الأربعاء، يناير 14، 2009

العراق المحتل غيوم الحاضر وضبابية المستقبل



د فيصل الفهد
دخل العدوان على غزه مرحلة صياغات الشكل النهائي بعد تمرير قرار مجلس الأمن سئ المحتوى والأهداف وهو يمهد للصهاينة فرصة ترتيب الأوضاع على الأرض بما يخدم مخططاتهم لجعل غزه منطقه آمنه بعد إحاطتها بقوات دوليه تبعد احتمالية إطلاق الصواريخ على المستوطنات الصهيونية وتؤمن للنظام المصري الابتعاد عن الحرج والمسؤليه عن معبر رفح بحيث لايعود هناك مبرر لأحد أن ينتقده أو يطالبه بفتحه...أن مطالبة البعض لاتخاذ موقف عربي رسمي أو شعبي حقيقي داعم لأهالي غزه إنما هو ضرب من الوهم والخيال فالعرب اعجز من أن يقوموا بنصرة إخوانهم ويكفي أن ينظر الجميع إلى ماجرى ويجري في العراق الذي احتل من قبل الأمريكان والإيرانيون وقتل لحد ألان أكثر من (2 ) مليون عراقي وأضعافهم من الجرحى والمعوقين وشرد بالقوة أكثر من (5500000 )عراقي خارج بلدهم وهجر قسرا (3500000 ) عراقي بعيدا عن مناطق سكنهم الاصليه وبات هناك في العراق المحتل أكثر من (5000000 ) طفل يتيم و(3000000 ) امرأة أرمله ناهيك عن المفقودين والمعتقلين الذين تجاوزت أعدادهم الملايين وأشارت آخر احصائيه لحكومة الاحتلال في المنطقة الخضراء إلى أن عدد القتلى في شهر تشرين الثاني 2008 من العراقيين زاد على (15000 ) عراقي وهذا يعني أن القتلى أضعاف هذا الرقم لان الحكومة ألعميله لاتنشر إلا جزء من الأرقام....وهنا نتساءل أين العرب مما يصيب العراقيين يوميا والجواب معروف ونفس الشئ هو مارايناه وسنراه في غزة.
وتشير معطيات الحاضر في العراق إذا ما أخذناه أنموذجا لإشكالية الفوضى في ظل حراب المحتلين وأدواتهم، نجده يسبح في بحر من المتناقضات والصراعات فضلاً عن سيادة لغة الدم والاستباحة وإقصاء الآخر جسدياً وفكرياً. إذ ربما لم تشهد منطقة أو دولة في العالم قديماً وحديثاً ما شهده ويشهده العراق حالياً من أعمال عنف دموية يومية، يسقط فيها المئات بين قتيل وجريح، وبالتوازي مع سقوط الضحايا وتناثر الأشلاء تناثرت وتداخلت المفاهيم وارتبكت الثوابت واهتزت الأُسس أمام سيادة لغة الحرب والدم على المستويات كلها من دون أي استثناء من الاستثناءات التي تشهدها ساحات الحروب والكوارث، وأضحى في العراق المحتل منذ 9/4/2003، كل شيء سيء مباح باستثناء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا توجد محرمات لأن الاستباحة هي اللغة السائدة في ظل انهيار الدولة والاحتلال في آن واحد، ويكفي أن نشير إلى قساوة الذروة في العدوان الأمريكي وعملائه على المواطنين العزل في المدن والقرى والقصبات من دون ذكر الإحصائيات التي بلغت أكثر من مليوني عراقي، وربما سيأتي اليوم الذي يتضح فيه للعالم حجم الكارثة والدمار، وهول المذابح التي تعرض لها العراقيون تحت يافطات ألشرعيه ألدوليه وحقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من بدع الاحتلال وخرافاته.
وسنحاول هنا أن نركز على بعض الأمور التي اختلطت وتداخلت في خضم الصراعات وتداخل الخنادق المتضادة بعد احتلال العراق بذرائع محددة وبعد أن تم كشف زيف هذه الذرائع لأنها استندت على حقائق واهية أصبح من السهل التأكد من صحتها.. ولذلك لجأت إدارة بوش إلى بدعة من الصعب تأكيدها لأنها تستند إلى أمور مطاطة وتقبل أي تفسير تختاره أمريكا وهو (مكافحة الإرهاب)، بعد تزايد عمليات المقاومة ضدها، إذن فقد بدأت الولايات المتحدة الحرب "على الإرهاب" في العراق (وهو الأبعد عن هذه التهمة)، وباسم هذه الحرب مارست وتمارس أبشع أنواع الظلم والقتل في التاريخ والتي شاهد العالم جزءا بسيطا منها عبر شاشات التلفزيون بالقدر الذي سمحت به أمريكا في إطار حملات الاباده الجماعية حالياً ..فقد زرعت أمريكا فرق اغتيال على غرار فرق جهاز الأمن الداخلي "الإسرائيلي" التي تغتال القيادات الفلسطينية.
إن الصورة في العراق المحتل ليست قاتمة فحسب؛ بل إن ادعاء أمريكا أنها تسعى إلى تحقيق استتباب الأمن والاستقرار في العراق ثبت أنها اكذوبه، خاصة وإنها تتخبط سياسياً في مواجهة الأوضاع العراقية الداخلية المعقدة، فإذا كانت أمريكا نجحت في احتلال العراق فإنه من الصعب عليها الاستمرار بوجودها لسنوات قادمة مع تنامي المقاومة وتصاعدها وتفاقم ألازمات ألاقتصاديه في أمريكا، ولا سبيل للاحتلال في هذا الإطار( منطقيا) إلاَّ الانسحاب قبل فوات الأوان رغم انه لم يعد الخيار الأوفر حظا حتى بعد تسلم الرئيس الجديد مسؤولياته في البيت الأسود.
إن ما يحصل في الساحة العربية والدولية من تداعيات خطيرة بعد احتلال العراق وما أحدثه من تخلخل فاضح في موازين القوى في المنطقة ترتب على إثرها استباحة الكيان الصهيوني للأرض المحتلة في فلسطين لاسيما في غزه وقبلها العدوان على لبنان،( يؤكد الجنرال الأمريكي ويسلى كلارك الذي قاد غارات منظمة حلف شمال الأطلسي في حرب كوسوفو، في كتابه في 2003 عن "كسب الحروب الحديثة" أن صديق له في وزارة الدفاع الأمريكية قال له في تشرين الثاني 2001، أن قائمة الدول التي وضعها رامسفيلد ونائبه بول وولفتز كهدف لتتغير أنظمتها قد تضمنت إيران، سوريا، ليبيا، السودان والصومال) هذا في وقت يقر المسئولين العرب أنظمة وحكاماً بفشل وبعجز طريق السلام الذي ثبت أنه طريق الاستسلام، وإن التعامل مع الأوضاع الجديدة، يحتاج إلى أسلوب جديد في التفكير، وإلى التوقف في المراجعة لإعادة تقييم ما حدث، وما يمكن أن يحدث، ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن الولايات المتحدة لم تبعث جيوشها إلى المنطقة من أجل أسلحة الدمار الشامل، أو حتى من أجل إزالة النظام الوطني في العراق، كما أنها لن تخرج بمجرد انتهاء هذه المهمة كما تدعي – فلا يزال أمامها الكثير لتعمله، ونذكر هنا بما صرح به الرئيس بوش في 3/6/2003 في قاعدة السيلية في قطر أمام العسكريين الأمريكان إنه: «ما زال هنالك الكثير من العمل في العراق حتى تكتمل مهمتنا، ويتم بناء ديمقراطية وسلام ومستقبل آمن»، فماذا عمل العرب لمواجهة هذه المهام الأمريكية؟ وكيف سنواجه إعادة ترتيب المنطقة الذي أعلنته الولايات المتحدة، وخاصة ما يتعلق بمسائل حساسة بالنسبة لعدد من الدول بما فيها المدعومة من أمريكا، مثل ادعاء الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعديل مناهج التعليم وغير ذلك..
أن الولايات المتحدة ومن معها، يتعرضون فعلاً لصعوبات جمّة لتنفيذ مخططهم على الصعيد الخارجي فضلاً عن المصاعب الداخلية، إلاَّ أنه يجب أن لا نعول كثيراً على ذلك، بمعنى أن ننتظر أن يسقط المشروع الأمريكي وأن تتراجع الإستراتيجية الأمريكية بسبب كم الصعوبات التي تعترضها، سواء في العراق أو فلسطين، أن ذلك يجب ألاَّ يثني بعض الانظمه العربية عن الإقدام في تحقيق بعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلدانهم ، إضافة إلى أننا يجب أن نتذكر دائماً أن الإستراتيجية الأمريكية ليست مرتهنة بشخص الرئيس بوش وهذا مابدأ يطفو على سطح السياسة الامريكيه القادمة، فهناك في المنظومة الامريكيه مؤسسات ومراكز بحث، ومصالح، واجهزه وسوف لن تعجز عن إيجاد المخارج العملية للصعوبات التي تواجهها، خاصة إذا ما بقيت أوضاعنا السلبية كما هي الآن..
ونحن في العراق كنا ولانزال نؤمن أن: (مصير العرب يتقرر في جانب مهم منه في فلسطين) وتبقى هذه مقولة صحيحة ولكن بعد الغزو الأنجلو أمريكي للعراق برزت حقيقة مفادها أن مصير العرب سيتقرر في العراق.. من هنا فإن لا بديل أمام العرب سوى مواجهة مسؤولياتهم التاريخية لوقف نزيف الدم الفلسطيني والعراقي وتوفير الشروط لاستعادة الحق العربي في كليهما فما يتوفر لأمة العرب من وزن وعمق وامتداد يجعل بمقدورها أن تفعل الكثير من أجل فلسطين والعراق، لو توفرت لديها إرادة الفعل الحقيقية والجادة، فلا يليق بها ولا بشعبها بما تملك من طاقات وعناصر ضغط وتأثير أن تقبل أن يبقى حال الاحتلال والاستلاب كما هو عليه، أو أن تقبل على نفسها قبول المهانة التي توجهها (إسرائيل) وأمريكا لأنظمتها ولشعوبها بمشاهد المجازر ضد الأطفال والنساء المدنيين الأبرياء لتسيل دماء الشهداء في العراق وفلسطين من دون رد يوقف هذا النزيف.
إن الذي يجري في المشهد السياسي العربي الرسمي يمكن لنا فهم أسبابه، لكننا لا يمكن أن نقبله، ناهيك عن أننا لا يمكن أن نفهم أو نقبل تلك المناهضة العربية الرسمية لإرادة الشعب العربي في فلسطين والعراق في المقاومة والتحرير واستعادة الحق المغتصب وطرد الاحتلال.
ومع كل مااشرنا إليه تبقى ثمة معايير تعتمد لتحديد نسب الاستقرار، والفوضى في بلدان العالم بصورة عامة، لاسيما البلدان التي تجتاحها الأزمات والحروب بصورة خاصة، لكن تلك المعايير في ظل المتغيرات المربكة والآنية والمستجدة، قد تأخذ مسارات الانزواء وعدم الدقة، بيدَ أن المتابع لا يستطيع الوصول إليها بيسر وسهولة، لأن العالم أخذ ينفلت من عقاله بعدما حصل من تطور في ميادين العلم والتكنولوجيا غير المسيطر عليها ، مما ينذر بنشوء مواجهة عالمية من نوع جديد قد تتخطى ما كان عليه الوضع في ظل الحرب الباردة أو ما عُرف لاحقاً بحروب القتال بالنيابة وهذا ينطبق على الانظمه العرببه اكثرمن غيرها.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار