الخميس، يناير 13، 2011

مقتدى الصدر: لعبة الاحتلال المرّكب الأخطر





شبكة البصرة
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي مقاوم
سأسجل ملاحظة للتاريخ وأتمنى أن يقرأها كل كتّاب المقاومة والمحللّين السياسيين والمخططين بعناية فائقة وهي إن الأدوار المناطة بمقتدى الصدر تحتاج إلى وقفة متأنية ودقة تسمح بفهمها واحتواءها بشكل جيد. إن مقتدى الصدر وجيشه وتياره هو المكوّن الأخطر في ما جرى ويجري في العراق بعد الغزو المجرم، وقوة تأثيره التي يتوجب بحثها وتحليلها لا تستند إلى قوة خارقة يمتلكها مقتدى لا بالقياسات الكمية ولا بالقياسات النوعية، بل هي في خطورة الاستخدامات المرّكبة وطبيعة الظاهر والباطن في هذه الاستخدامات محليا وإيرانيا وأمريكيا وعربيا أيضا. إن جهل وغباء وبلادة ولا أخلاقية مقتدى تجعل منه كاريكتر لا يشبه غيره في أوراق الاستخدام الاحتلالية وأدواتها الملعونة.
فمقتدى يمثل الواجهة العراقية المحلية التي رُسم لها أن تحمي وتحتوي سياسيا واجتماعيا قوات بدر ومجموعة المجلس الأعلى ومجموعة الجلبي وحزب الدعوة العميل التي دخلت من إيران بعد الغزو مباشرة، وهي مجاميع لا حاضنة شعبية لها ولا جذور مهمة تغذيها ولا أفق سياسي يضمها في جزء العراق الممتد من بغداد إلى الفاو، والذي صمم في خطة الغزو والاحتلال كي يعلن عن الانتماء إلى مذهبية تعلو فوق الوطن والى مظلومية مذهبية لا تركن إلى صدق ولا إلى وقائع حقيقية، بل هي محض نظرية من نظريات الحلم الصفوي الفارسي في منهج تدمير العراق وضمه وإخضاعه لإمبراطورية نظام ولاية الفقيه الفارسية. نظرية ارتفاع وسمو المذهب فوق الوطن، الصفوية التي تسوّغ العمالة والخيانة، ونظرية المظلومية التي تسوّغ انعدام الولاء الوطني أو التعالي عليه. كلاهما جزء من أجندة التمدد الفارسي القومي الذي لا صلة له بدين ولا بمذهب غير انه يداعب مكونات عواطف طائفية أسّستها الحركة الصفوية عبر سنوات طويلة من جهدها الفكري والثقافي الميداني الذي عمل على إغراق شيعة العراق العرب بفوضى الجهل والتعمية ووهن الولاء للوطن تحت مسوّغ كاذب هو الولاء للمذهب، وبما يخدم مخطط إيران الطائفي الصفوي.
مقتدى شريك تام الشراكة مع المكونات التي أشرنا إليها أعلاه، ولا يتقاطع معها إلاّ وفق ما ترسمه خطط الاحتلال المرّكب من أدوار له ولنظرائه. وما يبرز على سطح الأحداث من خلافات بين مقتدى وهؤلاء النظراء هو لعبة أمريكية إيرانية لتسويق الخطة الصفوية الطائفية برمتها، لإخضاع العراق كلا" أو جزءا" تحت السيطرة الإيرانية، كطرف طامع في الأرض، وتحت حماية الاحتلال الأمريكي كطرف طامع بالسيطرة السياسية والاقتصادية.كان خروج مقتدى من العراق بعد صولة الغربان على البصرة التي خطّط لها بإتقان من جهات معلومة هي أميركا وإيران وحكومة الاحتلال بزعامة المالكي، كانت تهدف لتحقيق أهداف وغايات مزدوجة منها:
1.     إظهار المالكي على انه قائد مقتدر في تنفيذ خطة أميركية تكتيكية مخابراتية هدفها الظاهري هو سيادة دولة القانون وانتهاء زمن الفوضى المليشياتية التي غذتها أميركا في أيام الغزو الأولى. هذه الخطة جاءت بعد أن أكملت المليشيات الواجبات المناطة بها وأهمها التطهير الطائفي في بغداد وتحقيق التغيير الطوبغرافي المطلوب. أنها محاولة مهمة لإظهار حراك مختلف في جسد لا يقوى على أي حراك جدي غير المناورات البهلوانية وغير التعكز على المؤامرة.
2.     إظهار مقتدى بصورة الرجل المقاوم للاحتلال والعملية السياسية التي يقودها الاحتلال. هدف هكذا تسويق هو خداع العراقيين القابلين فكريا وثقافيا للخداع وخاصة بعض أهل الفرات والجنوب بأن مقتدى يعادي الاحتلال ويقاومه في حين إن الحقائق هي غير ذلك، لان مقتدى جزء من اللعبة الاحتلالية وهو المغذي بجموع المخدوعين لأطراف المذهبية السياسية الفارسية كما اشرنا التي هي جزء من تركيبة الاحتلال.
3.     إظهار الحكم الطائفي في طهران على انه حاضنة للمقاومة المهدوية التي يطرحها مقتدى وهي اكبر كذبة يحاول الاحتلال وإيران تمريرها على شعبنا وخاصة أهلنا الجنوبيين والفراتيين.
4.     منح فرصة للمالكي للظهور بمظهر الخصم القانوني أمام مقتدى المقاوم للعراق الجديد. هكذا هدف كان يخدم  عملية تزوير ما يسمى بالانتخابات لصالح المالكي باعتباره الورقة الملعوبة صهيونيا وفارسيا وإيرانيا. وهذا ما أثبتته الأحداث عبر تزوير ما يسمى بالانتخابات ومن ثم فرض المالكي حتى على النتائج المزورة.
5.     لقد عاد مقتدى إلى العراق بعد أربع سنوات كان يدّعي فيها هو وأتباعه بأنه يدرس الفقه والشريعة ويجتهد في الحصول على درجة الاعلمية التي تؤهله للتصدي للعمل المرجعي في الحوزة غير إن الدلائل التي رافقت عودته كلها تشي بأنه لم يكن يدرس بدليل أن خطابه ولغته لم تتطور قيد أنملة. إذن إن وجود مقتدى في إيران كان لاحتواء تناقض ظاهري كاذب بين مقتدى والمالكي وللتمويه على العملية الإجرامية التي نفذها المالكي بدعم أمريكي ضد أهلنا في البصرة وهي عملية في حقيقتها لم تستهدف جيش المهدي بل لعراقيين يقاومون الاحتلال وسلطة العملاء.
ليس بوسع احد أن يفهم كيف إن مقتدى وجيشه وتياره يشارك في العملية السياسية في برلمانها وفي حكومتها وهي عملية أمريكية مخابراتية محمية بقوات الغزو وفي نفس الوقت يدعي بأنه مقاوم !! من يصدق هذا الهراء فهو يصدق أي شئ. ولا احد يستطيع أن يفسر كيف يقاتل مقتدى وتياره الأمريكان وهم يمتلكون عتلة القرار السياسي المحدد لاتجاهات العملية السياسية المحكومة بقوة وبشكل مطلق من قبل الإدارة الأمريكية المدنية والعسكرية. لا احد يستطيع أن يفهم كيف تتقابل وجوه الصدريين في البرلمان مع وجوه الأمريكان وعبر قنوات التنسيق المختلفة وكيف يوافق الأمريكان على مصافحة والتشاور مع من يوجه النار إلى صدورهم في الشارع العراقي !! هراء لا يشبهه إلا هراء الساقطين في جعجعة الكلام المباح والمدفوع الثمن من قبل الفاشلين المتسكعين في أروقة المخابرات والسفارات والمطارات المختلفة. وإذا كان هناك من صدق وانخدع بهذه الخزعبلات من العراقيين أو غيرهم فان عليه إن يعترف أنه مظلل أو ساذج أو كليهما.

إن من المؤكد أن هناك تناقضات مصلحيه وحزبية بين المالكي وتيار مقتدى وبين هاتين الجهتين والمجلس الأعلى وجوهر الخلاف هو على غنائم السلطة العميلة و مقدار الاقتراب من منهج وتطبيقات ولاية الفقيه ولكن القاسم المشترك الأعظم وهو الطائفية الفارسية الصفوية يبقى هو المفصل ومركز ذراع الموازنة للشراكة الصفوية بأقبيتها وظلامها. فضلا عن إن كل هذه الإطراف تدين بالولاء لأمريكا لأنها أسقطت النظام الوطني العراقي ومنحتها فرصة الوصول إلى السلطة العميلة الخائنة المحكومة من قبل أميركا والصهيونية والصفوية الفارسية.
إن من بين التسويقات الخطيرة التي يحاول مقتدى وتياره تمريرها على بعض العراقيين السذج والمغيبين عقليا وفكريا هي أن يفسر عودته إلى العراق وتراجعه المهين عن عداء إعلامي ظاهري محض ضد المالكي وموافقته على المالكي رئيسا للوزراء هو أن يرمي باللائمة على المدعو كاظم الحائري الذي يدين له مقتدى بالولاء والطاعة المرجعية ويقدمه الصدريون على انه الولي الفقيه على العراق. ويحاول أنصار مقتدى الساقطين في أحضان الخيانة الوطنية أن يظهروا مقتدى على انه قد اجبر على القبول بالمالكي من قبل مرجعية قم وطهران وان هذه المرجعية قد أجبرت هي الأخرى على القبول بالمالكي لأنه أفضل السيئين !!..ونحن نرد ببساطة..إن المالكي هو ابن الدعوة الإيرانية وابن للتيار الصدري في صيغته الدعوية وليس طارئا في وجوده السياسي الصفوي في الخط العام..ثم كيف لأي عاقل أن يصدق إن الصفوية الفارسية بكل أحزابها وميليشياتها لا تمتلك غير الجعفري والمالكي وعبد المهدي ليكون المالكي هو الخيار الذي يمثل أفضل السيئين؟.

إذا كانت حوزة قم وحوزة النجف لم تتمكن لأربع سنوات من هجرة مقتدى إلى إيران خوفا من بطش المالكي ,كما يدعون, غير قادرة على إيجاد بديل للمالكي يبعد شبح الخوف عن مقتدى وتياره فان المرجعيتين فاشلتين تماما وتعوزهما الدراية السياسية والحنكة والحكمة وهذا ما لا يرضاه مقتدى ولا خامنئي ولا سيستاني ولا الحائري لأنفسهم ولا لحوزاتهم..إنهم لا يمكن أن يقبلوا ما يدعيه أنصار مقتدى من أنهم اجبروا مقتدى على القبول بالمالكي لأنهم لا يمتلكون صفويا بديلا للمالكي ليدير عجلة عمالتهم وخنوعهم للاحتلال الأمريكي إن كانوا حقا يحترمون موقف معادي أو متناقض لمقتدى ضد المالكي. إذن الأرجح إن هجرة مقتدى إلى إيران كانت لامتصاص واحتواء صولة المالكي التي أريد منها تثبيت صورته الواعدة للأمريكان كرجل قادر على اتخاذ قرار... وان يوحوا للناس إن المالكي غير متوافق تماما مع إيران...والحقيقة الثابتة الآن هي إن المالكي رجل براسين احدهما إيراني والثاني أمريكي وهو الأكثر قدرة شخصية على احتواء الحلمين الفارسي والأمريكي على طريق التحقق في العراق المحتل, ألا خسئوا. والجزء الآخر المهم في كل اللعبة هي إن إيران والمالكي أرادت أن تظهر مقتدى على انه مؤثر في توجيه إحداث ومجريات العملية المخابراتية الجارية في المنطقة الخضراء لكي يعود إلى العراق بقدر من الاعتبار الوهمي. حقيقة الحال إن أميركا هي التي حددت الرجل براسين ليكون زعيم حكومتها الجديدة بعد مخاض مخابراتي رقص فيه الراقصون على حلبة الخضراء وعلى مراقص دول الجوار وسواها وبعد أن أنضجت بشكل اكبر مخطط تقسيم العراق.

عودة مقتدى جاءت لتصب مزيد من الزيت على حريق العراق على عكس ما يحاول البعض ترويجه لأنه اللعبة الأكثر خطورة على طاولة المخابرات الإيرانية والأمريكية لتفتيت العراق. مقتدى طائفي صفوي بامتياز لا يختلف ولا يخالف خط سير الأجنحة الصفوية الأخرى إلا بقدر تعرض مصالحه العائلية والفئوية والحزبية المادية للتقلص. مقتدى سيبقى هو معول التمزيق الأخطر للعراق بيد أميركا من جهة وبيد إيران من جهة أخرى. ومن يصدق إن مقتدى يقاوم الاحتلال فهو كمن يصدق رياء وكذب وباطنية مشروع الطائفية في جنوب لبنان..وغيره من مشاريع التفتيت الفئوي والعرقي في السودان واليمن ومصر وبعض أقطار العرب المغاربية.

المقاومة العراقية البطلة لا شرقية ولا غربية بل هي عراقية عربية خالصة وهي التي ستقرر نتائج الصراع برمته بإذن الله وستنتصر إرادة شعبنا العظيم بالتحرير والعودة السليمة إلى سيادة كاملة ووحدة وطنية حقيقية وانتماء قومي لا يمكن أن تغييبه كل إرادات الشر والإجرام. والواجب يقتضي أن نحيي من جديد الرفيق القائد البطل عزة إبراهيم الدوري ورفاقه الأشاوس الذين يحركون ارض العراق وبشره وشجره بثوابت التحرير والثورة الشاملة..إنهم رايات العز والشرف فوق ارض العز والشرف في العراق الحبيب وليخسأ باعة الكلام البذئ على تجار العمالة والبذاءة.
aarabnation@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار