الاثنين، يوليو 20، 2009

هل هذا حليفٌ يُضرب؟

هل هذا حليفٌ يُضرب؟

شبكة البصرة

بقلم : علي الصراف

يقول وزير الخارجية السويدي كارل بيلت الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي "إن ساعة الحقيقة بالنسبة الى الملف النووي الإيراني تقترب، وان أوروبا ستواجه خيارات صعبة في الأشهر المقبلة".

ولكي يزيد بيلت أمره وضوحا، فقد أشار أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ "الى أن هناك خيارات وأحكام صعبة سنضطر الى اتخاذها في الأسابيع والأشهر المقبلة، ولكن ليس ابعد من ذلك".

ولم ينقص هذا التأكيد على قصر الوقت، سوى أن ينظر الوزير الى ساعته. إلا انه لم يفعل. فقد مضى على اسطوانة "الخيارات الصعبة في الأشهر المقبلة" نحو أربع سنوات، منذ أن أثيرت إمكانية توجيه ضربة عسكرية لإيران لأول مرة.

وقد مرت في مجرى هذه السنوات مياه كثيرة، رأينا فيها الكثير، ولكننا لم نر ضربة، ولا صفعة ولا حتى وخزة عصا.

ومنذ أن كشف سيمور هيرش، صحافي النيويوركر الشهير، خطط البنتاغون حول الاستعداد لهذه الضربة ونحن نضحك. وصار الضحك قهقهة عندما قامت إسرائيل باستعراض تلفزيوني للطائرات التي ستقوم بتلك "الضربة".

وما نزال نضحك، حتى أصبح التهديد بضرب إيران أطول تهديد في التاريخ العسكري منذ اختراع الرمح.

ولكن يجب الاعتراف بان السياسيين الغربيين إذا أرادوا تمثيل مسرحية تراجيدية، فانهم يواصلونها بصرف النظر عن ضحكات الجمهور، ويستمرون بها حتى ولو تلقوا أحذية.

فهم يعتبرون أنفسهم يؤدون واجبا، وأن هذا الواجب، لا يستوجب التفكير، ولا ربط الوقائع بعضها بالبعض.

والحال، فقد رأينا إيران تتعاون مع الولايات المتحدة، خلال السنوات الأربع الماضية، أكثر بكثير مما فعلت أوروبا.

ـ الحلف الأطلسي، على سبيل المثال، رفض أن يقدم قوات لمساعدة الولايات المتحدة على تدبير شؤون الاحتلال في العراق، بينما كانت قوات الحرس الثوري، ومليشيات آية الله الدجال، تنفذ كل المهمات، وخصوصا القذرة، لملاحقة منظمي أعمال المقاومة المسلحة.

ـ وباستثناء بلير وبراون وساركوزي من المنتفعين المباشرين من مشاريع نهب الثروة، فان عددا محدودا للغاية من الزعماء الأوروبيين قام بزيارة العراق تحت ظلال زيزفون الاحتلال، بينما نزل الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ضيفا على قواته واستقبل عددا من كبار ضباطه (وربت على أكتافهم، وأوصاهم خيرا بالشعب العراقي، حسب ما جاء على لسانه).

ـ وتم توقيع "الاتفاقية الأمنية" (بكل ملحقاتها الإستراتيجية التي تستهدف تأبيد الاحتلال) بموافقة صريحة ومعلنة من جانب إيران. فواشنطن لا تجهل، ولا تستطيع أن تتجاهل، حقيقة أن إيران هي التي وقعت على تلك الاتفاقية بأصابع عملائها.

ـ ووفرت إيران من خلال مليشياتها الغطاء البشري الذي سمح بالسيطرة على مختلف المفاصل الإدارية في الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة، مما أتاح للولايات المتحدة أن تكتفي بمستشارين، يعملون في الحقيقة مع مسؤولين إيرانيين.

ـ وبفضل التنظيم والمتابعة اليومية تمكنت الإدارة الإيرانية من الإشراف على تشكيل ومراقبة الوحدات العسكرية (الجيش والشرطة) التي يقول الأميركيون أنهم عملوا على تدريبها، الأمر الذي سمح للقوات الأميركية بالانسحاب، ولو شكليا، من المدن، لكي تخفف عنهم أعباء العمليات اليومية التي تنفذها المقاومة.

ـ وحيثما تعرف الولايات المتحدة أهمية النفط، فهي تعرف انها تتقاسم النفوذ مع إيران، نفطا وسياسة.

ـ وإذا كانت إسرائيل تمد لنفسها خيوطا في العراق، فتل أبيب تعرف هي الأخرى، انها ما كانت لتحصل على موطئ قدم واحد لولا أن هناك حكومة عملاء إيرانيين يحكمون في بغداد.

كل هذا تحقق بفضل إيران. الكثير من أوجه الخراب الذي يسيل من أجله لعاب شركات "إعادة الاعمار" الغربية، كما الكثير من أعمال القتل والتصفيات الوحشية، والتفجيرات ذات الطبيعة الطائفية المنظمة، إنما تم تدبيرها من قبل إيران. وهو ما لم يفعله أي حليف أوروبي آخر للولايات المتحدة.

بل أن القوات الأوروبية، بما فيها البريطانية، تخلت عن الاحتلال واختارت الانسحاب، تاركة الولايات المتحدة وحدها لتتقاسم المسؤولية هي وآية الله الدجال.

فهل هذا حليفٌ يُضرب؟

فحتى ولو كانت إيران تملك أسلحة نووية، فمن حقها أن تضع إصبعها في عين كل أميركي لتقول له أنها تحميه وتحمي مصالحه في العراق، فلماذا لا يكون من حقها أن تحمي نفسها بخبرات وإمكانيات نووية؟

العراق هو جوهرة التاج في الإستراتيجية الأميركية. وهو يشكل الأهمية نفسها بالنسبة لإسرائيل. وإيران هي التي قدمت، بعملائها ومليشياتها وفرق موتها، هذه الجوهرة على طبق من فضة لحساب واشنطن وتل أبيب.

فهل هذا حليفٌ يُضرب؟

ومن دون دعم طهران وواشنطن لحكومة العملاء المزدوجين، هل كان الاحتلال سيبقى بينما ظل يواجه أكثر من 100 هجوم يوميا لعدة سنوات؟

لقد عمّد آية الله الدجّال شراكته مع مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل بالعرق والدم. ومن اجل خدمة هذه المصالح ما تزال حملات القتل والإبادة والتفتيت و"المحاصصة" والنهب والاعتقالات وأعمال التعذيب جارية على قدم وساق.

فهل هذا حليفٌ يُضرب؟

طبعا، يمكن للمرء أن يسمع الكثير من الجعجعة. ولكن إذا وضعت هذه الجعجعة في سياقها (كوسيلة لبيع الخوف والأسلحة)، فان من حق المرء أن يضيف الكثير من القرف على السخرية التي تثيرها هذه الاسطوانة المشروخة.

وزراء أغبياء مثل كارل بيلت يستطيعون أن يمارسوا دورهم كحمقى، لا يفكرون ولا يربطون الوقائع ببعضها، إلا أنهم لا يستطيعون، وهم يقتربون من "ساعة الحقيقة"، ألا يلاحظوا إنها ساعة حقيقتهم بالأحرى.

سيد بيلت، نحن ننتظر أيضا.

وعندما تنتهي مهمتك بعد ستة أشهر، سنعرف أن ساعتك متوقفة، وأن "الأسابيع والأشهر المقبلة" لن تأتي.

alialsarraf@hotmail.com



ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار