الخميس، نوفمبر 01، 2012

"إسرائيل" : ما يحصل من حولنا يحل كل مشاكلنا!!





بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


شبكة البصرة

د. أبا الحكم

المقدمة:

تصدير بعض السياسات ذات الطابع الإستراتيجية إلى الخارج، قد يغطي على المشاكل التي تعانيها (إسرائيل)، وهي بالجملة، وتقع في مقدمتها ازدياد نسبة السكان الفلسطينيين، وهم أهل الأرض الفلسطينية منذ ألاف السنين.. واتساع المستوطنات الإسرائيلية بدون هجرة صهيونية خارجية، وزحفها على حساب الوجود الفلسطيني أرضاً وشعباً، والتي ترتبط بإستراتيجية تجريف الأرض والبشر، على حدٍ سواء وفي آن واحد.. فضلاً عن المتغيرات الراهنة، التي أفرزت وستفرز قوى ترفض الكيان الصهيوني أن يكون جزءً من "لحمة المنطقة وسداها" تعبيراً لخط الرفض منذ عام 1948 وحتى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر".!!


ثلاثة مقاربات إذن تقلق الكيان الصهيوني :

· ارتفاع نسبة المواليد في عموم فلسطين المحتلة.

· واتساع المستوطنات بدون هجرة صهيونية خارجية.

· ومتغيرات تحصل في المنطقة، لا تصب في الخانة الإسرائيلية، على الرغم من الفوضى العارمة ذات الطابع الدموي التي تعم المنطقة برمتها تقريباً.. وعلى الرغم من بروز قوى مدعومة علناً من لدن الغرب تتربع قمة الهرم السياسي وتتصدر واجهات الصراعات على مختلف الساحات العربية، لأن هذه القوى ولدت ساقطة لأسباب ثلاثة :

أولاً- إنها صعدت بدعم من الغرب، ونشطت بدعم وتحريض منه، الأمر الذي يجعل الشعب العربي ينظر إلى تلك القوى على أنها لا تلبي طموحاته ما دامت مرتبطة بمصالح الغرب ومخططاته.. وإن سقوطها مسألة وقت يرتبط بعوامل الصراع ومحدداته ونضجها، والمثل الصارخ (مصر العروبة).


ثانياً- إن القوى التي صعدت بدعم الغرب وتحريضه، من الصعب أن تتلائم منهجياً مع واقع الشعب ومتطلباته.. وعلى هذا الأساس فمن العسير القبول بفكرة أن تلك القوى قادرة على أن تبني دولة مدنية تتماشى مع روح العصر، لا في التشريع ولا في البناء ولا في الرؤى.. وذلك لاعتبارات تتعلق بالمنهج أولاً وبطبيعة مكوناتها العقيدية- الدينية ثانياً.


ثالثاً- هذه القوى ذات توجهات أممية تريد تطبيق شرعة أممية في واقع قومي صارم لا يساوم على هويته القومية بحال.. فكيف السبيل لفك التشابك بين الأممية والقومية، إذ من الصعب القفز على الواقع القومي بأطروحات أممية.. والتجارب في العالم تثبت ذلك.!!


رابعاً- الواقع القومي له ثوابت يصعب تجاوزها أو التنكر لها، لأنها إرث تاريخي وثقافي وحضاري له جذور عميقة ضاربة في عمق الوعي بالإنتماء للأمة، فليس من السهل محو هذا الوعي بالقفز خارج حدوده صوب أممية من الصعب تحقيقها بتجاهل الواقع القومي الحي المتحرك صوب أهدافه الواقعية لصياغة واقع الأمة في وحدتها الضرورية وحريتها الضرورية وعدالتها الاجتماعية.. هذه الأهداف تنطلق من متلازمة تجمع بين القومية والإسلام... فلماذا القفز على واقع قومي عربي يؤمن بهذه المتلازمة بشكل صارم حتى وهو يواجه الطوفان؟!

وعلى أساس تلك المقتربات أنفة الذكر، والمتلازمة العضوية القائمة بين العروبة والإسلام، فأن الكيان الصهيوني، وهو يحاول ومعه الغرب بكل مشاريعه (الشرق أوسطية.. ودول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط.. والشرق الأوسط الكبير.. والشرق الأوسط الجديد..إلخ)، الدخول أو التغلغل في بنية المنطقة وجسدها أو نسيجها فلم يفلح، وفشل في الحرب كما فشل في مشاريع السلم، وتصور أنه استطاع أن يستدرج الروح العربية المقاومة، على أساس قرار (242) و (338) ومبادلة الأرض بالسلام، فأخذ الأرض ولم يمنح السلام، لا في أوسلو ولا في غيرها، وظلت وعوده هلامية كما هي رؤيته في مسألة الحدود، التي يرفض أن تكون لها دعامات معترف فيها دولياً، لأن هذه الدعامات تصطدم مع أهدافه الكبرى من النيل إلى الفرات، فيما تظل الدولة الفلسطينية المزعومة مرهونة بسياسة العصا والجزرة، فلا الفلسطينيون نالوا الجزرة بل على العكس يتلقون العصي والتهجير كل يوم والتجريف يدفعهم إلى خارج أراضيهم الوطنية.. والتفكير الصهيوني الراهن يسعى إلى دمج الضفة الغربية مع الأردن، وربما التمهيد لجعل غزة جزءً من مصر.!!

هذا التفكير الصهيوني الخبيث سيكون فاشلاً، لأنه إذا انطلى على القيادات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لن ينطلي على الشعب الفلسطيني بأي حال، ولأن هذا الشعب يعتز بأرضه وقدم لها تضحيات لا تقدر بثمن فأنه لن ينصاع لما تخطط له الصهيونية الأمريكية بأدوات عربية وتركية وإيرانية. والنضال سيستمر إلى أن تتقوض أركان (الدولة الدينية- اليهودية)، التي تخطط لتجعل دويلات إعصار الفوضى العارمة تقود التيار الديني الزائف، ليكون الكيان الصهيوني (دولة دينية) تندمج معها على قاعدة اقتصادية تحكمها مفاهيم التهديد الصهيوني بالحرب.. وهذا يحقق للكيان الصهيوني ما عجزت في تحقيقه مشروعي (الشرق- أوسطية، ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط).!!

هذا التحليل قد استخلصه حزب البعث العربي الاشتراكي قبل عقود ثلاثة، وربما أبعد من ذلك، ورددتها أدبياته السياسية، ويبدو أن النظم السياسية العربية لم تكن تصغي لتلك التحليلات العميقة، التي تستشرف المستقبل بكل إرهاصاته وتداعياته الخطيرة.

الوطن العربي، على الرغم من كل هذه الفوضى، وعلى الرغم من تصدر عناصر جديدة بعد أن استهلكت الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العناصر القديمة، التي تربعت قمة الهرم السياسي في الساحات العربية طيلة عقود من السنين وأمعنت في تأخير نهضة الأمة وعرقلت مسيرتها وأغرقتها بالفساد والعجز.. هذا الوطن الكبير سيظل وطناً قومياً لشعب عربي عريق يحتضن القوميات والأديان الأخرى من منطلقه الإنساني والموضوعي ومن عمق إيمانه وحضارته العربية- الإسلامية.

أما الكيان الصهيوني.. فليس له مستقبل بين ظهراني الأمة، لأنه دخيل عليها ومغتصب.. فلو كان له مستقبل لَما عاش الخوف على وجوده الكسيح، ولما أمعن في منهجه الدموي طيلة أكثر من ستين عاماً على اغتصابه فلسطين.


قادة الكيان الصهيوني يجمعون بين الفرح والخوف :

1- الفرح، لأن الفوضى تعم الساحات العربية، والجيش العراقي الباسل قد تفكك، والجيش المصري الباسل قد تكبل بمعاهدة الذل (كامب ديفيد)، والجيش السوري منهك ومبعثر وعلى وشك التفكك، والجيش الأردني مكبل بمعاهدة وادي عربة، والجيش اللبناني تأكله ساحة الصراع الطائفي، والجيش الليبي قد تفكك وتحول إلى مليشيات متصارعة ومتناحرة، والجيش السوداني قد انشق وأصابه التصدع والضعف، والجيوش العربية الأخرى قد فقدت قدراتها على أداء مهماتها.. وهذا ما تريده (إسرائيل)، بتدمير عناصر قوة الأمة.!!


2- الخوف، لأن المستقبل مجهول وغير مضمون، والداخل الإسرائيلي قائم على التمييز العنصري والتنوع القومي، الذي يضم اختلاف المكونات والعادات ومنابع الثقافات، والدين الجامع لا يمثل قومية للمجتمع الإسرائيلي، الذي لا يملك قومية واحدة موًحِدة، ولا يضمن سيادة على أرضٍ ليست أرضه.. فإذا سألت مسئولاً مدنياً إسرائيلياً، أين هي حدود بلدك؟، سيقول لكَ لا أعلم.. وإذا سألت مسئولاً عسكرياً إسرائيلياً، أين هي حدود بلدك؟ سيقول لكَ حيثما تقف دبابات جيش الدفاع الإسرائيلي!!

النزعة العسكرية التوسعية الدموية لم تغادرها (إسرائيل) منذ أن اغتصبت أرض فلسطين وأراضي العرب وحتى الآن.. فكيف تتعايش مع واقع مختلف تماماً ويرفض هذا الكيان المغتصب؟!

وإذا كانت لعبة توظيف العناصر ذات الاتجاه (الإسلاموي) في مصر وتونس وليبيا والعراق وسوريا وبقية الساحات العربية ومنها الخليج العربي، لإنهاء معادلة الصراع الحقيقية الكائنة بين عناصر القوة القومية العربية وبين الكيان الصهيوني عن طريق خلق النقائض لأغراض التقسيم والتفتيت، فأن هذه اللعبة ليست سوى فقاعة سرعان ما يعيد انفجارها معادلة الصراع الحقيقية مع أعداء الآمة التاريخيين إلى الواجهة.. وهذا تثبته حقائق التاريخ، وهو الأمر الذي يخيف (إسرائيل) أكثر من أي عامل آخر.

فالمشاكل التي خلقتها الصهيونية والإمبريالية للوطن العربي ستنقلب عليهما، وليس كما تتصور (إسرائيل)، من أن ما يحصل من حولها سيحل مشاكلها.. فبأي اتجاه ستحل؟ ومن يضمن أن تحل مشاكل مجرم مطلوب للعدالة؟!

31/10/2012

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار