شبكة البصرة
خاص بشبكة البصرة: بغداد/جنيف/نيويورك
وجّهت الأمم المتحدة رسائل الى السلطات العراقية تحذّرها من مغبّة تنفيذ أحكام الإعدام بحق نخبة من قادة الحكم الوطني في العراق. وكرّرت موقفها الداعي إلى ضرورة أن تعلن هذه السلطات وبصورة طوعية إعلاناً بإيقاف أحكام الإعدام في العراق لحين إجراء مراجعة شاملة لقانون العقوبات وقانون الإجراءات القضائية وبما يضمن إلغاء ممارسة الإعتماد على الإعترافات المأخوذة في الإجراءات القضائية وخاصة الإعترافات تحت التعذيب أو الإكراه.
وأكدّت الأمم المتحدّة القلق البالغ إزاء أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم العراقية في محاكمات تشوبها عيوب كثيرة تتعلق بشرعيتها، ومدى التزامها بالمعايير الدولية المحدّدة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كشروط للمحاكمات العادلة.
وحثّت بقوة السلطات في العراق على وقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام حتى يتسنى للمؤسسات القضائية ومؤسسات سيادة القانون تقديم الضمانات الكافية التي تكفل إجراء محاكمات عادلة وفقاً للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وحذّرت الأمم المتحدّة من أن تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقّ كل من طارق عزيز، سعدون شاكر، عبد الغني عبد الغفّور، عبد حميد حمود، وسبعاوي إبراهيم، يعتبر مخالفة صريحة لألتزامات العراق بموجب العهد المذكور خاصّة وان محاكمتهم لم تتوفر فيها شروط المحاكمات العادلة.
وأكدت مصادر ذات صلة بمكتب الأمم المتحدة في العراق تسلم السلطات العراقية هذه الرسائل خلال الأسابيع الماضية مؤكدّة أن تنفيذ أحكام الإعدام من شأنه أن يستتبع المسؤولية الجنائية الدولية للسلطات التنفيذية المسؤولة.
مواقف بخصوص المحاكمات الجائرة
ويأتي هذا الموقف تأكيداً لمواقف سابقة أعلنتها الأمم المتحدّة بخصوص المحاكمات التي تجري في العراق منذ عام 2003، إذ وصفتها في مناسبات عديدة بأنها محاكمات لا تتوفر فيها أبسط معايير المحاكمات العادلة. ويمكن ملاحظة ذلك في التقارير الصادرة عن بعثة الأمم المتحدّة في العراق (يونامي) ومنها تقريرها الذي يغطي الفترة من 1 تموز الى 31 كانون الأول/2009، الذي قدّم توصيات محدّدة للسلطات العراقية من البعثة ومن المفوضة السامية لحقوق الإنسان بضرورة إيقاف العمل بعقوبة الإعدام، ومراجعة الاجراءات القضائية، ومراجعة أوضاع المساجين والعمل على إصلاحها طبقاً للمعايير الدولية بما يضمن منح المحتجزين الحق بالطعن في شرعية احتجازهم أو اعتقالهم وضمان حصولهم السريع والدوري على محامي دفاع والسماح لهم برؤية أقربائهم وتبنّي تدابير تمنحهم الحصول المنتظم والسريع على العدالة. كما طالبت بالتحقيق في الإنتهاكات ضد الأسرى والمعتقلين ومحاكمة مرتكبي تلك الإنتهاكات.
مواقف الدول
وقد كان هذا الموضوع من المسائل الأساسية ضمن نشاط المنظمات غير الحكومية أثناء المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في العراق، سواء في البيانات التي قدّمتها أو في لقاءاتها مع ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة. وقد تمخّض عن ذلك مطالبات للسلطات العراقية من دول عديدة كان بينها (النرويج، سويسرا، بلجيكا، أوروغواي، إيطاليا، هولندا، اليونان، الأرجنتين، الدانمارك، السويد، أستراليا، شيلي، نيوزيلندا، سلوفاكيا، كندا، سلوفينيا، هنغاريا، أوكرانيا، بريطانيا وآيرلندا الشمالية، النمسا، فرنسا، وألمانيا) تتلخص بضرورة الوقف الفوري لتنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدا لإلغائها ﻧﻬائيا وتخفيف جميع أحكام الإعدام الصادرة ريثما يتم إلغاء العقوبة نهائياً في العراق. كما طالبت بخفض نطاق الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام وعلى وجه التحديد جميع الجرائم غير العنفية، وإصلاح النظام القضائي.
موقف المفوضية السامية لحقوق الإنسان
سبق للمفوضة السامية السيدة لويز آربور أن تقدّمت بتأريخ 7/2/2007 بمطالعة قانونية مفصّلة للمحكمة الجنائية العراقية العليا بالتزامن مع اعادة نظر المحكمة بالحكم الصادر آنذاك ضدّ الشهيد طه ياسين رمضان، نائب رئيس الجمهورية، ضمن المحاكمات الجائرة فيما سمّى بقضية الدجيل، أكدّت فيها على أن "القانون الدولي يمنع فرض عقوبة الاعدام في قضية طه ياسين رمضان". وقالت "أن فرض المحكمة لعقوبة الاعدام على طه ياسين رمضان ينتهك التزامات العراق المترتبة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إن العهد الذي صدّق عليه العراق ينصّ على عدم جواز تطبيق عقوبة الاعدام الاّ وفقاً لمرافعات تتم باتساقٍ مُحكم مع اجراءات التقاضي النافذة. كما وينص العهد على ضمان الحق بالتماس العفو أو بإبدال العقوبة. وبالنظرالى انعدام هذه الشروط، تدعو الى وجوب امتناع المحكمة عن فرض عقوبة الاعدام".
واكدّت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، أنها (تتدخل بوصفها أعلى مسؤول لحقوق الإنسان في الأمم المتحدّة. وهي لديها ولاية الأمم المتحدّة المنصوص عليها في قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي. وأن هذه الولاية تقضي بأن تقوم بالتحقيق من ومراقبة وتقييم مدى تطبيق الدول للإلتزامات المترتبة على عاتقها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن بينها العراق، بقبولها الإلتزام بميثاق الأمم المتحدّة، تكون قد قبلت بولاية المفوض السامي لحقوق الإنسان) ص3 من المطالعة.
وقد أوضحت المفوضة بالتفصيل (في الصفحات من 4 - 20) الجوانب القانونية والوقائع التي تؤكدّ عدم شرعية فرض عقوبة الإعدام ومنها عدم توفر محاكمة عادلة ومنصفة ضمن المحاكمات التي جرت، وشككت في شرعية إنشاء المحكمة وفي حياديتها، وأشارت الى عدم توفّر دفاع فعّال للمتهم وغيره من المتهمين، وأوضحت ما تعرّض له المحامون من تهديد واغتيالات. وكذلك عدم توفر الوقت الكافي للدفاع إذ أن المحكمة في الوقت الذي كانت تقبل فيه أدلة جديدة ضد المتهمين، فأن القاضي أعلن عن اغلاق باب تقديم الدفاع أمام دفاع المتهمين، كما لم تتح للمتهمين مناقشة شهود الإثبات. واعتبرت أن كل ذلك يعدّ انتهاكا لحقّ المتهمين الأساسي ويناقض مبدأ تساوي الأسلحة. وأشارت أيضاً إلى عدم توفّر وسائل امام المتهمين للتظلم، والى التدخل الواضح للسلطة التنفيذية في سير المحاكمات وخاصة تبديل القضاة بذريعة إنتمائهم لحزب البعث. كما أشارت الى صدور تصريحات من مسؤولين حكوميين، قبل وأثناء المحاكمات، تُجرّم المتهمين وتقترح إصدار أحكام معينة ضدّهم وهو ما اعتبرته تدخلاً واضحاً في عمل المحكمة. وبالتالي فقد رأت المفوضة السامية أن تطبيق حكم الإعدام الصادر إثر محاكمة غير عادلة هو عمل غير إنساني.
كما أكدّت المفوضة السامية: (أن الأحكام الواردة في العهد الدولي للحقوق المدنيية والسياسية تنطبق إنطباقاً كاملاً، وتلزم العراق كمسألة من مسائل القانون الدولي. وهذه الأحكام تُلزم العراق بوصفه دولة بغضّ النظر عن التغييرات اللاحقة في الحكم). وأضافت انه (طبقاً لقانون فيينا للمعاهدات فأن كل معاهدة نافذة تلزم أطرافها الذين يتوجب عليهم تنفيذها بحسن نيّة دون التذرّع بقواعد القانون الداخلي، وأن عدم إضطلاع الدولة بألتزاماتها الدولية يستتبع مسؤولياتها الدولية).
وعرّجت المفوضة السامية إلى الحكم الصادر من الهيئة التمييزية بخصوص الشهيد طه ياسين رمضان، مؤكدّة أنه لم يتناول الأخطاء التي وقعت فيها المحاكمة الأبتدائية بما في ذلك ما يستدعي إعادة المحاكمة، ورأت (أن الإنتهاكات الرئيسية التي جرت أثناء المحاكمة قد ظلّت دون حسم وعلاج اثناء الإستئناف مما يعني أن الحكم الصادر بالإعدام يعدّ إنتهاكاً للعهد الدولي وبالتالي لإلتزامات العراق بموجبه).
ثم أفردت المفوضة السامية في مطالعتها القانونية فقرات عن الطريقة الوحشية التي نُفذ فيها حكم الإعدام ضد الرئيس الشهيد صدّام حسين مؤكدةً أنها مخالفة صريحة للإلتزامات المنصوص عليها في العهد الدولي إذ ان تنفيذ حكم الإعدام ليس متروكاً لمشيئة الدولة وإنما يجب أن يتم ضمن شروط محددة في العهد المذكور، وترى المفوضة السامية أن الطريقة كانت مشينة ولا تحترم الكرامة الإنسانية. وكل ذلك يستتبع المسؤولية الدولية للسلطات المعنية.
موقف المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالإعدام خارج نطاق القضاء
أو الإعدام بمحاكمة موجزة أو الإعدام ألقسري
وفي تقريره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدّة (الوثيقة: A/HRC/4/20/Add. 1 المؤرّخة في 12/3/2007) اوضح السيد فيليب الستون، المقرّر الخاص للأمم المتحدّة المعني بالإعدام خارج القضاء أو بمحاكمة موجزة أو الإعدام ألقسري، تفاصيل مراسلاته مع السلطات العراقية والأمريكية بخصوص عدم عدالة المحاكمات. وأنه قدّ وجّه رسالة عاجلة الى تلك السلطات بتاريخ 7 تموز 2006، بعد أن طالب المدّعي العام بالحكم بالإعدام ضد الرئيس صدّام حسين وعدد من رفاقه في قضية الدجيل. وأنه شدّد في رسالته أن فرض عقوبة الإعدام يستدعي طبقاً للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من الدول الأعضاء ضمانات إجرائية صارمة في المحاكمات دون أي استثناء، ويجب أن تستوفي أعلى معايير الاستقلالية والكفاءة والموضوعية والنزاهة المطلوبة في القضاة والمحلّفين كما هي محدّدة في الصكوك القانونية الدولية ذات الصلة. ومنها أيضاً أن يتاح للمتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام دفاع كفوء وفعّال في جميع مراحل الدعوى. ويجب افتراض براءة المتهمين إلى أن تثبت إدانتهم بما لا يدع أي مجال معقول للشك، وذلك في إطار التطبيق الصارم لأعلى المعايير الخاصة بجمع وتقييم الأدلة. وعلاوةً على ذلك، يجب أن تؤخذ جميع العوامل المخففة في الحسبان. ويجب أن تضمن إجراءات الدعوى الحق في مراجعة وقائع القضية وجوانبها القانونية على السواء أمام محكمة أعلى تتألف من قضاة مختلفين عن قضاة المحكمة الأولى التي نظرت القضية في الدائرة الابتدائية. كذلك، يجب ضمان حق المتهم في التماس العفو وتخفيف الحكم. وأضاف أنه أوضح للسلطات وجود مخاوف جدّية في ما يتعلق الامتثال لهذه المتطلبات في محاكمة الرئيس صدام حسين ورفاقه ومنها وليس آخرها، أن إغتيال ثلاثة من محامي الدفاع يلقي الشكوك على التمتع الكامل للحق في الدفاع عن نفسه من خلال مساعدة قانونية من اختياره طبقاً للمادة 14 من العهد. وبالنظر إلى الطابع غير قابل للعلاج في حالة عقوبة الإعدام، ولأنه رأى أن هذا الحكم سيفشل في أن يأخذ في الاعتبار العديد من المسائل القانونية الخطيرة التي كان يجب توافرها في المحاكمة، لذلك فانه قدّ حثُ السلطات على إلغاء أو تعديل المادة 27 التي تنصّ على أن لا سلطة، بما في ذلك لرئيس الجمهورية، لمنح العفو أو تخفيف العقوبات الصادرة عن المحكمة لتعارضها مع الفقرة 4 من المادة 6 من العهد، من أن "[أ] لكل شخص حُكم عليه بالإعدام الحقّ في التماس العفو أو تخفيف العقوبة"، فضلاً عن ضرورة توفير الوقت الكافي لممارسة هذا الحقّ على نحو فعال منتقداً فترة الشهر المقرّرة بين الحكم والتنفيذ.
وخلص السيد الستون في تقريره للجمعية العامة "أن المحاكمات لم تحترم المعايير الدولية وأنه يعتبر أن السلطات العراقية قد فشلت في التعاون مع ولاية المقرّر الخاص الممنوحة له من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدّة ومن لجنة حقوق الإنسان".
موقف المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاء والمحامين
أمّا السيد لياندرو ديسبوي، المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاء والمحامين، فقد أكدّ في تقاريره التي قدّمها الى مجلس حقوق الإنسان في جنيف والى الجمعية العامة للأمم المتحدّة في نيويورك، تحفظاته الجدّية التي ابداها منذ تاسيس المحكمة في 10/كانون الأول/2003، بشان عدم مشروعية تأسيس المحكمة، وعدم شرعية اجراءاتها خاصة بسبب تقييد ولايتها القضائية شخصياً وزمنياً وما ينشأ عن ذلك من إخلال بالمبادئ والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وخاصة ما يتعلق بحيادية المحكمة واستقلالها وضمان حقوق المتهمين بتوفر الدفاع اللازم. وأوضح، ان ما اعترى المحاكمات من أوجه قصور ملحوظة يستلزم إجراءها في إطار محكمة دولية بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وقال السيد ديسبوي ان الإغتيالات التي أودت بحياة ثلاثة من محامي الدفاع، وإصابة محامٍ آخر بجروح خطيرة، تؤكد هذا القلق حيث ان المتهمين لا يتمتعون بضمانات كافية للدفاع عنهم. وان من الانتهاكات التي ثبّتها المقرّر الخاص كدليل على التدخل السافر للسلطة التنفيذية تبديل القاضي العامري بقاضٍ آخر إذ اعتبره تأكيد على عدم حيادية المحكمة، وعلى عدم استقلالية القضاء في العراق. وأكد المقرّر الخاص ان لديه مؤشرات من خلال معلومات وإحصائيات عن ما يتعرض له المحامون ورجال القضاء من ضغوط تؤكد عدم وجود ضمانات لأستقلالية المحكمة.
وقد واصل السيد ديسبوي تثبيت موقفه هذا في كل تقاريره وفي البيانات الصحفية التي كان يصدرها وفي الندوات التي كان يشارك فيها.
الفريق العامل للأمم المتحدّة المعني بالاعتقال التعسفي
درس الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي مجريات المحاكمات منذ بداياتها ووجّه الكثير من الرسائل للسلطات العراقية والامريكية طالباً اجابات محدّدة على قضايا كثيرة أثارها ليحدّد موقفه من مدى مشروعية إبقاء الأسرى رهن الإعتقال. وفي هذا السياق قدّم أكثر من تقرير تضمن آرائه التي توصل اليها وقد خلص الى القول في أحد تقاريره أنه وجد "أن صدام حسين لم يتمتع بحق محاكمته من قبل محكمة مستقلة ومحايدة وفق ما تقتضيه المادة 14 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فلا المتهمين، ولا العامة هم في وضع يمكنهم من التحقق مما إذا كان هؤلاء القضاة يلبّون متطلبات إشغال المنصب القضائي، أو ما إذا كانوا مرتبطين بقوى سياسية، وما إذا كانت حياديتهم واستقلالهم مقوضين".
وأوضح أنه "لم يتح لصدّام حسين الوقت الملائم ولا التسهيلات الملائمة لتحضير دفاعه". وإن القيود الشديدة المفروضة على وصوله إلى محامين من اختياره، وتواجد مسؤولين أمريكيين في اجتماعاته (مع محاميه) تشكل انتهاكاً لحقه في الاتصال بمحام. وإن اغتيال اثنين من محامييه أثناء سير المحاكمة، هما السيد سعدون الجنابي يوم 20 تشرين أول 2005 والسيد خميس العبيدي يوم 21 حزيران 2006، قد عرّض إلى خطر كبير حقّه في الدفاع عن نفسه من خلال مساعدة قانونية من اختياره، وهو الحقّ المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. إضافة إلى كونه قبل أي شيء مأساة بحد ذاتها". وأضاف: "إن صدام حسين لم تتح له إمكانية إحضار واستجواب الشهود لصالحه في ظل نفس الشروط التي أعطيت للشهود الذين شهدوا ضده ".
وفي ضوء ما سبق، فإن الفرق العامل قدّم - في حينه - إلى الأمم المتحدّة الرأي القانوني التالي:
"إن حرمان السيد صدام حسين من حريته هو حرمان جزافي، كونه يتناقض مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يعتبر كل من العراق والولايات المتحدة طرفين من أطرافه. ويندرج هذا الحرمان ضمن الفئة الثالثة (عدم مراعاة المعايير الدولية في حق المحاكمة العادلة بشكل فادح يصل حد إضفاء الجزافية على الحرمان من الحرية) من الفئات الواجبة التطبيق عند النظر في القضايا المقدمة إلى المجموعة العاملة". وطالب الفريق العامل من السلطات العراقية والأمريكية اتخاذ الاجراءات اللازمة لاصلاح هذا الوضع غير القانوني.
لقد إختتم الفريق العامل سلسلة آرائه عن المحاكمة بالقول "إن محاكمة السيد صدام حسين قد أُجريت وانتهت بسلسلة من الانتهاكات لحقّ الدفاع وللحق في الحصول على محاكمة عادلة".
وبالتالي فإن عدم اكتراث السلطات والقائمين على المحاكمة بهذه التوصيات والمضي بتنفيذ حكم الإعدام بالرئيس الشهيد ورفاقه يكون قد رتّب مسؤوليتها الدولية بخرق تعهد دولي نافذ المفعول، وهو ما يوجب تقديمهم الى العدالة الدولية.
وكان الفريق العامل قد تناول بالتفصيل الإنتهاكات المتعلقة بإحتجاز السيد طارق عزيز، نائب رئيس الوزراء، في عدة تقارير منها تقريره الصادر في الوثيقة: (A/HRC/7/4/Add. 1 (2008)) وهي إنتهاكات مشابهة لما ورد أعلاه بخصوص المحاكمة الجائرة وعدم تمتعه بدفاع حقيقي وفعّال، وبالتالي يعتبر أن أحتجازه يخالف العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ويحمّل السلطات العراقية والامريكية مسؤولية تلك المخالفة.
موقف بعثة الأمم المتحدّة في العراق
ولا بدّ من الإشارة الى ان بعثة الأمم المتحدة في العراق قدّ أكدّت بصورة لا تقبل الشك، منذ الأيام الأولى لبدء المحاكمات الجائرة، أن المحاكمات تفتقر إلى العدالة والنزاهة وفقًا للمعايير الدولية، وشكّكت في تقاريرها الدورية بشرعية المحكمة التي تتولى إجراء تلك المحاكمات.
وأعرب السيد جون باتشي، مسئول حقوق الإنسان في بعثة المساعدة الخاصة بالأمم المتحدة في العراق في حديث لـ(رويترز) في ديسمبر 2005 "أن ضعف نظام إدارة العدالة بالإضافة إلى السوابق التي أحاطت بإنشاء المحكمة لن يكون قادراً على إنتاج العملية التي تتواءم مع المعايير الدولية"، مضيفاً: "نحن قلقون للغاية بشأن المحاكمة، ويتعيّن وضع شرعية المحكمة تحت الاختبار؛ لوجود طعون حقيقية ضدها في كثير من الجوانب". وأوضح ان الإعتداءات والإغتيالات التي طالت عدد من المحامين تحول دون تمتّع المتهمين بحقّهم في الدفاع، وهو ما يقوّض أهم أركان المحاكمة العادلة.
وفي تقاريرها اللاحقة (خاصة الصادرة عامي 2007 و2008) واصلت البعثة التأكيد على "وجود عدد من الشواغل تتعلق بنزاهة الإجراءات، وهذه تشمل، من جملة أمور أخرى، صياغة مستندات الاتهام بطريقة غامضة وسيئة تؤثر تأثيرًا سيئًا على الحق الأساسي للمتهمين في الدفاع عن أنفسهم؛ وعرض الإدعاء لأدلة وثائقية لم تكن معروفة من قبل أمام المحكمة؛ ورفض القاضي الذي ترأس الجلسة تيسير حضور شهود الدفاع بما في ذلك السماح بالإدلاء بالشهادة بأي وسيلة أخرى فيما عدا الشهادة المباشرة أمام المحكمة؛ والقيود المفروضة على إمكانية السماح لمحامي الدفاع باستجواب المشتكين والمتهمين؛ وأخيرًا تردد المحكمة في السماح بمناقشة الحرب الإيرانية العراقية في سياق أوسع".
وهنالك مواقف مشابهة لهيئات أخرى، ومنظمات حقوقية ومنظمات غير حكومية وشخصيات دولية لا يتسع المجال لذكرها إلاّ أنها جميعاً تؤكد عدم شرعية المحكمة وعدم شرعية المحاكمات وتطالب بايقافها وتقديم القائمين بها الى العدالة.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن ما تقدّم ذكره، لا يعني أن كل مواقف الأمم المتحدة بخصوص العراق، وخاصة موقفها من الغزو والإحتلال، كانت مواقف منسجمة مع القانون الدولي وبصورة خاصة مع ميثاق الأمم المتحدة، بل على العكس من ذلك هنالك قصور كبير في هذه المواقف. ولكن ما يجب التنبيه له هو أن تصوير الموقف الدولي من المحاكمات الجارية في العراق بأنه موقف أتخذ لأسباب دينية كون أن الأستاذ طارق عزيز مسيحياً، هو تصوير قاصر عن فهم كل ما صدر من مواقف بخصوص هذه المحاكمات من الهيئات الدولية والدول والتي تؤكد بصورة قاطعة أنها محاكمات جائرة تقوم بها محكمة لا شرعية لها، وتؤكد على تحميل المسؤولين عنها المسؤولية الدولية مّما يوفّر الأرضية القانونية لمحاكمتهم في معظم بلدان العالم وخاصّة الأوربية. ولعل هذا ما يوفّر دعماً كبيراً لعمل المحامين يفترض أن يُستثمر دائماً في دفاعهم. وبأختصار، إن الإشارة الى مسيحية الأستاذ طارق عزيز في بعض المواقف لا تعني باية حال ان الموقف من المحاكمات بُني على هذا الاساس فالأصل في الموقف كان عدم شرعية المحكمة وعدم شرعية اجراءاتها، وبراءة الأسرى من التهم الملفقة ضدّهم.
إن المطلوب الآن من المحامين وعوائل الاسرى إعداد لوائح تفصيلية واضحة بالمحاكمات وبكل ما يجري فيها من إنتهاكات، اذ ان هنالك نواقص كثيرة في المعلومات عن المحاكمات وعن ما يجري فيها، وعدم الأكتفاء بالتصريحات والمناشدات العامة.
تحية نضالية لأسرانا الأبطال، والرحمة لشهدائنا الابرار وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر الرئيس صدّام حسين.
شبكة البصرة
السبت 21 ذو الحجة 1431 / 27 تشرين الثاني 2010
--
وفي تقاريرها اللاحقة (خاصة الصادرة عامي 2007 و2008) واصلت البعثة التأكيد على "وجود عدد من الشواغل تتعلق بنزاهة الإجراءات، وهذه تشمل، من جملة أمور أخرى، صياغة مستندات الاتهام بطريقة غامضة وسيئة تؤثر تأثيرًا سيئًا على الحق الأساسي للمتهمين في الدفاع عن أنفسهم؛ وعرض الإدعاء لأدلة وثائقية لم تكن معروفة من قبل أمام المحكمة؛ ورفض القاضي الذي ترأس الجلسة تيسير حضور شهود الدفاع بما في ذلك السماح بالإدلاء بالشهادة بأي وسيلة أخرى فيما عدا الشهادة المباشرة أمام المحكمة؛ والقيود المفروضة على إمكانية السماح لمحامي الدفاع باستجواب المشتكين والمتهمين؛ وأخيرًا تردد المحكمة في السماح بمناقشة الحرب الإيرانية العراقية في سياق أوسع".
وهنالك مواقف مشابهة لهيئات أخرى، ومنظمات حقوقية ومنظمات غير حكومية وشخصيات دولية لا يتسع المجال لذكرها إلاّ أنها جميعاً تؤكد عدم شرعية المحكمة وعدم شرعية المحاكمات وتطالب بايقافها وتقديم القائمين بها الى العدالة.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن ما تقدّم ذكره، لا يعني أن كل مواقف الأمم المتحدة بخصوص العراق، وخاصة موقفها من الغزو والإحتلال، كانت مواقف منسجمة مع القانون الدولي وبصورة خاصة مع ميثاق الأمم المتحدة، بل على العكس من ذلك هنالك قصور كبير في هذه المواقف. ولكن ما يجب التنبيه له هو أن تصوير الموقف الدولي من المحاكمات الجارية في العراق بأنه موقف أتخذ لأسباب دينية كون أن الأستاذ طارق عزيز مسيحياً، هو تصوير قاصر عن فهم كل ما صدر من مواقف بخصوص هذه المحاكمات من الهيئات الدولية والدول والتي تؤكد بصورة قاطعة أنها محاكمات جائرة تقوم بها محكمة لا شرعية لها، وتؤكد على تحميل المسؤولين عنها المسؤولية الدولية مّما يوفّر الأرضية القانونية لمحاكمتهم في معظم بلدان العالم وخاصّة الأوربية. ولعل هذا ما يوفّر دعماً كبيراً لعمل المحامين يفترض أن يُستثمر دائماً في دفاعهم. وبأختصار، إن الإشارة الى مسيحية الأستاذ طارق عزيز في بعض المواقف لا تعني باية حال ان الموقف من المحاكمات بُني على هذا الاساس فالأصل في الموقف كان عدم شرعية المحكمة وعدم شرعية اجراءاتها، وبراءة الأسرى من التهم الملفقة ضدّهم.
إن المطلوب الآن من المحامين وعوائل الاسرى إعداد لوائح تفصيلية واضحة بالمحاكمات وبكل ما يجري فيها من إنتهاكات، اذ ان هنالك نواقص كثيرة في المعلومات عن المحاكمات وعن ما يجري فيها، وعدم الأكتفاء بالتصريحات والمناشدات العامة.
تحية نضالية لأسرانا الأبطال، والرحمة لشهدائنا الابرار وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر الرئيس صدّام حسين.
شبكة البصرة
السبت 21 ذو الحجة 1431 / 27 تشرين الثاني 2010
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق