الأحد، يونيو 21، 2009

رسائل التبصير : كشف ألغام التحرير

رسائل التبصير :  كشف ألغام التحرير
الرسالة الاولى
اللغم الأمريكي الأخطر : من يمثل المقاومة ؟
إذا ازداد الغرور نقص السرور
مثل

صلاح المختار

لقد حذرنا مرارا خصوصا في مقالات سابقة قبل سنوات ، عنوان احدها  لغم التفاوض مع أمريكا : كيف نفجره في وجهها ؟ رسالة مفتوحة الى كوادر المقاومة المسلحة من كافة التنظيمات) ، وكررنا التحذير في رسالة اخرى مفتوحة عنوانها (بعد قرار تقسيم العراق : التكفيريون أمام الامتحان الحاسم رسالة مفتوحة الى قيادات بعض الفصائل في المقاومة العراقية) ، ونشرتا في عشرات الشبكات والكثير من الصحف ، حذرنا من ان احد اهم اساليب الاحتلال الامريكي لشق المقاومة واثارة الفتن بينها هو اسلوب تشجيع انفراد شخص او فصيل او جماعة ، وبغض النظر عن حجمها او دورها ، على اعلان انه او انها مخولة بالتفاوض مع الاحتلال من اجل توقيع اتفاقية وتشكيل حكومة ، وقلنا انه محاولة لاغتيال المقاومة المسلحة واعادة العراق الى مرحلة الصراعات الدموية التي اشتعلت في نهاية الخمسينيات وانتهت بكارثة غزو العراق ، وكانت احد اهم اسبابه ، كي تنجح امريكا في البقاء في العراق ، او الخروج من باب الهزيمة والعودة من شباك الاقتتال بين الفصائل المقاومة .

 

وهنا نعيد التحذير ، ونوضح بدقة لا تقبل التأويل ، من هذا المخطط الامريكي الذي ينفذ الان مجددا ، لكي ينتبه من لا يعرف ويحتاط ويبتعد عن  دائرة التأثر بإغراءات اللعبة الخطيرة .

 

من الواضح ان الاحتلال الامريكي يواجه مأزقا خطيرا جدا وصلت خطورته حد تفجر ازمة انهيار مالي تشكل فقط راس جبل الجليد الطافي ، وهو اقل من عشر حجم الجبل الغاطس في الماء ، لذلك وجد انه امام خياران لا ثالث لهما فاما الانهيار داخل امريكا وتمزق النظام الراسمالي الامريكي اذا واصل حرب الاستنزاف التي يواجهها في العراق ، او يعترف بالهزيمة ويفاوض المقاومة من اجل الخروج من العراق ، وبما ان الغزو هدفه استعماري وليس عملا خيريا فان امريكا وجدت انها امام مخاطر قاتلة تتمثل في الاضطرار الى الهروب من العراق دون تحقيق حتى الحد الادنى من النهب ، فماذا تفعل لتجنب ذلك المصير ؟

 

أغراء السلطة والتسلط

 

يجب ان نذكّر بالتكتيك الاستعماري التقليدي وهو سياسة ( فرق تسد ) والذي لم يعد كما كان بشكله القديم المكشوف بل اصبح التفريق عملا استخباريا منظما ومدروسا بدقة من اجل التمويه وخداع حتى الاذكياء وتوريطهم ، وغالبا دون ادراك من ورط انه متورط ! واهم اشكال سياسة فرق تسد اليوم هو ذلك الشكل الذي اعتمدته امريكا في العراق المحتل بعد ان ادركت ان المقاومة منتصرة لا محالة ، فلجأت في عام 2006 الى ( تشجيع ) اعلان ما سمي ب (دولة العراق الاسلامية ) ، لانها كانت تعلم علم اليقين ان المطلوب بعد الاعلان هو طلب المبايعة ، ووضع بقية الفصائل المقاتلة امام خياران :  اما مبايعة من اطلق على نفسه تسمية ( امير الدولة الاسلامية ) او الموت .

 

وهكذا بدأت اول واخطر عملية تفتيت للمقاومة العراقية ، لان القتال اندلع بين الفصائل التي رفضت المبايعة وتنظيم القاعدة الذي اراد السيطرة على العراق منفردا ، مع انه لا يملك اي مقوم من مقومات ومؤهلات النجاح في اعلانه ، خصوصا طبيعته النخبوية وانعزاليته الايديولوجية ، وهو ما كانت تعرفه  امريكا جيدا ، وهنا بيت القصيد ، اذ ليس ضروريا الارتباط بالمخابرات الامريكية كي يقوم طرف ما بخدمتها بل يكفي خلق البيئة والمناخ اللذان يدفعان طرفا ما لتبني خيار تدميري وتفتيتي لا يخدم الا الاحتلال .

 

في رسالة وجهناها الى ( مجلس شورى المجاهدين في الانبار ) ، حين اعلنت القاعدة  عن قيام ( دولة العراق الاسلامية ) في عام 2006 وحملت رسالتي عنوان امارة الوسط : بؤس وعي؟ ام تخريب خلد أستيقظ ؟ ) حذرنا بوضوح تام من خطورة هذا التوجه الانفرادي والاقصائي وقلنا بالقلم العريض وبوضوح لا لبس فيه بان اعلان الدولة ( الاسلامية ) من قبل القاعدة وطلب مبايعتها بحد السيف هو عمل يخدم الاحتلال مباشرة وستكون له عواقب خطيرة جدا اهمها شق المقاومة وحدوث اقتتال بين فصائلها ، وهو اهم اهداف الاحتلال ، وهو الذي حدث بالفعل وبالتمام والكمال كما توقعنا .

 

واليوم وبعد 3 سنوات علينا ان نتذكر حقيقة واضحة وهي ان القتال بين فصائل المقاومة الذي سببه اعلان القاعدة دولتها  وتمسكها باقصاء الاخرين كلهم كان الممهد الطبيعي لنشوء الصحوات وانضمام شيوخ عشائر اليها وقيامها بمهاجمة المقاومة بكافة فصائلها وليس القاعدة فقط ، مما سمح لاول مرة بتراجع المقاومة في الانبار ، وتحول الانبار من مركز للمقاومة الى اهم نقاط ضعفها .

 

ولولا قدرة المقاومة على الصمود والتمسك ببرنامجها العام القائم على التحرير ووجود كتلة رئيسية جامعة منعت الكتل الصغيرة من التمادي في الفتن ، وهي وبفخر كامل القيادة العليا للجهاد والتحرير ) التي تضم الان اكثر من 90 % من المجاهدين ، لكانت حالة العراق ، بعد اعلان دولة العراق الاسلاموية وطغيان نزعة التكفير على الفصائل الاسلاموية ، هي التمزق والتقسيم وانتهاء المقاومة العراقية كحركة تحرر وطني وتحولها الى صراعات طائفية مذهبية .

 

لقد صمد التيار القومي والوطني والاسلامي ( الحقيقي ) في المقاومة المسلحة ، الذي يشكل القوة الاساسية في الساحة العراقية مقابل تنظيمات نخبوية صغيرة عدديا وبلا قواعد عسكرية او شعبية ، رغم اغتيال التكفيريين لعشرات الكوادر العسكرية والجهادية ومئات المقاتلين منه ، صمد هذا التيار ، امام موجة التكفير والاقصاء ، التي دعمها الاحتلال بقوة ومباشرة ، كما تصدى لموجة الصحوات الغادرة ، وتغلب عليهما وعادت المقاومة مجددا لتواصل مسيرة الجهاد الثابت من اجل  التحرير بزخم اعظم وعمليات اكثر وافضل نوعيا ، ببروز الكتلة الرئيسية في المقاومة ( القيادة العليا للجهاد والتحرير ) المدعومة شعبيا وجماهيريا والمسنودة بالقوات المسلحة العراقية .

 

والاهم والاعظم في تقرير مصير العراق حقيقة أن القيادة العليا للجهاد والتحرير تنفرد وحدها بتمثيل كافة اطياف الشعب العراقي ، من شيعة وسنة وعرب واكراد وتركمان وصابئة ويزيديين ومسيحيين وغيرهم ، بعكس الفصائل الاسلاموية الصغيرة العدد التي تمثل شريحة صغيرة من طائفة واحدة محدودة ومتموضعة في اماكن محددة ومعروفة .

 

كان الاحتلال ، ومازال ، يعلم علم اليقين ان مجرد اعلان اي طرف انه سينفرد بالسلطة او التفاوض سيكون الشرارة التي ستشعل نار القتال الداخلي ، تماما كما حصل في عام 1958 حينما حاول الديكتاتور قاسم والحزب الشيوعي العراقي الانفراد بالسلطة وتصفية القوى الوطنية الاخرى فبدأت كارثة الاقتتال العراقي – العراقي الذي مازلنا نعاني من اثاره حتى الان .

 

ولذلك واحتراما لدروس التجربة التاريخية في نصف القرن الماضي فان البعث ، ورغم انه الوريث الشرعي للدولة العراقية التي حكمها 35 عاما ، واسقط حكمه بعمل استعماري ، وليس بعمل داخلي ، وتلك واحدة من اعظم مفاخر البعث الوطنية ، لم يصر على جعل حقه الشرعي والقانوني في العودة للسلطة موضوعا للجدل او لاثارة الخلافات ، ولم يقل انه القائد الوحيد للجهاد الان او للدولة بعد التحرير  بل اكد ان الجهاد يتشكل من فصائل عديدة ولكل منها دور يجب ان يحترم بغض النظر عن حجم كل فصيل ، مثلما اكد ان على الحكم بعد التحرير ان يكون ائتلافيا ديمقراطيا تحكمه نتائج الانتخابات الحرة ، من اجل غلق كافة الابواب امام محاولات الاحتلال تفتيت المقاومة والقوى الوطنية ، وعدم اعطاء اي حجة لاشتعال الفتن والصراعات بين مقاومي الاحتلال من اجل السلطة والزعامة وضمان توحدهم ضده .

 

واليوم ، كما الأمس  حينما حذرنا من خطورة نهج القاعدة الاقصائي والانفرادي ،  نؤكد ، ونكرر التاكيد ، فلعل هناك من لم يعرف او يسمع او نسى ، على ان المخابرات الامريكية شجعت ، وتشجع ، مستغلة فقر الوعي السياسي والأمني لهذه الفئة او ذلك الشخص ، او انها نمت وتنمي اغراء السلطة والتسلط لدى فئة او شخص ، من اجل قيام طرف ما ، خصوصا اذا كان صغيرا ونخبويا تنظيميا ، بادعاء تمثيل المقاومة العراقية سواء في التفاوض او لاستلام السلطة ، والهدف الامريكي من وراء ذلك هو اشعال فتنة قد تصل لحد الاقتتال بين فصائل المقاومة ، لان الجميع يعرف بان قيام طرف ما ، خصوصا اذا كان ثانويا ، بادعاء تمثيل المقاومة ، سيفتح كل الابواب امام رد الاطراف الاخرى عليه بالرفض التام ، مثلما حصل حينما اعلنت القاعدة دولتها .

 

كما نؤكد وننبه الى ان تكتيك امريكا منذ الاحتلال يقوم ، في احد اساليبه ، على عدم احراج اطراف واشخاص يرفضون الاحتلال بالاتصال المباشر بهم او تقديم الدعم مباشرة لهم ، بل اللجوء الى اطراف عربية ، مثل حكومات واشخاص ، ليقدموا الدعم او الوعود المغرية باسمهم ، كي يتحرر من لا يريد التعامل مع المخابرات الامريكية مباشرة من خوفه ، ويستطيع الدفاع عن نفسه وموقفه بالقول ، لمن معه او لمن عرف ، بانه يتعامل مع حكومات عربية او مع اشخاص عرب ويتلقى الدعم منهم وليس مع امريكا او منها.

 

وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى ان الدعم المالي الامريكي المعلن والمعروف لاجهزة الاعلام التي ارادت امريكا إنشاءها او دعمها لم يتم مباشرة الا لبعضها اما البعض الاخر فتم بالواسطة ، حيث قدم الدعم لشخصيات وهيئات باسم حكومة قطر او الكويت – بسرية تامة - او الامارات او غيرها ، او باسم تاجر او رجل اعمال عراقي او عربي كلف بالدفع نيابة عن امريكا وليس من جيبه الخاص ، لحماية من استلم من الحرق او الاحراج . اذن نحن نعرف هذا التكتيك والكثيرون غيرنا يعرفونه ، وهو لم يعد سرا ، لذلك بدأ عدد غير قليل يتساءل بجدية : من اين تحصل هيئات او شخصيات وطنية على اموال تغطي مصاريفها الضخمة في المجالات الاعلامية او السياسية ، خصوصا وان هذه الشخصيات او الهيئات عرف عنها سابقا انها كانت فقيرة او متوسطة الحال ؟     

 

حقيقة الدعم الخليجي الكبير والمفتوح ، خصوصا القطري ، لشخصيات عراقية تدعم المقاومة ، هي التي اجبرت الكثيرين على طرح سؤال رمزي مهم جدا وهو : هل يمكن لقطر والكويت وغيرهما ان يدعما العراق او عراقيين من اجل خير العراق وتحريره وهما من اشد ادوات تدمير وغزو العراق ؟ والسؤال السابق يفرخ تلقائيا سؤالا اخرا وهو :اذا كان الدعم من اجل الحاق المزيد من الشر بالعراق فما هو اتجاه الشر هذا وهدفه الجديد في ظرف حسم الصراع مع امريكا ؟ ان هذين السؤالين بحد ذاتهما يلقيان بظلال الشك المشروع على هوية من يتلقى الدعم من الكويت وقطر ويحيطه باكثر من سؤال وتساؤل .

 

وبهذا التكتيك ألاستخباري المعروف والمجرب سابقا تريد امريكا النجاح الان في توريط شخص او فئة ما باعلان انها مخولة بالتفاوض دون ان يكون ذلك حصيلة قرار الفصائل الرئيسية في المقاومة ، والاهم عمليا دون ان يكون او تكون مؤهلة او قادرة على التفاوض او استلام السلطة او السيطرة على الوضع ، فتكون النتيجة هي جر العراق الى المزيد من الفوضى والاقتتال بين الفصائل هذه المرة !

 

ويبقى الهدف الامريكي هو نفسه الذي فشلت في تحقيقه عندما ورطت القاعدة في اعلان دولتها ، وهو التخلص من المقاومة المسلحة بصفتها الامل الوحيد في تحرير العراق ، وليس نجاح من اعلن التخويل بالتفاوض او استلام السلطة . ان اشعال الصراع على السلطة قبل التحرير ، مثلما ورطت حماس وفتح في فلسطين ، هو هدف الاحتلال الكامن وراء تشجيع انفراد فصيل ما بقرار فيه تجاوز واضح على الاخرين .

 

من يصلح لحكم العراق ؟

 

وهنا يجب ان نذكّر بحقيقة عراقية طاغية ، وحاكمة ومتحكمة بمسارات العراق الحديث ، وادى تجاهلها الى كوارث وسيؤدي القفز من فوقها الى كوارث ، وهي ان العراق ، بحكم تكوينه الديني والطائفي ( نصفه شيعة ونصفه سنة وفيه  مسيحيين وصابئة ويزيدية الخ ) ، لا يصلح ان تكون مرجعيته السياسية دينية على الاطلاق ، ايا كانت ومهما كانت طبيعتها ، وبالتبعية لا يصلح العراق لحكم رجل دين او رجال دين ، فمهما كان رجل الدين منفتحا ، شيعيا او سنيا ، فانه في نهاية المطاف يمثل الارث الثقافي والسايكولوجي والتربوي لطائفته ، وهو لذلك مجبر ، وليس مخير ، على اللجوء في لحظة حسم الى تبني منطلقات طائفته والانحياز لها او التأثر بها ، وليس الى منطلقات وطنية اهمها تمثيل كل العراق ، وهو اضطرار او خيار سيدفع المكون الطائفي الثاني الى نفس الاضطرار ، وهنا تكمن بذور تقسيم العراق .

 

وتجربة ما بعد غزو العراق ، الاشد مرارة في هذا المجال والأقوى تأكيدا لهذه الحقيقة ، ، قدمت الدليل الحاسم والقاطع على ان حكم رجل دين او رجال دين في العراق هو الانتحار الحقيقي ، وتبخرت اوهام البعض حول امكانية اتفاق حقيقي بين رجال الدين الشيعة والسنة اذا كانوا هم المرجعيات السياسية للكتل السياسية ، وثبت بالدليل القاطع ان وحدة رجال الدين من كافة الاديان والطوائف في العراق ممكنة فقط في ظل حكم وطني مدني لا يوجهه رجال دين ولا تحكمه مرجعية دينية او طائفية ، ويساوي بين الجميع على اساس المواطنة العراقية فقط . ان  دور رجال الدين في ظل الاحتلال وان كان مختلفا فانه كان ومازال خطيرا جدا ومدمرا للوحدة الوطنية العراقية ، فهم اما كانوا مع الاحتلال ويدعمونه بفتاواهم ويشاركون في عمليته السياسية ، مثلا الاخوان المسلمين وحزب الدعوة والمجلس الاعلى ، ، او ان من قاوم الاحتلال من التكفيريين كاد ان يقسّم العراق بفتاواه بقتل الشيعة وهم نصف العراق ، مثل فتاوى الفصائل التكفيرية وليس القاعدة وحدها !

 

اما البعض من رجال الدين الذين وقفوا ضد الاحتلال بصدق وتجرد فهؤلاء جزء محترم من القوى والقيادات الوطنية العراقية وليسوا فوقها ولا يشكلون مرجعية سياسية لها بأي شكل وصورة . بل ان هناك علماء دين حقيقيين مثل رجال الطريقة النقشبندية الابطال وهم من الصوفية قدموا الصورة الحقيقية للاسلام الجهادي بتحولهم الى طليعة جهادية مضحية مخلصة لقسم الولاء الاصلي لقيادة العراق الشرعية وللعراق الشرعي واثبتت انها لا تسعى للسلطة ، فحفظت للاسلام دوره العظيم وبرئته من انحرافات تكفيريين وسلفيين معروفين كادت تجر العراق للتقسيم .

 

ان البديل الوحيد للاحتلال ، والذي تفرضه التجربة الاشد مرارة في العراق المحتل لحكم رجال الدين والتيارات الاسلاموية ، والذي يضمن وحدة العراق الوطنية هو حكم مدني وطني يمثل كل العراقيين بغض النظر عن ديانتهم وطائفتهم واصولهم العرقية ويكون مفهوم المواطنة المتساوية هو قاعدة الحكم الاساسية ، ويعتمد اساسا على الاسلام كدين رسمي للدولة والمصدر الرئيسي للتشريع ، وهكذا حكم لا يقوم بواسطة ، ولا بقيادة ، رجل دين على الاطلاق ، ولا تكون اي هيئة او جماعة دينية مرجعيته السياسية ، بل هو حكم يقوده من يمثل توجها سياسيا قوميا او وطنيا واضحا ومستقرا ومتبلورا ويختاره الشعب في انتخابات حرة بعد التحرير . 

 

ربما يسأل البعض وماهو الحل ؟ لقد اعلنا ، وكررنا الاعلان ، ودعونا ، وكررنا الدعوة ، منذ سنوات وبصدق ووضوح بان حل مشكلة الاحتلال وتحرير العراق مشروط بما يلي :

 

1 – توحد فصائل المقاومة والقوى الوطنية الداعمة لها كلها في جبهة عسكرية واحدة وجبهة اخرى سياسية داعمة لها .

 

2 – اتفاق هذه الجبهة على برنامج تحرير وبرنامج حكم ائتلافي ، فالتحرير يجب ان يتم باسم وبقوة كافة الفصائل المتحدة ، والحكم الانتقالي يجب ان يستلم من قبل كل من ساهم في الجهاد ، وان يستمر سنتين يقوم خلالها باعادة بناء الدولة الخدمات والامن ، وبعدها تجرى انتخابات حرة والحكم لمن يفوز فيها . ان هاتان الجبهتان تضمنان سلامة المقاومة ونجاحها في عملية التحرير دون شغب او فتن تشعل بتاثير رغبة طرف او اكثر بالانفراد بالسلطة ، او تخويله بالتمثيل من اجل التفاوض .

 

3 – التفاوض بواسطة وفد مشترك يمثل الفصائل الاساسية وليس بوفد يمثل طرف واحد ، بعد الاتفاق على شروط المقاومة التفصيلية على اعتبار ان الشروط العامة معروفة .

 

4 – ان تحرير العراق هو الهدف الاسمى الذي يجب ان لا يعلوه هدف ، وكل سعي للسلطة بشكل منفرد يقدح نار الصراعات الدموية ويكرر مأساة الصراعات العراقية – العراقية ، وذلك واحد من اخطر واهم دروس تجربة نصف القرن الاكثر مرارة ربما في كل التاريخ العراقي المعروف .

 

هذا هو موقفنا الرسمي والثابت وبذلنا جهودا صادقة في السنوات السابقة للوصول الى الاهداف المثبتة في اعلاه ، خصوصا عملنا لتوحيد كافة الفصائل ، ونجحنا في توحيد القوى الرئيسية في المقاومة ، وهي 36 فصيلا اضافة للقوات المسلحة العراقية والتي تشكل القوة الضاربة الاساسية في ساحة الجهاد في العراق ، ومن بقي خارج القيادة العليا للجهاد و التحرير فصائل صغيرة ومتموضعة في مناطق عوائل او عشائر من يتزعمها ، وهي تمثل ظاهرة فرد مقاوم وليس حركة مقاومة جماهيرية ، ولذلك فان هدف تحقيق وحدة المقاومة تحقق ، ممثلا في القيادة العليا للجهاد والتحرير ، وما نرجوه الان التحاق هذه الفصائل الصغيرة بالقوة الام ، اذا كان هدفها هو التحرير حقا لتكتمل الوحدة وتتعزز ، وبخلاف ذلك فان الثورة المسلحة ستواصل مسيرتها الظافرة ولن تنتظر احدا بعد مرور ست سنوات على الاحتلال وبذل جهود جبارة لاقناع كتل صغيرة بالالتحاق بمسيرة الثورة الموحدة . اما الجبهة السياسية لانصار المقاومة فانها قامت ايضا ممثلة في الجبهة الوطنية والقومية الاسلامية ، والتي تضم وطنيين معادين للاحتلال وهي مفتوحة لالتحاق من يريد التوحد في اطار وطني عام ضد الاحتلال .

 

من هنا فاننا ننصح بإخلاص العقلاء ، وهم كثر ، بضبط قليلي الخبرة والوعي الذين قد يقعون في فخ لا يعلمون انه فخ امريكي ، وهو التجاوز على الاخرين من القوى الوطنية الرئيسية والمقاومة المسلحة والجيش العراقي الوطني الشرعي ، التي تمسك كل مدن العراق ، وعلى المجاهدين الاكثر خبرة وقدرة وجهادا وتضحيات ، خصوصا مجاهدو الداخل وقائدهم العام الرفيق عزة ابراهيم الذي لا ينام ليلتين في مكان واحد متنقلا بين محافظات العراق مقاتلا بلا هوادة الاحتلال ، وافتراض هؤلاء السذج امكانية التخلص من مجاهدي الداخل  وانكار ادوارهم واحلال غيرهم محلهم ممن يتنعمون بعيش ملوكي رغيد في فلل وقصور وفنادق سبعة نجوم في عمّان ودمشق والدوحة .

 

وهنا ، ولاجل ان لا يبقى اي غموض ، يجب ان نشير بوضوح اكبر مما اشرنا الى ان المشروع المطروح حاليا للنقاش من قبل امريكا ، وخولت تركيا بإدارته ، والذي حفز على المبايعات والتخويلات ، يقوم على استخدام اسم الجامعة العربية والامم المتحدة كغطاء لاستلام العراق واستبدال القوات الامريكية بقوات دولية واسلامية وعربية ، وابراز وجوه لم تحترق نتيجة معارضتها للاحتلال لتكون واجهة لحكومة جديدة ، ولكن يبقى الهدف الرئيسي هو اغتيال المقاومة وبقاء العراق تحت النفوذ الامريكي عمليا . لذلك نحذر من هذا المخطط الجديد ومن تبعاته .

 

ان اغراء السلطة والتسلط لدى البعض ، كما تشير الوقائع الجارية ، قوي لدرجة انه قد يغيّب رؤية النتائج الخطيرة ومنها تأخير تحرير العراق ، وهو فخ نصبه عبدالكريم قاسم لغيره فوقع فيه ، وهو فخ نصبته القاعدة لغيرها عند اعلان الدولة الاسلاموية من اجل السيطرة المنفردة على العراق فوجدت نفسها في اخطر ورطة تاريخية . اما اغراء السلطة الحالي ، فانه نسخة كارتونية هزيلة ومقزمة من صورة محاولة القاعدة فرض نفسها بالقوة على العراق في عام 2006 ، لذلك فان مصيرها هو الفشل بسهولة .

 

ومن الضروري ان ينتبه الجميع الى ان العراق بعد كل هذه الماسي والكوارث التي تعرض لها محمي ببنادق مقاوميه الذين عقدوا العزم على التحييد التام والفوري لاي محاولة تأمرية على هدف التحرير خصوصا تلك التي تقدم باسم الامم المتحدة او الجامعة العربية . 

 

قبل 35 عاما كنت في برلين مع صديق وأردنا تناول الطعام في مطعم شعبي ، وبما اننا لا نعرف الالمانية فقد اخترنا الطعام بالاشارة واختار صديقي طبقا مغريا جدا بلونه الزهري واخترت انا الدجاج تحوطا ، وعبر صديقي عن تلذذه بذلك اللحم الزهري ، والذي تظاهر وقتها انه لا يعرف انه لحم خنزير ، لكنه بعد 30 عاما قال لي حرفيا وهو يضحك : هل تعلم يا ابا اوس انني كنت في عام 1973 اعرف انني سأكل لحم خنزير ومع ذلك اكلته متجاهلا ماعرفت لانني وقعت اسير شهية طاغية ؟

 

أيها العقلاء : انتم تعلمون ، ونحن نعلم ، وطفل غر يعلم ، ان الدوحة مجرد بوابة لواشنطن عاصمة خراب العراق والامة العربية ، فهل صار البعض يقبل بأكل لحم خنزير لمجرد انه كتب عليه ( لحم حلال ) مصنوع في الدوحة ؟ وهل يمكن لاموال الدوحة والكويت ان تصنع مقاومة في العراق ام انها محفزات المساومة ؟ ولماذا تتناسون ان الجامعة العربية مؤهلة فقط للركوع لخدم امريكا ؟ انتبهوا لا الجامعة العربية ولا الامم المتحدة ولا اموال قطر والكويت قادرة على استبدال نهج المقاومة بنهج المساومة .

 

عاشت الثورة العراقية المسلحة .             

النصر او النصر ولا شيء غير النصر .


salahalmukhtar@gmail.com




ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار