيم المسلحين ، فضلاً عن ان سكانها يعيشون انقساماً طائفياً وعرقياً بين الشيعة والسنة والأكراد، داعين رجال الدين الى اصدار فتوى دينية بتحريم زراعة المخدرات وتداولها. ويشير الشيخ فلاح التميمي الى ان لجوء البعض الى زراعة الخشخاش في ديالى هو بفعل ما توفره هذه الزراعة من فوائد مادية كبيرة في ظل التردي الأمني والاقتصادي للمزارعين الذين وجدوا في زراعتها كسباً سريعاً يفوق ما تعود عليهم به المحاصيل الزراعية التقليدية من فوائد ربحية. كما ان بقاء المقاتلين الأجانب وخصوصاً الأفغان منهم في بعقوبة فترة طويلة كان وراء إقناع بعض المزارعين باستخدام أراضيهم في زراعتها ومنهم من فعل ذلك بعدما فرض المسلحين سيطرته على معظم النواحي والأقضية في المحافظة، وخصوصاً وادي ديالى الذي فر سكانه منه بسبب أعمال العنف.مرتزقة الشركات الأمنية وراء تفشي تجارة المخدرات وكانت تقارير صحافية اتهمت المرتزقة العاملين في الشركات الأمنية الخاصة (80 ألف مجند أهلي في 350 شركة امنية 35 منها أميركية وبريطانية وأوروبية متعددة الجنسيات) بالوقوف وراء تفشي تجارة المخدرات التي كانت حتى الأمس القريب غير معروفة في البلاد، مشيرة الى ان بعض موظفيها في العراق مارس تجارة المخدرات ولم يفتح أي تحقيق في شأن تلك الممارسات. وكانت صحيفة التايمز البريطانية أشارت في تقرير سابق لها الى قضية 9 جنود بريطانيين ممن خدموا في العراق متهمين بتجارة المخدرات، ونقلت الصحيفة عن انطونيو كوستار رئيس مكتب مكافحة المخدرات والجرائم في الأمم المتحدة تفسيره لهذه الظاهرة في العراق قوله: إن عقداً من العقوبات الصارمة على العراق أوجد شبكة واسعة النطاق من مهربي النفط ومشتقاته ، وبعد الاحتلال الامريكي اصبح الآلاف من العاملين في شبكات تهريب النفط بلا عمل فحولوا مهاراتهم وجهودهم باتجاه تهريب المخدرات والمواد غير المشروعة.وما يعزز الرأي القائل بتفشي المخدرات في العراق تقرير بريطاني عن زراعة خشخاش الأفيون الذي يتم تحويله إلى الهيرويين، يؤكد أنها بدأت تنتشر في شكل سريع بعد أن وجد المزارعون أن الزراعة التقليدية لا تلبي حاجاتهم المعيشية. وحذر التقرير من ان يؤدي نجاح زراعة الأفيون وتهريبه الى صعوبة الحد من انتشار زراعة المخدرات بسبب خضوع معظم المدن لسيطرة الميليشيات المسلحة، محذراً من انتقال أمراء الحرب المحليين، من سنة وشيعة، إلى زراعة الأفيون الذي يعد تطوراً خطيراً في العراق إذ ان القيادات السياسية المحلية غالباً ما تتحالف مع زعماء العصابات الذين يتولون تنظيم إنتاج الأفيون في البلاد. ممرّين رئيسيين في العراق وفي هذا الوقت أكدت تقارير دولية ان تجارة المخدرات باتت اكثر تنظيماً، وتتخذ في العراق ممرين رئيسيين: فمافيا المخدرات الإيرانية والأفغانية تتخذ من جهة الحدود الشرقية الوسطى والجنوبية ممراً يصل بها الى دول الخليج وأفريقيا الشمالية، وتتخذ الحدود الشمالية عبر اقليم شمال العراق ممراً ثانياً باتجاه تركيا ودول البلقان وأوروبا الشرقية، في وقت لا يمكن استثناء عناصر من حزب العمال الكردستاني عن هذا النشاط بحسب تقارير استخبارية، كشفت عنها الصحافة الدولية.وفيما تعتقد مصادر في عودة اللاجئين العراقيين الذين كانوا يقيمون في إيران لأسباب سياسية سبباً في انتعاش سوق الترياق المنتج في إيران بعد تهريبه عبر الحدود، يعتبر عام 2003 عام الترويج والإدمان وفق الشرطة الحكوميه التي أكدت إحباط 21 عملية تهريب لطنين من الحشيش والهيرويين في محافظات كربلاء والنجف والبصرة والحلة والعمارة، كانت أكبرها مصادرة 335 كيلوغراماً مهربة من إيران. وفي عام 2004 ارتفع عدد الحوادث المتعلقة بالمخدرات الى اكثر من 54 قضية متشابهة في حيثياتها، غير ان الكثير منها تشترك بكون المهربين كانوا دخلوا بصفة زوار للعتبات المقدسة في العراق. وفي عام 2006 سجلـــت دوائر الشرطة في محافظات البصرة والناصرية والعمارة 73 قضية مخـــدرات أهمها تهريب 586 كيلوغراماً من الحشيــــش و9700 من حبوب الهلوسة. وفي كربلاء أيضاً ضبطت الشرطة الحكوميه كميات كبيرة من المخدرات في قضايا تهريب لعل أهمها كميات تصل الى طنين من المخدرات في حصن الاخيضر الأثرى القريب من كربلاء.ولم تكن محافظة الكوت بعيدة من ذلك، إذ أشارت مصادر حكومية الى اعتقال اكثر من 70 متهماً بتجارة المخدرات وضبط شحنة تصل الى 3900 كلغ من الحشيش والهيرويين والمورفين والترياق، فضلاً عن عشرات الآلاف من حبوب الهلوسة. في حين سجلت شرطة محافظة ديالى قضايا عدة وجرائم تهريب مشابهة وبحسب تقرير الوكيل السابق لوزارة الداخلية احمد كاظم ابراهيم فان العراق اصبح بيئة آمنة لتجارة الجنس والمخدرات، اذ يشير الى ان البصرة والعمارة أصبحتا مخزناً كبيراً لأطنان من المخدرات الآتية من ايران.وعلى رغم اتهام الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في العراق، إلا أن وجهاء في ديالى وجهوا أصابع الاتهام الى عناصر تنظيم المسلح بالوقوف وراء زراعة المخدرات في بعقوبة بغرض تمويل عملياتهم المسلحة في المدينة والمدن العراقية الأخرى، كما يجري الآن في أفغانستان، وهذا ما يؤكده مدير زراعة ديالى ماجد خليل الذي يعتبر أن زراعة المخدرات ما زالت في طور النمو بالنسبة الى مزراعي ديالى ولا يمكن التكهن بنجاحها خصوصاً بعد طرد مسلحي من المدينة، نافياً في الوقت نفسه وجود عدد يذكر من المساحات الزراعية التي تحولت الى مزارع للمخدرات كما يشاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق