الخميس، نوفمبر 11، 2010

فخ.. اسمه مجلس الأمن!!




شبكة البصرة
د. أبا الحكم
·        أمريكا تهرب صوب مجلس الأمن.. للتملص من المسؤولية.
·        والهروب.. لا يلغي أو يحرق وثائق "ويكيليكس".
·        وإدانة أمريكا وإيران وغيرهما.. مسألة محسومة قانونياً.
·        وعلى أمريكا أن تختار بين.. إيران والمنطقة!!
 

حاولت أمريكا في فترات اقتضت تحركاً سريعاً صوب المنظمات الإقليمية، ظناً منها أن هذه المنظمات تستطيع أن تضفي على احتلالها وحكومته العميلة نوعاً من  "الشرعية" حتى تمكن تلك الحكومة البائسة من أن تنجز مشروع الاحتلال وتمنح إيران نفوذاً لم تكن تحلم به أبداً طالما انكسرت سياسياً وعسكرياً عبر تاريخها القديم والحديث.
فقد حاولت دولة الاحتلال الأمريكية أن تحمل الجامعة العربية مسؤولية ما أسمته (تخلي العرب عن العراق، الأمر الذي سيترك فراغاً ستملؤه إيران)، والإشارة هنا وضع الأنظمة العربية بين خيارين أو بالأحرى مغالطتين، الأولى: أن لا يترك العرب العراق فريسة لإيران.. والمعنى في هذه المغالطة ليس الدفاع عن العراق وعروبته، لأن بعض الأنظمة العربية فرط بسيادة العراق واستقلاله وعروبته، وفرط بشعب العراق العربي المسلم، إنما لإضفاء "الشرعية" على حكومة الاحتلال لغرض دعمها وبالتالي دعم المشروع الأمريكي في العراق تبعاً لذلك. والمغالطة الثانية : إذا ما ترك العراق فستملأ فراغ العرب إيران.. وكأن إيران لم تكن شريكاً لأمريكا قبل مؤتمر لندن عام 2001، وكأن العراق أمام هتين المغالطتين خالِ من الشعب ومن قواه الوطنية ومقاومتها التي تقود النضال والجهاد من أجل التحرير!!
وبالرغم من الجهود التي بذلتها الدبلوماسية الأمريكية المهددة والضاغطة، لم تستطع الجامعة العربية عمل شيء سوى إرسال مدير مكتب تمثيلي لها غير قادر حتى على حماية نفسه في أجواء انعدام الأمن وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية الوخيمة.. وبالرغم من تكرار هذا التحرك إلا أن الجامعة العربية وهي الفاشلة والعاجزة لم تستطع أن ترمي بطوق نجاة إلى حكومة عاجزة وفاشلة تريدها أمريكا أن تقف على قدميها الخائرتين من أجل الدفع بمشروعها إلى صالة الإنعاش.. وآخر هذه المحاولات طلب عقد مؤتمر الجامعة العربية في بغداد.!!
وكما حاولت أمريكا مع الجامعة العربية التي خضعت رغم ميثاقها الذي لا يجيز منح مقعد العراق لمندوب العراق المحتل إنما يتوجب أن تشغله المقاومة الوطنية العراقية صاحبة الحق في التمثيل والتعبير عن رأي الشعب العراقي الذي يقاوم الاحتلال ومن جاء معه على ظهور الدبابات الأمريكية والبريطانية.. حاولت أمريكا مع منظمة المؤتمر الإسلامي العزف على وتر الدين من أجل مد يد العون للحكومة العميلة في بغداد، في الوقت الذي تحارب فيه أمريكا الإسلام والمسلمين على أساس أنهم إرهابيين!!
وكما فشلت الجامعة العربية ودعوات بعض الدول العربية لعقد مؤتمرات حول الشأن العراقي، فشلت منظمة المؤتمر الإسلامي في تمكين حكومة الاحتلال في بغداد من تكريس مشروع الاحتلال، ليس لأن هتين المنظمتين الإقليميتين ترغبان في دعم شعب العراق وحركته التحررية، إنما لأسباب تقع في مقدمتها أن حركتهما الداعمة تنصب في الاتجاه الخطأ الذي يكرس الاحتلال، كما أن علة الفرقاء المعنيون بالعملية السياسية البائسة لا يجمعهم فهم مشترك حول الوطن والوطنية وبناء الوطن، بل أن انشغالاتهم الوحيدة هي النهب والسلب والاغتصاب والقتل والإقصاء تبعاً لأجندات متعارضة ومتناقضة ومتقاطعة منهجياً ترتكز على فئوية وعرقية وطائفية مقيتة، ولا تمتلك الحالة الوطنية التمثيلية، ولا الرؤية الموضوعية الشاملة في تصريف الأمور السياسية، ولا المنهجية القادرة على بناء الدولة وتكريس أمنها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والبيئي..إلخ.
 
تزييف إرادة الشعب العراقي..
حاولت إدارة الاحتلال الأمريكية تزييف إرادة الشعب العراقي بوسيلة الانتخابات حيث وضعت دستوراً طائفياً وعرقياً للبلاد :
1-  ففي الوقت الذي يحظر القانون الأمريكي الاتحادي التمييز بين المواطنين الأمريكيين على أساس الدين والعرق واللون أو الأصل القومي، وإن مخالفة هذا القانون تعد جريمة يحاسب عليها القانون الأمريكي.. نجد أن السياسة الأمريكية في العراق تكشف عن ازدواجية مقيتة يرفضها القانون الأمريكي ذاته، قائمة على تشريع الدستور وتشكيل مجلس الحكم وآلياته والحكومات ومكوناتها، وتأسيس البرلمان وتكتلاته، وإجراء الانتخابات الشكلية، وإظهار القوائم الانتخابية مفصلة كلها على أسس طائفية وعرقية.!!
 
2-  وفي الوقت الذي ترفض الإدارة الأمريكية الاعتراف باللغات القومية في المجتمع الأمريكي، ومنها أكثر من (40) مليون أمريكي يتكلمون اللغة الأسبانية.. تعمل إدارة الاحتلال في العراق على إشاعة المناهج التربوية والتعليمية التي تكرس التفرقة القومية في العراق وتشجع على حشرها حتى في (جوازات سفر المواطنين العراقيين) في سابقة خطيرة لم يألفها الشعب العراقي من شأنها أن تزيد من تمزقه على أساس العرق والمذهب.!!
 
3-  وفي الوقت الذي ترفض الإدارة الأمريكية تكتلات في الكونغرس الأمريكي على أساس التمثيل العرقي وأي أصول قومية.. يعمل الاحتلال الأمريكي على وضع (حصص في برلمان الاحتلال... للشيعة كذا، وللسنة كذا، وللأكراد كذا، وللتركمان كذا، وللطائفة الفلانية كذا..إلخ)، تتشعب عن هذه الحصص تكتلات برلمانية ومسميات وعناوين وناطقين رسميين باسم هذه الطوائف، والمؤتمرات، والندوات، والفضائيات، والصحف التي تنطق بأسمائهم.. وكلها لا تتحدث عن الوطن، إنما تسوِق لفئويتها الطائفية غير التمثيلية.
 
4-  وفي الوقت الذي لم يحدد القانون الأمريكي للمرأة الأمريكية في الكونغرس الأمريكي حصة تمثيلية.. يشرعن الاحتلال الأمريكي حصة للمرأة في "البرلمان" العراقي وفي كل هيئة على مستوى منظمات المجتمع المدني.
 
الأزمة المستعصية..
الإدارة الأمريكية تعلم بالأسباب الكامنة وراء الأزمة المستعصية، التي تمر بها "العملية السياسية" وهي في حقيقتها نظام لقوى طائفية وعرقية تتصارع على النفوذ والسلطة والمنافع الشخصية.. فيما بلغ المأزق الأمريكي حداً يصعب تصوره، وإن المحاولات التي أبداها القادة السياسيون والعسكريون الأمريكيون ومنهم (هيلري كلنتون) و(جو بايدن) والجنرال (ريموند أوديرنو) والسفير الأمريكي (كريستوفر هل) ونائبه (روبرت فورد) الذين أجروا محادثات ولقاءات مع مختلف أطياف "العملية السياسية" من أجل التوصل إلى حلول لمعضلاتها منذ ما قبل الانتخابات وبعدها وحتى الوقت الحاضر، حيث دخلت حكومة المنطقة الخضراء في عنق زجاجة لا أحد يتكهن بنتائجها.. فماذا تريد أمريكا وإيران من العراق :
أولاً- أمريكا تريد تقاسم السلطة.. بمعنى تهدئة كل الأطراف لكي لا تتعرض مصالحها لمخاطر التصادم وهي في ذروة عصبيتها وشعورها بالهزيمة السياسية جراء إدراكها بأنها باتت بين المطرقة والسندان.. مطرقة المقاومة الوطنية العراقية الباسلة، وسندان الداخل الأمريكي، الذي وضع حكومة الديمقراطيين في الزاوية الحرجة، وأظهر فشلها وحمَلها مسئولية تلك الجرائم البشعة، ظناً منه بأن الأمر سيبرأ ((أمريكا كدولة)) من هذه الجرائم الوحشية.!!
 
ثانياً- إيران تريد (المالكي)، وأمريكا تريده أيضاً ولكنها تخشى من مغبة تهميش القوى الأخرى، ليس حباً بهذه القوى، إنما حفاظاً على مصالحها التي أكدتها الاتفاقية الأمنية الموقعة مع حكومة المالكي العميلة، في الوقت الذي ترمي فيه أمريكا بهدوء إلى تفكيك أحزاب السلطة، الأمر الذي لا يجعلها تشعرها بالقلق جراء التصادم وتصفية الحسابات التي يمارسها أطراف "العملية السياسية".. لذلك فقد سكتت أمريكا وشاركت في المجازر التي ارتكبها المالكي في أوساط الصدريين وجيش المهدي.. أما إيران فقد سكتت على هذه المجازر، وحين جاء الوقت المناسب أوعزت لـ(كاظم الحائري) بأن يعالج الأمر ويغسل الدم المسفوح لسواد عيون (المصلحة الإيرانية العليا)، بالدفع نحو تكتل شكلَ قمة الانتهازية والمكانة المنحطة للصدريين، الأمر الذي أدى إلى كشف زيف إدعاءاتهم الكاذبة..فيما بات المجلس الأعلى يلعب على حافات المفاوضات بين الكتل الأخرى، وهو التوجيه ذاته الذي يخضع لسياسة توزيع الأدوار الإيرانية.. أما الأكراد فقد التزموا بسياسة انتظر لترى (Wait and see)، فوضعوا قائمة مطالب وعرضوها على الكتل المتناحرة، ولا مانع لديهم من الانضمام لمن يوافق عليها، وجوهر هذه المطالب (كركوك).. بيد أنهم لا يفقهون شيئاً سوى قشور السياسة وتهويماتها العاجلة التي تعطي الانطباع بتحقيق الأهداف، كمن يسعى نحو سراب!!
 
الهروب الأمريكي.. يقاس في ضوء مستوى الفعل المقاوم في الكم والنوع :
مهما وضع الاحتلال من حشد في الرجال والسلاح والمعدات لا ينجح، ومسببات عدم النجاح تقوم على عدد من العوامل :
أولاً- المقاومة الوطنية العراقية لن تتوقف، ولديها من القدرة على المطاولة ما يجعلها خارج الحسابات التقليدية، وزخمها يقوم على قاعدة تحقيق (الكيف والكم) في الفعل المقاوم كلما أمكن ذلك في المكان والزمان المعينين، ولن تلهيها الحلقة المفرغة التي تدور في إطارها بيادق العملاء والمنتفعين من الظرف والحالة التي تعكس منبعاً للثراء غير الشريف ثم الفرار إلى الخارج.
ثانياً- أطراف "العملية السياسية" لن يقدروا على إصلاح حالهم، لأن أحوالهم فارغة ومأزومة (كل يريد أن يفصل دشداشته على مقاسه، أما الوطن فلا يهمهم أن يبقى عارياً كما خلقه الله)، وسيستمر تآمرهم على بعضهم وتأكلهم من أجل المال والمنصب والنفوذ.
ثالثاً- النظام الإيراني.. يعيش في عصبية رغم التوافق مع أمريكا على اقتسام المنافع أو المصالح، ولكن لهذا النظام أجندته الضاغطة التي يسعى من خلالها إلى الحماية والتمدد في النفوذ من العراق إلى لبنان إلى حافات البحر الأبيض المتوسط، ومن العراق إلى الكويت فالبحرين وباقي دول الخليج العربي.. والنظام الإيراني يرى أنها فرصة ذهبية لن تتكرر له في التاريخ المعاصر بالرغم من تأكل وضعه الداخلي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفقهياً مذهبياً..إلخ.
رابعاً- المحيط العربي القريب لواقع التأزم في العراق، بعضهم يلعب حسبما تمليه عليه توجيهات السفراء الأمريكيين، يساورهم القلق من تدفق الطائفية إلى مخادعهم ولكنهم ليسوا نادمين على وضع العراق وإسقاط نظامه الوطني، بل خائفين على نظمهم السياسية.. وعلى هذا الأساس يقفون حيال الوضع في العراق بين (رفض الحالة الطائفية) وبين (الدعوة للتهدئة وإصلاح ذات البين، وإبقاء وضع الاحتلال قائماً).. دون أن تخرج دولة عربية شجاعة تقول الحقيقة، أن الطائفية مرفوضة وإن الاحتلال بأي شكل وبأي لون مرفوض، حينئذٍ يصار إلى العمل على أساس هذا الموقف الموضوعي الشجاع الذي يؤسس للعراق أمنه وللمنطقة استقرارها.
خامساً- الأمريكيون يجربون كل الوسائل الممكنة والمتاحة، بالرغم من جراحاتهم الدامية وانكساراتهم وهزائمهم السياسية، وإن تجريبيتهم لا تتوقف حتى عند الفرصة الأخيرة لهروبهم!!.. يجربون القتل، والتفكيك، والفتنة الطائفية، والإفساد المالي والإداري، والتورط أللأخلاقي، والجريمة المنظمة، والإبادة الجماعية، حتى جرائم ضد الإنسانية.. بالرغم من شعورهم بأن فرصهم في البقاء باتت حرجة ومكلفة!!
 
وتبريرات الهروب من أجل إخفاء الهزيمة وإخفاء الجريمة متعددة :
أولاً- الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لكي يتم تدويل (الوضع في العراق) لأنه مستعصي وقد يقود إلى (حرب أهلية مليشية يجب تفاديها)!!
ثانياً- الاختباء خلف قرارات يصدرها مجلس الأمن تكرس حالة غير حقيقية تقول (إن الإشكالية هي من صنع العراقيين وليس غيرهم، الأمر الذي يستوجب إرسال قوات حفظ السلام إلى العراق وفي مقدمتها القوات الأمريكية)!!
ثالثاً- التنصل عن الجرائم التي كشفتها وثائق (ويكيلكس) أو إخماد أو تأجيل إثارتها في ظروف الصراعات الداخلية في كل من بغداد وواشنطن ريثما (يستطيع) الديمقراطيون من إقناع الرأي العام الأمريكي بأن هذه الجرائم -وهي مغالطة واضحة- تتحملها ولآية الجمهوريين في عهد الرئيس بوش الصغير المدمن على المخدرات، حيث يتم الضغط السياسي والدبلوماسي من أجل تمييع أي تحركات أو دعوات تستهدف البحث في هذا الكم الكبير من وثائق الإدانة كجرائم حرب ضد الإنسانية!!
 
ربما.. سيلجأ الجمهوريين الذين برزوا ثانية في الانتخابات الأخيرة ومن بينهم بعض المحافظين الجدد إلى صدمة جديدة في المنطقة بعد "انسحاب" القوات الأمريكية من العراق، لإعادة توازنهم.. ولكن عليهم أن يختاروا بين إيران والمنطقة، أما اللعب على حلقة سياسية مفرغة إذا ما نجح في وقت فلن ينجح هذا اللعب في كل وقت أبداً!!
11/11/2010
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار