الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي مقاوم
ظهرت في السنوات الأخيرة عدة محاولات يطغي عليها طابع الجزع تصب كلها في محاولات الدول الامبريالية لتهميش أهمية النفط والتقليل من دوره كمصدر طاقة رئيسي وكمحرك لعصب الصناعات الحديثة برمتها ومحاولات تحجيم الارتفاع المتواصل والمضطرد بأسعاره . لجأت الكارتلات الاحتكارية إلى أسلوب طرح البدائل لمصادر الطاقة ومنها طاقة الكحول المستخلص من القمامة والمخلفات الزراعية ولكنه ظل محدود القيمة ولم يأخذ مداه المستهدف في التقليل من قيمة النفط ومشتقاته لا كمصدر للطاقة ولا في الصناعات البتروكيمياوية. وصعدت آفاق استخراج واستثمار الغاز في السنوات الأخيرة في ذات الإطار الإعلامي والترويجي حتى وصل البعض إلى اعتباره سببا في تنفيذ عمليات غزو واحتلال ونفاذ سياسي مبتكر في مناطق مختلفة من العالم ومنها امتنا العربية المعروفة بكنوزها المدفونة في أعماق الأرض الرملية أو الصخور والتي جعلت من صحارينا الموسومة بالقحط والماحل والبداوة والتخلف محط أنظار العالم المتحضر والمتقدم بكل طيفه المعروف جشعا ونفاقا وعدوانية وافعوية حتى صار من حقنا أن نعلن إن رمالنا هي منبع تمدنهم وتطورهم التكنولوجي !!.
إن للغاز الطبيعي كمصدر طاقة خصائص معروفه ومفضله وأخذت مدياتها في الاستخدامات المختلفة وانتشرت مواقع استخراجه على اليابسة ومن تحت المسطحات المائية المختلفة وأثبتت الجدوى الاقتصادية لاستخراجه وتصديره على نطاق عالمي واسع. وما لبث الباحثون عن مصادر ومواطن وطرائق استخراج وتوزيع عبر الدول والقارات يلهثون وراء مواطن الغاز ووراء أنواع مختلفة منه حيث انتشر في السنتين الأخيرتين مسمى الغاز الصخري أو الشيست.
الغاز الصخري هو غاز يختلف في بعض مكوناته التي تمنحه صفة رطبه على عكس الغاز الطبيعي ويكون عادة مصحوب بكميات مهمة من غاز الميثان السام والملوث للبيئة. ومن بين أهم المشاكل المصاحبة لإنتاج الغاز الصخري والتي تثير مخاوف جمة منه ومن استخراجه هي:
1- أماكن وجود غاز الشيست عادة في المناطق الصخرية وبعض المناطق الرملية وفي أعماق مختلفة من سطح الأرض الأمر الذي استدعى استخدام تقنيات حفر خاصة تتضمن تكسيرا لهذه المجمعات الصخرية مما يهدد باحتمالات تفعيل زلازل في مناطق الاستخراج والمناطق القريبة منها.
2- تتضمن عملية فتح الأقبية الصخرية استخدام كميات كبيرة من الماء ومعها كميات ضخمة من المواد الكيماوية السامة والملوثة للبيئة المائية وللهواء على حد سواء.
3- تسمى الطريقة المبتكرة التي اعتمدتها شركة شل باسم التكسير الهيدروليكي وهو اسم يشي بالطبيعة الضارة لباطن الأرض التي يجري فيها الاستثمار وتؤكد المخاوف من تفعيل العوامل الزلزالية المدمرة .
4- تقدر الكميات المستهلكة من المياه في عملية التكسير الهيدروليكي لحفر البئر الواحد بما يقترب من أربعة ملايين غالون من الماء وهي كمية مهولة من المياه التي يمكن استثمارها في الزراعة مثلا التي يمكن أن تنتج غلال غذائية يعيش عليها الإنسان وتقلل من مخاطر المجاعات مثلا.
5- تقدر كمية المواد الكيماوية المستخدمة في حفر البئر الواحد بما يقترب من 80 ألف غالون وهي مواد سامة وملوثة فضلا عن غاز الميثان الذي سينبعث مع تشقق الجدر الحجرية وانبعاث الغاز الصخري,
نحن إذن إزاء مصدر للطاقة والصناعة له جدوى اقتصادية مؤكدة رغم القناعة بقصر العمر الافتراضي للبئر الواحد من آبار هذا الغاز يقابله خراب لا يعلم حدوده وأضراره على الإنسان والبيئة غير الله سبحانه. والتحدي الذي يواجه الإنسان الآن هو في مواجهة أخطار الزلازل واحتراق المياه المنسابة من آبار الغاز الصخري بدرجة حرارة تجهزها شمس العرب فقط أو عود ثقاب لأنها تكون مشبعة بغاز الميثان الذي يشتعل بدرجة حرارة واطئة جدا, وبضخ جنوني لكميات مهولة من ملوثات الماء والأجواء من المواد الكيماوية السامة مقابل إشباع رغبات الجشع الامبريالي للأمريكان والغرب عموما وتحقيق احتياجاتهم المتزايدة لإدامة عجلات الصناعة وتجهيز الطاقة لمختلف الأغراض بأسعار زهيدة وفرض أجواء من الرعب على منتجي النفط من العرب بالذات بالتهديد بهذا البديل المرافق لأخطار جمة لا يمكن تجاهلها أو السكوت عليها .نحن إزاء معادلة خطيرة في طرف منها المال ومصدر طاقة وفي طرفها الآخر أضرار قد لا يمكن حصرها للبيئة وللإنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق