بتارخ 27 تموز| يوليو 2003 نشرنا في هذا الموقع مقالا بعنوان ( الاجحاف في فرض التعويضات على العراق) ( نشر المقال في جريدة القدس العربي بتاريخ 30\7\2003) .بينا فيه الحقائق الكاملة عن الاجحاف الذي لحق بالعراق جراء فرض القرارات الظالمة وغير المنصفة عليه.كما بينا الاسس التي اعتمدها مجلس الامن التي عالجت مسألة التعويضات في القرارات 674 (1991) و 686 (1991) و 687 (1991). ان القاسم المشترك بين هذه القرارات الثلاثة هو أن مبدأ التعويض يجب ان ينفذ بموجب القانون الدولي. وقد قبل العراق ( في حينه ) مبدأ التعويض بتلك الصيغة للظروف الدولية المعروفة ومحاولة منه لتخفيف آثار الحصار الجائر الذي كان مفروضا عليه. وبما أن قواعد القانون الدولي كان مقرراً أن تكون هي الأساس للتعويض، فأن العراق كان يأمل في أن تصبح آلية تنفيذ هذا المبدأ مستندة الى نفس القواعد.
أوصى الامين العام للامم المتحدة بتاريخ 30/مايس/1991، بمذكرة رفعها لمجلس الامن،( بأستقطاع النسبة الاعلى) ومقدارها 30% من صادرات النفط والغاز والمنتجات النفطية العراقية وصادق مجلس الامن على تلك التوصية بالقرار 705 (1991).
ان الطريقة التي تبناها مجلس الامن لا سابق لها في القانون الدولي، وهي تخالف ممارسات التسوية الطبيعية المتبعة عادة بعد وقف الحرب وأساليب حسم المطالبات المتبعة من قبل الدول ذات السيادة. والتي ينبغي ان تستند الى المبدأ الأساسي للمساواة بين سيادة الدول.
وهناك اعتراضات جوهرية على طريقة تأسيس لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، وخصائص إجراءاتها والقواعد والمبادئ الأساسية التي كانت تطبقها. ان المشكلة الرئيسية
كانت تكمن في حقيقة أن مجلس الأمن كهيئة سياسية، قد تولى، ولو بدعم من عدد كبير من الدول ذات المصلحة بالتعويض، الوظيفة القضائية باستبدال الصيغ الطبيعية لتسوية النزاعات الدولية بعملية إدارية وسياسية (يسيطر عليها هو) إضافة الى الوظيفة التشريعية باستبدال المعايير التقليدية لمسؤولية الدولة في القانون الدولي ببعض القواعد المختلفة التي تطبقها لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة. ان مجلس الأمن ليس لديه أي سلطة بموجب الفصل السابع من الميثاق لأن يفعل ذلك. ومع ذلك مارس المجلس صلاحيات من غير اختصاصها.
ان نظام التعويضات كان يستند الى اسس سياسية بشكل واضح، وليس الى اعتبارات قانونية ومعالجة واجبة للقانون الذي تتطلبه العدالة الطبيعية.
لقد كانت الولايات المتحدة القوة الدافعة الرئيسية وراء إنشاء النظام موضوع البحث بكامله.
وفي الحقيقة ان العراق لم يفوت أي فرصة لأعلان اعتراضه على نظام التعويضات المفروض عليه سواء أمام لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
أن ما أشرنا اليه في أعلاه لا يمثل معايير القانون الدولي لمعالجة مسؤولية الدولة وانما نابع من حقد سياسي دفين ضد العراق وشعبه. فان نظام لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة كان برمته نظام سياسي مجحف فرض على العراق، لقد أريد لهذا النظام أن يكون عقوبة انتقامية فرضها على العراق الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا همها، بقصد تكبيليه وتدمير أقتصاده الوطني. والان بعد ان أحتلتا العراق بحججهم الواهية وأباطيلهم الخادعة وتكرارهم معزوفة أعادة أعمار العراق. فهل تعملان الان جديا على ألغاء هذا القرار الجائر لأستثمار عوائد نفط العراق في أعماره ما دمره الامريكان والبريطانيين خلال الحصار الجائر وغزوهم الغاشم عام 2003.
في خريف عام 2000 ، طرحت ثلاث مسائل على بساط البحث في مداولات المجلس، أي تخفيض نسبة الاقتطاع البالغة (30%) من قيمة مبيعات النفط بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء، والطيران المدني من والى العراق، ومراجعة سياقات عمل لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة. أجرى الأعضاء الخمسة الدائميون في مجلس الأمن مشاورات حول هــذه المسائل ، وفـــي 26/ ايلول/ 2000 توصلوا الى صفقة شاملة تتضمن اتفاقاً على قرار باتفاق الاراء. وقد تمت المصادقة على هذه الصفقة الشاملة من قبل المجلس في 27 /ايلول /2000،.وقد تم خفض النسبة الى 25% بموجب قرار مجلس الامن 1330 في 5\12\2000 وبعد الاحتلال الامريكي للعراق خفضت النسبة الى 5% بموجب قرار مجلس الامن 1483 (2003).
اعتمد مجلس الامن بتاريخ 15\12\2010 ثلاثة قرارات هي 1956 و1957 و1958 , والتي أعتمدت ايضا بموجب الفصل السابع من الميثاق. وما يهمنا في هذا المقال هو القرار 1956 لعلاقته بموضوع التعويضات.
يقرر القرار في فقرته العاملة (3) على ان يتوقف بعد تاريخ 20 حزيران\ يونية 2011 تطبيق مقتضيات الفقرة 20 من قرار مجلس الامن 1483 (2003) التي تنص على أن تودع جميع العائدات الاتية من صادرات العراق من النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق تنمية العراق، يعني تسلم المبالغ المتاتية مت تلك الصادرات الى الحكومة العملية في بغداد، ويؤكد القرار استمرار تطبيق الفقرة 21 من القرار المذكور التي تنص على أن تودع نسبة 5 بالمائة من العائدات الاتية من مبيعات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي في صندوق التعويضات المنشأ وفقا للقرار 687 (1991) والقرارات اللاحقة ذات الصلة ويقرر كذلك أن تودع في صندوق التعويضات نسبة 5 بالمائة من قيمة جميع المدفوعات غير النقدية للنفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسددة الى مقدمي الخدمات وأن تكون المتطلبات المذكورة اعلاه ملزمة لحكومة العراق مالم تقرر حكومة العراق ومجلس ادارة صندوق الامم المتحدة للتعويضات خلاف ذلك في اطار ممارستها لسلطتهما على طريق كفالة تسديد المدفوعات في صندوق التعويضات.
وفي الفقرة العاملة السادسة يطلب القرار الى الامين العام أن يقدم الى المجلس تقارير خطية على أساس متواصل كل ستة أشهر عن صندوق الامم المتحدة للتعويضات يتضمن تقييما لمدى تواصل الامتثال لأحكام الفقرة (21) من القرار 1483 (2003) على أن يقدم التقرير الاول في موعد لايتجاوز 1 كانون الثاني\ يناير 2012.
قبل أن نناقش النتائج المترتبة على هذا القرار ونفضح من يدعون الحرص على مصالح العراق وشعبه.
نود أن نبين ان صندوق التعويضات قد أقرت، ظلما وعدوانا مبلغ بحدود (56) مليار دولار مستحقة الدفع. دفع العراق من هذا المبلغ منذ عام 1996 ( تاريخ دخول مذكرة التفاهم، برنامج النفط مقلبل الغذاء مرحلة التنفيذ) ولغاية منتصف العام 2009 مبلغا قدره 30.7 ( ثلاثون مليارا وسبعمائة مليون دولار) منها 27.62 ( سبعة وعشرون مليار وستمائة وعشرون مليون دولار للكويت وحدها) وذلك حسب تصريح حسين الشهرستاني، وزير النفط في حكومة العملاء الذي ادلى به لراديو سوا الامريكية بتاريخ 6\5\2009.
وفي التصريح اعلاه قال الشهرستاني بان بغداد ستطالب بتخفيض نسبة الاستقطاعات لاغراض التعويضات الى 2.5 بالمئة.
السؤال هنا لماذا لم تطالب حكومة العملاء مجلس الامن بتخفيض النسبة الى 2.5%؟ حسبما صرح وزير نفطهم قبل أشهر؟؟، بل لماذا لم تطالب بالغاء هذا الاجحاف بحق العراق لاسيما انهم يعلمون بانها فرضت عليه لاغراض وأهداف سياسية؟؟ وبعد ألاحتلال يفترض أن هذه الاهداف السياسية قد تحققت بعد اسقاط الحكم الوطني في العراق. فالذي يدعي بانه جاء لتعمير العراق واعادة بنائه الا يجدر به من باب اولى ان يدافع عن مصالحه ويوفر المبالغ التي تساعدهم في هذا البناء كما يدعون؟؟!! أم أن أمريكا قد قررت وما عليهم الا التنفيذ صاغرين. أن اليات اعتماد مطالبات التعويضات هي أكبر فضيحة لسرقة الاموال في التاريخ! ولمن يريد الاطلاع على التفاصيل ليراجع مقالنا الموسوم ( الاجحاف في فرض
التعويضات على العراق. الرابط في نهاية المقال).
ويقرر المجلس في قراره 1956 كذلك أن تودع في صندوق التعويضات نسبة 5 بالمائة من قيمة جميع المدفوعات غير النقدية للنفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي المسددة الى مقدمي الخدمات وأن تكون المتطلبات المذكورة اعلاه ملزمة لحكومة العراق. وهذا يعني أن العراق ملزم بدفع 5% من مبالغ عقود الخدمات النفطية التي وقعها مع الشركات الامريكية وغير الامريكية والتي بلغت الى الان بحدود 50 مليار دولار. لانه حسب الاتفاق مع الشركات يدفع العراق مقابل خدماتهم نفطا وليس نقدا. اي انه يدفع لتلك الشركات نفطا و5% من مجموع أقيام تلك النفوط نقدا لصندوق التعويضات. فلماذا لم يناقش الامعات الذين مثلوا العراق واضعي مشروع القرار بان العراق بحاجة ماسة الى تأهيل منشآته النفطية بعد الدمار الذي لحق به جراء الحصار والعدوان العسكري الامريكي عام 1991 و2003؟؟؟ لماذا لم يطالبوا باستثناء هذه العقود من الدفع؟؟؟ هل هؤلاء الامعات حريصون على مصالح العراق؟؟!!
كان ينبغي بل يجب عليهم أن يصروا على تقويم الظلم الذي الحقه نظام التعويضات بالعراق ويطالبوا مجلس الامن والمجتمع الدولي برفع الاجحاف الذي لحق به من جراء فرض هذا النظام الجائر عليه وذلك من خلال اصدار قرار جديد من مجلس الامن يلغي بموجبه جميع القرارات ذات الصلة لأن أستمرار العراق في دفع هذه المبالغ الضخمة التي تقدر بحدود 200-240 مليار دولار، لايصب في اتجاه الحرص على مصلحة العراق وشعبه وأعادة أعماره.
أللهم أحفظ العراق وأهل العراق.
وجدي أنور مردان
بغداد المحتلة
أواخر كانون أول 2010
رابط المقال المذكور:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق