الخطب التي يلقيها الشعوبي جلال الدين الصغير في جامع براثا في بغداد هي مثال صارخ على الدجل والتدليس والطائفية البغيضة وإحتقار الحقيقة والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف. وآخر نماذج هذا الدجل ما نشره موقع براثا عن خطبة جلال الدين الصغير ليوم الجمعة 12/6/2009 حيث قال الصغير : (ان طريق حمل السلاح والمواجهة المسلحة طريق سهل يمكن لأي احد يمتلك شيئا من الشجاعة والجهد أن يأخذ بندقية أو اي نوع آخر من السلاح وينزل الى المواجهة، ولكن المقاومة السياسية السلمية هي الطريق الأصعب على الاطلاق).
بهذا الموقف يستهين الصغير برسالات السماء التي أكّدت على وجوب رفع السلاح بوجه الظلم والطغيان (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم – البقرة 190)، ويستهين بالقوانين الوضعيّة التي منحت الشرعية لحروب التحرير للتخلص من الاحتلال، كما يستهين ببطولات الأفذاذ من أمتنا الذين حملوا السلاح من أجل الدفاع عن المباديء ورفض الظلم، وفي مقدمتهم الإمام الحسين سلام الله عليه الذي رفض الذلّة وشهر سيفه فأصبح رمزا للمقاومة والفداء ونبراسا على مر العصور لجميع الثائرين على الظلم والطغيان. ولو كانت المقاومة السياسية السلمية هي الطريق الأصعب، كما يدّعي الصغير، لسلكها سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين سلام الله عليه.
وإذا كانت هناك بعض حالات الإحتلال العسكري في عالمنا المعاصر قد جوبهت بمقاومة سياسية، مثل حركة غاندي في الهند، فهي حالات محدودة وكان مظهر الإحتلال الرئيسي فيها هو الإقتصاد، فحورب الإقتصاد بالإقتصاد. أما حالة العدوان والإحتلال الأمريكي للعراق، فهي الأكثر بربرية وطغيانا وإغتصابا للشرف والحقوق في تاريخ الإنسانية، وإن عدم رفع السلاح بوجه هذا العدوان والإحتلال يعني القبول طوعا بالذلة، وهذه لا يدعو لها إلاّ عميل للإحتلال أو ساع لإذلال العراقيين، وكلا الأمرين يجتمعان لدى الصغير.
كما حاول الصغير تشويه معنى ومضمون المقاومة السياسية للإحتلال. فالمقاومة السياسية تعني رفض الإحتلال بشكل مطلق وإعتباره عدوانا والسعى لهزيمة مشروع الإحتلال برمته وتحرير الوطن، أي أن المقاومة السياسية هي جزء من مشروع المقاومة المسلحة وظهير له. ولذا فإن من جاء به المحتل للعراق، وشكل به عمليته السياسية، وإستخدمه لقمع المقاومة والتنكيل بالعراقيين بفرق الموت التابعة له، ويراه العراقيون كل يوم يتصدر جلسات مجلس النواب المنشأ في ظل الإحتلال، إنما يمثل العمالة السياسية للمحتل وليس المقاومة السياسية له.
وفي نفس خطبة الصغير هذه، وبنفس منهجه الباطل، دعا الصغيرالحكومة العراقية المنشأة في ظل الإحتلال : (الى اعتبار يوم 30/6 من كل عام عيدا وطنيا للعراق بإعتباره اليوم الذي سيحصل فيه العراق على سيادته الكاملة وخروج القوات الأمريكية من مدنه كافة).
وهذا دجل وتزوير للحقائق، فالقوات الأمريكية ستخرج من المدن العراقية (ولربما ليس كلها) في 30/6/2009 ولكنها ستبقى على أرض العراق. سيبقى خمسون ألف جندي أمريكي يدنسون أرض العراق متوزعين على 58 قاعدة من شمال العراق الى جنوبه جاهزين لدخول مدننا وقرانا وبيوتنا وغرف نومنا وقتما يشاؤون، فكيف يدعي الصغير أن سيادة العراق أصبحت كاملة؟ وحتى لو إفترضنا جدلا أن قوات الإحتلال خرجت بالكامل وبقيت الحكومة التي أنشأها الإحتلال فلن تكون هناك سيادة، لإن من في السلطة هم عملاء للمحتل ولإن الإتفاقية الأمنية التي وقعها بوش والمالكي في كانون الأول 2008 (والتي وقعها أيضا منتظر الزيدي بحذائه) سلبت حقوق العراق السيادية، وأعطت للمحتل إمتيازات عسكرية وسياسية وإقتصادية وثقافية في العراق، إضافة إلى أن الإتفاقية الأمنية إعتبرت الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق عملا مشروعا وأعفت المحتل من أية تبعات قانونية نتيجة هذا الإحتلال والعدوان، وفرّطت بحقوق ضحايا الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق.
وبمناسبة الحديث عن (الإتفاقية الأمنية) فإن هذا الصغير سبق وأن أعلن بفرح غامر عند توقيع هذه الإتفاقية أنها حررت العراق من إجراءات الفصل السابع، ثم بعد أيام معدودة جاء قرار مجلس الأمن 1859 في 22/12/2008 ليدحض إدعاءاته ويؤكد إستمرار نفاذ إجراءات الفصل السابع.
لقد فضح الله المحتلين وعملائهم، وكشف شعب العراق زيفهم ودجلهم، وتصاعدت المقاومة العراقية الباسلة وإلتفّ حولها شعب العراق، والنصر قريب بعون الله.
والله المستعان
بغداد 12/6/2009 | 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق