الأربعاء، يوليو 08، 2009

الهادي حامد/تونس

هيا بنا نرقص!

(كوميديا مجابهة ذاكرة شعب العراق)

الهادي حامد/تونس


اذكر، فيما اذكر، خلال مرحلة الشباب الأولى، قصة عن فتاة شابة رغبت في أن تخفف من شدة القيود الاجتماعية عليها وفي إشباع رغبتها في الرقص، فاستعارت من إحدى صديقاتها " شريط كاسيت" فيه أغنية مناسبة لحاجتها وهذا بحسب مااكدته لها الصديقة...أغلقت باب غرفتها والنوافذ ، وتخيلت انه ثمة جمهورا غفيرا يمني النفس بمتعة مشاهدة موهبتها في الرقص، واستعدت للأمر كأبهى مايكون...لكن ما ان ضغطت على زر التشغيل حتى وجدت أغنية " منتصب القامة امشي..." لمارسال خليفة!!...ضغطت على زر التقديم أملا في أن تكون الأغنية الموالية راقصة، لكن انطلقت هذه المرة قصيدة للشاعر مظفر النواب وبصوته " القدس عروس عروبتكم..."!!...

هذه القصة أحالتني عليها زيارة الملعون المالكي/الحالكي إلى الاعظمية...أكيد انه كان يمني النفس بجماهير غفيرة محتشدة تنتظر ركبه المظفر والمهاب!...كيف لا؟!...أليس زعيم الشعب ..؟!!..اوليس الشعب جديرا به!!..لقد شنق صدام وخرب بيوت " أزلامه" وشرد البعثيين وقضى على الديكتاتورية وأعاد النفط إلى العراقيين وبني المدارس والمستشفيات ووفر لهم الطعام في الأسواق ...حتى المطر صار لايهطل إلا بإذنه!!..ونعود إلى بداية القصة:

الحالكي باعتباره حاكم العراق العظيم ، كهدية من ماما أمريكا شالومي لم يكن يحلم بها،أراد أن يظهر في مظهر كاريزما القائد الشهيد صدام حسين وان يختبر حقيقة مايقال له عن صدى واسع في عموم العراق لشخصيته والاحترام والإعجاب بشخصه، خصوصا بعد أن استقبله الخصيان استقبال الأبطال في القمة العربية الأخيرة وتمسحوا على لحيته تمسح القطط الذليلة.فماهو الامتحان الأكثر عسرا ياترى؟..فكر في السفر إلى أمريكا دون استئذان وبشكل مفاجئ مثلما يفعل الأمريكان في زياراتهم لمستعمرتهم العراق العظيم...لكن تفطن إلى أن زياراته المعلنة ورغم كونها كذلك فانه يتلقى الأوامر للقيام بها...ويتخيل أن هذا سر لااحد يعرفه!...وإذا تجاهل هذه الحقيقة وفعلها ...فإنهم سيقولون له ، وهو يصعد مدرج الطائرة " عد إلى كوخك أيها الكلب..انك لست أكثر من كلب...مدرب على الحراسة والشمشمة على شرفاء العراق...وقد صرفنا على تدريبك أموالا طائلة لتؤدي دور الكلاب الذكية!!" ..هنا أدرك أن هذا السبيل لاختبار حقيقة زعامته غير ممكن ويسبب له بعض الإحراج.

فكر في أن يركب فرسا جميلا  ، بسرج مذهب،وسيفا مذهبا أيضا،واضعا فوق رأسه الخنزيري أو الحميري الطويل عمامة من ريش كما يفعل زعماء الهنود الحمر، وان يسير خلفه فرسان النخبة: الحكيم، طارق الهاشمي، هادي عامري، مقتدى الصدر، السيستاني اللعين(مربوطا بالحبال على الفرس لانه لا يستطيع مد ساقيه!)...لكن سرعان ماانتفض مذعورا في غمرة هذه الصورة الحالمة...لقد تذكر سيناريو قصاص الشعب منه ذات يوم آت بلا ريب...يوم يركب حمارا ابيض نحيلا واجربا، وموجها إلى الخلف، ممسكا بعظام الحمار الناتئة من شدة الهزال، ولا يرتدي من اللباس إلا التبان الذي يستر عورته ، وماجدات العراق يزغردن والأطفال يرمونه  بروث الماشية وقطع الخردة والحجارة!...والسي آن آن تنقل المشهد إلى العالم مباشرة من بغداد!!..هنا تراجع عن خيار الفروسية حتى لايكون وقع القصاص دراماتيكيا أكثر حينما يتذكر والناس صورة القائد الفارس، (الذي كان عميلا ومنصبا من الأمريكان وحاقدا على الشرفاء من شعبه). فما العمل كي يقيس درجة كاريزمائيته لدى الشعب..؟؟.." آه...وجدتها!.." يقول...يعرف أن الشهيد صدام  قاتل مع أبناء الاعظمية جنبا إلى جنب، ليس قتال رؤساء الدول الذي يكون عادة في شكل دعاية رخيصة وكاذبة، بل قتال المقاتل الحقيقي، ابن الشعب، كأي عراقي شريف يؤمن بان مقاومة المحتل تبدأ منه، وبان دوره في القتال لايؤديه غيره بدلا عنه...وقد ترك ، رحمه الله، أطيب الذكريات لدى أبناء هذه المدينة الذين لم يخونوا عهدا ولم يفرطوا في حق ولم يميلوا حيث اتجاه الريح...هنا وجد الحالكي أن زيارته لها ستبيّن له مقدار ماهو محبوبا، وفي الآن نفسه، مقدار رسوخ صورة صدام. فاستقر على هذا الخيار..وتوكل على الشيطان..وبدأ يعدّ العدة.

أوحى لأجهزته بمسح شامل للميدان ...وجس نبض أهالي الاعظمية...ووضع خطة أمنية تسمح بترجّله للقاء الأعظميين وإلقاء خطبة في جموعهم تحثهم على تلطيف عواطفهم تجاه الأمريكان والصفح عن جرائمهم تجاه الشعب...فهم رغم كل شيء محررين...ولا يمكن أن ننكر لهم هذا الجميل...بل لديه مفاجأة مدوية لهم : من عشق مجندة أمريكية، فانه على إستعداد لخطبتها له! ...وقد وصلته التقارير مؤكدة أن الأهالي على أحر من الجمر للقاء سيادته وقائدهم المغوار في قعر الدار وبوله من شبح صدام مدرار!...وانه ثمة شعراء سيلقون على سمعه قصائد التمجيد، على عادة العراقيين حينما يحتفلون برموزهم وقادتهم الاصلاء، وفرقا موسيقية ستغني نصر يوم 9/4/2003 على الديكتاتورية البغيضة!.. ففرح أيما فرح بهذه المؤشرات واستعد لليوم المشهود الذي سيسدّ أفواه المتباكين على صدام ونظامه!...

في ذلك اليوم، دخلت المزنجرات الشارع الرئيسي في الاعظمية، ووصلت إلى حشود الأهالي، وماهي إلا لحظات، حتى انطلقت هتافات الوفاء لصدام ، في صوت واحد متناغم هز المدينة" بالروح بالدم نفديك ياصدام.."..كنت أشاهد المشهد في فيلم مرسل لي ومنشور في شبكة البصرة، والذكريات ذهبت إلى المسيرات التي كنت أشارك فيها، خلال كل المعارك التي خاضها العراق وقيادته المجاهدة، والى الشعارات التي كنا نرفعها" النار النار الدم الدم صهيوني لازم يهزم"،" بالكيماوي ياصدام ماتخلي صهيوني ينام"،" ياصدام ياحبيب اضرب اضرب تل أبيب"، " الله اكبر عاصفة على أمريكا ناسفة"، " شعب واحد لاشعبين من مراكش للبحرين"(وهو الشعار الذي رفعه غالوي في زيارة له إلى البحرين).. هذا هو الوفاء الذي كان الشهيد واثقا منه ومؤمنا به، حيث كان يرى أن شعبه سيحبه أكثر بعد رحيله وان العراق سيتحرر وستنسحب أمريكا خاسرة مدحورة وعملاؤها مهما طال الزمن...أما السيد الحالكي فقد عاد خائبا مصفر الوجه  خجولا حتى من حراسه والشرر يتطاير من عينيه ...واتجه ليلا إلى قبر الشهيد صدام حيث جثا فوقه على ركبتيه وراح يدهسه كالبعير الهائج...وقد تسربت معلومات لم يتسنى لنا التأكد من صحتها من مصدر مستقل، انه لم يتوقف إلا حين أغمي عليه وخارت قواه نهائيا...في مساء اليوم الموالي أصدر سيادته البلاغ التالي:

 
باسم الشيطان الذي نستمد منه العون والتأييد، باسم ذرية الشيطان ونسله أجمعين،

 إلى الشعب العراقي العظيم..

لقد تأكد لدينا أن صدام المجرم لازال رغم موته يعطي الأوامر ويسدي التعليمات لفلول البعثيين، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية من إماطة اللثام عن مؤامرة بصدد حبكها تهدف إلى الانقلاب على إرادة الشعب والعودة بالعراق إلى زمن الديكتاتورية بالتعاون مع قوى خارجية ...بناءا عليه نقرر محاصرة قبره على مدار الساعة ومنع أي اتصال به اوتواصل معه...كما قررنا سحب أجهزة الهاتف الجوال من أهالي الاعظمية لأنه لدينا شكوكا أنهم يستعملونها في التحادث مع المجرم صدام من قبره..ونعلن عن مكافأة مجزية لمن يخبرنا عنه بأنه بصدد الخروج من قبره أو العودة إليه.

توزع نسخا من البلاغ إلى: محافظة صلاح الدين-وزارة التربية –قادة الأجهزة الأمنية-السفارة الايرانية-السفارة الامريكية-مكتب التنسيق مع الموساد الاسرائيلي!.

 

 تحية حارة من اعماق اعماقي الى اهالي الاعظمية الشرفاء، فانتم رمز الوفاء في ظلمة حالكة عز فيها الاوفياء واننا نتوكل عليكم وعلى شعبكم بعد الله سبحانه وتعالى في كسر عظام المحتلين وتمريغ انوفهم في التراب ولمن والاهم العار والشنار الى يوم الحق. تحية من اعماق الاعماق ايضا لاهالي مدينة الفضل على الموقف الشجاع نفسه، وتحية خاصة الى ذلك المواطن الذي يظهره الفيلم يخطب باسم الشرف والنخوة وباسم عقيدة الشهيد صدام ونهجه في الكفاح...وإني منبهر بشجاعته ...واقول ان امتكم معكم، بالقلوب والايمان والدعاء رغم الظروف والتعتيم والتمييع وغسل العقول.






ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار